إضاءات حول مسرحية غير شكل
تاريخ النشر: 21/11/15 | 19:54أخذت الكثير من الفتامين سي كي أقضي على النزل الذي أصابني، فقد عديت بنزل رماني في فراشي ليومين. استعددت للخروج لمشتهدة مسرحيّة غير شكل, فقد أعتذرت زوجتي لكونها مشغولة في محادثة عبر السكايب مع صديقتها كاتيا. لممت أختي ليم وقصدنا الهدف, بدأت ليم المحادسة بأخباري أنّ أمي وصّتها بشراء تونا للقطط. أمّا أبي فقد أعتذر لكونة مشغول بكتابة مقالة علميّة.
مسرحيّة غير شكل هي مسرحّة للأطفال والتي عرضت يوم الأحد الماضي في بيت الكرمة حيفا. المسرحيّة من إنتاح مسرح بيت الكرمة, تأليف الكاتبة كاثرين كيف, إعداد وأخراج نبيل عازر وتمثيل ميلاد مطر، ميساء عموري وأمير يعقوب. لا أريد أن أسرد أحداث المسرحيّة لكي تتشجعوا بنفسكم لرؤيتها، ولاكني سأروي لكم بأختصار مشدد، فالمسرحيّة تحكي قصّة طفل يحاول الأنتماء إلى مجموعات من الحيوانات واللعب معها ولاكنهم لا يتقبّلونه، وحتى الأطفال الآخرون لا يتقبّلونه, أمّا حين يتقبل هو نفسه طفل آخر غير نمطيّ مثله فعندها فقط يتقبّله الجّميع.
المسرحيّة تحكي عن الحاجة في أن يتقبّلنا الآخرين، وبها ديناميكا ممتازة بين الممثلين الثلاث، فالتمثيل كان ممتاز ومثير للتعاطف مع الشخصيّات, كانت هنالك شخصيّات قويّة، شخصيّان ضعيفة, وشخصيّة الطفل المنبوذ. لقد إستمتعت برؤية الديناميكا المميّرة بين الممثلين. كان بالمسرحيّة الكثير من روح النّكتة، مثلا، هنالك مقطع به تمثّل الممثّلة ميساء عموري دور دجاجة ويمثّل الممثّل ميلاد مطر دور الدّيك, فبدأت ميساء بالزّعيق حتّى أضحكني. كانت الموسيقى مؤثّرة جدا ومتنوّعة, من الجّاز حتى العود, وتجاوب جمهور المسرحيّة والذي كان أغلبه أطفال مع المسرحيّه.
لقد لفت نظري أن المؤلّقة إستعملت بيت الطفل المنبوذ والذي لا أحد يتقبّله كرمزا لقلبه ومشاعره، فعندما ذهب الطفل إلى بيته الخاص به والذي يحتضنه، عندها فقط شعر بالأمان والقوّة والإستعداد لتقبّل الآخرين, وذلك لأننا كي نقدر على تقبّل الأخرين يجب أن نحيط أنفسنا بما هو ودود لنا ويشعرنا بالأمان.
أمّا الفلسفة الوجوديّة فهي تبشّر بأن الحاجة بالإنتماء هي حاجة موجودة لدى كل مت هو حيّ, وهي تخدم الحاجة لتحقيق الذّات والنجاح في الحياة الشخصيّة والإجتماعيّة, كما والإستمتاع والإبداع بها وتلقي الإحترام من المجموعة والمجتمع.
بعد أن عدت إلى داري, أشعلت سيجارة وأخذت رشفة من الشّاي وقلت لنفسي :”يا فؤاد, تقبّل الآخرون, فبنهاية الأمر, إن توفّرت الظروف الملائمة, فكلّ البشر خير وبركة.
بقلم: فؤاد سليمان