التغيير مرهون بتغيير المفاهيم .!
تاريخ النشر: 23/05/13 | 6:21في كل يوم وفي كل مجلس وفي كل نشرة أخبار يومية وفي كل مؤتمر ومهرجان وفي كل خطبة جمعة وفي كل مأتم وفي كل عرس وفي كل مقهى وعلى اختلاف انتماءاتهم وعقلياتهم وأجيالهم، يتداول جميع الناس هذه الايام الحديث عن العنف المستشري والأوضاع المتردية للسلطات المحلية والتراجع في مستوى الخدمات ومعاناة الشباب والتسيب في مجتمعنا العربي ومواضيع أخرى… ،يتباكى ويستعرض الجميع المعاناة والألم والكل يدّعي أنه يبحث عن حل لكل القضايا والمشاكل..! الكل يقترح…والكل ينظر بعصبية وبحرقة..والكل يعي جيدا الأخطار… ،لكن ومع كل أسف الكل شريك والكل جزء من المشكلة وليس جزء من الحل ..!.
لا شك أن التغيير لن يأتي من كوكب آخر والتغيير لن يتحقق بمجرد لمسة أو همسة أو تباكي..والتغيير لن يتحقق طالما لم تتغير أولوياتنا وأسلوب تفكيرنا والمفاهيم التي تحكم حياتنا اليومية وتصرفاتنا ومعاملاتنا مع بعضنا البعض .التغيير لن يتحقق بمجرد البكاء او الصلاة او أداء فريضة الحج أو العمرة أو قراءة القرآن دون العمل ..! أقول ذلك لأننا نتقن كل ذلك جيدا لكن لا أثر لذلك في حياتنا والواقع أكبر دليل وبرهان ….!لماذا إذن..وكيف لا ينعكس ذلك على معاملاتنا وحياتنا ..! الجواب لأن الازمة أزمة مفاهيم .
فمثلا نحن المواطنين العرب في هذه البلاد نتصرف مع المؤسسات الرسمية والحكومية بمنتهى الأدب والأخلاق وتماما كما علمنا القرآن ولا نتعامل مع بعضنا البعض ومع مؤسساتنا بنفس المنطق والعقل ….لماذا !اليست هذه أزمة مفاهيم !.
ليسأل كل واحد منا كيف نتصرف مع الشرطي عندما يحرر لنا مخالفة ما بمقدار 1000 شاقلا ومع 5 نقاط ..ماذا نقول: תודה רבה אדוני ..اليس كذلك ! هل نتصرف مع مؤسساتنا ومع بعضنا البعض بالمثل ! . كيف نتصرف مع قوانين السير في المدن اليهودية ..! هل نتصرف في مدننا العربية بالمثل .! كيف نتصرف في المكاتب الحكومية والمستشفيات،في المعابر الحدودية ،في المنتزهات العامة والملاهي ،في الفنادق..نتصرف في قمة الأدب والأخلاق والرقي ..لكن عندما نعود الى مدننا العربية وبيوتنا …لا حول ولا قوة إلا بالله ..لماذا ..!.
كيف نفض خلافاتنا مع ابناء عمومتنا من المواطنين وكيف نفض خلافاتنا مع بعضنا البعض ..! ببساطة المفاهيم والأساليب والمعاملة تختلف تماما..!
ولذلك وإن أردنا تغيير الواقع المتأزم حقا يجب علينا تغيير المفاهيم وأساليب التصرف والحياة..!.
ومن أخطر الأخطاء الشائعة في وسطنا العربي هذه الأيام، مفهوم الغلبة للأقوى ومفهوم أن استرداد أي حق لا يكون إلا من خلال القوة ومن خلال القتل والحرق وليس من خلال القانون والعقل..!الامر الذي عقد القضايا والأمور، والنتيجة كما تعودنا والرد يكون عادة بالمثل بل وأعنف مع كل أسف…! ومن خلال عملنا في الاصلاح بين الناس نلمس ذلك جيدا بحيث أن الطرف العقلاني يُفهم دائما على أنه ضعيف ،وكي يثبت عكس ذلك تتعقد الامور فيصبح العقلاني أكثر عنفا..! وكل ذلك بسبب أزمة المفاهيم والمفاهيم المغلوطة وفي كل المجالات : الفكري والديني والسياسي أيضا….
وأخيرا أضرب مثلا آخر يوضح أزمة المفاهيم التي تعصف بمجتمعنا العربي من خلال ما يدور في الدول العربية هذه الايام ،نلاحظ أن كلنا يريد التغيير للدول العربية والديمقراطية للشعوب العربية والتحرر من الطائفية والعصبية وتغيير الحكام العرب على اعتبار أنهم فاسدين وقتلة ومجرمين ..وأن البلاد العربية يجب أن تلتحق بالأمم المتحضرة و…. ،ثم وعندما يأتي دورنا وتأتي الانتخابات البلدية في وسطنا العربي نتصرف كلنا من منطلقات عائلية وقبلية ومصالح شخصية وحزبية ضيقة وننسى أننا كنا نبكي ونتباكى..وننسى أننا كنا نُنظّر ونطرح الحلول..اليست هذه معضلة وخلل في المفاهيم ..!.