مؤتمر”فلسطين والإتحاد الأوروبي”بالجامعة الأمريكية جنين
تاريخ النشر: 20/10/15 | 18:22افتتحت الجامعة العربية الأمريكية ومؤسسة هانز زايدل الألمانية مؤتمراً تحت عنوان “فلسطين والإتحاد الأوروبي: شراكة من أجل السلام والتنمية”، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمختصين، وبهدف بحث مجمل العلاقات الأوروبية الفلسطينية في الجوانب السياسية والاقتصادية والأكاديمية، ورصد التحولات الهامة التي شهدتها المواقف الأوروبية المختلفة من القضية الفلسطينية، وتحليلها بشكل شفاف ومحايد مما يساعد في فهم المواقف السياسية للإتحاد الأوروبي، بعيدا عن القوالب الذهنية النمطية، للخروج بتوصيات واقعية قابلة للتحقيق تكون رسالة واضحة لصناع القرار، ومفيدة للباحثين.
وأقيم المؤتمر، بحضور رئيس مجلس أمناء الجامعة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الدكتور محمد اشتية، ورئيس الجامعة الأستاذ الدكتور علي زيدان أبو زهري، والممثل الإقليمي لمؤسسة هانز زايدل الألمانية ريشارد اسبك، ونائب رئيس المفوضية الاوروبية في فلسطين ديفيد جير، ومساعد وزير الخارجية الفلسطيني للشؤون الأوروبية السفيرة الدكتورة أمل جادو، ومدير مؤسسة هانز زايدل في فلسطين الدكتور بسام الديسي، ونخبة من الاكاديميين والسياسيين والباحثين الفلسطينيين، وممثلي المؤسسات الرسمية والشعبية، والأجهزة الأمنية، ومجموعة من رجال الدين، وعدد من الشخصيات الاعتبارية، ونواب رئيس الجامعة، ومساعده للشؤون الإدارية والمالية، وعمداء الكليات، وأساتذة الجامعة وموظفيها وطلبتها.
وافتتحت فعاليات المؤتمر الذي أدار عرافته أستاذ العلوم السياسية في الجامعة عميد كلية الآداب الأستاذ الدكتور أيمن يوسف، بقراءة آيات من القرآن الكريم، وعزف السلام الوطني، والوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء.
وفي كلمته قال رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور علي زيدان أبو زهري: “ان مؤتمر “فلسطين والاتحاد الأوروبي: شراكة من اجل السلام التنمية ” الذي تعقده الجامعة بالشراكة مع مؤسسة هانز زايدل الألمانية يأتي في سياق الحراك الفكري والوطني والسياسي الذي نقوم به تجاه القضايا الوطنية، وفي وقت تشهد فيه الساحة الفلسطينية حراكات ميدانية وسياسية، وما تمر به المنطقة العربية من موجات التغيير المدمر تحت سقف ما يسمى بالربيع العربي، حيث الاقتتال الداخلي، والتدخلات الخارجية، وتدمير البنى التحتية في بعض الدول العربية”.
وأضاف، لا احد ينكر أن أوروبا اليوم كمنظومة قارية وجيوسياسية وكاتحاد أوروبي تلعب دوراً مهماً على صعيد دعم الفلسطينيين والجهد الفلسطيني في التحرر والتنمية وبناء الدولة والمؤسسات السيادية القادرة على تثبيت الحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، لذا تم اختيار محاور المؤتمر الثلاثة (السياسي، والاقتصادي/ التنموي، والثقافي/ الأكاديمي) من اجل رصد التحولات الهامة التي شهدتها المواقف الأوروبية المختلفة من القضية الفلسطينية، وتحليلها بشكل شفاف ومحايد مما يساعد في فهم المواقف السياسية ليس فقط للاتحاد الأوروبي كمنظمة كونفدرالية عالمية تمتد على مساحة كبيرة، وتمتلك الكثير من مقومات القوة والنجاح في مختلف المجالات، وإنما أيضا الوصول إلى الاعتبارات الداخلية والخارجية التي تؤثر في سياسات الدول الأوروبية بشكل فردي فيما يتعلق بموقفها تجاه فلسطين والقضية والفلسطينية.
