فضل تلاوة وحفظ القرآن

تاريخ النشر: 17/11/15 | 13:06

بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين
وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعين.
اللَّهُمَّ أَخْرِجْنا مِنْ ظُلُماتِ الْوَهْم، وَأَكْرِمْنا بِنُورِ الْفَهْمِ وَافْتَحْ عَلينا بِمَعْرِفَةِ الْعِلْمِ وَزَيِّنْ أَخْلاقَنا بِالْحُلُمِ وَسَهَّلْ عَلَيْنا مِنْ أَبْوابِ فَضْلِكَ وَانْثُر عَلَيْنا مِنْ خَزائِنِ رَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ وَيا أَكْرَمَ الْأَكْرمينَ …وَبَعْدُ :
أُحَييِكُنَّ بِتَحِيَّةٍ لُوْ رُفِعَتْ إِلى السَّماءِ لَكانَتْ قَمَرًا مُنيرًا وَلَوْ نَزَلَتْ إِلى الْأَرْضِ لَكَسَتْها سُنْدُسًا وَحَريرًا فالسَّلامُ عَلَيْكُنَّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ:
يا هذِهِ الْقُلوبُ الطَّيِّبَةُ الْمُفْعَمَةُ حُبًّا للهِ وَكِتابِ اللهِ وَرَسُولِ اللهِ.. وَيا هذِهِ الْقُلوبُ التَّي إِنْ أَحْسَنْتُ فيها قَوْلًا فَإِنَّما هُوَ قَوْلُ إِنِّي أُحِبُّكُنَّ في اللهِ مَحَبَّةً أَخْتَصُّها لِي وَلَكُنَّ لِنَفُوزَ وَنَرْتَقِيَ بِمَحَبَّةِ اللهِ ،فَيا رَبَّنا يا ربَّنا أَحِبَّنا …
تَبْتَهِجُ نَفْسي كَثيرًا حِيْنَ أَسْمَعُ بِأُخْتٍ حَفِظَتْ سُورَةً مِنَ الْقُرآنِ الْكَريمِ ،وَكَمْ يَلُفُّني السُّرورَ وَيُداعِبُ خَاطِري حِيْنَ نَسْمَعُ بِحَافِظَةِ أَتَمَّتْ حِفْظَ كِتابِ اللهِ، فَما أَحْوَجَنا في هذِهِ الْأَيامِ إِلى أَنْ نَتَواصَلَ مَعَ مَائِدَةِ الْقُرْآنِ الْكَريمِ، فَهِي مَفْتُوحَةً لِكُلِّ مَنْ يَرِدُ إِلَيْها وَيَنْهَلُّ مِنْ بَرَكاتِها، فَالقْرآنُ الْكَريمُ يَفْتَحُ أَبْوابَهُ لِلْجَميعِ وَمائِدَتُهُ مَبْسُوطَةً وَفَواكِهُهُ الْبَدِيعةُ تُعْجِبُ كُلُّ مَنْ يَرِدُ إِلَيْها مَهْما اخْتَلَفَتِ الثَّقافاتِ فَالْجَميعُ يَنْهَلُّ مِنْ هذِهِ الْمائِدَةِ الْعَظيمَةِ كُلٌّ حَسَبَ مُسْتواهُ وَمُبْتَغاهُ…..
فَلا يَخْفَى عَلَيْكُنَّ أَنَّ الْقُرآنَ الْكَريمَ كِتَابٌ هِدايَةٍ وَدَلِيلٌ إِلى الْوُصولِ لِلْكَمالِ الْبَشَرِيِّ لِينالَ النَّاسُ مِنْهُ شَرَفًا وَسَعَادَةً في الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ كَما قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعالى ” فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدى فَمَنِ اتَّبَعَ هُداي فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى ” سُوَرَةُ طه
اجْعَلْنَ الْقُرآنَ مِنْهاجَ حَياتِكُنَّ لِأَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ خُلُقُهُ الْقُرآنَ ،وَحَياتُهُ قُرآنُ ،وَكَلامُهُ قُرآنُ ، وَفي سَيْرِهِ وَهَدْيِهِ قُرآنُ ،في حُزْنِهِ أَلَمِهِ وَفَرَحِهِ وَسَعدِهِ قُرْآنُ…. اجْعَلْنَ الْقُرآنَ مِيزانًا لِجَميعِ سُلُوكِكُنَّ فَمَنْ عاشَ مَعَ الْقُرآنِ أَحْياهُ اللهُ حَياةَ الْعُظماءِ الصَّالِحينَ وَأَكْرَمَهُ بِمنازِلِ الْعارِفينَ.
وَقَدْ شَرَّفَ اللهُ الْأُمَّةَ الْإِسْلامِيَّةَ بِخِصِّيصَةٍ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ قَبْلَهُمْ وَهِيَ أَنَّهُمْ يَقْرأونَ كِتَابَ رَبِّهِمْ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ،وَالْتَواضُعُ سُلَّمٌ لِهذا الشَّرَفِ الّذي رُزِقُوا بِهِ.
