أسرى مرضى بأمراض عضال يمكثون أكثر من 12 ساعة في ظروف وحشيّة في طريقهم للعلاج الطبّي أو المحكمة
تاريخ النشر: 12/06/13 | 3:20لا زال الأسرى في السجون الإسرائيليّة يعانون من ظروف النقل والانتظار المزرية وما تحمله من ألمٍ ومعاناة وخطورة على صحّتهم، وذلك رغم التزام مصلحة السجون الإسرائيليّة أمام المحكمة العليا في العامين 2008 و 2010 بتحسين ظروف نقل الأسرى الفلسطينيين من السجون إلى المستشفيات والمحاكم.
في 5 حزيران، توجّه كل من عدالة، أطباء لحقوق الإنسان والعيادة القانونيّة لحقوق وتأهيل الأسرى في جامعة حيفا، إلى مدير مصلحة السجون، آهرون فرانكو، مطالبين بالعمل فورًا على تقصير وقت نقل وانتظار الأسرى، وتنجيد المقاعد الحديديّة في البوسطة (سيارات نقل الأسرى) ونقاط الانتظار، كما طالبوا بالتزويد الثابت لوجبات الطعام والماء خلال السفر، وإعطاء الأسرى المجال لقضاء حاجاتهم. وقد شددت المنظمات في توجهها على الحاجة الماسة بتخصيص سيارات خاصّة لنقل الأسرى بشكل فردي ومباشر من وإلى المستشفيات، في حالات الأمراض المستعصية التي لا يمكن خلالها تحمّل الآلام المترتبة عن السفر في البوسطة.
وتأتي رسالة المنظّمات الحقوقيّة التي كتبتها المحاميّة ريما أيوب من مركز عدالة بعد أن جمعت المنظّمات شهادات من الأسرى تكشف بوضوح أن مدّة السفر من لحظة خروج الأسير من زنزانته وحتى لحظة وصول الهدف المحدد، تستغرق أضعاف أضعاف ما يستغرقه هذا السفر في حالةٍ طبيعية بين الموقعين. كما تؤكد الشهادات أن كل هذه الساعات الطويلة يقضيها الأسير مكبلًا بقدميه ويديه على مقاعد حديديّة صلبة تتحول باردةً جدًا في الشتاء وحارةً جدًا في الصيف، كما تمنعهم مصلحة السجون من استخدام أي وسائل أو أغطية أو وسائل أخرى تسهّل مكوثهم في البوسطة.
هذا وقد اشتكى الأسرى أيضًا من انعدام تزويد الماء والطعام بأوقات ثابتة على امتداد الساعات الطويلة التي يقضونها في البوسطة وفي غرف الانتظار. وحتّى حين يعرض رجال مصلحة السجون الماء على الأسرى، فإن جزء كبير منهم يمتنع عن الشرب خوفًا من ألا تتاح له الإمكانيّة للتبوّل خلال السفر الطويل. في ظل هذه الظروف القاسية في البوسطة ونقاط الانتظار، يتنازل الكثير من الأسرى عن السفر لإجراء فحوصات طبيّة فتعتبرهم مصلحة السجون رافضين لتلقّي العلاج.
معاناة التنقل في البوسطة وأوقات الانتظار المنهكة لا ترحم حتى الأسرى المرضى بأمراض عضال. واحدة من الشهادات هي شهادة أسير يبلغ من العمر 31 عامًا، يعاني من مرض سرطان الأمعاء ويتلقى علاجًا كيماويًا يترتب عنه آلام فظيعة، كما يتناول أنواع كثيرة من الأدوية. ويشتكي الأسير من نقله في البوسطة من سجن هداريم إلى المركز الطبي التابع لمصلحة السجون في الرملة، في رحلة تستغرق ساعات طويلة، وبعد تلقّي العلاج ينتظر في غرفة انتظار لمدة 4 ساعات دون سرير أو فراش أو إمكانيّة لدخول المراحيض، قبل أن تبدأ رحلة المعاناة مرةً أخرى عودةً إلى السجن.
أحد الأسرى الذين أدلوا بإفاداتهم يبلغ من العمر 37 عامًا، يعاني من البواسير معاناة شديدة ويضطر للتنازل عن إجراء فحوصات ضروريّة، بسبب العذاب الذي يعاني منه خلال السفر. فعلى سبيل المثال، في يوم 24.2.2013، تم نقله إلى الفحص الطبي من سجن هداريم إلى مشفى مصلحة السجون في الرملة. بدأت الرحلة الساحة الثالثة فجرًا، وعاد إلى السجن بعد منتصف الليل، رغم أن الزمن الذي يستغرقه السفر الطبيعي بين الموقعين هو نصف ساعة لكل اتجاه، أما مدة الفحص الطبي فهي لا تتعدى ساعة واحدة. خلال كل هذا الوقت، يتم حجز الأسير في بوسطة وفي غرف انتظار ضيّقة فيها مقاعد حديديّة غير منجّدة تسببت له بأوجاع فظيعة ومريعة غير محتملة.
أسير آخر يبلغ من العمر 52 عامًا، معتقل إداري في سجن هداريم يعاني من مرض الديسك في الظهر، أوجاع حادة في الرأس، مرض السكري، ضغط الدم، ومشاكل في الرؤية، وقد أفاد أنه خرج في يوم 14.4.2013 من سجن هداريم إلى جلسة البت في تمديد اعتقاله الإداري في سجن عوفر. بدأت رحلته الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، ووصل إلى المحكمة عند الثامنة صباحًا. في طريق العودة من المحكمة أيضًا، مر الأسير مرةً أخرى في محطة انتظار حيث بقي لساعات طويلة في هذه الغرف الضيقة دون سرير أو فراش.
هذا وقد شددت المحاميّة ريما أيوب من مركز عدالة في التوجّه إلى مدير مصلحة السجون بأن ظروف نقل الأسرى في البوسطة تمس بحقهم الدستوري بالكرامة والحريّة وللحد الأدنى من ظروف الحياة في السجن وكذلك حقهم بالعلاج الطبي. وأضافت المحاميّة أيّوب أن عدم احترام حقوق الأسير يشكّل ممارسة وحشيّة، غير إنسانيّة ومهينة، وهي محظورة بحسب المواثيق والاتفاقيات الدولية.
يٌذكر أنه في العام 2008 تقدّمت المنظمات الثلاث للمحكمة العليا مطالبةً بتحسين ظروف النقل والانتظار وقف معاناة الأسرى، إهانتهم والمس الخطير بصحّتهم، ردًا على التماس المحكمة هذا، التزمت مصلحة السجون أن تحسّن ظروف النقل بشكلٍ جدّي، ما أدى في حينه إلى شطب الإلتماس.