خيانة حركة حماس
تاريخ النشر: 26/06/13 | 0:10لا فرق بين من يحمل حجراً أو يحمل صاروخاً، أو بين أن تلبس لبوس المهادنة أو لباس المقاومة، ولا فرق بين من يحمل سورة القتال في قرآن رب العالمين أو بين من يحمل سورة التفاح في مصحف مسيلمة، فكلهم سواء طالما كانت الدوحة قبلتهم والبترودولار محجتهم، ولكن هناك فرقٌ شاسع بين أن تكون في مقدمة الصفوف تقرر وتدير وتتابع، وبين أن تُلحق نفسك بعربةٍ وتكون مجرد تابع، والمصيبة العظمى حين تكون هذه العربة معطوبة ،وفهدَّية التفكير سلحفائية المسير، وهذه بعض الخطايا الكبرى التي اجترحتها حماس، عندما التحقت بربيع الإخوان ظناً منها ومنهم – بتسرع الطريدة نحو الطعم لا بسرعة الفهد نحو الطريدة – أنه عصر التمكين ،فأصبحوا كالسلحفاة اللكعة في مضمار للخيول.
لم تعد الأقنعة مُجدية في إخفاء الطبيعة الإخوانية لحركة حماس، ولم يعد لباس المقاومة كافياً لستر عوراتها الناشئة عن أنابيب الغاز المسال، ومنذ أن خلع اسماعيل هنية عباءة المقاومة ليدثر بها الحراشف الصحراوية للشيخة بنت الشيخ وزوجة الشيخ المنسحب تكتيكاً على وقع ضربات المرض وطرقات الهزائم، توالت المواقف الحمساوية التي أنهكت فلسطين شعباً وقضية، وجعلت منهما بضاعة قابلة للدخول في مزاد علني وقح ،لكل من أُتخمت صحراؤه بالنفط والغاز،ولم تعد فلسطين هي القضية الجامعة للعرب والمسلمين والمانعة لكل تفتت، إنما جعلتها حماس كرجحة في ميزان المواقف، وأصبح الحديث عن فلسطين وشعبها بالخير نادراً، وأصبح من يتحدث بهما مدعاة للتندر، بعد أن أشاع المتأخونون مقاومة أن كل فلسطين لا تساوي قطرة دم سورية واحدة، هذا حين كان يُقال أن الحرب على سوريا هي حرب على حلفٍ مقاوم، بمعنى أن الدفاع عن “النظام السوري” الواقف مع فلسطين لا يستحق كل هذه الدماء، ولكن في المقلب الآخر فإنهم يرون أن كرسي الحكم في سوريا ووصول الإخوان إليه يستحق كل الدماء والجماجم السورية.
أثارت تصريحات عزيز دويك المنفية من قِبَله، موجة إستنكارية في الأوساط الفلسطينية شعبياً ورسمياً وفصائلياً، حين نقلت عنه جريدة الشروق قوله “أن الجهاد في سوريا اليوم وزوال النظام السوري أولى من الجهاد في فلسطين،” ولكنه سارع للنفي لجريدة القدس العربي حيث قال أن هذا تصريح مكذوب، وأنني لم أقل ذلك ، بل قلت “ان الاولوية لما يجري في سورية هو وقف نزيف الدم وقتل الاطفال والنساء والشيوخ، هذا الكلام الذي سحب عليه كلام لم اقله مطلقا وهو وقف الجهاد في فلسطين”، والحقيقة أن كلاهما يؤديان لنفس المعنى، لأنه حتماً لم يقصد أن الأولوية هي لوقف تدفق السلاح الذي يُقتل به الشيوخ والأطفال والنساء، بل رحيل النظام، وحتماً هو لم يقصد لوقف التجييش الإعلامي والسُعار المذهبي لتوقف القتل، وهو لم يقصد أيضاً أن الأولوية هي لإجبار مايسمى بالمعارضة لتحكيم الضمير والعقل، بل قصد أن يرحل النظام حتى تصبح الحياة لونها وردي أو بمبي.
وطالما أنه لم يقصد ذلك ، وطالما أنه يعرف أن النظام لن يسلم مفاتيح دمشق للعابثين، فهو بالنتيجة يقصد أن الجهاد لإزالته أولوية أصالة بنفسه وعن نفسه ، أو وكالة عبر الناتو، فأيهما قصد الدويك،وأياً كانت المقصودات والأولويات ،فمواقفهم لا تحتاج لاستنتاجات، إنما هي واضحة وصريحة، ثم أنهم أصحاب سوابق في حرف البوصلة وتحريف النصوص، فهم أصحاب شعار (الطريق إلى القدس يمر عبر كابول) ولا ضير من تحريف بسيط، فبدل كابول نضع دمشق، وبحكم أننا أبناء الله وأحباؤه فهو غفور رحيم، والخلاصة أن التصدي لتهويد القدس ليس أولوية، والتصدي لاغتصاب الأرض وتغول الإستيطان ليس أولوية، وأن مجابهة الحصار ليس أولوية، وأن مقاومة الإحتلال وتحرير الأرض ليست أولوية، إلا من بعض إستثناءات التحرير من بعض أشخاص يسببون لنا الصداع مثل رائد جندية.
وحادثة إستشهاد القائد في حركة الجهاد الإسلامي رائد جندية، على يد الشرطة في غزة، تشي بتلك النار التي تتلظى تحت الرماد، حيث أنه على ما يبدو فإن حركة الجهاد الإسلامي قد تصبح قريباً هي الخيار البديل لتلقي الدعم من محورٍ غادرته حماس بكل رعونة، وتريد حماس أن تقول أنها لا زالت مالكة المفاتيح، وأن أي تجاوز لهذه الملكية لن يكون محمود العواقب مغفورها، وحينما ردت حركة الجهاد الإسلامي على هذا الإغتيال بقصف المستوطنات الصهيونية، فهي رسالة مزدوجة ، فقد اعتبرت أن المستفيد من هذا الإغتيال هي (إسرائيل)، وأن محاولة جرنا لمعركة داخلية لسنا على استعداد لها لتبرير نزع سلاحنا هي محاولة فاشلة، فلم يحن الوقت بعد.
ومع وضع هذه المشاهد في لوحة واحدة مضافاً إليها سعي حماس ليتم رفعها من قوائم الإرهاب الغربية ، واستقرارها المؤقت في فنادق الدوحة، وتصريحات مشعل لجهة القبول بدولة داخل حدود 67 ، ورفعهم لعلم الإنتداب الفرنسي الذي تقاتل (إسرائيل) تحت لوائه،تجعلنا أمام نتيجة واحدة، وهي أن حماس تعترف بـ (إسرائيل) وإن بالفعل لا بالقول