أنفلونزا الشرف
تاريخ النشر: 10/11/15 | 14:42لا يمر شهر الا ويحصد وباء ” انفلونزا الشرف ” صبية في ميعة الصبا ، يحصدها ظلمًا وشراسة وإثمًا ، يحصدها لأن فلانًا – الله يخليه لأمه – شكّ وارتاب ارتيابًا فقط في تصرفاتها وسلوكها ، فهو يريد التحكم بمشاعرها وأحاسيسها وخواطرها ولواعج نفسها ، ويريدها جبلة طين في يديه يحرقها في فرنه وعلى هواه ومزاجه فيهبها زوجة لمن يريد ، أو يبادلها ويهديها لمن رفع في السعر والثمن … أي انسان هذا الذي تطاوعه يمينه فيسرق روح أخته او ابنته او قريبته تحت مظلة شرف العائلة ، هذا الشرف الذي فقد لونه منذ أن أخذنا القانون لأيدينا ، ومنذ أن عمّده الشرق شريعة ومنهجًا . الصمت يكتنف معظم شرائح المجتمع وخاصة اصحاب المراكز ورجال الدين والمجتمع ، فلا تسمع صرخة الا تلك التي ترسمها الصحف غداة الجريمة ، وسرعان ما تتبخر لتعود وتظهر من جديد بعد مأساة أخرى ، وانقاذ لشرف آخر مزعوم … حقا أين رجال الدين من كل الطوائف ؟ ما هذا الصمت القاتل … النجس .. الوقح ..؟
أيصح لأحدنا نحن معشر ” الفحول ” أن نمتع نظرنا بالجمال والوجه الحسن ، في حين تحرم اختنا من حق حرية ابداء الرأي في مشاعرها وبمن تحب ؟؟
أيحق لنا أن ننتقل من أقحوانة لياسمينة ، لزنبقة أو لعوسجة في حين نحرّم على أخواتنا وبناتنا حتى حرية اختيار شريك الحياة ؟؟
كلنا ظالمون ، نصمت والصمت علامة القبول وحتى الخنوع لقوى الظلام .
ما أحببت أبدا بيت المتنبي الذي يقول فيه :
لا يَسلَمُ الشرف الرفيع من الأذى ** حتى يراق على جوانبه الدم
انها عقلية الجاهلية والقرون الوسطى وعصر الظلمات .
أيحق لنا يا قوم أن نتغزّلَ ونزركش القصائد الطوال في عشق الكواعب والحسناوات وننثر الدرر والخواطر في ذات الشال البنفسجي والتنورة العنابية ، وحين يطال هذا الغزل البريء او بعضه احدى قريباتنا تقوم الدنيا ولا تقعد ، وتضحي هذه الملهمة مستباحة الدم والحقوق ؟؟
حان الوقت ان نعلنها مدوية : إن القتل جريمة لا تغفر وإن ذاك الذي يسرق الارواح هو زنيم لا يمت للإنسانية بصلة .
في تاريخنا امجاد وفي عاداتنا شَمم ومروءآت ، وهناك ايضا الظلال والديجور والعتمات ، فلننطلق الى النور الحقيقي والى المحبة الصافية وننبذ الثأر وغسل العار المبني في معظم الحالات على الشكوك والاوهام والمجتمع الذكوري والعقلية الحجرية .
حان الوقت ان نضع انفسنا في مكان تلك التي حكمنا عليها بالموت بأبشع الطرق والوسائل ، حان الوقت ان نصرخ كفى .. لقد ثخنتموها ، ” ومن كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر “.
بقلم: زهير دعيم