شَاعِرُ الأجْيَال
تاريخ النشر: 23/05/13 | 2:28في رثاء الشاعر الكبير "نزار فباني " – ( في الذكرى السنوية على وفاته )
شاعرَ الأجيال ِ قدْ طالَ الثوَاءُ لا مجيبٌ ولكمْ عزَّ اللقاءُ
وربيعُ الشرق ِأضحَى مقفرا ً وذوَى وردُ المنى …زالَ السَّناءُ
وعذارى الشعرِ تبكي جزَعا ً منذ ُ أنْ غابَ عن ِالدوح ِ الغناءُ
ما لقاسيون َ تلظَّى واكتوَى ودمشقُ العرب ِ يحدُوها البكاءُ
يا كنارَ العربِ قدْ ضاقَ المدَى َجَّفتِ الادمعُ …ما أجدَى العزاءُ
رائد التجديد في عصر ذوى فيه روضُ الشعر..جاء الدخلاءُ
يانبيَّ الشعر ِ فَي عصرِالدُّجَى ُنكّسَ الشعرُ وماتَ الأنبياءُ
كم دموع ٍ سُكبتْ في الغوطتي ن ِ كبحر ٍ… ماؤه ُ الجاري دماءُ
أيُّها السَّيفُ الدمشقيُّ ائتلا قا ً وفي الغربِ امتشاقٌ ومَضَاءُ
أمَويٌّ ُتهْتَ فخرا ً وندى ً يا سليل َالعُرب ِ ِمنْ فيكَ الشذاءُ
لكَ فوقَ النجم ِ صرحٌ شاهقٌ وبرُكنَيْه ِ لقدْ َحَّفتْ سماءُ
فربيعُ الشرق ِ ولى وانقضى منذ أن غبت َ خريفٌ وشتاءُ
ووهادُ الروح ِ ثكلىَ اقفرَت ْ لفهَا الليلُ وأضناها العناءُ
مجلسُ اللهوِِ منَ الأنس َخلا واختفى الصحبُ وولى الندماءُ
جنة ُ الدنيا غدت ْ ملتاعة ً إيهِ سوريا أرَّق َ الجفنَ الشقاءُ
إيهِ سوريا ليسَ من بعدِ النوى غيرُ ثوبِ الحزن.. ماعادَ انتشاءُ
" برَدَى " ما عاد َ عذبا ً ماؤُه ُ رنقا ً صارَ وَعزَّ الاستقاءُ
وحمامُ الشام ِ قدْ بُحَّ فما من هديل ٍ ومنَ الدوح ِ خلاءُ
والدي في الشعر.. أستاذي ونِبر راسُ دربي.. وليَ الحرفُ اقتداءُ
لغة ُ القيثارِ والحُبِّ َسَتبْقى ، وأنتَ الحلمُ فينا والرَّجَاءُ
شاعرُ المرأة ِ قد صوّرتهَا ببديع ِ الفنِّ.. . حلاها البهاءُ
فتجَلى الحبُّ في أسمى ضياء ٍ وتاهتْ في أغانيكَ الظباءُ
أنت َ للسمراء ِ تبقى هاويا ً أنا للشقراءِ حبٌّ ووفاءُ
وبحبٍّ وحشيش ٍ قمرٌ أنتَ للتجديد فيه الإبتداءُ
أنت فوق الفَرقدين ِ النيِّرَيْن ِ سناءً وائتلاقا.ً.. لا ِمَراءُ
أنت َ ربُّ الفنِّ والشعرِ ورب ُّ النهى والفكر ِ… يكفيك َ الثناءُ
لفلسطينَ رسمت َ الشعرَ َملحمة َالخلد ِ وكم ْ كانَ العطاءُ
ولأطفال ِ فلسطينَ شَدَ وْت َ.. خيوطُ ُالفجرِ دوما ً والفداءُ
لقنوا المحتلَّ درسا ً ناجعا ً بنضالٍ… منهُ للأرض ِارتواءُ
ثورة ُ الاحجار ِ قدْ واكبتهَا بلهيبِ الشعرِ… هبَّ النُّجَباءُ
بدم ِالأبطالِ… منْ آلامِهم ْ ُكِتبَ التاريخُ قد زالَ الخفاءُ
راية ُ الشعرِ فمَنْ بعَدك َ َيرْفعُهَا ؟ .. يزهو المَدى ثم الفضاءُ
