كتاب جديد:المعتقلون الفلسطينيون والمعتقلات الإسرائيلية الأولى
تاريخ النشر: 23/06/13 | 2:37صدر هذا الأسبوع عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت كتاب" المعتقلون الفلسطينيون والمعتقلات الإسرائيلية الأولى 1949-1948 للبروفسور مصطفى كبها والكاتب الصحفي وديع عواودة. يتناول هذا الكتاب بالتوثيق والتحليل قضية المعتقلات التي أنشأتها السلطات الإسرائيلية لمن اعتقلتهم قواتها من الفلسطينيين والعرب في عز النكبة وخلال احتلال المدن والقرى الفلسطينية عام 1948.
ويتضمن الكتاب إضافة إلى المعالجة البحثية المعتمدة على مواد أرشيفية من الأرشيفات الإسرائيلية وأرشيف منظمة الصليب الأحمر وكتب ويوميات كتبها بعض من كانوا في المعتقل، توثيقاً لعشرات الشهادات الشفوية التي أجريت مع معتقلين كانوا ما زالوا على قيد الحياة في فترة إجراء البحث.
كما ويبحث الكتاب قضايا يتم التطرق لها للمرة الأولى كقضية معسكرات العمل التي أقامتها السلطات الإسرائيلية للمعتقلين وقضية تطور علاقة الشيوعيين العرب مع الدولة الوليدة ومؤسساتها وقضية بداية تشكل معالم العلاقة بين الأقلية العربية وجمهور الأغلبية ومؤسسات الدولة في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ تلك العلاقات.
شملت الاعتقالات آلاف الفلسطينيين القادرين على حمل السلاح وتم توقيفهم في فترات تتراوح بين 12 شهرا و 18 شهرا. أسمتهم إسرائيل أسرى رغم أن أغلبيتهم الساحقة كانوا بلا حراب ولم يشاركوا بمجهود عسكري، تسمية ترمي لإبراز الهدف المعلن من إقامة هذه المعتقلات في صرفند، إجليل وعتليت وتل ليتفينسكي وغيرها.
لكن الحقيقة كانت مغايرة فالدوافع للاعتقال كما يستدل من معاينة هذه التجربة المّرة وقراءة الأرشيفات والشهادات الشفوية ترتبط بتعزيز الرواية الصهيونية حول حرب خاضها الفلسطينيون وهزموا فقتلوا ووقعوا بالأسر. لا يقل أهمية دافع آخر يتعلق بالرغبة بمساومة آلاف الشباب على حريتهم مقابل التهجير من البلاد وتطويع الفلسطينيين المتبقين هنا وكسر شوكتهم علاوة على الإفادة منهم كقوى عاملة أجبرت على العمل بالسخرة.
رغم مرور ستة عقود تستبطن شهادات الأسرى من الشيوخ القلائل المتبقين على قيد الحياة حملا ثقيلا من المرارة ومن أوجاع وجراح نفسية ما زالت تنزف بلا دماء. في حالات كثيرة قطعت الدمعة شريط الذكريات الساخنة وتوقفت عملية تسجيل الشهادات وهم يستذكرون الضرب والتنكيل والجوع والحرمان. رغم أهمية هذه القضية لم تتضمنها الرواية الفلسطينية بالكم والكيف المستحق، كما أن المؤرخين الإسرائيليين القدامى والجدد قد أغفلوها، آملين أن يسهم الكتاب الوليد بسد بعض ما هو شاغر في حجيرات الوعي وطبقات الرواية. حرصا على الإفادة من الشهادات الشفوية كمصدر أساسي في كتابة التاريخ الفلسطيني يتضمن الكتاب النصوص الكاملة لشهادات المعتقلين في ملحق يجاوره ملحق بأسماء آلاف من الأسرى الذين أنصفتهم الدراسة واستحضرت صمودهم وبقائهم رغم كل الضغوط والانهيارات من حولهم.
حول الكتاب:
مقابلة مع البروفسور مصطفى كبها
أجراها: سيمون عيلوطي
لأهمية القضايا التي يطرحها الكتاب، وللوقوف بشكل خاص على الأمور التي تم طرحها لأول مرة، توجّهنا إلى البروفسور مصطفى كبها بالسؤال التالي:
*ما هي أوجه الخلاف بين الرواية الإسرائيليّة الموثّقة في ارشيفاتهم وبين الشهادات الشفويّة التي أجريت مع معتقلين كانوا ما زالوا على قيد الحياة في فترة إجراء البحث؟
إجابة: لا يوجد اختلاف كبير بين ما هو موجود في الإرشيفات وبين ما سمعناه في الروايات الشفوية، الاختلاف هو في تناول المصادر التاريخية الإسرائيلية المكتوبة لهذه القضية والتي اختارت إما أن تتجاهلها وإما أن تجملها وتقلل من قيمتها وحجم تأثيرها على قضايا مفصلية كتفريغ القرى من سكانها وتهجيرهم إلى خارج وطنهم .
*لماذا في رأيك لم يكتب لغاية اليوم، عن بعض ما يتطرق له الكتاب مثل: قضية معسكرات العمل التي أقامتها السلطات الإسرائيلية للمعتقلين وقضية بداية تشكّل معالم العلاقة بين الأقليّة العربيّة وجمهور الأغلبيّة ومؤسسات الدولة في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ تلك العلاقات؟
إجابة: ربما لأن مصطلح "معسكرات العمل" يذكر بأيام مظلمة في تاريخ الشعب اليهودي أثناء الحرب العالمية الثانية، أما فيما يتعلق ببداية تشكّل العلاقة مع الأقليّة العربيّة فهناك الكثير من التعتيم والتعويم على طرق الإخضاع والترويض(ومن بينها الإذلال من خلال الاعتقال) التي اتبعتها السلطات الإسرائيلية تجاه أبناء الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة فيها .
*هل سياسة الاعتقالات التي يبحثها الكتاب والتي شملت آلاف الفلسطينيين في تلك الفترة، حققت الأهداف التي أرادتها اسرائيل من خلال هذه الاعتقالات؟
إجابة: كان تحقيق الأهداف جزئيا خاصة فيما يتعلق بعمليّة الإخضاع أو عمليّة التهجير لمن تبقى من أبناء الشعب الفلسطيني، والأهم أن الاعتقالات لم تفلح بشكل كامل بكسر شوكة من قاوم عمليّة طمس الهويّة الفلسطينيّة ومحو أولياتها.
*ما هي الشهادة التي استوقفتك وأثرت بك من بين شهادات الأسرى من الشيوخ القلائل المتبقين على قيد الحياة؟
إجابة: جميع الشهادات كانت مؤثرة وأضافت دائماً أبعاداً وتفاصيل جديدة ولكن كانت هناك ثلاث شهادات بكى أصحابها عندما وصفوا عودتهم إلى البيت والتي كانت تعني لذويهم عودتهم إلى الحياة، وذلك لأن أهلهم كانوا يعتقدون بأنهم ليسوا من الأحياء.