من يعمل أكثر سعيد أكثر
تاريخ النشر: 27/06/13 | 2:21لفت نظري قبل أيام تقرير اقتصادي في صحيفة عبرية حول دراسة تبحث عن مدى العلاقة بين العمل والسعادة، وأظهرت نتائج هذه الدراسة أن من يعمل أكثر يكون سعيدا أكثر، أي أن من يعملون أكثر ولساعات أطول يكونون أكثر سعادة من غيرهم، وهذا عندما يكون العمل بدافع ذاتي، واختياري شخصي، وأنه هو الذي اختار عملا فيه تحدٍ أكبر من عمل في وظيفة عادية.
والسبب في ذلك أن من يعملون أكثر يشعرون بأنهم يؤدون رسالة من خلال عملهم، ويرون بأن العمل هو دور اجتماعي قبل أن يكون مصدرا للرزق، ينعكس من خلاله المركز الاجتماعي للشخص، ونظرته إلى نفسه وتقديره لذاته، ويكفي أن أول سؤال يُوجه إلى أي شخص للتعرف عليه – بعد معرفة اسمه- هو "ماذا تعمل؟"، لذلك فإن العمل يؤثر بشكل كبير على الشعور بالسعادة.
الشعور بالسعادة الحقيقية يكون بعد الإنجاز والشعور بأن للشخص دورا ومهمة في الحياة، وعملا يخدم من خلاله وطنه وأمته ويؤدي رسالته، وليست السعادة في الراحة والتعطل والتبطل والفراغ.
أقول هذا ونحن مقبلون على العطلة الصيفية والتي أنصح فيها الطلاب والطالبات بأن يحسنوا استغلال هذه العطلة، وأن يملئوا أوقاتهم بما ينفعهم وينفع المجتمع، وأن الراحة والسعادة ليست بالفراغ واللهو والخلو من المشاغل، إنما يشعر الشاب بالسعادة عندما يقوم بدور مهم وعمل مفيد ونافع.
إن من أخطر الأمور التي يتعرض لها الشاب هو الفراغ، والذي هو بداية الفساد والانحراف، لأن الإنسان وبالذات الشاب إذا تعرض للفراغ فإنه في غالب الأحيان يكون عرضة للانحراف والانزلاق في أوحال الشهوات، لذا فإن أهم خطوة لإصلاح الشباب وحفظهم من الانحراف هو أن يحرص الشباب على أن تكون أوقاتهم مليئة بالأشغال والمهام والنشاطات، وأن يتخلل ذلك أوقات للهو والترويح المباح، فهذا لا بأس به. أما أن يقضوا أوقاتهم بلا عمل وبلا هدف وبلا رسالة يخدمونها ووظيفة يؤدونها فهذا بداية انحراف للشاب.
وقديما قال الشاعر: إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أيّ مفسدة
وروي عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه قال: "إني لأرى الرجل فيعجبني، فإذا سألت عنه فقيل: لا حرفة له، سقط من عيني".
لذا فهذه نصيحة أوجهها للشباب بأن يحسنوا استغلال العطلة الصيفية، وأن لا تضيع منهم دون فائدة تذكر، وأن يحرصوا فيها على العمل الجاد والنشاط المتواصل.
كما أن الشاب كلما عمل أكثر ومارس مهنا أكثر كلما نمى مواهبه وأثرى تجاربه وأعده ذلك لخوض غمار الحياة في المستقبل، ويساعده ذلك على معرفة ميوله واستكشاف مواهبه.
فكثير من الشباب عندما ينهون الثانوية ويصبحون على أعتاب التعليم الجامعي ولا يعرفون ماذا يتعلمون وأين يتجهون، والحل لذلك أن يجرب الشاب أكبر عدد من المهن والأعمال، ولو بأن يتطوع في مجالات متنوعة، حينها بالإمكان أن يتعرف على ميوله ويستكشف مهاراته، وبعدها يعرف أين يتجه وماذا يتعلم، والعطلة هي أفضل فرصة للقيام بكل ذلك.
نتمنى لكم عطلة سعيدة ومثمرة ونافعة بإذن الله تعالى