وَتَكَفَّلَ اللهُ بِحِفْظِ كِتابِهِ فَقَالَ في سُورَةِ الْحِجْرِ: “إَنّا نَحْنُ نَزَّلنا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَه لَحافِظونَ”. وَكانَ مِنْ بَيْنِ سُبُلِ حِفْظِهِ لِكِتابِهِ أَنْ وَفَّقَ هذِهِ الْأُمَّةَ لِتِلاوَتِهِ وَتَعَلُّمِهِ وَلِحِفْظِهِ واسْتِظْهارِهِ وَمِنْ فَضْلِهِ على بَعْضِ الْمُسْلِمينَ أَنْ يَسَّرَ لَهُمْ الْحِفْظَ وَيَسَّرَ الْحِفْظَ لَهُمْ، اللَّهُمْ اجْعَلْهُمْ في طَوْرِ التَّثْبيتِ وَالْاسْتِعانَةِ ،فَهَنيئًا ثُمَّ هَنيئًا ثُمَّ هَنيئًا لِمَنْ حَفِظَتْ آيَةً، ثُمَّ سُورَةً ثًمَ حِزْبًا وَهكذا تَدَرَّجَتْ حَتَّى خَتَمَتْ… لا بَلْ وَجَعَلَتِ اْلقُرآنَ حَديثَها، عِلْمها، عَمَلَها، حُبَّها وَرَفِيقَها ثُمَّ عَلَّمَتْهُ لِغَيْرِها ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرآنَ وَعَلَّمَهُ.
أَخواتي الطَّيباتِ ،أُحَدِّثُكُنَّ بِكلماتِ الْحُبِّ وَمَنابِعِ الصِّدْقِ والنُّصْحِ شيئًا مِنَ الْوَصايا عَلَّها تُلامِسُ شِغافَ قُلوبِكُنَّ وَتُمازِجُ أَرْواحَكنَّ وتَظْهَرُ على سُلوكِكُنَّ:
أ‌. داومي قِراءةَ الْقُرْآنِ
ب‌. احْرِصي على تَثْبيتِ الْآياتِ الَّتي تَحْفَظينَها حَتَّى لا تُسألينَ عَنْها يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنون إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَليمٍ
ت‌. كُونِي طَوَّقَةً لِلْخَيْرِ وَلِكُلِ فَضْلٍ فذاكَ صَدَقَةً
ث‌. كُوني طَمُوحَةً وَضَعي حِفْظَ كِتابِ اللهِ هَدَفًا نَصْبَ عَيْنَيْكِ وَلا تَقولي هذا صَعْبٌ ..هذا مُحالٌ! وَهذا يَحْتاجُ لِجُهْدٍ جَهيدٍ وَوَقتٍ عَظيمٍ وأنا مُنْشَغِلَة في بَيْتي ،عَمَلي، أَوْلادي، تَعْليمي …. لا تَجْعَلي وَساوِسَ الشَّيْطانِ تُراوِدُكِ ، فَالْكَثيراتُ مِثْلُكِ مُنْشَغِلاتٍ بأَعْمالِهِنَّ وَدِراسَتِهِنَّ وأمورِهِنَّ الشَّخْصِيَّةِ لا بَلْ وَلَدَيْهِنَّ مِنَ الْهُمُومِ ما لا يَعْلَمُ بِهِ سوى الله… وَلكِنْ ! لَمْ تَمْنَعْهُنَّ الإِرادَةَ مِنْ حِفظِ كِتابِهِ بَعْدَ التَّوَكُّلِ على اللهِ والْاِسْتِعانَةِ به، فَالْقُرْآنُ سَهْلٌ وَمُيَسَّرٌ وَللهِ الْحَمْدُ لأَنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعالى يقول :”وَلقَدْ يَسَّرْنا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر” سورة القمر.
لا تَقُولي قَدْ فاتَ أَوانُ هذا ذاكِرَتي لا تَسْتَوعِبُ الْحِفْظَ فواللهِ شَاهَدْتُ مَرَّةً في التِّلْفازِ مُقابَلةً مَعَ امْرأَةٍ تَبْلُغُ مِنَ الْعُمُرِ ثَمانينَ عامًا جاهَدَتْ نَفْسَها لِحِفظِ كِتابِ الله حتَّى يَحْفَظَها اللهُ في آخِرِ حَياتِها ثُمَّ بَعْدَ مَماتِها ….
واللهِ إِنَّ حِفْظَ الآياتٍ لَسَهْلٌ … غَيِّري فِكْرَةَ أَنَّهُ صَعْبٌ مِنْ بَالِكِ وَاجْعَلي مِنَ الْيَومَ شِعارَكِ “سأَحْفَظُ الآياتِ والسِّوَرَ وَالقْرآنَ لِأَنَّهُ سَهْلٌ وَمُيَسَّرٌ”.
إنَّها أعْظَمُ بَهْجَةٍ أَنْ نَحْفَظَ آياتِ اللهِ وأَنْ نَقْرأَ كَلامَ اللهِ ! لا تُضاهيها أيّ بَهْجَةٍ ….
اعْزمي النِّيَةَ واخْلُصيها وَتَوَكَّلي على اللهِ واسْتَعيني بِهِ ، نَظٍّمي وَقْتَكِ بِما هُو خَيرٌ وَنافِعٌ.
واعْلَمي أَنَّ لِتِلاوَةِ وَلِحِفْظِ الْقُرآنِ مَزايا دُنيويةٍ وأُخْرَوِيَةٍ لا يُمْكِنُ حَصْرِ الْأَحاديثِ النَّبَوِيَّةِ الْوارِدَةِ بِشأْنِهِا لِأَنَّها فَيْضٌ وَأَيُّ فَيْضٍ!! إِنَّهُ فَيْضٌ مِنْ نُورٍ، أَذْكُرُ مِنْها :
أ‌. عَنْ عُقْبَةَ بِنْ عامر قالَ إِنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ ” لَوْ أَنَّ الْقُرآنَ جُعِلَ في إِهابٍ ثُمَّ أُلْقِيَ في النَّارِ ما احْتَرَقَ”.
ب‌. خَيْرُ النَّاسِ حافِظُ الْقُرآنِ كَما جاء في صَحيحِ الْبُخارِيِّ : “خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقًرآنَ وَعَلَّمَهُ “.
ت‌. يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَدَرَجَتُهُ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ يَقْرأُها:” إقْرأْ وَرَتِّلْ وَارْتَقِ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرأُها”.

