زغردى يا مصر – المعونة وصلت
تاريخ النشر: 23/11/15 | 8:11من الهموم كثير.. هم يبكى.. وهم يضحك.. والهم هنا خلاف هذا وذاك.. لأنه هم يحسر.. لكن صحافتنا “الحرة” لم تراه بنفس الحسرة.. ففوحتها وتحليلها بتهليلها له لم ينقصها سوى الرقص البلدى و”زغاريد” الفرحة.. لأنه هم يستحق (“زغرودة”) بتلعلع طهأنة من حزنها وحسرتها على الكبوة والهم الذى حل ولحق بها.. فبمجرد موافقة الكونجرس الأمريكى على رفع الحظر عن المعونة الأمريكية المجمدة من سنتين.. وإنطلقت بصرعة عنواين صحفنا الرئيسية الطيبة بالأحمر العريض بعد برهة أو لحظات معدودة فى نفس الجمعة الموافق ۱۲ يونيو سنة ۲۰۱۵م.. تطالعنا بالبشرى السعيدة كالتالى: “الكونجرس الأمريكى يوافق على ۱٫۳مليار دولار مساعدات عسكرية لمصر”.. والأخرى والأكثر دهاء وفلسفة فسرت.. “3 أسباب وراء عودة المعونة الأمريكية”.. من وجهة نظرهم.. كما يتردد بالضبط لدى الإعلام الأمريكى بالتمام.. وعلى رأسهم تشديد الإلتزام بمعاهدة “السلام” كشرط أساسى لتصديق القرار وإعتماده بمضبطة الكونجرس لسريان مفعوله بعد توقيع الرئاسة بالطبع عليه..
لم يفكر أو يفطن أحد قط أو يخطر فى فكره أو ذهنه.. لماذا أصدر الكونجرس قراره.. ولماذا جاء هذا القرار فى هذا الوقت بالتحديد –– هذا هو نفس الكونجرس الذى هاجم بشراسة وضغينة وعدوانية حمقاء قرارات القضاء المصرى (المستقل) بالإعدام على المجرمين الخونة منذ أسبوعين فقط.. هؤلاء هم أنفسهم الأعضاء المنافقون الكاذبون الذين لم يبخلوا بكل ما فى جعبتهم من سفالة وإزدراء بالتطاول والتهكم على القضاء المصرى (العادل) فى كل وسائل الإعلام الأمريكى والغربى منذ أسبوعين فقط –– ماذا حدث ؟ “سبحان مغير الأحوال”.. يالها من صدفة ومفجأة لم يتوقعها أحد !!!.. هل يعقل أو يفهم أنها مكافأة مجزية صريحة تبارك أحكام الإعدام وتناقض موقف الكونجرس الصارم تجاه هذه القرارات من قبل.. بالطبع سيكون من السخافة والجهل أن تترجم أو تفسر على هذا المنوال والفهم الخاطئ.. فماذا جرى أو تغير أثناء مرور أسبوعين (فقط) ليقلب رأى الكونجرس “الأمريكى” رأساً على عقب.. ويستدعى إجباره على قراره وإرغامه بالعفو عن معونة قد أوقفت وأصبحت فى عالم النسيان لمدة سنتين كاملتين بعد (عزل) المعزول.. ياترى.. ماذا فكر الكونجرس الآن بالمعونة المنسية –– ومن الذى سأل عنها الكونجرس على أية حال بعد مهزلة التبجح المسعور والمتوحش بالإهانة البذيئة على القضاء المستقل.. وما السبب الملح الذى دفع الكونجرس الآن ليناقض موقفه المعارض وموقف حكومته المتشدد تجاه أحكام القضاء المصرى وثورة ٣٠ يونيو بصفة خاصة.. ويتخلى عن “القيم” (الوهمية) ويضرب بمبادئ “الديمقراطية” (المزيفة) عرض الحائط.. لم يكن هذا التحول السريع والمفاجئ وليد اللحظة أو بمحض الصدفة أو نابعاً عن ضمائر الرحمة.. (لا) الصدفة و(لا) الرحمة يعرف لهما طريق أو مسلك فى الحياة الأمريكية.. فكل شئ عندهم هناك مدروس ومرتب تماماً كما هو مدون فى الكتاب وأجندة الحسابات السياسية والإستراتيجية معاً..
على نقيض مما لا يعرفه دبلوماسيون “الإستقرار المصرى فى شرق أوسط مضطرب وراء القرار”.. يظل أبعد كثيراً من هذا الظن الوهمى الطائش.. فأى إستقرار يتحدث عنه “الدبلوماسيون” فى ظل الإرهاب اليومى المتواصل الذى وصل مخالبه القذرة والحقيرة إلى موكب سيارات (الرئيس) نفسه “حين عودته من مؤتمر شرم الشيخ”.. أربعة وعشرون (٢٤) ساعة فقط قبل “القرار” على حد زعم الجريدة نفسها فى نشرها الصادر فى اليوم السابق.. ومنذ متى أمريكا تبغى إستقرار أو أمن أو أمان مصر.. وكرر صيغة نفس السؤال والمدلول حرفياً لطفلها المدلل إسرائيل..
فما لا يعرفه “الدبلوماسيون” عن أمريكا “القوى العظمى”.. أنها لا تهاب ولا تهتم ولا تحترم سوى لغة “القوة” والبيان.. والتى لا يملكها سوى هؤلاء أهل الأدب والمعرفة الذين لا يحملون سلاح سوى درع الثقافة والفلسفة.. وبرقية الرئيس الروسى التاريخية لنظيره الأمريكى فى عام ١٩٥٦.. (يأمره) بإنسحاب العدوان الثلاثى من بورسعيد فوراً وبدون شروط خير برهان ودليل لفاعليتها بخاتمتها –– “وإن لم يتم تنفيذ هذا الأمر.. سوف (تدفن) لندن وباريس وتل أبيب (تحت) الأرض فى الساعة الثالثة تماماً بتوقيت جرينتش فى اليوم التالى” –– وعلى الفور.. وفى غضون أقل من نصف ساعة قد مضت على إستلام البرقية التاريخية.. خرج رئيس “القوى العظمى” أمام العالم أجمع ليأمر “حلفاء” أمريكا بالإنسحاب الفورى وبدون شروط مسبقة من (قناة السويس).. هذه هى اللغة الوحيدة التى تفهمها وتعيها وتحترمها أمريكا إحتراماً وإحراماً وتقدسها إجلالاً وإجباراً.. وظن الطيبون حينذاك أن الفضل يرجع لأمريكا (المأمورة) بتنفيذ “الأمر” النهائى والفاصل.. لم يكن فى مصر تليفزيون وقتها ليستطيع المرء أن يرى حالة هذا الرئيس النفسية حينذاك.. وحتى لو نشح أو بل بنطلونه.. لن يستطع أحد رؤيته لوقوفه خلف منصة ميكرفون شعار الرئاسة المخصصة لذلك –– لأن لهجة “القوة” التربوية الحاسمة المستخدمة هناك.. مفهومها ومدلولها واضح البلاغ والبيان (والكلام لك يا جارة) –– لم يكن هناك وقت لأمريكا حينذاك لتفكر خلاف ذلك –– فوجب عليها تنفيذ وتفعيل الأمر تفعيلاً إجبارياً كما هو.. وإرغاماً قاهراً لغير إرادتها.. ورغماً عن أنفها وأنف حلفائها المعتدين.. والأكثر أهمية.. أنف حلفاء “شيطان” (الناتو) مجتمعين.. رضت أو لم ترض.. شأت أو لم تشاء.. و(إلا) ! ! !.. (؟ ؟ ؟)..
