شهيدات النقب: شو بقيلي انا يا إمي
تاريخ النشر: 08/11/15 | 2:49خاطرة لا نعرف من باح بها لكنه البوح الحزين…
رحمهن الله رحمة واسعة وتقبلهن في الشهداء!
كنت وقتها لساتني بفوت البيت،
دقيت الباب بس ما حدا فتحلي،
ناديت إمي بس ما سمعتني،
تذكرِت انو امي كل ثلاثا بتروح مع صاحباتها لحتى يرابطِن بالآقصى،
مكِنش معي مفتاح البيت،
فرحِت لعند جارتنا الخالة شادية،
بس جارتنا كانت بتبكي،
شافتني واقفة على عتبة الباب،
وفجأة مسكتني وحضنتني بقوة،
كانت عم تشدني لجوات حضنها حتى شعرِت انو عضلات جسمي رح تتكسّر،
سألتها شو فيكِ،
ليش عم تبكي،
للأولاد فيهن شي،
عمي بخير؟
كنت عم آسألها شي مليون سؤال بنص ثانية!
كانت عم تتنهد وتصرِّخ،
“شهيدة لعند ربها،شهيدة..”
بس مكنتِش عم اسمعها للخالة شادية!
كنت مركزة بشاشة التلفزيون يلِّي فيها صورة هالباص لمحطَّم،،
مكنتِش قوية بلغة العبراني،
ما فهمت شو المكتوب تحت الصورة،
بس،
لحظة!
هاي الشالة بعرفها!!
وهاي الإيد الي بتنزف دم بعرِفها،
وهالدَمَّات بعرفهن!
لا،
لا،
لا مستحيل يصير الي بفكر في،
متل المجنونة كنت عم أمسك الخالة شادية وصرِّخ بوجهها،
إمي وين؟ امي وين!!
عم احكيلك وين امي!!!
بس الخالة ما حكت شي،
كانت عيونها الي عم تحكي وتبكي،
ايدها الي مسحت جبيني كانت عم تواسيني،
ما حكت شي،
بس عيونها الحمرة حكت وصرَّخت،
كانت عم تنعيلي أمي،
بدون وعي تركت بيتها،
كنت عم اركض بالشارِع،
كنت بصرِّخ،
كنت عم أنده لإمي،
الكل كان ماسك قلبو ومش قادر يمسك دموعو لحالتي،
الكل موجود،
بس إمي مش هون،،
ما بعرف بوقتها إيد مين مسكتني،
وآصابع مين مسحتلي دموعي،
آخذوني لعند اخواتي،
وأبوي الي كنت عم اسمع صوتو من قبل ما اصل،،
كنت اسمعو بصرِّخ بوجه الشرطي،
كنت بشوفو بقيس بالشارع مش بإجري، لا! كان عم يقيسو بدم إمي،،
و يا ليتني ما رحت لعندهم،،،
كانت امي عم تطالعني وعيونها مفتحة،
كانت إيدها برات الشباك،
والشظايا معلَّقة بقلب جلد إيدها،
والدم بعدو عم ينزف،
وقلبي يا امي،،
كانت في قطعة خرقَت جسمك يا إمي،
ورقبتك هاي المكشوفة يا امي،،
ومنديلك الأبيض يا امي، صار خمري بلون الدم يا امي، بلون الدم يا امي،،
جرَّافة تتجرء يا إمي بقتلك،،
جرَّافة كانت عم تجرف بآرضنا لتعيِّش الغريب المحتل،،
اغتصبوا آراضي،
وقتلوا إمي،
وعم يدنسوا حرمات هالذكريات الي بقلبي بشوفة دمِّك الي عم ينزِف يا إمي،،
كنتِ رح تجوزي خيِّي،
كنتِ رح تشوفيني بالأبيض يا إمي،،
كنتِ رح تمسكي شهادتي وتبوسي جبيني،،
من الآقصى حرموكِي،،
ومن ضَم إيدك يا إمي حرموني،،
من شم ريحة اواعيكِ يا إمي حرموني،،
كنتِ عم تحكيلي،
يا بنتي الآرض آرضنا، والآقصى أقصانا،،،
يا إمي انا صرت مثل المجنونة،
مجنونة بتغار من الآقصى وترابها،،
ما شبعت منِّك آراضيها فخطفتك مني،،
لمين رح آحكي همِّي يا إمي،
مع مين رح شارك فرحي بعدك يا إمي،
شو بقيلي،،
شو بقيلي غير هالخاتم الي اعطيتيني اياه قبل إمبيرح بعيدي يا إمي،،
شو بقيلي غير شوفتهم عم يدفنوكِ وبالتراب بغطوكِ،
شو بقيلي يا إمي،،
من قبلِك رهط حرموها الليل،
وهسا خلُّوا منكِ مدرار دم عم تسيل وما تجف يا إمي،،
مين رح يعملي الآكلات الي بحبها يا إمي،،
مين رح يحكيلي هاد غلط وانتِ بنتي وهاد مش آنتِ،،
مين رح يمشطلي شعراتي،،
مين رح يشرب الشاي المر الي عم اساوي ويحكيلي بكل مرَّة سكر متلك يا بنتي،،
مين؟
شو بقيلي انا يا إمي،،
شو بقيلي من بعدك يا إمي،،
شو بقيلي غير هالقلب المكسور،،
شو بقيلي،،
الله يرحمها حاسه فيكي بعد الام مفيش طعم للحياه. بس قدر الله وما شاء فعل ادعيلها وكلنا بدنا نموت بس الله بمتحن صبرك اكثري من قول الحمد لله والله يجعلك من عباده الصابرين ان لله وان اليه لراجعون