ورحل فارس الصحافة وعاشق القدس ناصر الدين النشاشيبي ..!
تاريخ النشر: 20/05/13 | 23:00غيب الموت الكاتب والأديب والمفكر والمؤرخ والصحافي الفلسطيني المقدسي الكبير والمخضرم ناصر الدين النشاشيبي ، بعد مشوار حياة ومسيرة عطاء زاخرة وحافلة بالنشاطات الصحفية والرحلات والمنجزات الثقافية والادبية والتاريخية .
يعد النشاشيبي من الأعلام البارزة والرائدة في مجال الصحافة العربية والفلسطينية المعاصرة ، امتاز بالمهنية والموضوعية والدقة والأيمان برسالة الصحافة . تحلى بثقافة متنوعة ، وكان مثقفاً صاحب أفكار ورؤى سياسية واجتماعية وفكرية خاصة ، ومواقف جريئة . انتقد الكثير من رموز السلطة الوطنية الفلسطينية ووجه لها الانتقادات اللاذعة مما اثار حفيظتها فشنت عليه هجوماً عنيفاً وشرساُ ، فلم يتراجع ولم ينهزم ،مصمماً على أقواله وانتقاداته .
أحب النشاشيبي القراءة والكتابة ، ونشر مئات المقالات في الصحف الفلسطينية والعراقية واللبنانية منها "الدفاع" و"فلسطين" ، وقدم للمكتبة العربية والفلسطينية أكثر من خمسين كتاباً واصداراً في مجالات السياسة والفكر والأدب والرواية والفن وأدب الرحلات ، أهمها وأبرزها :" شباب محموم، خطوات في بريطانيا، عندما دخلوا التاريخ، فلسطين والوحدة، ماذا جرى في الشرق الاوسط، حفنة رمال ، عربي في الصين ، سفير متجول، أريد ان أصلي في المسجد الأقصى، حبات برتقال، قصتي مع الصحافة، المرأة تحب الكلام، في مملكة النساء ، من أوراق الشرق الاوسط ، كلام يجر كلاماً " وغيرها .
عمل النشاشيبي بعد تخرجه من الجامعة الامريكية بموضوع العلوم السياسية، في مجال الصحافة ، التي شغفها منذ نعومة اظفاره ،ثم معلقاً أدبياً في اذاعة فلسطين بالقدس، بعدها أشغل منصب سكرتير الوفد الفلسطيني في مجلس جامعة الدول العربية ، فمديراً للاذاعة الاردنية ثم مندوباً متجولاً لدار أخبار اليوم القاهرية . بعد ذلك انتقل للعمل في صحيفة الجمهورية القاهرية ثم انتدبته الجامعة العربية ليكون سفيراً متجولاً لها . وفي الثمانينات من القرن الماضي عاد الى القدس ، زهرة المدائن، التي كان يحب ترابها ويعشق أسوارها وحاراتها وأزقتها وأسواقها عشقاً بلا حدود ، وكان يردد ويقول في مجالسه وكتاباته : "القدس ستبقى تسري في عروقنا ، وستبقى لقمة العيش في غذائنا، ولن نكفر بها ، ولن ننشد مدينة أخرى سواها ، وسنبقي الضغط على جميع العرب للانتساب اليها .. القدس كل ذرة فيها تساوي الدنيا بأسرها".
كان النشابيبي على صلة وعلاقة ومعرفة بالعديد من الزعماء والقادة السياسيين من العالمين العربي والغربي ، وكان مقرباً من الزعيم المصري الخالد جمال عبد الناصر ، وحين تسلم الراحل أنور السادات الحكم غادر مصر وتركها .
ناصر الدين النشاشيبي صحفي قدير وكاتب كبير ، جمع بين الصحافة والنضال ، وبين الفكر والسياسة ، وتشكل وفاته خسارة فادحة للحياة الصحفية والاعلامية العربية والفلسطينية ، التي عاصر مراحلها، وعاش احداثها ،وكان شاهداً على نكبة شعبنا ، وغادر دنيانا في ذكراها . وسيظل اسمه محفوراً في ذاكرة التاريخ الفلسطيني والعربي والوجدان الشعبي الفلسطيني .