ومن العدل والإنصاف الأدبى والتاريخى أن نذكر ونقر.. أن زعيم مصر الخالد فى هذا الوقت كان يخاطب العالم بنفس (اللغة).. بصرف النظر عن الأخطاء الجمة والجثيمة التى أوقع نفسه فيها وغيمت بسحب عواقبها الوخيمة على مصر عامة وحكمه خاصة فى ذلك الوقت التاريخى والمصيرى الحرج والعصيب.. ولولا تلك اللغة التى خرسنت علاقته بروسيا ووطدت صداقته برئيسها بصفة خاصة.. ما حرك مشاعر زعيمها النبراس وقائدها المخضرم فى ذلك الوقت.. ليجمد عقارب الساعة.. ويرجع عجلة الزمن.. ويدفع بها نفسها وبقوة دفة الحق والعدل لرد العدوان الثلاثى الغاشم.. وإرهاب وتلقين خصمه اللدود ونظيره “القوى العظمى” درس تاريخى (لم) ولن يسطع محوه من ذاكراته أو تاريخه القصير إلى قيام الساعة.. هذا هوالسحر الجوهرى والسهل الممتنع لبساطة ثمرة “لغة القوة” الداركة التى تخص وتميز أصحابها (فقط).. ومن يجيدوا منقبات أركانها ويقدروا قيمتها التى لا تقاس بمال أو جاه.. كدواء لكل داء..
قبل أسبوعين بالضبط لقرار الكونجرس ولغاية اليوم.. فقد تم نشر مقالة لهذا العبد المتواضع فى فكره وضمن محتوياتها رد حاد على الهجمات البربرية الشرسة الصادرة عن أولئك وهؤلاء الجهلاء ضد القضاء المصرى.. وكيفية التعامل معها من وجهة نظره البسيطة تحت عنوان.. “[فلسطين دولة وليست دولتين]”.. وفحوى مقتدى مقترفاتها فى بعض فقراتها يتمثل فى نداء وطنى صريح للحكومة المصرية.. يطلب ويناشد بإلحاح فى الحاجة الماسة لتقديم إعتذار رسمى من الكونجرس بالذات بجانب الأخرين لما إقترفوا من إساءة وإهانة فى حق القضاء الشامخ وبالتالى فى حق مصر وشعبها الأبى الأصيل.. وللأسف.. قد نشرت المقالة فى شتى الصحف الناطقة بالعربية فى أوروبا وأفريقيا وأسيا وأستراليا والشرق الأوسط وخصوصاً الدول التى أكثرها تعنت وألدها إستياء من (ثورة ٣٠ يونيو).. ولم يعرف أو يخبر عن نشرها فى أية صحيفة أو أى موقع إلكترونى فى أم الدنيا (مصر) –– حسباً بالخطأ أن ثورة يناير قد أتت وأنجبت معها فى ثمارها نموذج وركيزة “حرية” الصحافة والإعلام وأصبح واقع وركن حضارى و”ديمقراطى” مسلم به.. حيث قضت على قيود السلطة والإستبداد.. وكسرت وتجاوزت حاجز الخوف والرهبة السائد فى عهد الديكتاتورية البائدة.. ولكن مفهوم حرية الصحافة والتعبير لم يدرك بعد عند هؤلاء أصحاب النفوس المريضة التابعين لنغمات وإسطوانات التهليل.. عليكم عليكم.. ومعاكم معاكم.. المأمورين بعدم النشر لأصحاب النقد البناء.. حتى ولو كان هذا النقد ضدهم.. هذه هى حرية الصحافة ونزاهة التعبير وشرف النشر والطباعة الحقيقية.. وليست السلعة الصورية المزيفة التى يتبناها من يعرفون أنفسهم من منافقون وضعفاء النفوس والإرادة..
حرية الصحافة والتعبير ليست سلعة ولا نغمة يتغنى بها الضعفاء أصحاب العقول والقلوب المريضة المليئة بالحقد والضغينة نحو من هم أكثر منهم علماً وثقافة ومعرفة بمأرب ومغاهب الحياة والأحداث.. ولم ولن تكون منحة حكومية أو دستورية تهبها الحكومات وتعطف بها على من تشاء وتحب.. بغض النظر عن تدوينها فى الدساتير كما يفهمها ويفسرها أصحاب الديمقراطيات “المزيفة” –– حرية الصحافة والتعبير هى ممارسة فعلية وعملية مكتسبة عن حق (فطرى).. وتصميم إرادى صارم بعزم حاسم ويقين ثابت بنشر الرأى والكلمة الحرة.. حتى ولو كان بغضها أو مرها (لم) ولن يتفق مع فكر ومذهب الناشر نفسه –– فالحكومات والصحف فانية وزائلة.. والكلمة الحرة الصادقة هى الباقية للأبد –– والبكاء الذليل للحكومات على عدم تقييم صونها أو فقدان قيمتها الذهبية فى حفظ يقظة الشعوب وتنويرهم بحقوقهم وتذكيرهم بواجباتهم تجاه وطنهم.. وإنارة طريق الحريات من أجل المساهمة الفعالة والبناءة المجدية فى رفعة شأن المجتمعات المتحضرة لتقرير مصيرهم –– (غير) مقبول شكلاً أو موضوعاً –– رغب من رغب.. وأبى من أبى.. هذا التعريف الفلسفى والمنطقى لحرية الصحافة والتعبير الحقيقية لم يسبق له من قبل شرح أو تفسير على هذا المنهاج الوهاج من أحد فى عالم عباقرة الفكر والمعرفة أو ساحة رواد الأدب والفلسفة قبل هذا النص الحرفى.. ولن يوجد هناك ما ينافى أو يعارض ذلك الحديث أو المضمون..
فبدون شك.. بعد نشر المقالة المشار إليها أعلاه مباشرة وترجمتها حرفياً من قبل هؤلاء المتضررين منها.. علاوة على الخونة (الجواسيس).. وإرسالها لأعضاء الكونجرس –– قد ظهرت لمساتها وتأثيرها الفعال.. الإيجابى والسلبى معاً فى نفس الوقت منذ اليوم الأول وكل يوم وحتى يوم قرار الكونجرس.. عند محاولة إرسالها للصحف والمجلات فى كل مكان.. بإستثناء (أمريكا).. والتى تحتوى وتأوى عدد لا بأس به من الصحف العربية (الخاصة) “التابعة” لمكتب التحقيقات الفيدرالى.. (FBI).. الذى يراقب ليلاً ونهاراً هذا الموقع أدناه.. كاتب المقالة.. ليس لأى إشتباه “إرهابى” أو إجرامى أو خلافه.. بل لأنه يملك مفتاح ومحكم اللغة التى لا يقدر عليها سوى القلائل الذين لقبهم عملاق الأدب والفكر والفلسفة وسماهم “الصفوة”.. الذين لا يخشون ملك الملوك فى كتابتهم أو فكرهم.. سعياً وراء الحق.. وتعقباً لنور الحقيقة.. وخلفاً لكلمة العدل.. وسنداً للمساواة فى الحقوق والعدالة بين الجميع فى ظل مجتمع منصف وعادل لدعم شمس الحرية من أجل قيم ومبادئ عاشوا متمسكين بها.. وضحوا وفنوا حياتهم مدافعين عنها ومن أجل حمايتها.. ومصرين لصونها مهما كلفتهم التضحيات والعواقب.. وعازمين بإخلاص للزود عنها من أجلها وحدها.. وغاية لها ولا لغيرها ذاتها.. لرفعة عزة وشأن الإنسان والإنسانية نفسها.. والذين (هم) عن المناصب والكراسى وحب السلطة والتسلط معرضون.. والذين (هم) من يملكون ناصية الأمور ووقفة النقد البناء ويرافقونه بمفتاح الحلول والبديل.. ألا (هم) أولئك وهؤلاء “الصفوة” الذين خبرنا وحدثنا عنهم عملاق الأدب والفكر والفلسفة..
