أرامل الحرب في سوريا في مهب الريح
تاريخ النشر: 21/09/15 | 13:38تغادر منار “23عاما” بيت عائلة زوجها بدموع غزيرة وخطوات سريعة تاركة خلفها طفليها اللذين رفضوا إعطائهما لها وذلك بعد أن فقدت أية قدرة على تحمل المزيد من الظلم والقهر.
منار واحدة من نساء كثيرات فقدن أزواجهن نتيجة الحرب في سوريا وبدأن يصارعن الحياة مع أطفالهن، أحيانا يجدن من يعيلهن ويساعدهن وأحيانا أكثر لا يجدن ذلك.
أرامل في مهب الريح
تقول منار وهي من مدينة كفرنبل التابعة لريف ادلب الجنوبي: “بدأت معاناتي بعد وفاة زوجي الذي استشهد في 4 آذار 2012 في الاشتباكات التي حدثت بين الثوار وقوات النظام، شعرت منذ ذلك الوقت أن حياتي دخلت في ظلام دامس وخاصة وأن والد زوجي ذو طباع قاسية، يشتمني ويهينني لأتفه الأسباب وأنا أعيش معهم مع طفلاي “محمد وعلا”.
تؤكد منار أن تسلط عمها وقساوة أخوة زوجها دفعاها في نهاية المطاف لمغادرة المنزل والذهاب الى بيت أهلها الذين ليسوا بأفضل حالا من عائلة زوجها. فأبويها منفصلين منذ زمن بعيد ووالدها متزوج وكذلك أمها، وعدم وجود معيل لها ولأطفالها دفعها للزواج برجل بالخمسينيات من عمره ومتزوج بامرأتين قبلها.
رائدة “30 عاما” كانت أفضل حظا من منار، هي على الأقل وجدت من يعيلها مع أطفالها الأربعة الذين لم تضطر للتخلي عنهم أو الزواج. تقول رائدة: “استشهد زوجي بكمين نصبه الجيش الأسدي للثوار في كفرنبل عند مداهمة مقرهم المتواجد في الكروم، صحيح أنني عشت حالة من الضياع والإهمال في بداية الأمر ولكن هناك من أوصل معاناتي لجمعية الهدى الخيرية في كفرنبل والتي ساعدتنا كثيرا”.
وتوضح رائدة أنه تم تأمين منزلا لهم تابع للجمعية، سكنته مع أطفالها وكذلك تم تأمين راتب شهري لهم يغنيهم عن الحاجة والعوز حيث تؤكد رائدة أن عائلة زوجها فقراء وكذلك أهلها ولولا مساعدة هذه الجمعية لم تكن تعرف ماذا تفعل وخاصة وأنها لا تجيد أي عمل أو مهنة كما أنها لا تملك شهادات تستطيع العمل من خلالها.
ظروف متباينة
ريم الغنوم “26عاما” استشهد زوجها في سجون النظام في الشهر التاسع 2013 بعد أن تم اعتقاله على حاجز حماه بسبب صلة القرابة لأحد المنشقين عن جيش النظام. ريم لديها ابنتين بيسان وآية، وهي تملك منزلا مؤلف من ثلاث غرف، سكنت مع ابنتيها غرفة وقامت بتأجير غرفتين، وهي تنفق على نفسها وابنتيها من تأجيرها لبيتها .
تقول ريم: “قلّما تجد المرأة من يعيلها بعد وفاة زوجها، سواء من أقرباء زوجها أو أقربائها، لأن أوضاع سوريا والغلاء الفاحش جعل الجميع ينشغل بتأمين ما يلزم لعائلته، وهذا ما يجعل أمثالي مهمشات ومنسيات إلا من بعض المعونات الاغاثية القليلة أو المساعدات النادرة من هنا وهناك”.
أمل السليم “40 عاما” استشهد زوجها من تأثير إصابته بشظايا قذيفة سقطت قرب منزله تاركا لأمل خمس أولاد وهو من قرية بسقلا القريبة من كفرنبل.
تقول أمل: “بعد وفاة زوجي عانيت الأمرّين مع أولادي، حيث بدأ ولدي سليم 15 عاما وأحمد 17عاما بالعمل في مجال البناء، يعملون بحمل الحجارة من الصباح الباكر حتى آخر النهار بمبلغ بسيط وهو /400/ ل.س، كنا نحاول بمبلغ /800/ ل.س أن نشتري احتياجاتنا الملحة فقط ونوفر ما يبقى كمصروف لنا إذا توقفا عن العمل لفترة، فالعمل موسمي وغير ثابت”.
تتابع أمل أنها وجدت عملا في مركز مزايا للأطفال “السنافر” في كفرنبل بمرتب /15000/ ل.س شهريا، وهذا الراتب جعل حياتهم أفضل نوعا ما على حد تعبيرها. وعن المساعدات الاغاثية تقول أمل أنهم لا يتلقون معونات تذكر.
ومن جهة أخرى يتحدث أبو علاء “48 عاما” أحد أعضاء المجلس المحلي في كفرنبل: “نحن في المجلس نحاول توزيع ما يأتينا من معونات بشكل متساو على الناس، خاصة وأن العدد كبير، حيث أن الذين هم تحت خط الفقر أصبحوا الأكثر عددا في المنطقة في ظل استمرار الحرب وغلاء الأسعار وقلة فرص العمل وهو ما يجعل المعونات قليلة ونادرة على العوائل المحتاجة”.
بينما يتحدث “أحمد الهاجر” مدير جمعية الهدى الخيرية في كفرنبل قائلا: “نحاول قدر الامكان أن نساعد الأكثر تضررا سواء بالسكن أو الراتب الشهري أو المعونات الغذائية أو الألبسة وغيرها، لكن العدد الكبير من الأرامل والفقراء المحتاجين وأسر المعتقلين يعيق عمل الجمعية بتغطية جميع أرجاء منطقة كفرنبل وما حولها”.
مديرة مركز مزايا للنساء في كفرنبل غالية الرحال “40 عاما” تقول: “نحاول في المراكز التي نديرها توظيف من هم بحاجة للعمل وعلى وجه التحديد الأرامل وذلك للتخفيف من معاناتهن”.
ومن خلال جراء إحصاء تقريبي لعدد الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن في الحرب على صعيد مدينة كفرنبل وما حولها كانت النسبة 25% وهذا العدد قابل للزيادة مع استمرار الحرب في سوريا.