واكد الأستاذ الدكتور أبو زهري على ضرورة ترجمة المواقف الأوروبية المتقدمة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بمستوياتها الرسمية والشعبية على شكل سياسات وإجراءات تنفيذية لدعم الحق الفلسطيني وإدانة الاحتلال ومحاصرته ومعاقبته، واشار أن الرؤية الفلسطينية الحالية للتعاطي مع الاحتلال والتعامل مع مخرجاته السلبية على الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية يجب أن يأخذ شكل الإستراتيجية الشاملة بحيث تكون أوروبا بحكوماتها وشعوبها ودولها ورأيها العام ومنظماتها الإنسانية والحقوقية جزءاً هاماُ من إستراتيجيتنا لمحاصرة الاحتلال في المحافل الدولية.
وتحدث عن رسالة الجامعة العربية الأمريكية في التواصل المجتمعي والفكري والبحثي مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية، المحلية منها والدولية، والأخذ بعين الاعتبار احتياجات المجتمع الفلسطيني السياسية والاقتصادية والتنموية، بما فيها القضية الفلسطينية والحالة الوطنية، مشيرا الى ان الجامعات ومراكز الفكر والبحث العلمي يحب أن تكون في مقدمة الجهود المبذولة لتأطير الظواهر السياسية والاقتصادية، وقادرة على وضع الرؤى والاستراتيجيات والآليات، وإيجاد الحلول ضمن حسابات الواقع والممكن، وضمن فهم معادلة القوة والمصالح وتوازنات القوى، في ظل قيم العدل والحرية ومناصرة المظلوم.
وختم الأستاذ الدكتور أبو زهري حديثة قائلا: “ان علاقة الجامعة كمؤسسة أكاديمية وفكرية وبحثية، مع مؤسسة هانز زايدل الألمانية يجب أن تأخذ شكل الشراكة في مختلف المجالات التنموية والمجتمعية، وأن يفضي هذا المؤتمر إلى توصيات ومقترحات محددة وآليات عمل قابلة للتنفيذ والتحقيق على ارض الواقع”.
وقال الممثل الإقليمي لمؤسسة هانس زايدل الألمانية ريشارد اسبك في كلمته في المؤتمر: “عندما نتحدث عن دعم الاتحاد الأوروبي في المجالات الاقتصادية والسياسية والأكاديمية نحن نتكلم عن جهد متبادل من 28 دولة عضو، حيث لا يزال صنع القرار بشكل مستقل في بروكسل، على الرغم من أن حصة ألمانيا حوالي 20 بالمائة، وان الاجراءات الادارية للاتحاد الأوروبي تناقش بحماس وتطول أحيانا، وانا أعتبر هذه الاجراءات هي نوع من أنواع المساواة حيث تحتاج مؤسسة هانز زايدل وشركاؤها الفلسطينيون لتقديم طلب لتمويل المشاريع كغيرهم من المتقدمين في مناخ من المنافسة، ولكن على الثماني وعشرين دولة أن تقوم بفحص دقيق حتى تتأكد من أن المشاريع الأفضل فقط هي من ستتلقى الدعم الأوروبي”.
وأضاف، إن التوافق السياسي يهيمن على السياسة الأوروبية، وإن التوصل إلى توافق في الآراء هو مبدأ ملزم لصياغة السياسات ويتطلب الوقت والصبر، حيث أن المنهج المتبع في أوروبا هو “خطوتين إلى الأمام، وخطوة إلى الوراء” واثبت انه يؤدي بالفعل لنتائج ناجحة، ومن الممكن أن تنظروا للموضوع بشكل مختلف، ولكن أرجو أن تضعوا بعين الإعتبار نظريا، السؤال التالي: ماذا لو غاب التوافق السياسي ما الذي سيحصل؟ بعد ان أصبح التوافق السياسي في بعض المجتمعات عملة نادرة، ناهيكم عن عواقب الفتن الداخلية في تلك البلدان”.