وبناء على ذلك.. إستحق العقاب المعتاد عليه من عهد بعيد وزمن طويل بتجميد شاشة الكمبيوتر مرة تلو الأخرى لغرض المقاطعة العقيمة والتى تؤدى بفعلها الأبلة وهدفها الأحمق السخيف إلى إغلاق الكمبيوتر وإعادة تشغيله مرات عديدة يومياً تحت دعوى (نشاط “تجسسى” قد إقتحم كمبيوترك).. مرفق مع تحذير بعلامة إكس (X) بالأحمر الفاره وسط الشاشة مفاده –– “وصلنا تقرير أن كمبيوترك قد هوجم بواسطة جهة أو فئة غير معلومة وربما وضعوا خط أو جهاز (تجسس) خارجى على كمبيوترك معتمد على مركبات فرعية خارجية ثابتة”.. رغماً عن الواقع أن المقالة المحورية مكتوبة بالعربية وليست بالإنجليزية والتى ضررها وأيضاً ضريبتها تدفع يومياً.. ولكن دعاية ودعابة عزف “ديمقراطية” (مزيكة) أمريكا الموسيقية (“المزيفة”) أدركت وأيقنت الأن أن اللغة العربية أشد فتكاً وهلاكاً وأعنف قسوة وضراوة من لغتها (هى).. تأثيراً ونقمة بضررها المؤذى لتشويه صورتها وسمعتها الذاتية الوهمية الهشة المصطنعة من صلب الخيال والتى تريد تصديرها وتمريرها بخداع وإيهام العالم الغافل والجاهل بها.. الصورة الوردية المزخرفة بشوك الكذب والخداع ومحور خلفيتها مغلف بأسلوب المرواغة والنفاق.. الوهم الخيالى الراغبين فى تمريره وتصديره للعالم الخارجى المولع بغباء وسذاجة فطرية بمتناقضات مجتمعهم الشاذ لرسم الصورة الوهمية المزيفة.. ودمس وإخفاء حقيقة صورة الواقع الأليم الذى يسأم ويترنح على حافة هاوية خاوية بلا عمد يرتكز عليه.. سوى الكذب والظلم والنفاق.. لأشرس وأعنف دولة (بوليسية) متوحشة ومحصنة بأحدث وأرقى أدوات التكنولجيا العصرية المتطورة والمتخصصة فى فنون وعلوم التعذيب الوحشى البربرى والغير أدمى فى إهانة وإذلال وتحقير حرمة وعورة الإنسان الذى أعزه خالقه عن دونه من المخلوقات كافة.. وقد أتت بأحدث موضة عصرية وتكنولوجية فى فن بربرية إهانة كرامة وعزة أدمية حقوق الإنسان.. والتى لم يشهد لها العالم مثيل من قبل.. ولا حتى فى التاريخ المعاصر أو الحديث.. والتى تمارس علنياً وبدون إحتشام تحت ضوء وعين الشمس وعين القضاة و”القضاء” الأمريكى (الجاهل) “المحايد” بدون (محاكمة).. أو حتى إعطاء الفرصة لتمثيل دفاع قانونى لهؤلاء المعذبون والمهانون فى الأرض تحت سطوة وقباحة التعذيب الوحشى البشع.. الذى شهد عليه خريحى (جامعات “جواتاناما بى وأبو غريب” الأمريكية الفلسفية والأدبية التأديبية فى فنون وعلوم تكنولوجيا بربرية التعذيب الوحشى وإهانة كرامة وحقوق “الإنسان” الحقيقية الحديثة).. والذين يعتبرون أبرياء فى عين القانون والعدالة (حتى) تثبت إداناتهم فى محكمة القانون تحت مظلة القانون والقضاء (العادل) كما هو عادة متبع فى كل بلاد “الواق واق”.. التى لا تحكم ولا تعرف إلى “الديمقراطيات” طريق.. وقد تم هذا الجبروت التعذيبى المتعجرف ببربرية الغابة الفطرية ومازال قائماً ويمارس للأن علنياً.. “عينى عينك”.. بدون (محاكم).. وفى غياب تام لحكم وسيادة القانون الذى تتغنى به أمريكا كذباً ونفاقاً لخداع العالم الجاهل عن جوهر حقيقتها الرافض للحق والحقيقة والعدالة للجميع.. وقد أصبحت نفس اللغة تهدد فى النهاية بالتأثير المباشر والفعال على مصالحها وإستراتيجيتها فى العالم الذى أساس ورأب حياتها أولوياً يعتمد تماماً.. كلياً وجزئياً عليه من الدرجة الأولى.. ولا يمكن لها أن تخسره أو تستطع القدرة على العيش من غيره.. ولا يوجد تفسير أخر يغير ذلك الواقع المرير والأكيد..
مصر (ليست) بحاجة إلى (وهم) “معونة” حقيرة من هؤلاء الذين ذموا ونموا فى حقها وحق أشرف وأعظم قضاء عرفه العالم وميزه التاريخ –– مصر فى آمس الحاجة إلى حكومة ترد الصاع بصاعين لأمريكا وكونجرسها.. وترفض رسمياً معونتهم المهينة.. وتطالب بقرار من نفس الكونجرس بإعتذار رسمى لإنتهاك حرمات القضاء الشريف والعادل ورد إعتباره أمام مجتمعات الغرب والديمقراطيات الزائفة –– لقد آن الآوان لفرض الطلاق الأبدى من كل المعونات والمساعدات الشكلية العقيمة التى لا تشفع ولا تغنى من جوع.. والتى “ظاهرها فيه الرحمة”.. “وباطنها من قبله العذاب”.. إهانة العزة والكرامة لشعب كامل.. لا يقبل أن يتحملها أى مصرى أو عربى شريف مهما كانت ضخامة أو تأثير المعونات الفانية.. وبنود ونداءات مطالب ثورة يونيو التى أعلنوها الثوار فى ميدان التحرير تأبى الإهانة وترفض المعونة.. فأين هم ثوار (٣٠ يونيو) المطالبين بطرد السفيرة الأمريكية ورفض المعونات الأمريكية حينذاك ؟.. أين ذهبوا هؤلاء بمطالبهم ؟.. أم إغراء الكرسى وعضوية البرلمان غشت على أبصارهم وفكرهم الآن وستغلق صفحة ما سلف ذكره –– ونسوا أن أم الدنيا دوماً ولادة –– وهى (وحدها) ستظل الباقية (وكلهم) زائلون..
