حوراني: اعداء الشعب الفلسطيني حاليا أقوى منه حتى موحدا
تاريخ النشر: 10/09/15 | 13:13قال الكاتب والمفكر الفلسطيني فيصل الحوراني في ندوة عقدت في الناصرة، مساء الاربعاء، بدعوة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي، إن حجم الخصوم وأعداء الشعب الفلسطيني أكبر من قدراته، مجتمعا وموحدا، فما بالكم، والأمر هو غير ذلك، بمعنى أن الأزمة الداخلية الفلسطينية تتفاقم.
وكانت الندوة التي تركزت في محوري مكانة القضية الفلسطينية، والحالة الفلسطينية الداخلية، قد عقدت بحضور واسع في فندق العين في الناصرة، وكان بين الحضور، رئيس الجبهة محمد بركة والمهندس رامز جرايسي، والنائبة عايدة توما سليمان، وأعضاء في قيادتي الحزب الشيوعي والجبهة، قطريا ومحليا.
والقى سكرتير الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة منصور دهامشة كلمة رحّب فيها بالكاتب والمفكر فيصل حوراني، واستعرض محطات بارزة في حياته، وفي انتاجه الفكري، وكتبه الأدبية. وقال دهامشة، إن القضية الفلسطينية تمر في السنوات الأخيرة بفترة دقيقة حساسة، بفعل التطورات الاقليمية، وايضا بسبب الأوضاع المقلقة على الساحة الفلسطينية الداخلية. وقال، إن أعيننا تتجه حاليا نحو التطورات في الفترة القصيرة المقبلة، خاصة حول ما أشيع عن احتمال أن تقرر منظمة التحرير الفلسطينية الغاء قسم من اتفاقيات أوسلو، وأيضا ما يجري في منظمة التحرير، بعد القرار الأخيرة بتأجيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني.
وقالت النائبة عايدة توما سليمان، في كلمتها، حينما جاء الصديق المفكر فصيل حوراني الى الوطن قبل سنوات، ولأول مرّة، بعد أن تهجّر مع عائلته في العام 1948، كتب رواية عن العودة هي من أجمل رواياته، واستعرضت في كلمته بعضا من انتاجه الأدبي الرائع والمميز. وقالت إنها تعرفت على محطات في حياة فيصل حوراني من ابنته البكر لما، ولكن، حينما تتعرف عليه شخصيا، فأنت تتعرف على موسوعة وفكر سياسي، يسطّر التاريخ من خلال القصة الانسانية، بعمق فكري، وسرد رائع كتابيا وشفهيا أيضا. وأشارت الى مقالاته التي حصّ بها صحيفة الاتحاد على مدى عام ونصف العام، وبرزت فيها الابداع والدقة.
وقال حوراني، إن المأزق الفلسطيني برؤيتي له، أن الفلسطينيين في كل التجمعات، لو كانوا في أحسن حالاتهم، وكانوا موحدين، وكل نهجهم صحيح، فإن حجم الخصوم والأعداء، وحجم الاعدادات الجارية لمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حق تقرير المصير، أكبر من قدراته، مجتمعا وموحدا، فما بالكم، والأمر هو غير ذلك، بمعنى أن الأزمة الداخلية تتفاقم.
وتابع حوراني قائلا، إن الأمر الآخر، هو أنه منذ العام 1948 تعرضت التجمعات الفلسطينية لحركتين متناقضتين، حركة تساعد الشعب الفلسطيني على التشبث بالصفات المشتركة، التي تثبت الشعب كشعب، وحركة لتبديد هذه السمات، ودائما الحركة الايجابية تتغلب على الحركة الايجابية تتغلب على الحركة السلبية، حينما تكون حركة التحرر العربي في صعود، وحينما تكون قوى التحرر العالمي في حالة انتعاش وصعود. بينما تنتعش الحركة السلبية تنتعش حينما تتراجع حركات التحرر تلك.
وأشار حوراني، الى أن القضية الفلسطينية في حالة تراجع منذ حرب الخليج الأولى، فأنا ممن اعترضوا على اتفاقية أوسلو، ليس من منطلق الرفض، فأنا من الموافقين على القرار الدولي 242، بل كانت معارضتي، لأنه في حالة تراجع القضية، فإن أفضل اتفاقية ما كانت ستكون قادرة على تحقيق شيء حقيقي على أرض الواقع. وكما يبدو فإن أصحاب القرار والاستراتيجيات الإسرائيليين أدركوا هذا الأمر، ولهذا أرادوا استخدام الوسائل التي من شأنها أن تدمر البنى المادية والروحية، التي تجعل الشعب الفلسطيني، شعبا وقادر على أن يتطور بشكل طبيعي. ولهذا فنحن في حالة جمود بسبب تدمير هذه البنى، وأن استثني من هذا وضعيتكم أنتم الفلسطينيين الباقين هنا، وهذا موضوع آخر.
عن الأوضاع العالمية والاقليمية، التي تنعكس على حالة الشعب الفلسطيني وقضيته، قال حوراني، إن الوضع القائم منذ انهيار الأنظمة الاشتراكية، لن يستمر طويلا، لأن حركة التاريخ تثبت أن العالم يتشكل من جديد مرة كل 50 عاما، واستعرض تجارب تاريخية، منها ثورة الباستيل الفرنسية، التي لحقتها فترة مظلمة، أكثر من تلك التي يعايشها الشعب الفلسطيني، ولكن لاحقا جرى تعديل مسار الأحداث، اضافة الى تجارب تاريخية أخرى.
وتابع حوراني قائلا، إنه المطلوب في هذه المرحلة، هو عبور هذا المأزق الى أن تتشكل، حالة اقليمية مناسبة، ويتعدل الواقع العالمي، ويتصاعد المأزق الاسرائيلي، لأنني كما قلت، إنه في ظل الوضع القائم، فإن القوة الفلسطينية الموحدة لن تكون قادرة على اجبار اسرائيل بالقبول بحل الصراع بإقامة الدولة الفلسطينية، وفق المشروع الفلسطيني الوطني. فالتسوية التي نسعى اليها لا يكفي أن تكون عادلة بمفهومنا نحن، بل أن تكون ايضا قادرة على الاستمرار.
وتوقف حوراني عند العديد من جوانب الظروف القائمة اقليميا وعالميا، وأيضا على مستوى الشأن الداخلي الفلسطيني، والحالة القائمة في منظمة التحرير الفلسطينية، موقف حركة حماس الجوهري، كجزء من حركة الاخوان المسلمين العالمية. وطرح عدد من الحاضرين أسئلة ومداخلات، رد عليها المفكر حوراني.
وكان قد أدار الندوة الرفيق برهوم جرايسي، الذي قال في كلمته مفتتحا الأمسية، ومرحبا بالكاتب حوراني، إن الوطن يئن منذ عشرات السنين لكثرة الجراح، حتى بات صوته خافتا من شدة التعب.. من شدة حزنه، وهو يرى أصحابه يتلاعبون بجراحه.. وفي جيوبهم “مراهم” تحرق أكثر ولا تعالج… مراهم “الغير”.. أجندات “الغير”، من أجندة الإمارة، الى أجندة أن “الصهاينة جماعة أوادم تعالوا ننسى ونتصالح وننحني أكثر… لربما تطالنا لحسة من نعمهم…”، أرزاق وطن مسلوب منهوب.