السويد.. ”جنة اللجوء” في نار الشغب
تاريخ النشر: 26/05/13 | 23:33يخشى السويديون من انتقال أعمال الشغب المستمرة لأكثر من أسبوع من العاصمة ستوكهولم إلى مناطق أخرى في البلاد. وكانت مناطق وسط السويد قد شهدت في اليومين الأخيرين أعمال شغب متفرقة.
ولم تعد الأحداث التي بدأت في حي هسباي بستوكهولم بمقتل مهاجر برتغالي برصاص الشرطة مجرد رد فعل على ما اعتبرته جاليات مهاجرين في الحي على أنه عنصرية من جانب الشرطة، بل أصبحت تعبيرا عن غضب وتململ بين أوساط المهاجرين واللاجئين الذين يواجهون تغييرا في سياسات الرفاه الاجتماعي التي تمتعوا بها من قبل في السويد.
عدم مساواة
حسب منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي فإن السويد تشهد أسرع نمو لعدم المساواة في المجتمع بين الدول المتقدمة في العقد الأخير. وتبرر المنظمة ذلك بخفض مخصصات الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية لسد الفجوة في المالية الحكومية الناجمة عن خفض الضرائب.
يقول الدكتور جمال عبد الجواد، الذي يعمل ويعيش في السويد منذ سنوات طويلة وهو طبيب سويدي من أصل مصري: ””بدأ في الآونة الأخيرة تضييق الخناق على الناس خاصة الأجانب، ولم تعد السويد كما يسمع عنها الناس: ما إن تأتي يتوفر لك كل شئ. فالإعانات الإجتماعية لم تعد سهلة وتزداد الشروط للحصول عليها. وهناك اتجاه لأن لا تصرف الإعانات والضمان ماليا بل عينيا عن طريق كوبونات للسكن والأكل”.
ويفسر البعض الاضطرابات الأخيرة على أساس الوضع الاقتصادي العام للسويد، لكنها تظل من بين أفضل الدول الأوروبية من حيث شبكة الأمان الاجتماعي للسكان.
مع ذلك، وحسب الاحصاءات الرسمية، فإن نسبة البطالة بين سكان حي هسباي بالعاصمة ستوكهولم من الفئة العمرية 25–55 تصل إلى 10 بالمائة، بينما النسبة في ستوكهولم كلها لا تتجاوز 3.5 بالمائة.
وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة، رحل أكثر من ثلث السويديين البالغ عددهم 2500 من حي هسباي، ولم يبق إلا القليل منهم بينما الأغلبية من المهاجرين،وربما هذا ما أدى إلى ما يوصف الآن في الإعلام السويدي بأنه ”عقلية الغيتو”.
سهولة اللجوء
لدى السويد أكثر اجراءات الهجرة واللجوء سهولة بين دول أوروبا كلها، ومنذ العام الماضي فقط استوعبت السويد 11 ألف لاجئ من سوريا. وعلى مدى العقدين الأخيرين استوعبت السويد أكثر من 100 ألف عراقي و40 ألف صومالي.
ومن بين سكان السويد البالغ عددهم 9.5 مليون نسمة هناك أكثر من 1.8 مليون من المهاجرين من الجيل الأول أو الثاني.
لكن موجات الهجرة الأولى لم ينجم عنها مثل ما يحدث الآن في السويد، وكانت السويد وغيرها من دول الشمال الأوروبي تكاد تكون بمنأى عن مشاكل المهاجرين في دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا وإسبانيا.
يقول الدكتور جمال عبد الجواد: ”هناك فارق بين موجة الهجرة الأولى من سوريا في الثمانينيات، ورغم أنهم أغلبيتهم كانوا من الاخوان المسلمين الفارين من مجازر حماة، إلا أن البلد كان مختلفا. لم تكن مظاهر الجالية المسلمة واضحة مثل الآن، وأيضا كان الوضع الاقتصادي جيد جدا. فقنع المهاجرون بالمزايا المالية للجوء واحتفظوا بمظاهر تدينهم لأنفسهم”.
مظاهر إسلامية
وتبدو السويد وكأنها أصبحت ضمن دائرة دول أوروبا التي تعاني من مشكلة مع الجالية المسلمة التي تنمو فيها بسرعة، إثر موجات جديدة من شمال افريقيا ومن دول أخرى شهدت نزاعات مسلحة في العقدين الأخيرين كأفغانستان والعراق.
وإلى جانب تراجع الوضع الاقتصادي منذ الأزمة المالية العالمية في 2208، هناك أيضا تنامي المظاهر الإسلامية وسط موجة من التغطية الإعلامية لما يوصف بأنه ”الإرهاب الإسلامي”.
يقول د. عبد الجواد: ”الآن هناك مظاهر إسلامية واضحة وفي ازدياد، هناك أعداد أكبر من المسلمين، ثم هناك من يتحولون إلى الإسلام من السويديين. وأصبحت تسمع الآذان من مساجد يوم الجمعة، ولم يكن هذا موجودا من قبل. بل إن هناك ما هو أكثر، فترى امرأة صومالية محجبة ضابطة شرطة … ولم يكن هذا موجودا ولا يمكن تخليه فيه قبل سنوات قليلة”.