خفايا الحسد…والحاسد
تاريخ النشر: 13/06/13 | 16:19مهما حاولت الطبيعة البشرية معرفة العلاقة بين الروح والجسد ولكنها عجزت فهي علاقة غامضة لا يمكن لأحد أن يعرف فحواها؛ فالروح بمثابة الطاقة الخفية التي تدبّ في الجسم فتبعث فيه حياة ونشاطا، وبانفصال هذه الروح عن الجسد يصبح بلا قيمة تُذكر.
ولأن هذه العلاقة بين الروح والجسد هي علاقة خفية لم يتم الوقوف على ماهيتها أو تفاصيلها؛ فإن من العقل ألا ننكر أشكال التواصل والتأثير بين ما هو روحي وما هو مادي؛ وخاصة ما يتعلق بالعوالم غير المرئية والتأثيرات الخفية أو الروحية كالمسّ والسحر والحسد والتنويم المغناطيسي وسيطرة بعض الأشخاص على بعض.
لكن يجب مع ذلك أن نقف على حد فاصل بين الاستغراق في الخرافة؛ لأننا لا ندري شيئا عن هذا العالم الخفي فنصدق ما هو خيالي، وندخل في دوامة اختلاق الخزعبلات حول ما لا ندركه، وبين الاستغراق في المادية والتجريب بحيث ننكر كل ما هو روحي وننكر أثره على المادة. ونحن في هذه السطور سنحاول استنباط العلاقة بين الجانب الروحي والمادي فيما يتعلق بالحسد والنظرة التي تحمل عبر أثيرها غير المرئي الكثير من الرسائل الإيجابية والسلبية، أو حتى ما يشبه فيروسات نفسية تُضرّ بالمحسود. يقول النبي الكريم: "العين حق"، ويقول: "العين أدخلت الجمل القدر والرجل القبر".
كما أنه ليس له علاقة بما هو خاضع لعوامل عملية خالصة؛ فالنجاح في العمل مرتبط بإتقان العمل والحفاظ على المكتسبات التي يُحصّلها الفرد منه، والحفاظ على المواعيد، والطموح، وغير ذلك. أما طبيعة الحسد فهو عبارة عن طاقة؛ هذه الطاقة يتحكم الإنسان في جزء كبير منها؛ كما نتحكم نحن بشكل أو بآخر في مجال الطاقة الذي يحوطنا؛ لأننا عبارة عن جسم له كتلة، وهذه الكتلة يستلزم أن يحوطها مجال من الطاقة.. ويمكن أن نقرّب ذلك بالتشبيه بالمجال الكهربائي أو المجال المغناطيسي؛ فالشحنة على سبيل المثال في المجالات الكهربائية تعمل مع الشحنات الأخرى من خلال التنافر أو التجاذب على حسب الشحنة المحيطة أو الموجودة في مجالها. وللتوضيح أكثر فالإنسان كلما زادت شفافيته زاد شعوره بمجال طاقته، وأمكنه التحكم فيها أكثر؛ فالمرأة الحامل على سبيل المثال يكون إحساسها بمجال طاقتها أشد من غيرها؛ ولذلك فإننا نجدها ترفض في كثير من الأحيان أن يجلس أحد بجانبها أو في مكان قريب منها؛ وتفسير هذا ببساطة أنها تشعر بمجال طاقتها بشدة، وتشعر باختراقه من قِبَل أي شخص آخر.
وعليه فالطاقة الموجّهة التي تخرج من العين عند الرؤية تقوم بالاختراق أو الاصطدام أو التماس مع مجال الطاقة للآخرين؛ فإذا ما تعمّد الإنسان حسد إنسان آخر، تخرج طاقة ما تصيب هذا المحسود بشيء سلبي يتعارض مع الطاقة الأصلية للمحسود؛ فيترك ذلك أثرا سلبيا إما على المستوى النفسي؛ فيتعكر المزاج ويفقد المرء رغبته في إتمام ما يفعل، ويسعى بنفسه للخمول والكسل ونحو ذلك، أو على المستوى الجسدي فيصاب المرء ببعض الضرر العضوي نتيجة ذلك.. ولهذا شواهد علمية كثيرة؛ أبلغها ما يحدث في حالات الحب من أول نظرة، أو لحظات التآلف التي يشعر بها الناس في اللقاءات العامة، وتتولد على إثرها الصداقات وعلاقات الحب ونحوها.
وحقيقة ذلك أن مَن أمامي عندما يشعر بما يجذبه نحوي يطلق طاقة إيجابية تكون عبارة عن رسالة -غير مرئية بالطبع- يتلقاها مجال الطاقة بالنسبة لي؛ ولذلك أشعر بما في نفسه؛ فأردّ برسالة تحوي الرفض أو القبول.. ومن شواهد ذلك أيضا أنك لو وقفت في مكان عام وكان أحدهم ينظر لك؛ لشعرت -بشكل غريب- أن هناك من ينظر لك؛ بل ربما تلتفت نحو الناظر مباشرة من بين الحاضرين؛ وهذا يختلف باختلاف قوة شعور كل إنسان بمجال الطاقة الذي يحيط به. هذه ببساطة طريقة عمل الحسد وتأثيره؛ ولذلك فإن من السخف أن ننكر تأثير الحسد لأننا لا يمكننا قياس ضرره ماديا؛ فإن هذا التأثير كالكهرباء لا يمكن لمسها ماديا لكننا نشعر بها وبتأثيرها، ومن السخف كذلك أن نتهم الحسد بأشياء تخرج عن نطاق تأثيره كقطع الرزق والتسبب في الطلاق ونحو ذلك مما تحدثنا عنه في البداية. ولذلك فقد جاء في السنة الكريمة علاج نبوي هو مزيج بين ما هو روحي وما هو جسدي.