إحياء قرار الجمعية العامة 3379 تصحيح لخطأ إستراتيجي
تاريخ النشر: 07/11/15 | 15:05بتاريخ 10/11/1975 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 3379 الذي ينص على أن “الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”. حينها لم يتمالك ممثل الكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة حاييم هرتسوغ نفسه، ليقف أمام ممثلي الدول الأعضاء وليمزِّق نص القرار قائلاً؛ “الأمم المتحدة التي صاغت القرار هي نفسها من سيُلغيه”، وبعد 16 عاماً وبتاريخ 16/12/1991 تم شطب القرار واستبداله بقرار الجمعية العامة رقم 8646 والذي صاغه نائب وزير الخارجية الأمريكي آنذاك لورنس ايغلبرغ بعبارة ” تقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379″.
يكاد لا يختلف إثنان من أن صفة العنصرية لم تنفصل عن الصهيونية، فما الذي يدفع 73 دولة صادقت على قرار بهذه الأهمية الإستراتيجية في العام 1975 للتراجع ليصبح في العام 1991 عدد الدول التي وافقت على الإلغاء 111 دولة، فهل تغيرت الصهيونية مثلاً ولم تعد شكلاً من أشكال العنصرية؟ أوليست “القوانين” الصادرة عن الإحتلال بمصادرة أراضٍ للفلسطينيين والبناء عليها بعنصرية، أوليس إحراق الفلسطينيين الآمنين في بيوتهم وهم أحياء بعنصرية، أوليس خطف الأطفال الفلسطينيين وتعذيبهم وإحراقهم حتى الموت بعنصرية، أوليس إعدام الشبان والشابات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبدم بارد بعنصرية، أوليست محاولات تهويد الإنسان والحجر بالقدس والأقصى بعنصرية، أوليس مطالبة الإحتلال بشطب قضية اللاجئين وحق العودة والطلب للفلسطينيين والعالم بالإعتراف بيهودية الدولة بعنصرية، أوليس اعتبار القرى والبلدات المهجرة داخل فلسطين المحتلة عام 48 مناطق مغلقة وعسكرية وتابعة “للدولة” وأهلها مُهجَّرون يسكنون بالقرب منها ويُمنع عليهم حتى زيارتها بعنصرية؟،.. وهذه الأمثلة ليست بحصرية..
في العام 1975 لم تكن المرة الأولى التي يقر فيها المجتمع الدولي بأن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية ففي نهاية خمسينيات القرن الماضي، تبنى المؤتمر الدولي الذي عقد في القاهرة بتاريخ 26/12/1957 لتضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية، الفقرة الأولى من تقرير الأوضاع في فلسطين والذي قدمه الوفد الفلسطيني المشارك والتي تنص على “أن مشكلة فلسطين إنما تبنع من مؤامرة إمبريالية صهيونية هدفت إلى طرد السكان الأصلييين من وطنهم بحيث يمكن إنشاء دولة تجسد المصالح الإمبريالية، لها مخططات الصهيونية التوسعية العنصرية العدوانية”.
استشعرت الحركة الصهيونية الخطر الداهم على مشروعهم الإستراتيجي وما الذي يمكن أن يحققه القرار الأممي من تميد لزوال دولة الإحتلال، لتبدأ معركة جديدة من معارك الدهاء والخبث السياسي والدبلوماسي والعلاقات العامة للكيان الصهيوني وحلفائه باستهداف الدول التي أيدت القرار وممارسة الضغط السياسي والإقتصادي بانتظار الظروف المناسبة للمطالبة بالإلغاء. في الذكرى الأربعين لإنشاء الأمم المتحدة وجه الرئيس الأمريكي رونالد ريغن كلمة إلى الأمم المتحدة يبلغها فيها رسمياً بأن “القرار 3379 أبشع قرار اتخذته الأمم المتحدة في مجمل تاريخها”، وطالبها بإلغائه. في المقابل اتخذت آلاف المنظمات غير الحكومية قراراً بضرورة إعادة الإعتبار للقرار 3379، خلال مؤتمر ديربان لمناهضة العنصرية الذي عُقد في جنوب أفريقيا، وفي ليلة 31/8 – 1/9/2001، تحوَّل الحدث إلى الخبر العالمي الأول، ترتب عليه إنسحاب “إسرائيل” وأمريكا من المؤتمر.
للأسف في الوقت الذي كان فيه اللوبي الصهيوني وحلفائه يسعى للإلغاء، لم يكون هناك على التوازي حراك فلسطيني وعربي وإسلامي ودولي لتثبيت القرار وممارسة المزيد من التوعية والتعريف. بعد 40 سنة على صدوره وحوالي 24 سنة على إلغاء، يمكن إعادة الإعتبار وإحياء القرار من جديد وتصحيح خطئاً استراتيجياً ارتكبته الأمم المتحدة بحق القضية الفلسطينية، كوْن عنصرية الكيان الصهيوني تتنافى مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. ومع كافة القوانين والأعراف السماوية والوضعية، فالظروف الموضوعية قائمة، والشواهد تكاد لا تحصى، لكن بحاجة إلى إرادة سياسية فلسطينية وعربية وإسلامية رسمية، وأدوات فصائلية وشعبية مُحرِّكة وفاعلة.
علي هويدي