وتحدث اسبك عن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه فلسطين قائلا: “كيف سيؤثر احتياجنا لمنهج توافقي على سياساتنا؟ هنالك بالفعل تطورات مهمة لصالح فلسطين، ولا أريد أن أخفي حقيقة أن هناك الكثير من الخلافات داخل أوروبا، سيقوم متحدثون اخرون في هذا الاجتماع بتوضيح أكبر لدور الاتحاد الأوروبي وكيفية تفاعله مع وجود الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية، وكمثال على ذلك، تصنيف الاتحاد الاوروبي لمنتجات المستوطنات اليهودية ضمن تشريعاته، ومن برامج الدعم الأخرى، برنامج هورايزون الأكاديمي 2020، الذي يستثني الجامعات الإسرائيلية المقامة على الأراضي المحتلة مما يعد مناهضا لسياسات المستوطنات الاسرائيلية.
وأضاف، أن الإتحاد الأوروبي لا يزال منقسما فيما يتعلق بالجوانب الثنائية الأخرى بما فيها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحكومتنا الالمانية برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل، تدعم اقامة الدولة الفلسطينية ضمن إطار حل اقامة الدولتين، ونرى بأن اقامة الدولة الفلسطينية هي نتيجة لعملية المفاوضات، وليست شعارات مجردة أثيرت بموجب اعلان أحادي الجانب من قبل جهة خارجية.
وتناول نائب رئيس المفوضية الأوروبية في فلسطين ديفيد جير الدعم السياسي الأوروبي لفلسطين والمتمثل في خيار حل الدولتين، عبر مفاوضات جدية بين الطرفين تنهي الاحتلال، واكد ان القانون الدولي يمثل مرجعا للمفوضية لدعم توجه الحل، وتحدث عن الإجراءات التي اتخذت، كتمييز بضاعة المستوطنات عن باقي المنتجات الإسرائيلية من خلال دمغة خاصة، ودعم الوضع الإنساني الاقتصادي في قطاع غزة، ودعم عملية السلام لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
واستعرض أوجه التعاون بين فلسطين والاتحاد الأوروبي من خلال بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، ودعم ومساندة المجتمع المدني الفلسطيني، وتقديم المساعدات للقدس الشرقية، والخدمات العامة، وتقديم الدعم المادي المتواصل للاجئين الفلسطينيين.
وقال رئيس مجلس أمناء الجامعة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الدكتور محمد اشتية: “ان هذا المؤتمر مميز لأنه يضع الاتحاد الاوروبي وفلسطين في السياق الصحيح، وجاء في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية هبة جماهيرية في وجه الاحتلال، وحراك سياسي يتضمن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، واجتماع وزير الخارجية الامريكية جون كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن”.
وتحدث عن تاريخ العلاقة بين فلسطين وأوروبا على مر العصور، واكد ان المصالح المشتركة تحكم هذه العلاقة، وان الاتفاقيات الموقعة بين فلسطين وأوروبا قد وضعت أسس التعاون ولكن فلسطين لا تستطيع ان توفي بنود هذه الاتفاقيات حقها بسبب العراقيل الإسرائيلية وهذا يعتبر تحدي امام أوروبا.
وأضاف، إن الشارع الأوروبي والشعوب الأوروبية تدعم وتؤيد الحق الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة بحدود عام 1967 وعودة اللاجئين لكن الحكومات الأوروبية متفاوتة ومتباينة في دعمها وتبنيها للمواقف الفلسطينية التي كفلها القانون الدولي بسبب الضغوط الإسرائيلية والأمريكية من جهة والمصالح مع دولة الاحتلال من جهة أخرى، وخير مثال على ذلك الحكومة الألمانية ومواقفها التي ما زالت منحازة لإسرائيل بسبب محرقة الهولوكوست.
