بقعة ضوء على الرقابة العسكرية في المناطق المحتلة ..!
تاريخ النشر: 11/06/13 | 12:22بعد نكسة العام 1967 واحتلال الضفة والقطاع ولدت ونبتت من رحم المعاناة والألم حركة أدبية وثقافية فلسطينية وطنية جديدة ملتزمة بالهم الفسطيني . وقد اختمرت ونضجت واكتملت عبر فكر نضالي تقدمي واعٍ ، استطاع الصمود والمقاومة من خلال ظاهرة ادبية أبرزها الشعر.
ولمواجهة التلاقح والتلاحم والتكامل والتواصل بين اجزاء البرتقالة والثقافة الفلسطينية الواحدة داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية وقطاع غزة ، منعت سلطات الاحتلال العسكرية الصحافة الشيوعية الثورية التقدمية (الاتحاد ، الجديد، الغد) من الدخول الى المناطق المحتلة ، وفرضت الاقامات الجبرية على الشخصيات الثقافية والفكرية والادبية في الجليل والمثلث ، بهدف القضاء على حركة الوعي الثقافي الجديد وهي في بدايات تشكلها وتبلورها .
لكن رغم ذلك، فقد تسربت هذه الصحف والمجلات مثل المناشير الثورية السرية للمناطق المحتلة ، وراحت الجماهير الفلسطينية تتناقل قصائد شعراء المقاومة الفلسطينية المنشورة في هذه الصحف والمجلات ، وحفظتها عن ظهر قلب . ولا نزال نذكر قصيدة شاعرالشعب والوطن الراحل توفيق زياد "كاننا عشرون مستحيل" التي وزعت كالمنشور السياسي بخط اليد في الأيام الأولى من الاحتلال البغيض .
وفي منتصف السبعينات بدأت بالصدور الصحف والمجلات الادبية والثقافية والفكرية الفلسطينية (البيادر، الفجر ، الشعب ، الطليعة، الشراع، الكاتب، الفجر الادبي، الشروق ) ، التي احتضنت حركة النشر الادبي وساهمت في تنشيط الحركة الادبية الفلسطينية ورصد الفعاليات الثقافية ، والدفع بالناشئة الى مستويات الابداع الحقيقي الملتزم والملتحم بحركة الجماهير وصيرورتها .
وفي المقابل بدات تلوح في الأفق مؤثرات الرقابة العسكرية الاحتلالية على هذه الحركة ، مما دفع بالبعض من الكتاب اللجوء للصمت ، وفي فلبهم حزن وغصة ومرارة جرّاء عمليات الخنق والتضييق والبطش والارهاب الاحتلالي.
وهناك العديد من المبدعين رفضوا الصمت مهما كانت أسبابه ومسبباته ، وتعمقت لديهم القناعة بضرورة اختراق حاجز الرقابة بخلق وتأسيس الكتابة الجدية ، والاصرار على الابداع والنشر رغم مقص الرقيب . واستطاعت الكلمة الوطنية الثورية الواعية ان تشق دربها بين صفوف الجماهير ، مستلهمة مضمونها التقدمي وانحيازها الطبقي، في النضال ضد الاحتلال وممارساته التنكيلية التعسفية .
ونتيجة للدور الهام الذي اضطلعت وتضطلع به الحركة الثقافية الفلسطينية في الوطن المحتل ، قامت سلطات الاحتلال واجهزتها بفرض حصار فعلي حول الحركة الأدبية وصحافتها واعلامها ، وذلك بتوجيه سهامها نحو نشيطيها من الكتاب والادباء والمثقفين والفنانين والصحفيين الفلسطينيين واحتجازهم لساعات طويلة واعتقالهم والزج بهم خلف قضبان الزنزانة ، وكذلك احتجاز بطاقاتهم الشخصية ، ومداهمة المكتبات ومصادرة الكتب الوطنية والسياسية والفكرية ومنع الكتب الصادرة من الانتشار خارج المنطقة عبر الجسور ، ومنع المحاضرات والندوات والمهرجانات الادبية ومعارض الكتب والفن التشكيلي . وكل ذلك بهدف ضرب الحركة الثقافية الجديدة الناهضة الصاعدة ، التي تزايد دورها النضالي وشكلت ركيزة أساسية من ركائز النضال الفلسطيني التحرري .
وقد دفعت هذه الاجراءات الرقابية والممارسات الاحتلالية القمعية الى مزيد من المواجهة والتحدي وفرض الذات الادبية الواعية ، وتنامي حركة ثقافية تعزز الهوية والانتماء والارتباط بالأرض والوطن والانسان ، رغم سياسة القهر والبطش وغياب الحرية .