المقدسيون يعيدون الحياة لمدينتهم
تاريخ النشر: 22/10/15 | 4:00في ظل سعي الإحتلال الإسرائيلي لإفراغ مدينة القدس من أهلها، وإلباسها ثوب الخطر والترقب المستمر؛ رفض المقدسيون أن يتركوا أزقة وحواري مدينتهم خالية منهم، وأبوا إلا أن تستمر الحياة في القدس كما سابق عهدها، ضاربين بعرض الحائط ما وصفوه “وسائل الإحتلال العقيمة” لترهيبهم وإبعادهم عن المدينة المقدسة.
كان لباب العامود – الباب الأكبر في القدس المحتلة الذي يعج يوميا بالناس من كل حدب وصوب – نصيب من الفراغ الذي طغى في المدينة الأسابيع الماضية. فالبسطات التي ملأت ساحاته والباعة الذين افترشوا المكان بأنواع الخضار والفواكه المتنوعة، غابوا عن مشهد باب العامود المميز، قسرًا، في حين لم يمنع ذلك المقدسيين من التواجد هناك ودخول أسواق البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
كما انتشرت في الآونة الأخيرة دعوات عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ذُيلت بوسم “مش خايفين”، لتشجيع التواجد في مدينة القدس، بالرغم من الإنتشار الكبير لقوات الإحتلال وتفتيش المارة واستفزازهم.
بالرغم من تعرضه لتضييق قوات الاحتلال واستفزازاتهم المتكررة عند دخوله المسجد الأقصى، إلا أن أسامة أبو أحمد يتردد اليه مع ابنته على الدوام، ويطلق يدها فور دخوله لتركض بحرية في رحابه في ساعات المساء. “آتي أنا وصغيرتي سما إلى المسجد الأقصى يوميًا حتى وإن كانت الظروف صعبة في المدينة، فأنا أجد في الأقصى الأمان والطمأنينة، وهو أفضل مكان لقضاء الوقت والحصول على الراحة النفسية، وكل وسائل الإحتلال في التضييق علينا سوف تبوء بالفشل لأنهم لا يعلمون قيمة هذا المكان بالنسبة للمسلمين”.
“الإحتلال كان يستغل عامل الزمن ظنًا منه أنه سيلاقي السكوت والنسيان من الجيل الحالي” يضيف أبو أحمد، “إلا أن الأحداث الأخيرة أثبتت عكس ذلك، فهذا الجيل لم ينسى وأثبت أنه على استعداد للتضحية بكل ما يملك في سبيل القدس. صاحب الحق يبقى الأقوى في معادلتنا مع الإحتلال”.
أمام الجامع القبلي، اتخذت أم علي الصياد مع أبنائها مكانًا للجلوس في رحاب المسجد الأقصى، وتناول الطعام عقب صلاة المغرب. أم علي تأتي يوميًا مع أطفالها في هذا الوقت من أجل الصلاة. “على الإحتلال أن يعلم أن هناك من يحمي الأقصى، وأن للقدس أهلها الذين لن يترددوا ولو للحظة في الدفاع عن مدينتهم بكل ما يملكون. أنا آتي مع زوجي وأطفالي كل مساء وأدعوا صديقاتي دومًا لاصطحاب أطفالهم إلى هنا. لا ننكر خطورة الوضع في القدس، إلا أن الحياة يجب أن تستمر رغم ذلك”.
وتبيّن أم علي أن الإحتلال يمارس أساليب استفزازية في التعرض لهم أثناء مرورهم من طريق الواد في بلدة القدس القديمة لافتعال المشاكل معهم، وكثيرًا ما تعرض أبناءها للتهديد بالسلاح والتفتيش من قبل أفراد الشرطة، إلا أن ذلك لا يخيفهم من القدوم إلى المسجد الأقصى بل يزيدهم حرصا على التواجد فيه كل يوم. “لا يجب أن نسمح للإحتلال بالظن أن الخوف قد تسلل إلى قلوبنا، فهذا سيزيد من تماديهم في أساليب القمع والترهيب ضدنا، لذلك يجب على المحلات في القدس فتح أبوابها للناس، وأن تعود البسطات إلى أطراف الشوارع والأزقة” تضيف أم علي.
أما خولة محمد عصام معلمة في إحدى مدارس القدس، فتصف شوارع القدس الفارغة بحزن بعدما كانت تعج بالناس دون انقطاع. “أصبحنا نشعر بالغربة في المكان الذي عشنا فيه. احتشاد عناصر الاحتلال العسكري أصبح كثيفًا جدًا في القدس، كما أن الأقصى يشتكي من قلة المصلين في ساعات الذروة عند صلاة العصر مثلاً، إلا أنني لاحظت خلال الأيام القليلة الماضية إقبال الناس بشكل أكبر على المدينة، وعودتهم شيئًا فشيئًا إلى الطرقات”.
وأوضحت أن الإعلام كان له دور في التهويل في نقل أحداث القدس، ما جعل الناس تأخذ صورة مغلوطة أحيانًا عن الأوضاع في المدينة. “كان من الممكن أن يتناول الإعلام الأحداث بشكل يعطي انطباعًا ببعض الأمان أو أن يدعو السكان توخي الحذر لدى التوجه إلى القدس، وليس الإنقطاع عنها بشكل كامل”.
من كيوبيرس