رفض المعونة هو بالأحرى رفض (“التبعية”) والتأثير على صنع القرار وإستقلالية ونزاهة القضاء الذين يبغون جاهدين أن يجارى هواهم بإنتقاداتهم الحقيرة البغيضة ويسارى سياساتهم السلبية السائرة فى إتجاه واحد مسدود لا يعرف سواهم.. فلابد لكل حكومة قادمة أن تعى وتدرك درس ثورتى يناير ويونيو جيداً.. وأن عقلية وكبت شعب مصر المحكوم تحت ظلال وظلام (ظلم) ما قبل ثورة يناير على أيدى الدولة البوليسية قد ذهبت مع ريح ثورة يونيو العاتية الجارفة والجاحفة –– ولم ولن تعود ثانية.. شاء من شاء.. وأبى من أبى.. فطلاق التبعية كان ومازال مطلباً شعبياً نادت به الثورتين كأساس لإستقلال السيادة والقرار.. وإذا رفضت الحكومة الطاعة والرغبة فى الإستجابة والقبول لإقرار هذا الطلاق الشرعى المشرف.. ستعرض بالتأكيد الأمن القومى والسلم العام لمصير مجهول.. مداركه غير معلومة.. بدعوة عشوائية غير إرادية لحث المزيد من الثورات وعدم الإستقرار والذى يأتى فى رحابه الإرهاب القبيح واللاتى كلاهما مصر وشعبها فى غنى عنهما تماماً فى هذه الوعكة الحرجة والفاصلة فى تاريخها.. والمرحلة التاريخية المصيرية الحاسمة فى حياة أجيالها التى يمر بها شعبها لأول مرة فى تاريخها القديم والحديث..
وأصدق دليل هو ما صرح به وزير الدفاع الأمريكى السابق كعاقبة قاتلة من عواقب “المعونات” لفرض السيطرة والتحكم فى صنع القرار.. فقد أدلى فى مقابلة تليفزيونية منذ أيام معدودة –– أنه يتأسف على “الخطأ الكبير” الذى وقعت فيه أمريكا ورئيسها عندما طالبوا “المخلوع” (ديكتاتور) مصر السابق بأن “يرحل” فوراً ويسلم السلطة إلى المجلس العسكرى –– طبعاً هذا الوهم النفسى المتعجرف والفهم الخاطئ ناتج عن سوء فهمه وجهله بإرادة وإصرار المصريين المتأصلة فى دمهم.. وعدم إدراكه أيضاً أن الأمر والقرار لم يعد بعد فى يد أمريكا أو غيرها لتقرر كما تخيل.. وأن الشعب المصرى قد قرر قراره وقال كلمته التاريخية المأثورة.. *(“إرحل”)*.. التى لا رجعة ولا نقاش فيها.. لقد قالها صاخبة (له) ولمن (خلفه) وجاء من بعده من خلال خداع (الصندوق) “الوهمى”.. والتى سمعها العالم كله مدوية فى الأفاق فى كل أنحاء اليابسة.. وأمريكا كانت (أولهم).. وما على الجيش (أبناء الشعب) سوى السمع والطاعة المطلقة.. وتنفيذ أمر الشعب الآمر برحيل الديكتاتور والدكتور.. وغير ذلك.. الشعب (وحده) صاحب (الشرعية) ومالك (السيادة).. الأول والأخير.. دوماً على أهبة الإستعداد للذهاب إلى القصر الجمهورى لطرد وإرغام حاكمه على الرحيل رغم أنفه.. رغب أو لم يرغب.. رضى أو لم يرضى.. شاء أو لم يشاء..
هذه التصريحات المؤلمة ما هى إلا دليل قاطع وإعتراف غير إرادى وشهادة صادقة من أهلها على عاقبة ومغبة ومغمة (“المعونة”) الباطلة ومدى أثرها السئ والسلبى على مصر وشعبها.. وأهميتها (لهم) وليس لمصر.. لفرض السيطرة والتحكم فى صنع ومداولة القرار الداخلى والخارجى بما يعم بالنفع والفائدة (لهم) وليس لمصر.. وبالتالى فرض هيمنة (التبعية).. الهدف الأساسى والرئيسى من وراء المعونة والمساعدات والقروض وغيرها من المنح.. فالمعونة والتبعية توأم متلاصقين فى ثوب واحد شفاف.. لاينفصلان عن بعضهما البعض وعملة واحدة مزيفة بصورة كاريكاتيرية مزدوجة واضحة المعالم والأدلة لوجه واحد ذو مكر ودهاء.. هذه هى حقيقة (“المعونة”) المجردة بدون مداورات أو محاورات والتى شفافيتها تخزى كل المنافقين والخونة الذين يجادلون ويضللون الشعب بالنقيض المخالف لتلك الحقيقة النقية والشفافة مثل شفافية شروق الشمس.. ولولا خروج (إيران) من دائرة ومستنقع تسلط ونفوذ (التبعية) الهالكة.. ماربت الرعب ودبت الفزع فى (قلب) أمريكا قبل طفلها المدلل إسرائيل.. لتطورها المتفوق فى صناعة وعلم تكنولوجيا السلاح.. والمنافس بجدارة لنفس الذى يملكه خصومها تحت مزاعم أنها “لم تحصل عليه بعد”.. حتى يستيقظوا ويفيقوا يوماً ما.. ليس ببعيد.. ليشهدوا بأنفسهم إختباره على أرض الواقع المسلم به.. وما يهدد بمحو وفناء إسرائيل من على وجه الأرض بالدرجة الأولى..
ولم يتوقف وزير (الدفاع) السابق عند هذا القدر من الصراحة “المسردة” فى كتابه حسب ما أشار.. بل برر القرار الأمريكى بأنه قد أعلن فقط لإظهار أمريكا بأنها “تقف على الجانب الصحيح من التاريخ”.. فهذا هو الغرض الرئيسى من وراء المعونة.. لا أكثر ولا أقل.. لعل قومى يعلمون ويستيقظون ليرغموا الحكومة على رفض المعونة.. وإذا أغلقنا باب المعونة.. فهناك باب أخر مفتوح على مصرعيه لا بد من أن يغلق معه لسد ريح الشر والأشرار.. وهو عدم السماح إطلاقاً لأبطال أكتوبر فى أية تخصص من فروع القوات المسلحة المتعددة وخاصة “المخابرات” لتحضير دراسات أو حضور مؤتمرات عسكرية فى أية دولة أجنبية وأمريكا بالذات على وجه الخصوص.. ومصر هى مصدر ومنبع أول أكاديمية حرب قبل أن يكون لأى قوى عظمى مكان على خريطة العالم.. وأبطال أكتوبر فى غنى تام عن وهم أكاديميات الخارج.. هذا هو مطلب مصر الحرة المستقلة الأبية بقضائها الشامخ وحضارتها العريقة الذى يقره ويفرضه الأمر الواقع.. وهذه هى الحقيقة التى لا تقبل التشويه ولا الشوشرة ولا التشاور ولا تسمح أيضاً بالتغاضى عنها..
بالطبع لم يتطرأ الوزير بأى إدانة أو نبذ إرهاب الجماعة الإرهابية المحظورة لأن أمريكا والغرب عامة لم ولن يفكروا بوضعها فى قائمة الجماعات الإرهابية.. حلماً منها بالعودة لتنفذ أحلامها ومخططاتها الشيطانية والتى أفشلتها ثورة يونيو.. والحق يقال هنا.. أنه لا يوجد هناك لا طلب رسمى ولا إلحاح شفوى من الحكومة المصرية لهم يطالبهم ويرغمهم بذلك أو على الأقل لم يعلن عنه علنياً فى الإعلام المصرى او الغربى.. وهذا يأتى بنا لحدوته ولغة التصالح التى أصبحت لا نهاية سعيدة لها فى صحفنا.. (نقلاً) عن “القوى السيادية” والسياسية على حد زعمها..
