مشروع الميزانية الجديد.. استمرار للسياسات الرأسمالية الشرسة
تاريخ النشر: 16/05/13 | 13:42كثُر الحديث في الآونة الأخيرة حول مشروع الميزانية التي تمّ إقراره مؤخرا من قبل الحكومة الإسرائيلية، بأغلبية ساحقة، والذي سوف يُقدم للكنيست ليتم الموافقة عليه، وليتحوَّل إلى قرارات.
وعلى الرغم من الاحتجاجات الشعبية ونزول الآلاف إلى الشوارع، قبل أيام، احتجاجا على مشروع الميزانية، والذي يمسّ بشكل أساسي بالطبقات المتوسطة والضعيفة، ولا تطال الأغنياء، فإن هذه الاحتجاجات لم تمنع إقرار الحكومة لمشروع الميزانية.
ولا شك أن إسرائيل تواجه أزمة اقتصادية حقيقية ليست بالهينة، أسبابها الرئيسية هي التأثر بالأزمة الاقتصادية في أوروبا والولايات المتحدة، فهذه الدول تعتبر السوق الرئيسي للصادرات الاسرائيلية، إضافة إلى الإنفاق العسكري الذي يثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي فالهوس الأمني، والإنفاق العسكري أحد أهم أسباب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها المواطنون .
خلاصة مشروع الميزانية 2013 – 2014
أما خلاصة ميزانية الدولة لعام 2013 فسيكون 388.3 مليار شيقل. أما ميزانية الدولة لعام 2014 فلأول مرة في تاريخ الدولة سيتعدى حد الـ 400 مليار شيقل، ليصل إلى 408.1 مليار شيقل.
وستقلص ميزانيات معظم الوزارات باستثناء وزارة الحرب ووزارة الرفاه الاجتماعي بنسبة 2% العام الحالي وبنسبة 3% العام القادم.
وستقلص ميزانية وزارة الحرب بمبلغ 3 مليارات شيكل.
وتقرر عدم فرض ضريبة القيمة المضافة على الخدمات السياحية بينما تقرر زيادة ضريبة الشركات بنسبة 1.5%.
وسترفع ضريبة الدخل بنسبة 1.5% كما ترفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% لتبلغ 18%.
المجتمع العربي أول وأكبر المتضررين من خطة التقشف
أما حول أكبر المتضررين من مشروع الميزانية فقد ذكر الأستاذ يوسف عواودة – مدير جمعية إعمار: "للأسف الشديد فإنّ المجتمع العربي في الداخل، وبصفته الحلقة الأضعف في الاقتصاد، سيكون أول وأكبر المتضررين من الأزمة الاقتصادية الحالية ومن سياسات التقشف الحكومية، فغلاء الأسعار الذي سيحصل بسبب رفع ضريبة القيمة المضافة وتقليص الدخل الذي سيحصل بسبب زيادة نسبة ضريبة الدخل إضافة إلى تقليص مخصصات الأولاد وفرضدفع التأمين الوطني على ربات البيوت وغيرها ستطال جيوب وميزانية كل أسرة وأسرة في مجتمعنا".
خطوات عملية لمواجهة مشروع الميزانية الجديد
وحول الخطوات التي ينبغي اتخاذها لمواجهة هذا المشروع، تابع الأستاذ يوسف عواودة قوله: "من المنطق أنه على الأسرة الأكثر تضررا أن تتهيأ أكثر من غيرها، وبالتالي علينا كمجتمع مستضعف اقتصاديا أن يستعد أكثر من غيره لمواجهة هذه الأزمة مواجهة عملية لا أن نقول "ضع راسك بين الروس"، علينا أن نعي أننا الآن أمام وضع اقتصادي مختلف مما يستدعي منا اجراءات مختلفة، فلا يعقل أن تستمر الأسرة التي سيتقلص دخلها وستزيد تكاليف مصروفاتها الأساسية، لا يعقل أن تصرّ على العيش بمستوى عالٍ من الرفاهية والكماليات، علينا أن نشد الأحزمة وأن نقلص من الكماليات وأن نتجنب الاستدانة والاقتراض، على من يملك أرضا زراعية أن يعود لزراعتها وأن نحيي من جديد ثقافة الإنتاج المنزلي والادخار. ثم لا بد من التذكير بالتكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد فعلى الأغنياء أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه الفقراء الذين ستزداد نسبتهم على ما يبدو، وعلى رأس هذه المسؤوليات الزكاة والصدقات".
سياسات اقتصادية رأسمالية لصالح الأغنياء وضد الفقراء
إن من الصعوبة بمكان أن يتمّ فرض ضريبة جديدة على الأغنياء في دولة عند كل غني فيها "محام" غني، و"ناطق باسمه" غني، وجماعات ضغط غنية، وأصدقاء أغنياء، والذين كلهم يدعمون الأحزاب، لتقوم هي بدورها بسحق أي قرار يكون ضد الأغنياء.
أما الفقراء فهم لا حول لهم ولا قوة، إذ لا يمتلكون ما يمتلكه الأغنياء من قوة لمنع سن قانون يفرض ضريبة جديدة عليهم، فليس عندهم جماعات ضغط ولا "محامون"، إنما يضطرون للانصياع لهذه القرارات دون أن ينبسوا ببنت شفة.
ولكن عجب مما تنتهجه الحكومة الإسرائيلية بوزاراتها المختلفة من سياسات، إذ هذا هو نهج السياسة الرأسمالية منذ وُجدت لا همّ لها إلا خدمة مصالح الأغنياء، وسن القوانين التي تعمل من أجل إرضائهم ونيل مودتهم، غيرَ عابئة بالطبقات المتوسطة والفقيرة، والتي هي عامة الشعب، ضاربةً بمصالحهم عُرض الحائط، لتستقر تحت مواطئ الأقدام.