أسفي على الأقصى
تاريخ النشر: 30/09/15 | 14:04أعزَّ الإسلام بنصره، وأذل الشرك بقهره، وصرف الأمور بأمره, وأدام النعم بشكره, واستدرج الكافرين بمكره، قدر الأيام دولا بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يمانَع، والظاهر على خليقته فلا ينازَع, والأمر بما يشاء فلا يراجَع، والحاكم بما يريد فلا يدافَع.
جاءتني ابنة أخي ذات العشر سنوات تسألني لماذا يقولون في الأخبار أن الأقصى أسير؟ ونحن نذهب إليه لا نرى قيداً على القبة ولا المسجد الثاني؟
قلت لها: ألا ترين الجنود على كل باب يقفون، يدخلون من شاؤوا ويمنعون من شاؤوا ؟
ألا ترين تلك القطعان من المستوطنين يدخلون إليه كل يوم ؟ انتهاكات يومية، والعرب ينظرون إليه من بعيد ربما ينتظرون أن يسقط… وتذكرت قول الشاعر عبد الرحيم محمود:
يا ذا الأمير أمام عينك شاعر ضمت على الشكوى المريرة أضلعه
المسجد الأقصى أجئتَ تزوره أم جئت من قبل الضياع تودّعه
حرم تُباح لكل أوكع آبقٍ ولكل آفاق شريد أربعه
في لحظات وأنا في ساحات المسجد الأقصى شعرت أن ذرات التراب في كل أرجاء الأقصى تنتفض غضبا وتتساءل متى أتحرر ؟ متى تُعانق الفرحة أعمدتي وقبابي وبوائكي ومساجدي وآباري؟
متى تزول تلك الوجوه الكالحة عن أبوابي وساحاتي ؟
في لحظات ، تذكرت النبيّ صلى الله عليه وسلم لما أسريَ به الى هنا وأمّ الأنبياء ، واستلم الراية..
تذكرت في لحظات فتح عمر واستلامه مفتاح المدينة من صفرونيوس..
ونصر يتلوه نصر ..
حتى أضاعت الأمة الراية وصارت في ذيل الأمم ذليلة مهانة ووقع الأقصى أسيراً !!
عادت بي الذكريات لصلاح الدين وجيوشه التي أبت إلا أن تحرر الأقصى من القيد الصليبي وتنصب فيه منبر نور الدين زنكي في رجب شهر الخير ، حيث كانت رحلة الإسراء لبيت المقدس.
عاش الأقصى عزيزاً كريماً حتى ضعُفت الدولة الإسلامية، واقتسمت الدول الكبرى هذه البلاد بينها، وكان وعد بلفور المشؤوم لتكون فلسطين وطنا قوميا لشعب مُهان ذليل لم يحظ بأن يكون له يوماً ما دولة.
شريط الذكريات يمر سريعاً ، لأعود إلى الواقع المرّ الأليم، الأقصى أسير سجين يُنادي متى تكون حريّتي، ينادي ويذرف دمعه، أعينوني لا تتركوني وحيدا، لا تجعلوا ترابي مداساً لهم لا تجعلوهم يستنشقون هوائي
ولكن مَن يستجيب !!
أسفي على الأقصى وقد عبثتْ به أيدي اليهود وقد علاه قتامُ
أسفي على الأقصى ينزف جرحه والمسلمون عن نصرته نيامُ
يا موطن الإسراء خصمك غادر وسبيله التقتيل والإجرام
إن يهدموك فليس ذلك بدعة في دينهم بل إنها الأحلامُ
قم يا صلاح الدين وانظر الأقصى الذي حررته يزهوا به حاخامُ
وما أكثر حاخامات هذا الزمان لا من اليهود فحسب وإنما من بني جلدتنا.
متى ينهض صلاح الدين !!
لما فرغ سليمان بن داوود من بناء المسجد في بيت المقدس سأل الله ثلاثاً: حكماً يصادف حكمه، وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحدٌ لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ” فقال: رسول الله r ” أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطيَ الثالثة “.
كثيراً ما نذهب للأقصى فهل تكون نوايانا الصلاة فيه لتخرج من ذنوبنا ونعود إلى بلادنا أنقياء ؟· هل حاولنا سماع أنينه وكفكفة دموعه ؟
هل استشعرنا هذا المعنى وجاهدتِ للصلاة في الأقصى ولو مرة في الشهر ؟
هل سأل كل منا نفسه ما هو دوري في الحفاظ على أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث المساجد التي يُشدّ إليها الرحال ؟
هل قدّمنا له من وقتنا ؟ من مالنا ؟ من دعائنا ؟
هل لنا شرف الرباط في جنباته في هذه الأيام الحالكة التي يمر بها, وأعداء الله تتربص به لهدمه والسيطرة على كل ذرة فيه !! ؟
أما آن الأوان أن نربي أنفسنا وأبناءنا على حب الأقصى؟
ما أغباهم , وما أحمقَ تلك القرارات التي يتخذونها لصدنا عن أقصانا.
ميمونة مولاة النبي r قالت : يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس: قال ” أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قلت: أرأيت إن لم استطع أن أتحمّل إليه ؟ قال : فتهدي له زيتاً يسرج فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه”
قالها شيخ الأقصى قبلنا :
( إن الرباط في بيت المقدس شرف عظيم لنا رغم السجون والمضايقات والاعتداءات الصهيونية)
كونوا من حراس الأقصى برباطكم ودعائكم فقد شرفكم الله بأنكم من أكناف بيت المقدس وأن لكم شرف زيارته في كل حين
فيا مسرى رسول الله لن يطول القيد سينهض فينا صلاح وسينكسر القيد بإذن الله وسنفرح بالانتصار.
سوسن مصاروة