للأن وللحزن.. لم تكف الصحافة الطيبة عن الحديث عن موضة وصداع التصالح مع الإرهاب الذى لفظه الشعب كله فى (ثورة ٣٠ يونيو) متناسين أو مستهزئين بمشاعر أهل ضحايا إرهابهم الأسود.. إذا كان فى الواقع قد صدر قانون هناك بتصنيف الجماعة “إرهابية” ومحظور نشاطها.. (إذاً).. أى صلح أو تصالح مازالت الحكومة والصحف تحدث الشعب عنه.. ولماذا قامت ثورة ٣٠ يونيو (إذاً) ؟ ؟ ؟.. تلاعب بمشاعر ذوى الضحايا الأبرياء غير لائق ويستدعى مراجعة النفس والضمير.. والإعتذار لهم مفتاح التصحيح.. وغلق باب التصالح أمام من قرروا أن يحملوا سلاح ويشهروه فى وجه أهاليهم بغياً وعدواً.. فبارك جيش أبطال زلزال أكتوبر الذين لم ولن يطلقوا رصاصة واحدة نحو أهلهم وشعبهم.. والخونة يدركون تماماً هذه الحقيقة جيداً.. وفضلوا أن ينصاعوا لأمر الشيطان ويعادوا أهلهم.. فلهم ما إختاروا ولا عودة فى ذلك.. هذه المتناقضات التافهة بسخافتها وسفاهتها المنحطة والمنبوذة المرفوضة شكلاً وموضوعاً.. ماهى إلا وقود وبذور لجذب مزيد من ضعفاء النفس من خارج مصر وداخلها لتنفيذ عمليات إرهابية وإجرامية.. وباب “السياحة” المفتوح على الهاويس لابد من إغلاقه الأن وكفى خداع لأنفسنا.. ودعاتها يجب أن يلتزموا الصمت والإحتشام حتى يعرفوا من هو سائح.. ومن هو “إرهابى” مجرم.. وهذه الحقيقة تحتم على مصر إغلاق باب السياحة الكاذبة فوراً.. التى يتخفى من ورائها الجواسيس والإرهابيين على حد سواء.. وسحب كل الجنسيات (بدون) إستثناء وبأثر رجعى لكل من (لم) يولد لأبوين وجدين (مصريين).. وأن يعدل بند الدستور المتواضع على هذا (المبدأ) والأساس الضرورى والمحورى فى هذه الفترة الفارقة الحرجة التى لا تقبل المفاوضة أو المحاورة أو المجاملة على حساب أرواح المصريين الأبرياء.. فمصر (لم) تكن ولن تكون (دولة) “هجرة”.. وليست مستعدة أيضاً لتغيير هويتها المصرية (الفرعونية) التاريخية الأصيلة الآن.. وكل معاهدات أو مواثيق دولية أو محلية وقعت فى عهد الديكتاتورية البائدة بما يخالف أو يتنافى مع هذا المبدأ والواقع التاريخى الأزلى.. ينبغى وضعها فى سلة المهملات مكانها الطبيعى حيث تنتمى..
وإعلان وتشهير أو مجرد ذكر.. [“الداخلية تطارد الصحافة”].. ليس العنوان (“الرئيسى”) اللائق.. ولا النقد البناء.. ولا الصفة الصح ولا الوصفة الصحية لمطلع الصحف.. ولا حتى المرآة المثلى التى تنشدها وتبتغيها مصر الآن.. مهما بلغت وعظمت الإختلافات والأراء قمة أوزارها وذروتها مع مؤسسات الدولة فى وجهات النظر من أجل مصلحة مصر.. والتى دوماً (هى) وستظل (وحدها) العليا وفوق الجميع.. هذا ما علمتنا وتركت في داخل قلوبنا وعقولنا ووجداننا.. (مصر)..
والتنويه أو ترويج دعاية “حرب أهلية”.. يظل خرافة من وهم تأويل وخيال الجهلاء والغفلاء.. فأشهر الحروب الأهلية المسجلة فى التاريخ المعاصر هى التى وقعت أحداثها على مسرح أمريكا بين قوتين متقاربتين فى التوازن والموازنة.. قوة حلف الجنوب ضد قوة حلف الشمال.. والباقى أصبح تاريخ.. فهذا النوع من الصراع الدموى خامتة ليست متوفرة لدى السوق المصرى.. ولم ولن يكون لها مكان هناك لترعرع فيه حسب فهم الجهلاء المحدود.. فيا لها من سخرية هنا لوجه المقارنة المعدوم لعدم توافق القوتين.. أو بالأحرى قوة واحدة بدون منافس حقيقى.. قوة شعب كامل خرج بالملايين ليطيح بجرف قلة (ضالة) لا بأس بها من العدد (الضخم) الذى يقارب زحام قطار الصعيد فى يوم عيد الفطر (الصغير).. وليس عيد الأضحى (الكبير).. بالأصح ستكون منافسة غير عادلة من جانب واحد بين خصمين غير متكافئين.. وهذا بالطبع لن يرضى أو يعود بالنفع على أمريكا التى تبغى حرباً أكثر حمأة كالتى عانت منها.. والأمر هنا يختلف تماماً.. فالأخوة الصعايدة فى الجنوب لا يرون سوى المودة والمحبة لأشقائهم الفلاحين فى الشمال الذى يربطهم وثاق الدم (الفرعونى) الأصيل.. هذه الحقيقة تناقض تماماً نظيرتها الأخرى فى أمريكا والتى تحوى شراذم مجتمعات من كل بقعة على الأرض ولا يربطهم صلة دم أو رحم.. بإستثناء قلة قليلة يقال لهم “الهنود الحمر” أصحاب الأرض الأصليين.. والذين لا يراهم الكثيرون من الأمريكان لعزلة معظمهم فى ولايات معينة وغالبيتهم إندمجوا مع المجتمع والواقع الذى يعيشون فيه.. وهم أناس أصحاب مبادئ وعلى خلق طيب ومنحادين تماماً عن عالم البغى والإجرام الذى يميز أمريكا عن غيرها من الدول الأخرى.. وعلى الجانب الأخر.. هناك من هم لا يعرفون أصلاً أولياء أمورهم أو من أتى بهم إلى هذه الدنيا.. هذه المواصفات والمقارنات الفارقة لا تتفق مع المجتمع المصرى أو أسلوب ونمط الحياة المصرية بشكل عام.. خلافاً عن الإختلاف الكلى والجذرى فى العادات والتقاليد القديمة والأزلية والتى منبعها الدين والعقيدة.. فمصر (ليست) ولم ولن تكون أرض خصبة لحروب أهلية أو طائفية أو غيرها.. مع الإستثناء الطفيف لبعض عائلاتنا الأحبة فى الجنوب حينما يدخلوا فى متاهة ألد الخصام وبعدها ثانى يوم حبايب.. هذا النسيج الحضارى الفريد يحيد مصر من هذا الفخ الدموى الممقوت حيث لا يصلح المناخ.. والمكان غير ملائم.. والعادات والتقاليد الأصيلة غير مهيئة بتاتاً لإستقبال هذا الفيلم الباهظ التكلفة.. والمسرح العام غير معد أو مستعد أو حتى جاهز لعرض وتمثيل سيناريوهات الحروب الأهلية عليه.. طبعاً الفكر الإرهابى فى شقاق تام مع هذه النظرة والنظرية العملية والفعلية بلغة الواقع واليقين التى يجهلها هؤلاء الجهلاء الذين يروجون لتجارة خاسرة وحلم فانى لن يهلك سواهم..