كما وَيُرجى الْالْتِفات لِأَمْرٍ هامٍّ !لا يُنَالُ هذا الشَّرفُ إِلا بِأَمْرينِ : الْإِخْلاصُ وَالتَّواضُعُ للهِ فلا تقرأ حَتَّى يُقال قَارِئَةً وَلا تَحْفَظي حَتَّى يُقالُ حافِظَةً.
أُخْتاهُ !! أَما وَقْدِ انْشَرَحَ صَدْرُكِ لهذا اْلأَمْرِ الْعَظِيمِ ، وَسَمَتْ رُوحُكِ لِلْعَلْياءِ ! لا تُفَوِّتِي الْفُرْصَةَ وَاحْرِصِي وَاسْعَيْ لَها.
أَسْألُ اللهُ أُنْ يَجْعَلَنا مِنَ الِّذينَ يَحْمِلُونَ رايةَ هذا الدِّينِ وَمِمَّنْ يَسْتَعْمِلَهُ اللهُ في طَاعَتِهِ وَمَرْضاتِهِ وَأَنْ يَجْعَلَنا مِنَ الّذينَ يَقْرأُونَ الْقُرآنَ فَيَرْقون وَلا يَجْعَلُنا مِنَ الَّذين يقرؤونه فَيَذَلُّونَ وَيَشْقُون …
خَتَمَ اللهُ لي وَلَكُنَّ بِالْخَيْراتِ وَالْحَمْدُ للهِ الَّذي تَتِمُّ بِنِعْمَتِهِ الصَّالِحاتِ.

الواعظة أميرة جبارين/ أم الفحم

12

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة