للحياة نشيد
تاريخ النشر: 20/09/15 | 8:12خاضَ الْجَفافُ بِماءٍ مِنْ تَصافينا .. وَانْفَضَّ سامِرُنا غَصَّتْ مَوانينا
وَدارَةُ الْحَيِّ أَطْلالٌ مُبَعْثَرَةٌ .. عاثَتْ بِها الرِّيحُ تِشْرينًا فَتِشْرينا
وَلِلنَّخيلِ صَدى حُلْمٍ يُهَدْهِدُهُ .. وَلي حَنينٌ إِلى نَخْلاتِ وادينا
وَلِلْمَكانِ كَلامٌ لا زَمانَ لَهُ .. وَلِلزَّمانِ كَلامٌ غَيْرُ ما شينا
وَلِلْحَياةِ نَشيدٌ لَيْسَ يَحْجُبُهُ .. مَغولُ عَصْرٍ بِإِعْصارٍ يُبادينا
في كُلِّ مُنْعَرَجٍ قَصْفٌ يُباغِتُنا .. في كُلِّ مَدْرَجَةٍ عَصْفٌ يُغَشِّينا
خَلَّفْتُ لَيْلى عَلى شَطِّ الْفُراتِ دِمًا .. وَالرِّيحُ تَنْهَشُها حِقْدًا وَسِكِّينا
تُراوِدُ الْـمَوْتَ أَنْ تَأْوي لِحَضْرَتِهِ .. يَزُقُّها الْـمَوْتُ زَقُّومًا وَغِسْلينا
يَمَّمْتُ شَطْرَ شَآمي فَزَّ هَيْكَلُها .. مِنَ الرُّكامِ وَلَيْلى ثَمَّ تَدْعونا
فَقُلْتُ كَيْفَ أَتَيْتِ الشَّامَ سابِقَةً .. بِنِصْفِ ساقٍ وَنَحْنُ السُّوقُ تُقْصينا
أَما تَرَكْتُكِ فَوْقَ الشَّطِّ نازِفَةً .. مَوْتًا وَعارِيَةً مِنَّا تُعَرِّينا
قالَتْ: تَبِعْتُكَ أَشْلاءً وَجَمَّعَني .. مَوْتٌ تَجَمَّعَ إِذْ فُضَّتْ أَمانينا
فَصارَتِ الشَّامُ بَعْدَ الْأَيْنِ قَبْضَ يَدي .. بَعْضي عِراقٌ وَذا بَعْضي بِشامينا
ما لي يَدٌ بِيَدٍ لِلْمَوْتِ أَوْ بِيَدٍ .. تَنْمو أَيادي خَوا تُخْوي أَيادينا
وَكادَ مَوْتي عَلى سَهْوٍ يُفاجِئُني .. بَيْنَ الْعِناقِ وَعَنْقا مِنْ مَآسينا
وَفي الْجَنوبِ عَلا صَوْتٌ فَطِرْتُ لَهُ .. أَلْفَيْتُ لَيْلى تُداوي ثَمَّ مَحْزونا
تَحُفُّها خَفِراتٌ قَدْ حُفِفْنَ بِها .. أَنَّى نَظَرْتَ فَأَنْوارٌ تُحاذينا
فَقُلْتُ كَيْفَ جَرى، لَيْلى تُسابِقُني .. وَحَيْثُ جِئْتُ أَراها لَيْسَ تَخْمينا
بِالْعَيْنِ أَنْظُرُها بِالْقَلْبِ أُبْصِرُها .. في الْحُلْمِ أَشْهَدُها تُحْيي الْـمَيادينا
ساءَلْتُها نَظَرَتْ لِلْأُفْقِ وَابْتَسَمَتْ .. قالَتْ: أَراكَ غَريبًا مِثْلَ والينا
اُنْظُرْ لِكُلِّ بِلادٍ أَصْبَحَتْ مِزَقًا .. هذي بِلادي وَإِنْ عادَتْ مَنافينا
أَنا الْعِراقُ أَنا شامٌ أَنا يَمَنٌ .. أَنا فِلَسْطينُ هَلْ تَنْسى فِلَسْطينا؟
أَنا الْحِجازُ وَمِصْرٌ وَالْجَزائِرُ لَمْ .. أَزَلْ، أَنا الشَّرْقُ دُنْيا عانَقَتْ دينا
محمود مرعي