فكبرياء وعزة المحروسة أم (الدنيا) وتاج رأسها (مصر).. يغضبها كثيراً أن يدرجها السفهاء فى مثل هذا الحديث المبغوض والحط بها فى هذه الدرجة والمرتبة الحقيرة الملوثة بدماء الأبرياء مهما كانت التداعيات والمبرارات فى السعى وراء السلطة الزائفة والزائلة.. مصر تأبى مجرد سماع مثل هذه المهاترات الساذجة تقال وتحاور نحوها وتردد فى وسائل الإعلام أو غيرها من المؤتمرات والندوات الشعبية وخلافه.. ولم ولن تسمح بفكاهة مسرحية ومسخرة ما يسمى “حرب أهلية” –– تدخل الجيش أو (لم) يتدخل.. والبرهان قد وضحت معالمه مع (بدء) إشارة وشرارة اللحظات الأولى من (ثورة ٣٠ يونيو) عندما (فر) الإرهابيون من عقر دارهم (“المحصن”) فى المقطم وتركوا خلفهم كل ما يملكون (خوفاً) ورعباً من أن يفتك بهم (الشعب).. وليس (الجيش).. ولو ترك الجيش والشرطة الشعب حينذاك ليتولى أمرهم.. لفروا هاربين ومولين الأدبار من رابعة والنهضة بدون إراقة قطرة دم واحدة وقبل أن يعسكروا هناك بمحصنات وأسلحة ويرهبوا القاطنين فيهما..
تكريساً وتشديداً على ذلك.. ينبغى على الدولة أن تعى وتدرك بحرص أن الإرهاب لن ينهزم جذرياً بلغة السلاح وحدها حتى يتم محاربة (فكر) الإرهاب الأسود الضال بفكر مضاد ثقافى وفلسفى مستنير.. فلغة التكفير لن تهزم سوى بلغة الحكمة ليقظة قلوب وعقول أولئك وهؤلاء الذين ضلوا السبيل.. وإتخذوا من فشل الحكومات السابقة لحل مشاكلهم الإجتماعية ومشاكل المجتمع ككل فى غياب وغفوة العدالة الإجتماعية السائدة للجميع.. مرجعاً ومبرراً لتبرير إرهابهم وخروجهم عن القانون تحت إدعاء وفتوى عقيدة وإيمان.. وكلاهما يتبرأ من إدعاءات وفتاوى لا أساس لها فى (دين) أو مذهب فقه أو علم.. وهذا أمر فى غاية الأهمية والخطورة يوجب الضرورة القصوى والعناية فى التعامل معه بحنكة وحذر شديد للغاية.. يطالب الحكومة ويحتم عليها بأن توفر وتسخر المناخ الملائم والضرورى لإطلاق حرية الفكر والرأى.. والإقلاع والكف الكامل عن كل وسائل الكبت والقمع القديمة والتى أصبحت لا جدوى منها فى هذا العصر التكنولوجى المتطور بسرعة هائلة فاقت سرعة الزمن نفسه.. وترفع كل القيود والحواجز التى تحجب شمس ونور ثروة الفكر والمفكرين فى البحث العلمى والعملى للتنقيب عن مخرج آمن وخلق فجوة لإيجاد أبسط الحلول المثلى والعلاج الأفضل لشفاء مصر وتخليصها من كبوة مشاكلها المادية والإقتصادية والعمرانية المستعصية وغيرها من المشاكل الأخرى.. وعلى رأسهم مشكلة (“التبعية”) التى يستند عليها الإرهابيين كحجة إنتقام عدوانى آثم ونيل ضال حيوانى شرس من المجتمع البرئ من هذا وذاك.. ووضع نهاية حتمية وتعميمها فى الصحف والإعلام كافة –– بعدم المساس أو إهانة كرامة وأدمية أى شخص داخل أقسام الشرطة أو السجون حتى لو كان (إرهابياً).. ليشعر بذنب الإساءة لمن أحسنوا إليه رغماً عن عزمه لسلب حياتهم دون وجه حق.. عسى أن يكون يقظة له ليراوده أو يصارعه ضميره لينقلب على نفسه وعلى من غسل مخه بفكر الإرهاب.. ويدلى للأمن بمعلومات نافعة ومفيدة عن كل من وراء الإرهاب من محرضين ومموليين والعناصر الأخرى الخفية والمتأهبة لتنفيذ عمليات إرهابية أو إجرامية أخرى..
فى نطاقه.. غير مقبول شكلاً وموضوعاً السماح بإستقبال أية إرهابيين من خارج مصر.. ومن أمريكا بالتحديد.. أو حلفائها بغرض تعذيبهم لإستخلاص إعترافات أو معلومات وكلاهما غير قانونية وتسئ فى النهاية لمصر وزعامتها وسمعتها بالتساوى.. كما كان هو الوضع والحال المتبع فى عهد السابقان.. الديكتاتور (المخلوع) والدكتور (المعزول).. فتاريخ أمريكا (الأسود) الكاحل مع مصر والعرب عامة.. لا يستحق مثل هذه المغامرة والمعروف الباهظ الثمن.. والمجازفة الغير إنسانية التى لا يحمد عقباها.. ومن هذا.. لا بد لنا أن نقف برهة ونتذكر السيرة السيئة لذلك التاريخ.. عسى أن تشفع لمن تنفعه الذكرى..
هنالك وهناك كان يوجد (لغز) غامض يحاورنى دوماً.. وحير حياتى وفكرى لعقود طويلة وسنين عجاف منذ إمتحان إملاء الإبتدائية العامة.. والذى كان موضوع الإنشاء أيضاً والمعمم على مستوى (الجمهورية) محوره يدور حول “وعد بولفور” (الملعون) والمشؤم.. وظننت أن هذا اللغز المحير سيصاحبنى إلى قبرى كما صاحب أجيال بعد أجيال.. وضمنهم من ضحوا بدمائهم العطرة الذكية وإستشهدوا من أجل فاكهة العرب (فلسطين).. حتى أتى الفرج من حيث لم أحتسب.. وجأت معه المفجأة التى لم أحلم أن تكون من الممكن أن تزورنى حتى فى مضجع منامى لحل اللغز الغامض مرة وإلى الأبد.. وفى الواقع.. ليس بمعنى اللغز الحقيقى.. ولم يكن أيضاً بحاسة المفجأة الحقيقية رغم دهشتها وليست صعقتها.. بل أمر متوقع والدهشة مصدرها ما هو إلا نتاج عن عدم التفكير أو التمحص فيه بدقة وجدية.. لأن أشرف مشير (قتل) فى تاريخ العسكرية المصرية وزعم (“إنتحاره”) بالكذب وقتذاك.. قد أخبرنا وأبلغنا بها ورفض قائده أن يصدقه حتى يأتى له بدليل قاطع لما “يدعى” بأنه “الحقيقة” حينذاك..
