ما حكم عقود تأمين الحياة ؟
تاريخ النشر: 27/09/15 | 8:02الحمد لله والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد رسول الله ، وبعد :
إنّ عقد التأمين على الحياة أو (تأمين الأشخاص): هو عبارة عن عقد يبرمه الفرد مع شركة التأمين ضد الأخطار التي تهدّد بدنه كموت أو فقدان عضو أو مرض أو هرم أو نحو ذلك ممّا قد يمنعه من العمل والكسب … وهو على أنواع:
أ- التأمين على الحياة في حالة الموت (ריסק): وهو أن يدفع المستأمن مبلغا ما بشكل أقساط شهرية مقابل أن يحصل من يُعينُه المستأمن مستفيداً لمبلغ التأمين في حالة وفاته إلى وقت محدّد .
ب- تأمين فقد القدرة على العمل (אובדן כושר עבודה): وهو أن يعوًّض الفرد في حالة عجزه عن العمل نتيجة لمرض أو حادث بمبلغ لا يزيد عن %75 من معاشه الذي كان يتقاضاه إضافة لما يتقاضاه من التأمين الوطني .
ج- التأمين ضد المرض: وهو العقد الذي يعوّض فيه الفرد بمبلغ ماليّ متفق عليه في حالة إصابته بأحد الأمراض الموجودة في عقد التأمين .
د- تأمين العلاج الخاص وزراعة الأعضاء: وهو التأمين الذي يضمن زراعة الأعضاء للإنسان أو علاج خاص أو دواء خاص غير موجود في سلة الأدوية.
وعقود التأمين السّابقة بجميع صورها محرم وهو كبيرة من الكبائر لإعتباره من العقود الرّبوية وعقود المقامرة والغرر الذّي تضافرت نصوص الشريعة الغراء بالتحذير منه وبعواقبه الوخيمة في الدّارين : الدّار الدّنيا والدّار الآخرة .
وهذا ما أكّدت عليه كافة المجامع الفقهية في العصر وهو الإتجاه العام لجمهور المعاصرين ، وهو ما نتبناه في المجلس الإسلامي للإفتاء في الدّاخل الفلسطيني .
جاء في قرار المجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الثاني 1406هـ/22-28 ديسمبر 1985م.
بعد أن تابع العروض المقدمة من العلماء المشاركين في الدورة حول موضوع ” التأمين وإعادة التامين”.
وبعد أن ناقش الدراسات المقدمة، وبعد تعمق البحث في سائر صوره وأنواعه، والمبادئ التي يقوم عليها، والغايات التي يهدف إليها، وبعد النظر فيما صدر من المجامع الفقهية والهيئات العلمية بهذا الشأن، قرر ما يلي:
1- أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً.
2- أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون. وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.
كما وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي بعد النظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة، وبعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضاً على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/ 1397هـ بقراره رقم (55) ، وذلك لإعتبارات عديدة أهمّها :
1- أنّ عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً، أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمِن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمِن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح النهي عن بيع الغرر.
2- أنّ عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهي عن الميسر .
3- أنّ عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنساء فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته، أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة، فيكون ربا نساء، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
بقي أن نشير أنّ المجلس الإسلامي للإفتاء يدرس مسألة تأمين فقد القدرة على العمل (אובדן כושר עבודה) بخصوص المستقلين كالأطباء والمقاولين ونحوهم وأمّا بخصوص الموظفين والعمّال فلا يجوز مثل هذا العقد لوجود البديل وهو ما يسمّى ب פנסיות חובה وهذا النوع من التأمين أصبح إجباريا في البلاد، وفيه تعوّض شركة التأمين العامل بالتعويضات المستحقة في حال فصله عن العمل كما أنّه في حالة فقد العامل القدرة على العمل نتيجة مرض أو إصابة فإنّ الشركة تضمن له شهريا %75 من معاشه الذّي كان يتقاضاه وفي حال وصوله لسن التقاعد فإنّه يتقاضى معاشا شهريا وفي حالة الموت يدفع لورثته دفعة واحدة وليس معاشا شهريًا.
ولا شك أنّ هذا النّوع من التأمين يسدّ مسدّ تأمين فقدان القدرة على العمل بالنسبة للموظفين والعمّال لأنّ المشغل مجبر قانونياً بتوفيره لهم .