يا اميرَ الشعرِ ِمنْ غيرِ مَِرا ء ٍ .. أنا بعدكَ قال َ الخلصاءُ
إنَّ عرشَ الشعرِ ِمنْ بعِدكَ لى.. ذاك حقىِّ وليخزَى السُّفهَاءُ
إننا في الداخل ِ صرنا مثلا ً.. كم عميل ٍ آبقِ فيه ِ الدهاءُ
كمْ خؤُون ٍشعره الزبلُ وأدْ نىَ … نشازٌ صوته ُ دوماً عواءُ
يستغلُّ المنبرَ الهشَّ لَيَطعنَ بي … لكنَّ مسعاهُ خواءُ
وقلوبٍ اترعَتَ ْ بالحقد ِوالغدرِ … نحوي لا ودادٌ لا صفاءُ
وحثالات ٍ غدَتْ بالزِّيف ِ قادتِنا .. .منهم فلا يُرْجَى الرجاءُ
لبسوا ثوبَ نضال ٍ زائف ٍ .. وقريبا ً عنهمُ ينضُو الطلاءُ
صحفٌ صفراءُ تبقى لهمُ .. إنها الخزيُ لشعبي والَوَباءُ
حاربوا كلَّ أبيٍّ صادق ٍ .. خدمُوا الاعداءَ .. غابَ الامناءُ
وضعُوا حولي سياجاً شائكاً .. إنهُم ْ أعداء ُ شعبي العملاءُ
زرعُوا الألغامَ في دربي وكمْ .. منعُوا يأتي نسيم ٌ ورَخاء ُ
وعلى شعري لكمْ ُهمْ عتموا .. خسئوا لنْ يحجبَ الشمسَ غطاءُ
أنا ربُّ الشعر ِفي الداخل ِ رُغمَ .. الاعادي ولأشعاري البقاءُ
رافعُ الهامة أبقى شامخاً .. ولغير ِ الربِّ ما كان َ ولاءُ
جندُوا الاوغادَ كلَّ الآبقين َ.. فلن ْ يثني انطلاقي الجبناءُ
ثابت ٌ رغم َمتاهاتِ الردى .. عن حياض الحقِِّ هيهاتَ جلاءُ
أنا صوت ُالحقِّ أبقى، والضَّميرُ .. لشعبي … وليخزى الخلعاءُ
فيسارٌ عندنا مثلُ يمينٍ .. كلهُمْ في حقِّ شعبي لسَوَاءُ
لن يمرُّوا سوفَ أصليهم أنا .. بلهيب ٍ… وغدا ً يأتي النداءُ
إنني الحق ٌّ تجلّى ساطعا ً .. وهم ُ في نظرِ ِالشعبِ حذاءُ
يا بلادا ً رتلت ْ أ نغامَهَا .. مهجُ الاهل ِ وروَّاها السخاءُ
يا بلادي أنت روحي ودمي فوق احضانك ِ كم طابَ الفداءُ
نحنُ أقسمنا يميناً للفدا .. لبزوغ ِ الفجرِ إنَّا رقباءُ
شاعرَ الأجيال ِ تبقَى علما ً .. إننا في الشرق ِ دوما ً أوفياء ُ
نحن ُمن بعدِكَ نمضي للعلا .. بك َ حقا نقتدي … أنت َ اللواءُ
بدأ الشعرَ امرؤُ القيس ِ ففيه ِ.. ارتقى الشعرُ وفيه ِ الازدهاءُ
عصرُ شوقي قبله عصرُ أبي الطيِّب ِ.. الكنديِّ … نورٌ وارتقاءُ
ونزارٌ لخَّص َ الشعرَ بعَصْر ٍ.. غدا فيه ِ ركيكا.ً.. لا طلاءُ
وأنا ِمنْ بعدهِ جدَّدْتُ في الشِّعر ِ وأحدثتُ وما عادَ التواءُ
وتقمَّصْتُ الحضارات ِ وجئت ُ .. بما لم ْ َيسْتطعْهُ العظماءُ
أنا للشعب ِ ورودٌ وشذا ً وأنا للأرض ِ التحامٌ والتقاءُ
قادم ٌ منْ مدن ِ الأحزان ِوَحدي.. فغنِّي واهتفي لي يا سماءُ
شعراءُ الجاهليين َ ارتقوا .. ببديع ِ النظم ِ فنًّا .. كمْ يُضَاءُ
وسُموط ٍ عُلقتْ في كعبة ٍ .. ُترْجمَتْ في الغرب ِ أحلى ما نشاءُ
إنما الشعرُ غدا في يومِنا .. كالنفايات ِ أتاه ُ البلهاءُ
طلسَمُوا أقوالهم منْ دون ِمعنىً .. وعاف َ الشعرَ حتى البُسَطاءُ
" فنزار" "و أنا " " والمتنبّي " "وشوقي " نحنُ منهُمْ لبَرَاءُ
نمْ قريرَ العين ِ لا تحفلْ أسى في بلادٍ قدْ فداها الشرفاءُ
جنة ُ الدنيا شآمٌ لم تزلْ إيهِ يا شامُ لكَم ْ طالَ الثوَاءُ
ولنا موعِدُنا فوقَ ُذرَى الشَّيْخ ِ حيثُ الثلج ُسحرٌ وغواءُ
ورُبَى الجولان ِ للعرب ِ فدا ً يرجعُ الجولانُ … يأتي الأقرباءُ
كانت ِ الأحلام ُ في أكتوبر ٍ عرسُ تشرينَ لهُ الغربُ انحناءُ
قُّرَّة ُ العين ِ شآم ٌ في دمي هيَ للأعراب ِ نبضٌ ودماءُ
ليتني أغفوُ أنا فوقَ ُرباها ، زهورُ الروض ِقبري والشذاءُ
"فصلاحُ الدين ِ" يغفوُ هانئا ً في دمشق ِ العرب ِ ثم َّ الأولياءُ
كم ْ شهيد ٍ راقدٍ تحت َ ثرَا َها وأزهار ٍ سقاهَا الشهداءُ
يا أميرَ الشعر ما بعدَ النَّوَى غيرُ حزن ٍ وعويل ٍ…لا التقاءُ
لم تزلْ بلقيسُ في وجدانِنا وردة ُ الطهر ِ وحَلاهَا النقاءُ
إنها في جنة ِ الفردوس ِمنْ حولها الحورُ العذارى والظباءُ
بعدك َ الحبُّ يتيما ً قدْ غدا في ربوع ِالشرق ِ، والغيد ُ إماءُ
كمْ فتاة ٍ دمعُها الدّرُّ، ازدَهى هاجَها الحزن ُ وما أجَدى النِداءُ
يا رسولَ العشق كم من غادة ٍ أنتَ قدْ حرَّرْتهَا… زالَ العَناءُ
من قيود ِ القهرِ ِ قدْ أطلقتها عَرفَتْ كيفَ العلا والإرتقاءُ
يُحشرُ العشاق من تحت لوا ئِكَ… في ظلك كمْ يلقىَ العزَاءُ
أنت َ َمنْ أمسكتَ شمسا ً بَيِمين ٍ وفي الأخرى نجيمات ٍتضاءُ
كذبَ النقادُ فيما ُغرِّرُوا كلُّ ذمٍّ فيكَ قالوا َلهُرَاءُ
ومسوخُ النقد ِ في الداخل ِهُم ْ كحذائي قولُهُم ْ عندي َهبَاءُ
أنتَ فوقَ النقدِ..فوقَ الشعرِ..فو ق َ النهَى .. للعربِ مجدٌ وسناءُ
والذي جئته ُ يبقى خالدا ً .. لو مضى مليونُ جيل ٍلا انتهاءُ
وشعوبُ الأرض ِفيكَ انبهرُوا .. أنت َ عملاقٌ وصرحٌ وعلاءُ
أنتَ "دونجوانُ " جميع ِالغيدِ َدوْ ما ً… وحلم ُ الغيدِ حقا ًّ وبهاءُ
وأنا بعَدك أمضي قدما ً أحملُ الراية َ يحدوني الإباءُ
تهتُ في الكون ِ سناءً وسنا ً وتهادَى في خطايَ الخيلاءُ
فالعذارى في هوانا ُتيِّمَتْ نحنُ أحلى منْ تغنيهِ النساءُ
َوَضََمْمَنا المجدَ منْ أطرافه ِ وتسامَى الفنُّ فينا َ وُروَاءُ
يا أميرَ الشعرِ هلْ أجدَى العزاءُ عجزَ الحرفُ وأعيَى الخطباءُ
رائدَ التجديد ِ تبقىَ ملكا ً فوقَ عرش ِالشعرِ أنتَ الإبتداءُ