مشروع عدنا بيوم تدريبي وجولة ميدانية بالقرى المهجرة
تاريخ النشر: 16/05/13 | 22:44نظم القائمون على مشروع "عدنا" لتصور العودة ، السبت المنصرم، يوما تدريبيًّا وتثقيفيًّا قطريًّا مكثفًا، شمل جولة ميدانية في قريتي الياجور وبلد الشيخ المهجر أهلهما عام 1948، قرب حيفا، ومحاضرات وورشة تدريبية في "مقر جمعية الشباب العرب – بلدنا".
وشاركت في فعاليات اليوم القطري خمس مجموعاتٍ شبابية شريكة في مشروع "عدنا"، من الجيل الثالث بعد النكبة، من اللجون، وإقرث، ومعلول، وميعار، وصفورية المهجر أهلها عام 1948.
كانت المحطة الأولى في قرية الياجور، حيث قدم المرشد عمر الغباري من جمعية "ذاكرات" شرحًا تفصيليًّا حول القرية، ومساحتها، وعدد سكانها، والحياة الاجتماعية والثقافية فيها قبل النكبة، وكيف تم اقتحامها وتهجير أهلها، وأين هم يتواجدون اليوم.
ثم قدم الحاج فتحي محمد حصري المهجر من قرية الياجور شهادته للمشاركين، إذ كان عمره 12 عامًا عندما تم تهجير قريته، معرّفًا إياهم على ما تبقى من معالم القرية، مثل المقبرة، و"موتور" الماء الزراعي، وموضع البيوت. موضحًا طبيعة الحياة الفلاحية في القرية قبل تهجيرها، وكذلك كون أهلها كانوا من العمال الذين يذهبون للعمل في حيفا ومينائها ومصانعها. وفوق أطلال بيته أخرج من جيبه مفتاحه، مؤكدًا على التمسك بحق العودة حتى آخر يوم في حياته، وأنه سيورث هذا الإصرار لأبنائه ولأحفاده من بعده، كما أظهر الحاج حصري كواشين الأرض التي ما زال يحتفظ بها حتى اليوم، والتي تثبت ملكيته هو وعائلته في الياجور.
وتوجه المشاركون بعد ذلك إلى قرية بلد الشيخ المهجر أهلها، والمقامة على أنقاضها وأراضيها اليوم مستوطنة "نيشر"، وقد أوضح المرشد عمر غباري أن عدد سكان بلد الشيخ كان 4000 عام 1948، وكانت بلدًا مزدهرًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا، وأن الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل من بعد تأسيسها عملت على هدم معالم القرية طمسًا لهويتها العربية الفلسطينية، ومع ذلك بقيت بيوتٌ ومبانٍ قليلة، من بينها بيتان تم تحويلهما إلى كنيس، ومقامٌ لرجال دين، ومقبرتان، في إحداهما مدفونٌ الشيخ المجاهد عز الدين القسام.
وأوضح الغباري أن اسم القرية "بلد الشيخ" نسبةً للشيخ الصوفي الشهير عبد الله السهلي، وهو مدفونٌ في القرية. وأوضح أن العصابات الصهيونية نفذت مجزرةً في القرية عند احتلالها عام 1948، في 13.12.1947، حيث قاموا بتطويق القرية وتشريد أهلها، وقد قتلت 60 شخصًا من سكانها الفلسطينيين، وقد جاءت هذه المجزرة إثر معركة في مصفاة البترول العراقي في ميناء حيفا، حيث قتل 41 يهوديًّا.
ثم توجه المشاركون بعد ذلك إلى مقر "جمعية الشباب العرب – بلدنا" في مدينة حيفا، حيث التقوا مع الباحثة جنان عبده، التي قدمت محاضرةً حول الحركة النسوية الفلسطينية ودور المرأة الكبير ما قبل النكبة في الحياة الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والاقتصادية.
وعرضت عبده خلال محاضرتها فيلمًا من إنتاج جمعية "ذاكرات"، أعدته الناشطة رنين جريس، وتناولت قصص ثلاث نساء من ترشيحا شهدن النكبة والتهجير، وأثر ذلك على مسيرة حياتهن.
بعد ذلك تحدث الباحث وعضو إدارة "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين"، خالد عوض، عن مفهوم النكبة، وسيرورة تشكلها، وتاريخ الحركة الصهيونية، والانتفاضات والثورات التي قام بها الشعب الفلسطيني تصدّيًا للمشروع الامبريالي الغربي – الصهيوني، متناولًا جانبًا من الحياة الثقافية في فلسطين، وخاصةً في المدن.
وأكد عوض في محاضرته على أن وعينا وتذويتنا لحجم النكبة، هو بوعينا ما خسرناه فعلًا، فمن يقف على ما كان في فلسطين قبل النكبة يدرك تمامًا أن النكبة نهب وطنٍ كاملٍ بكل ما يحتويه على أيدي عصاباتٍ مسلحة.
بعد ذلك، افتتح المرشد والموجه عمر الغباري ورشة تدريبية تحت عنوان "عودة اللاجئين.. كيف ومتى؟"، بمحاضرةٍ تناول فيها المجهودات المركزية حول توثيق كل ما يتعلق بالنكبة واللجوء، وكيفية الاستفادة منها، والوقوف على نماذج لمشاريع أنجزت تتعلق برسم رؤيا العودة والتخطيط لها، من بينها التصورات التي قام بها الباحث سلمان أبو ستة حول عودة اللاجئين وآليات تنفيذها، والمخطط الهندسي الذي وضعه المعماري حنا فرح لقرية كفر برعم المهجرة، ورسم خرائط لقرى مهجرة كما كانت عليه عام 1948، وغير ذلك.
وأوضح الغباري :"الأسئلة والنقاط المحورية التي يجب أن يتعامل معها أي مخطط للعودة إلى قرية أو مدينة، والإشكاليات التي قد تواجه المخططين، مثل زيادة أعداد السكان خلال سنوات اللجوء، وكيفية تقسيم الأملاك بين الناس، إذ أن بعض اللاجئين لم يكونوا من أصحاب الأملاك عند التهجير، وكيف ستكون طبيعة الحياة في القرى والمدن عند تخطيط العودة إليها ،حسب رؤية جمعية ذاكرات، عصرية تتلاءم مع متطلبات أيامنا، أم كما تركت القرى والمدن عام 1948، وماذا سيكون مصير اليهود الذي يسكنون فوق أراضي قرية أو مدينة معينة، أو العرب الذين يسكنون اليوم في بيوت لعرب مهجرين، وهل ستكون هناك أولويات للاجئين، من يعود منهم أولا حسب ظروف سكناهم الحالية، وغير ذلك".
وأكد الغباري في عرضه على أنه يجب إلى جانب تعزيز ثقافة العودة، العمل فعلًا وواقعًا على التخطيط لها، وعدم الاكتفاء بالجانب النظري.
واختتمت فعاليات اليوم بورشات عمل تطبيقية لما جاء في محاضرة الغباري، إذ قسم المشاركون إلى ثلاث مجموعات، وطلب إلى كل واحدةٍ منها تصور العودة لإحدى القريتين اللتين وقفا على واقعهما وتاريخهما خلال الجولات الصباحية، الياجور وبلد الشيخ.
وقامت كل مجموعة بمحاولة وضع تصورٍ للعودة، من حيث البناء، وعدد السكان، والثقافة، واللغة، والمرافق، والمساحات الزراعية، والطابع العمراني، والتزايد السكاني، وكيف يتم التعامل مع اليهود الذين يسكنون فوق قرية معينة، وقامت كل مجموعة باستعراض ما توصلت له.