النادي الثقافي حيفا يُكّرم الكاتب أسامة ملحم
تاريخ النشر: 03/10/15 | 16:24بدعوة من المجلس الملي الارثوذكسي الوطني، نظم نادي حيفا الثقافي لقاء أدبيا للاحتفاء بالكاتب اسامة ملحم من خلال توقيع كتابيه ( جرة ماورد) و ( حبل الرحيق) وذلك يوم الخميس 27 أغسطس 2015،بقاعة كنيسة ماريوحنا المعمدان الارثوذوكسي، حيث حجت ثلة من المثقفين والفنانين والنقاد لحضور هذا المحفل الثقافي، وهي لفتة حصيفة يقتفي فيها نادي حيفا الثقافي تجربة الكتاب لتقديمهم للمتلقي المتعطش لمثل هذه اللقاءات الفكرية والأدبية، حيث تتيح الاطلاع على ما يستشرفه الأدباء والمفكرون والفنانون من حكمة الانصات الى نبض المجتمع وعكس بعض تجليات طموحهم ، في أفق استمرارية الفعل الثقافي والفني، وقد افتتح اللقاء باسم النادي الأستاذ فؤاد نقارة بكلمة رحب فيها بالحضور وأوضح من خلالها رغبة النادي في تقديم المشروع الثقافي لساكنة حيفا، بعد ذلك تناول الكلمة الأستاذ سهيل عطا الله، الذي اشرف على إدارة اللقاء، حيث أشار في مجمل حديثه إلى أن قصائد الأديب الشاعر اسامة ملحم مشبعة بالصور الشعرية المتنوعة في جرار ورده، حيث نلتقي قرانا الفلسطينية المهجرة التي ذهبت جسداً وبقيت روحاً، وأشاد عريف اللقاء برسائل (حبل الرحيق) المكبوتة والتي صورها اسامة بأنها مكبوتة كنكبتنا وهي على حد تعبيره: ” أن نملك ما نقول ولا نقدر ان نقوله!”.
بعد هذا قدم الكاتب عطا الله الكوكبة المبدعة التي شاركت في قراءة متنوعة لـ ( جرة ما ورد) و( حبل الرحيق)، وهي على التوالي الأديب فتحي فوراني-رئيس اتحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيين- و الأستاذ اياد الحاج، والفنان والناقد الجمالي سعيد العفاسي، ومن جهته أكد رئيس اتحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيين، على جمالية اللغة عند الكاتب اسامة وزجلياته المعمدة بعبق الأرض والوطن. أما اياد الحاج ابن صف وجار المحتفى به وهو العاشق للضاد والوطن فقد أتحفنا في مداخلته عن شعر ونثر شاعرنا، قارئاً بين السطور ما يكشف للملتقي ما تحمل ابداعات اسامة من جمال وصدق كلام ،وقد اعتبر أن أسامة ملحم أحد رواد قصيدة النثر في البلاد، وهو يكتب قصيدة النثر، منذ بداياته الأولى في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي، على السليقة، كما أكد أن كتابه ( حبل الرحيق) وإن جاء على شكل رسائل متخيّلة، إلا أن الأجناس الأدبية تتداخل فيه، وروح الشعر تطغى عليه، فتظهر النصوص بعناصر مختلطة من الأجناس الأدبية، لكنها نصوص شعرية تمثل قصيدة النثر بأبهى صورها الحداثية، في شعرنا الفلسطيني خاصة والعربي عامة.
أما ثالث المتحدثين فكان الفنان الناقد الجمالي سعيد العفاسي من المغرب، حيث أتحف الحضور بتحليلات رائعة وموضوعية لكتاب ( حبل الرحيق) معتبرا أن الكتابة عند اسامة ملحم، تأتي مثل لذة – رولان بارت- إنها حضور من غير ما سؤال، وجود يعم كل شيء دون أن يتموضع في شيء، وليس ثمة للذة أقتل من سؤال يستفسر عن موضوعها، اللذة ليست موضوعا، إنها هي، وإنها لتتكشف دائما من غير سؤال وسعادة القارئ كالنور، تأتي بقدر زناد الروح، فلا يدركها إلا من تحرر من نفسه جسدا ودخل في نفسه نصا، وقد اعتبر سعيد العفاسي مداخلته مجرد قراءة لقارئ يسجل فيما ينقل مخاضه الخاص، وعن هذا الموضوع يقول : إنني أضع من ذاتي فيما أقرأ أكثر مما أقدم دراسة، وهذا القول صراحا، ولكن اللذة قادتني إلى ما سمعتم وجعلت مني قارئا أكثر من مترجم كاذب، أليست الترجمة خيانة للنص كما يقال.
