دور “الأونروا” المغيب في مجزرة صبرا وشاتيلا
تاريخ النشر: 19/09/15 | 10:37تسبب الإجتياح الإسرائيلي إلى لبنان في العام 1982 بتدمير أجزاء كبيرة من المخيمات الفلسطينية واستشهاد أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين..، ومع إنهاء وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ووفقاً للاتفاق المبرم مع مبعوث الأمم المتحدة فيليب حبيب والمنظمة، ومن تاريخ 29/8/1982 ولغاية الأول من أيلول/سبتمبر 1982 كان قد غادر الآلاف من الفدائيين الفلسطينيين وعائلاتهم لبنان عبر البواخر إلى المنافي في تونس واليمن والجزائر وغيرها من الدول في رحلة لجوء جديدة، على أن تشرف الولايات المتحدة الأمريكية نفسها على حماية اللاجئين في المخيمات، وتبعتها القوات الإيطالية ثم الفرنسية، إلا أن تلك الدول الثلاثة اتخذت قراراً مفاجئاً، ففي 10/9/1982 غادرت القوات الأمريكية بيروت، ثم تبعتها القوات الإيطالية يومي 11 و 12/9/1982 ثم غادرت القوات الفرنسية يوم 14/9/1982، لتبدأ مجزرة صبرا وشاتيلا ظهر يوم الأربعاء 15/9/1982، لكن السؤال أين كانت وكالة “الأونروا” في ظل هذه المعطيات وماذا كان موقفها من تدمير المخيمات أو المذبحة المروعة التي ذهب ضحيتها أكثر من أربعة آلاف شهيد من المدنيين معظمهم من الفلسطينيين من أبناء مخيم شاتيلا ولا يزال 484 شخص في عداد المخطوفين أو المفقودين..؟!
لم يسجل الكتَّاب والمؤرخون دور بارز للوكالة سواءً باتخاذ أي موقف إدانة أو استنكار للمجزرة، أو توثيق لما جرى، أو إن كانت الوكالة قد طلبت انعقاد لقاء طارئ وعاجل للجمعية العامة أو لمجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات المناسبة..، ولم تُظهِر أي من الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام ما يدل على أن كان هناك دور ما للوكالة سواء في نقل جثث الشهداء أو التخفيف من روع الأهالي أو أية خدمات أخرى يمكن القيام فيها..!
ربما يكون أبرز من وثق للمجزرة المؤرِخة الدكتورة بيان نويهض الحوت في كتابها “صبرا وشاتيلا 1982” والكاتب والصحفي الفرنسي آلان منراغ مؤلف كتاب “أسرار الحرب على لبنان” والكاتب الفلسطيني إبن مخيم شاتيلا محمود كلَّم في كتابه “مخيم شاتيلا الجراح والكفاح” ولجنة ماك برايد المستقلة للتحقيق في خروقات “إسرائيل” للقانون الدولي أثناء غزوها الى لبنان في العام 1982 وتشكلت من رجال قانون بارزين من أمريكا (ريشارد فولك)، وبريطانيا (براين بيركوسون)، وفرنسا (جيرو دولابرادال)، وألمانيا (ستيفن وايلد)، وإيرلندا برئاسة المحامي الإيرلندي شون ماك برايد والتي سميت اللجنة باسمه والتي أدانت الإحتلال الإسرائيلي بالتخطيط والتحضير للمذبحة وأن الإحتلال قد لعب دوراً في تسهيل عمليات القتل من الناحية الفعلية وبالتالي يتحمل المسؤوية الأولى عن المذبحة..، إلا أن أي من تلك المصادر الهامة لم يأت على ذكر أي دور مؤثر لوكالة “الأونروا” خلال المرحلة التي سبقت أو لحقت تاريخ المجزرة، سواء بتقديم المساعدات الطارئة أو إطلاق نداءات الإستغاثة أو توفير الحماية من خلال تقديم ما يحتاجه اللاجئون على مستوى الغذاء والدواء والكساء والإحتياجات الضرورية، أو الحماية على مستوى رفع مظلمتهم للعالم، ويبدو بأن دور وكالة “الأونروا” كان مُغيَّباً وعن عيْن لصالح استحقاقات سياسية جديدة عوانها المزيد من تهجير الفلسطينيين بعد ان تخلت المنظومة الأممية عنهم وشطب المزيد من المخيمات المخيم كجزء من مشروع استراتيجي صهيوني تراكي لشطب حق العودة ..!
مجزرة صبرا وشاتيلا وغيرها من المجازر التي ارتُكِبت وترتكب بحق اللاجئين الفلسطينيين لا سيما في مخيمات غزة المحتلة والمحاصرة، والضفة المحتلة، وسوريا ولبنان..، يفرض وبشكل قاطع توسيع سياسة عمل “الأونروا” ليشمل الحماية الجسدية للاجئين على وجه الخصوص..!
يشكل انعقاد الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري فرصة يجب إستثمارها لصالح طلب حماية اللاجئين، وهذا يحتاج الى حراك سياسي ودبلوماسي وقانوني عاجل تقوده منظمة التحرير الفلسطينية العضو المراقب في الأمم المتحدة..!
علي هويدي