خبز الدروز وخميرة الفكر…
تاريخ النشر: 24/05/13 | 6:52إن خبز الدروز بلونه وطعمه هو المتبقي من الخبز العربي الفلسطيني الذي تغنى به شعرائنا أمثال درويش، فلا يمكنك أن تتذكر خبز جدتك وأمك عندما تتذوقه فقط بل سيأخذك طعمه في رحلة للأصالة الفلسطينية، لذا فالذي يريد وحدة أقليتنا العربية فيستطيع استبدال الخبز وحلاله باللحوم وحرامها! خاصة في ظل واقع اقتصادي مزري سنفتقد فيه لجميع اللحوم بأشكالها! لذا فهذا الخبز هو بمثابة المرجعية لعراقتنا كعرب وكدروز وكمسيحيين مضطهدين في هذه البلاد، فحتى عندما يظهر بعض الدروز كمتنكرين لعروبتهم ولإسلامهم كنت أقول في نفسي غصبن عنك عربي أصلا خبزك وعاداتك تشهد بذلك، ومن هنا فمشكلتي ليست مع الدرزي أو المسيحي أو المسلم السني إذا صح التعبير، كونهم يعتقدون باتجاهات مختلفة ولكن مشكلتي مع أي فرد أو فئة تقف في الصف المخالف لصفوف الجماهير كالتجنيد والخدمة المدنية ومشاريع هاوية اسمها مدائن بلا عنف!
بداية فلا أعتقد أن تصريح الشيخ رائد فتحي يعد فرديا، فهذا الرأي يمثل مدرسة فكرية، كما ولا أحسب رد فعل المناضل محمد بركة فرديا أيضا فهو يمثل أيضا مدرسة فكرية، ولكن عليهم أن يتقبلوا ردود الأفعال والنقد الرفيع كمسؤولين في وسطنا العربي، ولكن أن يتم استهداف أحدهما أو أن يتم استهداف طائفة لأخرى وبلد لبلد فهذا يقع ضمن المحظورات الحضارية والوطنية مهما كانت مساحة الخلاف، مما يدل أن هنالك بعض الأطراف من جميع الأطراف تحاول خلق أعاصير داخلية في دائرة الطائفية يصحبها بالطبع عواصف مذهبية نتجت عن الديكتاتورية العربية ليتم بعد ذلك وبسهولة سحق وجودنا بضربة مركزية تتلائم فيها توقيتات تمزق الأزمة وليس اشتعالها! ولكننا نستطيع أن نخمد هذه الفتنة بتبني الحوار العقلاني الذي لا يتعدى الذوقيات الدينية، فليس من الذوق أن تسأل أحدهم كمسلم هل تصلي أو تصوم، فكيف تطلب من طائفة أن تضع بين يديك حسابات معتقداتها؟ وبأي صفة حتى لو كان هؤلاء القوم يعبدون الشمس في وسط الأدغال، فهم بذلك سيرفضون أي حوار، وبالنسبة لعلاقاتنا مع إخواننا الدروز فهنالك الكثير من الإساءات من الطرفين على أسس فكرية ووطنية وقومية، وكانت وصلت إلى حد الاعتداء علينا كسجناء أمنيين وكمتظاهرين تحت غطاء المؤسسة الإسرائيلية التي فرقت أهدافنا، ولكننا كنا دوما العقلاء والمتمسكين بكل ذرة من خبز وحدتنا أو الأمل بها، ولا يعقل بتاتا أن يتم افتعال أزمة وتصريح فكري يمكن الرد عليه فكريا ودينيا من العقلاء من جميع الأطراف وتحويله إلى عرض عضلات والسن سفهاء يعتدون على المعتقدات بلا استثناء، خاصة وأن قياداتنا العربية لم تستطع أن يضيق الفجوة بيننا وبين إخواننا الدروز فجعلناهم في ساحتهم فراداً يعانون سياسة التمييز وفرض التجنيد وكأنهم في واد ونحن في واد من وطن آخر، خاصة في ظل تعاظم الأصوات الدرزية والتي لا ترفض الخدمة العسكرية فحسب بل نراها تدعو للرجوع إلى البوصلة الوطنية الفلسطينية، فأي إضافة أو مساندة قدمنا لهؤلاء الأبطال والذين يقهرون بالتضييقات والسجون لموقفهم المشرف هذا، وفي أي زاوية وضعنا فيها هؤلاء أمام الأصوات الدرزية المعارضة لهم تماما كما الأصوات المشجعة بيننا للخدمات (الجليلة) المذكورة أعلاه، لذا فالمطلوب لتدارك هذه الأزمة هو مراجعة كل طائفة لفكرها وعلاقاتها مع أبناء الوطن والمصير الواحد، فالدروز مطالبون بمراجعة مشوار الخدمة العسكرية بعد مضي 65 سنة من سياسة الإجحاف نحوهم، وكذلك مطلوب من الجانب الآخر المراجعة الفكرية العاجلة بما يخص كل التفصيلات الفقهية ومحاولة تجديدها على أسس الحكمة في الدعوة، لأن الإسلام بمثابة مغناطيس يجمع العالم على أسس الكرامة وهو ليس مطرقة للهدم بوجوب الخلافات المذهبية والفكرية بكل أنواعها، فمن الأخطاء وعلى سبيل المثال تعصبنا لنبينا محمد عليه السلام عندما يتم التعدي على اسمه وسيرته من قبل المنحرفين كما هي الأزمات السابقة فنقول دفاعاً عن نبيا! فمجرد أن تقول نبينا فأنت وضعته في مكان يتعارض مع وصف القرآن له لتجعله نبي لطائفة أو شعب أو أمة محدودة، مع أنه نبي العالمين والناس أجمعين سواء من آمن به أو كفر برسالته أو ضحى أو اعتدى عليه وبشهادة القرآن أنه نبي ورحمة العالمين فلما تتقوقع في خندق ولا تفهم العالم الغربي على وجه الخصوص أنهم إنما يعتدون على نبيهم! فكيف تقتصر النبي الأمي على نفسك وكيف تحقق لهم باندفاعاتك مزاعمهم بأن الرسول الأمين قد بنى دعوته على السيف رغم أن كلمة السيف وكسلاح مركزي في فترة الرسول لم تذكر ولو لمرة واحدة في القرآن الكريم!