قراءتي ل ( حبل الرحيق) مجرد قارئ لا مقدم درس، حيث أردت لها أن تكون قراءة صادقة، أي أن تكون مطابقة للأصل، متسائلا بحرقة الكاتب عن أي نص ؟؟ ولعلي لا أكذب الظن إذا قلت : إن أسامة ملحم نفسه لا يملك الأصل ، إنما هو ناسخ سجل ما وعاه ليبلغه ، ورب مبلغ – بفتح اللام – أوعى من مبلغ – بكسر اللام- فالأصل هو الغيبة، والنص الذي قرأته لكم هو صورة الغياب كما نسخها أسامة ملحم، وما دام أن الأصل هو صورة الغياب، فإن النص الذي بين أيدينا لا يحمل ضمانة تمامه ولا وثوقية كما له، فثمة شيء عنه على الدوام غائب، ولذا فهو ينفي نفسه من الأنا في النص ليكون معنى مختلفا، فتغيب الذات القائلة هنا، لم يكن بمحض الصدفة وإنما كان لغاية إعطاء النص وزنا أكثر مصداقية
وجراءة في التعبير، أليست دراسة النص، هي أيضا قراءة في النص من الجهة البرانية والجوانية؟؟؟ غير أن المعنى ، وقد سجل هنا، لم يتأسس على أصل، ولا على منسوخ، بل إنه يمضي كذلك في غيبة مضاعفة: إنه معنى قراءة منتجة للنص ، ومعنى نسخ جديد لمعنى قراءة جديدة، إن قراءة النص يولد بها من جديد، وينبعث من رماده الفينيقي، لكي يتشكل على صورة صوتية، وصرفية، وتركيبية، ودلالية جديدة، وتأويل جديد، وانزياح عن النص الاصلي في اتجاه النص المقروء، وبهذا يتحول النص من عن جسده اللغوي، إلى جسد لغوي أخر، وهذا التحول هو محاولة لإعادة الماضي في ذاكرة (حبل الرحيق )، وإنها لعملية مستحيلة، لولا أن الممكن اللغوي هو الذي يحقق لنا هذا المنجز الأدبي، بعدما كان نسيا في دولاب أو في غياهب ذاكرة أثقلها هم التبكيت والتخزين، وقد أكد من جهته أن الكاتب اسامة ملحم جعل من الرسائل الغيبية، المضمرة، المستكين لغياب مقصود، مجبول بمكر الكتابة الواعية، الهادفة إلى جعل المتلقي / القارئ دائم البحث عن مسار الرسائل، وتخيل أمكنتها وأفضيتها، التي يمكن أن تنبري منها، أو أن يتحقق خارج الوجود المطلق، حتى أن الرسائل اصبحت إشارة لغوية، أكثر منها حضورا منطوقا، أو مكتوبا، أو ضمنيا، ليهبها حرية الحضور، ولكن اسامة ملحم يشترط عيلها شرط التغير المستمر، والانحراف ، بل والقدرة على التجاوز.
وبعد الاستماع إلى كافة المتدخلين، أعطى عريف اللقاء الكلمة للأديب الشاعر اسامة ملحم حيث قرأ بعضا من انجازاته الشعرية، مؤكدا على ضرورة استمرارية مثل هذه اللقاءات الفكرية والأدبية والتي تتيح للكاتب/ الفنان التعرف على الجمهور، لبذل المزيد من العطاء في سبيل نشر ثقافة القراءة ومتعة الكتاب.