إنها غزة!
تاريخ النشر: 24/09/15 | 6:51تعود الأحداث الدامية على نفسها، وتتكرر المشاهد المؤلمة، وتتوالى الجرائم والمجرم واحد، وتعود سيول الدماء المتدفقة والأشلاء المتناثرة والبيوت المهدمة على رؤوس أصحابها، لترسم بريشة القهر وجه المجرم البشع وتصور مجددا، بل تؤكد حجم البطش والإجرام والتخلي عن كل معاني وأشكال الإنسانية التي انسلخ عنها هذا المجرم الذي لا تميز آلة إجرامه بين طفل وامرأة وعجوز، فالكل عنده مرمى هدف في سبيل أن يظل هو الأقوى في المنطقة، ولست أدري أي مجد وأي بقاء ممكن أن يشيده أحد على جماجم الأطفال ودم الأبرياء.
كم هو بشع وجهك أيها المجرم المحتل وأنت تحرم أطفالا من اللعب بدماهم لتجعلهم بجرائمك يلعبون بدمائهم.
كم هو بشع وجهك وأنت تحرمهم لذة النوم على فراشهم الآمن لتجعل آلة بطشك نومهم تحت ركام بيوتهم التي هدمتها فوق رؤوسهم.
كم هو وجهك كالح وبغيض وأنت تسلب منهم نظرات الأمان وتستبدلها بنظرات الهلع تخترق سهامها أفئدتهم الطرية فتمزقها خوفا ورعبا.
كم هو وجهك بغيض وأنت تتقوى على طفولة بريئة لم تكد براعمها تتفتح للحياة بعد حتى سلبتها طعم الحياة ومعنى الاستقرار وحولت أحلامها الوردية إلى كوابيس مرعبة لو داهمت الأشداء أفزعتهم وقضت مضاجعهم فكيف بالأطفال في عمر البراعم ؟ّ!
إنهم أطفال غزة..عصافيرها ورياحينها…نعم غزة وما أدراك ما غزة…تلك الأسطورة الخالدة التي لها في عمق الزمان والتاريخ صفحات مضيئة من العزة والمجد. تلك الصخرة الصلبة التي استعصت على الجبابرة ومرغت أنوفهم بالتراب .
إنها غزة التي كتبت تاريخا مجيدا مضى بمداد من نور، وتعيد اليوم كتابة هذا التاريخ بفيض من نور، بشلال من عزة بأنهار من كرامة، تقول لكل الدنيا، الحق باق والباطل زاهق، تقف كالجبال الراسيات، لا تنحني للعواصف مهما عتت واشتدت، ولا لقصف الرعود مهما زمجرت وأرعدت،لتقول بلسان اليقين: جولة الباطل ساعة وجولة الحق إلى قيام الساعة.
إنها غزة ذاك الاسم الذي أبهر كل الدنيا واعتلى سحب الإعجاب والانبهار وتصدر واجهة الأحداث العالمية ونشرات الأخبار وعلى صفحاتها الأولى، ترسم خارطة الكرامة للأمة، وتصحح خارطة الطريق للمنطقة كلها وتقول بأعلى صوت: لا صوت يعلو فوق صوت الحق…أبدا ما كانت القوة ولا الجبروت أن تركع الإرادة، لا ولا البطش ولا التنكيل أن يوهن العزم أو يركع الإباء…اسألوا التاريخ فتشوا في حقبه، فما بقي جبار ولا عمر ظالم ولا ظل طاغوت، بل كانت مزابل التاريخ لهم مقابر.
غزة يا أسطورة هذا الزمان بل يا فخر هذا الزمان، يا من لك أسماء كثيرة ومعان عظيمة في ملفات الزمان،فأنت المميزة أنت القوية، أنت الكنز، أنت المخازن،أنت الشيء الذي يدخر، وأكثر من ذلك فأنت طريق المجد، أنت جسر الكبرياء والإباء، أنت راية الشموخ، أنت منارة الربيع العربي…أنت أنت…أنت غزة.
ليلى محمد غليون