حُلم أميرة !
تاريخ النشر: 24/06/13 | 8:33أميرة هي طِفلة صَغيرة لا تفقه شيئاً في هذا العالم حَتى الآن,تبلُغ من العُمر السادسة,وُلدت في احد مُخيمات سوريا.
عائلتها مكونة من أُم ودُب كبير مُمزق بمثابة أب,وألعاب صَغيرة بمثابة أُخوة لها.
أميرة مثلها كمثل باقي أطفال العالم,تُريد أن تَعيش طُفولتها في كنف أبيها ليغمُرها بالحنان والحُب,تُريد أن تَكبر بين أخوتها لتَعيش معهم الكثير من الأحداث الرائعة لتُخلد فيما بَعد وتُصبح ذِكريات جميلة,ليرجعوا بالأيام والذكريات حين يلتقون.
استشهد والد أميرة حين كان,يُحارب لأجل الوطن,فحُرمت من حنان الأب وبَدأت تَعتقد أن لجميع الأطفال هذا الأب الذي يستشهد لأجل الوطن,كانت مؤمنة بأن أباها سيرجع يوماً ما,رُبما بَعد أن يعُم السَلام,,فاستبدلت أباها بالدُب المُمزق الكبير لتَلهو معه تَحت أضواء قَصف المُخيمات,وحينها كانت تعتقد أن أضواء القصف ألعاب نارية,وهي عادة لكي يَفرح الأطفال في المخيمات,,ذالك ما كان يجول في بال كُل أطفال المُخيمات.
كان لأميرة أربع أخوة,اثنين منهما خَرجا إلى العمل ليبحثوا عَن لُقمة العيش,وحينها,كان مُبتغى أخوة أميرة السُترة والكرامة,فلم يبحثوا عَن المال من أجل التَرف,بَل لكي يبقوا عَلى قيد الحَياة.
في أحد الأيام,حين كانت تلهو أميرة مَع أخوتها الاثنين,استقبلت أُمها رِسالة,كل ما كان يجول في بال أميرة أن الفَرَج قد أتى ! أن ألوطن تحرر وأن أباها سيعود,كان الأمل والسلام والحياة بحد ذاتها يجول في بال أميرة,ومُحتوى الرسالة كان يقول عَكس كُل ذالك,,أُغمى عَلى أمها,كانت الرسالة,رسالة موت!,,قَد باعا أعضائهما,أخوة أميرة,,ففي أحد الأيام استيقظا ليُقررا بيع أعضائهما وجَلب المال,لأن الحال لم ينفع,ولم يجدا عمل,ويُريدان السُترة لأمهما وأخوتهم!!.
قَد قارب المال بالانتهاء,,فَمن أين سيحضروا المزيد من ألمال ؟ خًرج الاثنين الباقيين من اخوة أميرة من المخيم,شَقا دربهما نحو المجهول,لا يعلمان ما سيفعلان لكنهما في المقابل لا يُريدان أن يبقيا مكتوفي الأيادي.
بعد مُرور عدة أيام,ذهبا إلى حقلٍ بعيد وعَملا في ريه وفي زراعته والاهتمام فيه,عَلى الرُغم من ان المال كان قَليل,إلا أنه كان بالنسبة لهم بالملايين,,كانا يعودان إلى أُمهما كُل شهر مرة,حَتى بعد سنتين لم يعودا نهائياً,وكانا يُرسلان المال برسالة لأمهما,وفي أحد الأيام تَشاجر احدهما مع صاحب الحقل,فهددهما بالفصل.
في مرحلة ما,يبدأ الانسان بعدم الاكتراث بما يَخرج من فمه ! لا يهتم للكلام الصادر,لا يَسمع ولا يشعر بما يتكلم,وكأن الكلام يخرج من إنسان مُختل,لأن هُنالك كلمات تًطير في أرجاء العقل,وليست مُجرد كلمات,كلمات قاتلة خانقة !!!,,هكذا كانت الكلام داخل رأسهما.
قَتل صاحب الحقل أخوة أميرة,بسبب أسلوبهما الجاف معه.
قتلهما دون إحساس,دون رحمة,دون مغفرة !.
عادت جُثتين هامدتين إلى مُخيم أميرة.
حينها,شعرت أميرة وأمها بأن العالم قد انتهى,ليس من أجل المال,,تُوفي زوجها ووالد أطفالها,ثُم أطفالها الصغار,,ولم يبقى أحد لها سوى أميرة.
أميرة الآن تَحلم ببيت يأويها هي وأمها,تحلم بطعام يُشبع جوعها القاتل,,وأنتُم تحلمون بأحدث الأغراض والأجهزة.
أُم أميرة تبحث عن سقف بيت لها و لابنتها,وأنتن تُجادلن أزواجكن من أجل تحديث أثاث البيت.
أميرة تَبحث عن أب و أخوة,وأنتم تلعنون أخوتكم و ابائكم !!!.
أميرة تبحث الآن عَن دفتر وقلم وممحاة,لكي تدرس وترفع من شأنها وتحقق حلمها بالسُترة,وأنتم تملكون كُل ذالك وتلهون!.
لم يبقى لأميرة سوى أمها,وأنتم تملكون اب,ام,اخوة,بيت,طعام,مال وتلعنون أنفسكم وعائلتكم حين لا تحصلون على أحدث الأجهزة.
افتحوا أعينكم عَلى الحياة! قدروا أهلكم,قدروا ما تملكون وتمسكوا بحياتكم!,فللروح قيمة!
(مُعاوية)