وقال الدكتور اشتية: “ان المطلوب من أوروبا ان تكون منسجمة مع القضايا المتعلقة بالحرية وحقوق الانسان، وان تمارس ضغطا كبيرا على إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية لحل فوري وعاجل للقضية الفلسطينية، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم، وإقامة دولتهم المستقلة، وعدم الاكتفاء بموقف المراقب لما يحدث في عملية السلام بمسارها السياسي، ومواصلة الدعم الاقتصادي فقط.
ورحب بمشروع القرار الفرنسي الذي قُدم إلى مجلس الأمن لإرسال بعثة مراقبين دوليين إلى القدس، مشيرا إلى أن الحماية الدولية مطلبا فلسطينيا دائما من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لوضع حد لجرائم الاحتلال، وطالب بدعم أوروبي لمشروع قرار لحماية الشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة استكمالا للجهد الفرنسي نحو حل سياسي، وبدعم المطلب الفلسطيني بعقد مؤتمر دولي لتحقيق السلام بالشرق الأوسط تكون القضية الفلسطينية على رأس أولوياته، وقال: “أوروبا تؤمن بحل الدولتين لذا عليها أن تقوم بواجبها تجاهه، بأن تلعب دورا فاعلا في المسار السياسي، فنحن نريد وجودا أوروبا على طاولة المفاوضات، وإسرائيل ترفضه”.
ودعا الدكتور اشتية الحكومات الأوروبية ان كانت جادة في ان تحذو حذو مملكة السويد التي اتخذت قراراً تاريخياً شجاعاً تجاه الشعب الفلسطيني من خلال الاعتراف الثنائي بالدولة الفلسطينية، ورفع التمثيل الدبلوماسي الى أعلى المستويات التي تليق بالدول.
وقدم شكره للاتحاد الأوروبي، قائلا: “التاريخ يسجل ان مساعدات الاتحاد الأوروبي للشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية لم تكن يوما من الأيام مرتبطة بالمواقف الفلسطينية السياسية، وذكر مثالا “انه عندما توجه الرئيس أبو مازن للأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين تلقى العديد من التهديدات من الإدارة الامريكية بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني ان هو اقدم على هذه الخطوة، اما موقف الاتحاد الأوروبي فقد كان واضحا من خلال مسؤولة المفوضية الأوروبية اشتون التي اكدت للرئيس أبو مازن ان الدعم المالي لفلسطين لن يتأثر ابدا بالتوجهات الفلسطينية”.
وأضاف الدكتور اشتية، ان القيادة الفلسطينية قد اتخذت قراراً ان أي حل مستقبلي سيكون بناء على القانون الدولي فقط، ولن يترك لمفاوضات بين الجانبين دون أسس ان تحدد وجه الحل النهائي بعد ان اثبتت عبثيتها وعقمها، وقال: “لن نلتزم بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل كونها لم تلتزم هي بتنفيذ أي منها، واليوم هناك اجتماعات مكثفة للقيادة الفلسطينية لإعادة صياغة العلاقة مع إسرائيل سياسيا واقتصاديا وأمنيا”.
وقال أيضا، “الهبة الشعبية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية هي معركة جديدة ابطالها الشباب، قامت ردا على اعتداءات وجرائم المستوطنين، ومن اجل ان تجعل كلفة الاحتلال أكبر، وللتأكيد على ان القدس ليست بقعة جغرافية او قطعة ارض تعبث إسرائيل بمعالمها وتقسمها مكانيا وزمانيا كما تشاء، وانما هي تاريخ امه عربية وإسلامية حاضرة في عقولنا ووجداننا وديننا وتاريخنا وحضارتنا وتراثنا، واهم العناوين في كل المراحل”.
وختم الدكتور اشتيه حديثه قائلا: اليوم ومن هذا المؤتمر الذي يبحث في العلاقة بين فلسطين وأوروبا، وامام الحضور الألماني المتواجد أقول: “إننا كفلسطينيين سنهدم وننهي الإحتلال لأرضنا كما هدمتم جدار برلين، وسنحتفل معكم بإقامة دولتنا الفلسطينية”.