فحين قربت من الإنتهاء من كتابة هذه المقالة مختصرة (قبل) مدها.. وقررت أن أتنقل بين قنوات التلفاز بحثاً عن مشاهدة مباراة كرة قدم.. وجدت نفسى فى منتصف أو ربما خاتمة لحلقة (“وثائق”) تاريخية.. والتى عادة أتجنبها لعدم الرغبة فى شراء تاريخ مشوه ومزيف من قوم (“مختارين”) ومخادعين (كذابين) و”مضلين” أعرفهم عن ظهر قلب وعقل يقين.. أو تلويث فكرى بميكروبات وجراثيم عقلى وقلبى فى غنى تام عنهما.. حتى (جأت) سيرة (حرب ٤٨) والتى أطلق عليها الطيبين ومعهم الجهلاء.. (“هزيمة ٤٨”).. (“حرب الأسلحة الفاسدة”).. وفى الواقع لم تكن هزيمة على أى مقياس عسكرى.. بل نصر على وشك التحقيق ليسود قد رفض له (الشيطان) أن يتم ويعم.. ولم يكن هناك أساس لوجود أسلحة فاسدة كما روج (الشيطان).. الذى أراد أن يضل “خير أمة أخرجت للناس”.. كى يصرف النظر عن حقيقة “النصر” الذى سلب عنوة بيد وبطش (العدو) الحقيقى المتخفى وراء الستار.. والمستخف بعقول من هم أذكى وأبصر وأحنك فكراً وكراسة منه.. ومن هو من وراء وخلف مسانداً وداعماً فى الخفاء والعلن من أجل قهر من هم (لا) يستطيعون و(لا) يقدرون على قهرهم.. وصدق القرآن والتاريخ..
وذهبت “حلقة التاريخ الوثائقى” تحت مسمى.. “جناح ودعاء”.. (“”A Wing And A Prayer).. تروى عن قصص صادرة من أفواه طيارين أمريكان من أصل (يهود) ومن معمرين “الحرب العالمية الثانية” أنفسهم.. يتباهون كيف شكلوا نخبة من الطيارين (بدون) “علم” الحكومة الأمريكية.. التى “سمحت” لهم بشراء (منها) “طائرة ب––١٧((B-17 قاذفة القنابل الثقيلة”.. ثم أصبحوا فيما بعد ثلاثة طائرات وأكثر ومعهم ست طائرات أخرى من طراز س––٤٦ كوماندو (The Curtiss C-46 Commando).. ثم ذهبوا بهم إلى بنما لكتابة إسم “مزيف” عليهم.. وبإعجوبة مذهلة.. تلك الطائرات تنقلت من بنما إلى كازابلانكا والتى إستقبلتهم بقلة متظاهرين أمام المطار بهتافات “تسقط إسرائيل.. والموت لليهود”.. حسب قولهم.. والذين إشتروا سكاتهم بحراسة طائراتهم مقابل أجر مادى زهيد.. وتحويلهم من “أعداء إسرائيل إلى حراس طائرات إسرائيل”.. على حد سخريتهم وسخافتهم الحمقاء.. ثم غادروا متوجهين إلى أوروبا مروراً ووقوفاً فى تشيكوسلوفاكيا وصقلية فى إيطاليا ثم إسرائيل.. وأن نفس الطائرات كانت محملة فوق طاقتها بالأسلحة الإعتيادية كالبنادق والقنابل والذخيرة لتسليح الإسرائيليين فى (“فلسطين”) بعد رحيل بريطانيا.. وطائرة منهم إنفجرت عند هبوطها فى مدينة المكسيك لزيادة حمولتها وفقدوا إثنين من الطيارين معها كعاقبة.. ويشددون فى حديثهم أن “الحكومة الأمريكية” (لا) علم و(لا) خبر لها فى كل ذلك التآمر.. وفى نفس الوقت.. يناقضون أنفسهم حين يدعوا أن “مكتب التحقيقات الفيدرالية (كان) “يبحث” عنهم.. ولكنه “عجز” فى الوصول لهم (إلا) فى “النهاية” على طريقة “هوليود”.. بعد أن أنهوا مهمتهم بنجاح وإنتهت “محاكمتهم” بغرامة قدرها عشرة ألاف دولار لكل من رجع منهم على قيد الحياة.. طبعاً “فاصوليا” (خضراء) من الصعب بلعها أو هضمها بسهولة.. طائرات حربية وذخيرة وأسلحة بهذا الكم والحجم من الحمولة تخرج من الدولة (أمريكا) “القوى العظمى” فى العالم بدون إذن أو أمر أو حتى “علم” الحكومة فى أعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة.. أمر من الصعب بلعه أو هضمه.. الإعلام الصهيونى عادة ودوماً يظن أن العالم الذى يحدثه شبيه بشعب أمريكا “الأهطل” الذى لا يعرف أين تقع بلده على خريطة العالم.. والجغرافيا والحساب يعتبران عدوان لدودان لا ينفصلان عن بعضهما البعض لطلاب المدارس والجامعات الأمريكية على السواء وبدون إستثناء.. يظل تصديقاً لما سبق ذكره..
والمهمة “البطولية” (المشينة) حسب إعترافاتهم بأفواههم.. مفادها يتلخص.. أن الطفل “المدلل” (صاحب) أكذوبة “الجيش الذى لا يقهر”.. إنتابته “فأجأة” نوبة حادة وإنهيار عصبى مع صرعة شديدة قد تفتك به وتؤدى بحياته وفنائه ناتجة عن نزيف حاد ومتواصل لزحف (أبطال) الجيش المصرى بدباباتهم ومدرعاتهم ومشاتهم دون توقف “على مشارف قريبة ومشارق ببعد أقل من ست (٦) أميال فقط من دخول وإقتحام العاصمة (تل أبيب).. “التى يدكها الطيران المصرى بعنف وقسوة ليلاً ونهاراً”.. فكان قرار أمريكا.. (معذرة).. “حكومة أمريكا” لا علم لها بهذا كله.. قرار (طيارين) وطيران (أمريكا).. بسرعة إسعاف وتقديم العلاج الفورى.. والعجلة بالعودة مرة (“ثانية”) لطلب (“المزيد”) من طيران الحرب العالمية الثانية ((B-17 لإستخدامه فى “ضرب” القوات المصرية التى يبلغ عددها “عشرة ألاف” الزاحفة بسرعة فائقة نحو تل أبيب ليلاً.. وقصفها فى نفس فجر اليوم المقرر لها أسر “العاصمة” (تل أبيب) والسيطرة عليها فى صباحه.. ثم الذهاب لضرب الطيران المصرى على (الأرض) أيضاً.. يبدوا مألوفاً لنا وعلينا هذا السيناريو المكرر والفيلم المعاد فى ٦٧.. تحت نظرية “نذهب لهم قبل أن يأتوا لنا”.. أليست نفسها هى النظرية بذاتها التى ذكرت فى المقالة السابقة التى تطالب الحكومة المصرية (“لتوصيل الإرهاب نفسه للإرهابين قبل أن يوصلوه إلينا”) المؤرخة ۲٦ مايو سنة ٢٠١٥ م.. هذه الحلقة “الوثائقية” أذيعت مساء الإثنين ٢٢ يونيو سنة ٢٠١٥ م.. وأعيد بثها قبل منتصف ليل يوم الأحد ٢٨ يونيو سنة ٢٠١٥ م.. شهر تقريباً فاصل بينهم.. فالفكر والتفكير مصرى صرف..