إنما الدين يبنى على تجدد الفكر وأينما دماغ بشري تشرب الفكر لمرة واحدة ولم يجدده تحول فكرة في رأسه لخميرة ولخمر يترنح من خلاله الإنسان ويتأرجح مكانه كالسكران بلا توازن ويبقى مكانه بلا أثر، لذا فإنني انتهزها أيضا كمناسبة لأستنكر مسلمات كل مذاهبنا من سنة وشيعة ودروز ومسيحيين وقوى ليبرالية وعلمانية، عندما أرى كل هؤلاء يتلقون بتسليم مبهم الأمر من صاحب الأمر، رغم أن الفكر تفاعل حياتي وعقلي وهنالك حرية معطاة من رب العباد ومساحة للتدبر، فمهما بلغ الذي أمامي من منصب علمي رفيع فهنالك مساحة خاصة بي هي منطقة الاستقبال الإدراكي، والذي أستطيع أن أحدد من خلالها تسليمي برأي الآخر أو رفضي لفكرته، وهنا فقد استوقفتني آية كريمة أعتقد أنها تشمل كل الحلول لكل أزماتنا الطائفية والمذهبية، بل أنها تستطيع أن تحدد جميع العلاقات البشرية،
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، لو دققنا بالآية لوجدنا أنها تخاطب الناس جميعا دون تحديد درجة إيمانهم ومعتقداتهم وأفكارهم، أي أننا نتحدث عن كل التنوع البشري في كل مكان وزمان، ليس عن الدروز أو الشيعة أو المسيحيين وحدهم، وليس عنا وحدنا بل عن كل تنوع بشري حتى لو كان يحمل ما يحمل من أفكار مخالفة للإيمان، فقد ربطت الآية الكرم الإنساني بالتقوى وربطت التقوى بالتعارف بين هذا التنوع، فأيها علاقة إنسانية أو عمل إنساني فيه حفظ لكرامة الآخر وقع هذا الفعل في نص سياق الآية والتعامل الإسلامي الراقي، والذي من شأنه ضبط التعاملات الإنسانية على أساس حفظ الله وتكريمه لبني آدم، إلا إذا تعارض أحدهم معي وأشار لقوم ما أو شعب ما أنهم ليسوا (ناس) بشرا، كما هو الحال في التفرقة الدينية الحاصلة، لهذا فإن الآية توضح أيضا أن الكرم والتقوى وحده الله المخول بالتصديق عليها والحكم عليها وليس كائن من كان، إن أكرمكم عند الله، للتدقيق، لذا فإن قال الله في آية أخرى مخاطبا كل ذرية بني آدم كلها بتنوعها للتأكيد (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) فكيف باستطاعتنا أن نهين من كرمه الله في مطعمه ومشربه وملبسة وحريته وسلوكه طالما لم يحمل تجاهنا أي اعتداء أو ظلم قصد به إساءة!
طيب انتو كلكم هبيتو هبه واحده بطريقه ساذجه وسخيفه من اجل انتقاد رائد فتحي لماذا لا تلومون الدروز الذين يجيزون قتل المسلمين والعرب ويخدمون بالجيش الاسرائيلي ما هذه النظره السخيفه
من أغرب الغرائب وأعجب العجائب , فلسطيني يخدم في الجيش الاسرائيلي؟! عن اي وطنيه وقوميه تتكلم؟
كيف أتحد مع شخص يخدم في جيش الدوله التي تحتل فلسطين؟
رقم1 و 2 انتو متاكدين انكم قرأته المقال ؟ اشك في ذلك