لم تتوقف بجاحتهم وعجرفتهم عند هذا الحد.. بل تمادوا فى عدوانهم وبغيهم بخرق كل الأعراف والمواثيق الدولية كمجرمين (حرب) بقصف القاهرة ودمشق وغزة بالقنابل على روؤس المدنيين ومحاولة قتل الملك الفاسد فى طريق “عودتهم” إلى (أمريكا) لمواجهة “العدالة” (الوهمية) الكاذبة تحت إدعاءهم البربرى “نحن قادرون أيضاً إلى الوصول إليكم”.. وتبرير مهمتهم الإجرامية الوقحة بالكراهية وإنتهاك الحرمات أنها كانت “لمنع تكرار محرقة أخرى ضد اليهود.. ومد دولة اليهود مهلة البقاء على قيد الحياة ليوم أخر”.. هذا مبرر (أعوج) لأصحاب “الديمقراطية” المزيفة وعمالقة إغتصاب (الأرض) بالقوة المصطنعة التى أوشكت على الرضوخ للأمر الواقع.. ورغماً عن عنصر المفجأة والمباغتة الذى إستخدمه هؤلاء (“مرتزقة”) وشراذمة طيارين (“أمريكا”) وطياراتها المظفرة فى الحرب العالمية الثانية.. نظراً لعدم توقع إسرائيل بشن هجوم (جوى) مثل هذا حيث أنها (لا) تملك طيران فى ذات الوقت.. لقد لقنتهم وكبدتهم قوات الدفاع الجوى المصرى وطيرانه فى (٤٨) درس معتبر ومؤلم بإسقاط وتحطيم ثمانية طائرات وقتل طياريها (“الأمريكان”) معهم.. حسب إعترافاتهم وشهادتهم.. فلم تكن مجرد نزهة أو “بطولة” وهمية مرت بلا (عقاب) قاسى ومرير.. وإذا دل ذلك على شئ.. فإنه دليل وإعتراف قاطع وصريح من (الأعداء) أنفسهم على مدى تطور قوة وقدرة سلاح (الجو) المصرى فى ذلك الوقت العصيب (بدون) أمريكا وطيران أمريكا.. الذين يريدون إيهام المغفلين بالكذب أنه الأفضل لفرض وهم “المعونة” الملعونة.. والحقيقة خلاف ذلك تماماً..
الآن.. بعد (“٦٧”) عاماً قد مضت بالتمام.. نقدر أن نقول بإثبات ودليل قاطع باليقين أننا قد وضعنا أيدينا على مفتاح اللغز الغامض الذى كان مخفياً ومدفوناً فى جيب وجعبة (المجرم) الحقيقى.. الشيطان (الأخرس) الساكت عن الحق.. والخارج عن كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية رغماً عن محاولتة العقيمة للتنصل من عدوانه وتبرير جريمته الشنعاء.. التى ما هى إلا إضافة إلى تاريخ دموى قذر ملوث بدماء الأبرياء من أجل فرض هيمنة هشة سوف تندحر.. ولن تشفع لها عدوانيتها لتحيا أو تعمر.. ولن تنفعها قوتها لتستمر أو تدوم.. والأكثر أهمية.. لقد سلطت الضوء الباهر على “خدعة” و(وهم) “أسطورة الجيش الذى لا يقهر”.. الذى هزم (“خمس جيوش”) بطائرات عربدة وعجرفة (أمريكا).. الأسطورة التى رسمتها وصنعتها وزخرفتها ثم شربتها (أمريكا) بعمد وإصرار مريب للعالم كله بغرض تمريرها على العرب لدب روح اليأس والهزيمة فى قلوبهم.. لعلمها التام.. أنها نفسها (لا) تقدر على حربهم أو هزيمتهم.. وهم (العرب) قادرون على تركيعها للركب.. وزلزال أكتوبر أيقظها وأيقظ العالم معها من غفلتها لتراجع حساباتها الخاطئة.. وبالطبع.. كانت هناك يوماً ما شبه “خرافة” يقال ويهلل لها بكذب (الطبل) والزمر (الأمريكى).. “أسطورة الجيش الذى لا يقهر”.. حيث أنه لم يخوض معركة منذ أن تكفلت أمه (أمريكا) أن تخوض المعارك عنه ومن أجله.. بداية من حرب (٤٨) ونهاية بحرب (“٦٧”) والمحاولة والحيلولة اليائسة لوقف زلزال أكتوبر (٧٣).. الكابوس المزعج الذى هز وفز ونفض وسادة ومضجع الطفل المدلل (إسرائيل).. وأفاقها من سباتها العميق ليوقظها من دوامة حلمها الوردى والوهم الكاذب الذى عاشت فيه لحقبة قصيرة وكادت أن تصدقه.. لولا أن طرحها بجبروته أرضاً وتركها تترنح وتتوسل لأمها (أمريكا) طالبة الإغاثة المسعفة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لتحيا يوماً أخراً.. وفضح أكذوبة الأسطورة الوهمية وجاء بنهايتها المؤلمة المخزية.. وخذل معها خرافتها وخرفشتها الخرقية ليدفنها زلزال “غفران” (الفراعنة) الغفير الساحق تحت مياه قناة السويس الدافئة إلى أبد الأبدين..
لقد أتت ثمارها أيضاً بجواب للسؤال الذى حير وراود الكثير فى كل بقاع الأرض.. كيف إستطاعت إسرائيل وقف زحف الجيش المصرى من دخول (تل أبيب) وضرب طيرانه على الأرض من الجو فى (حرب ٤٨) وهى (لا) تمتلك طائرة واحدة أو حتى دبابة ؟.. وهذا الدليل الذى ظهر بوضوح معالمه الآن.. قد فك لغز ضرب الطيران على الأرض مرة ثانية بنفس النهج وأسلوب الطيران (الأمريكى) “نفسه” الذى بدأ ونهى حرب (“٦٧”) قبل أن تبدأ أو تكون معركة على نمط أو نموذج التعريف الحربى أو العسكرى من الأصل.. ولكن الفرق كان شاسعاً بين خبرة قادة جيش مصر فى الحربين.. فخبرة وحكمة القيادة الأولى لم تسمح للقوات أن تتزحزح شبر واحد من سيناء أو حتى (غزة).. ولم تتجرأ إسرائيل أن تقترب شبراً واحداً من كلتاهما.. على عكس القيادة الثانية الفاقدة لحنكة القيادة وخبرة الحروب ومكر المراوغة بأمرها بالإنسحاب الخاطئ والقاتل من سيناء وغزة.. وتركهما أو بالأحرى إهداء كل منهما لإسرائيل على طبق فضى لتنعم بهما.. وهى تعلم تماماً أنها فى مواجهة تحدى أمام عدو (جبان).. لا يستطع التجرؤ بإجتياح أو إجتياز سيناء إلا وهى خالية تماماً من الجنود حتى ولو كانوا بدون سلاح.. ربما كان تحت مبدأ العقيدة الخطأ والفهم الخاطئ بعدم وجود مظلة (طيران) يحميهم.. فإذا كان صحيح.. فهذا أشد وطأة بمعالجة خطأ بخطأ أكبر وفادح بتعريض الجنود لمذبحة حتمية لا مفر منها.. وتوقيعهم فى فخ عدو همجى بربري (“جبان”) لا يعرف خلق أو رحمة أو إنسانية ليفتك بهم فى صحراء مفتوحة شاسعة وجبال صخرية وعرة.. ولعل الدرس الباهظ التكلفة فى ضياع أرواح الشهداء جزاء هذا الخطأ الجثيم يكون حسن إيقانه وتعليمه صوب الدراسة والتحليل لتفادى تكراره.. وسلاح المهندسين العظيم يملك سلك وأساليب المعرفة المحنكة ومكر المرواغة.. وكفيل بخلق المناخ الملائم والتعامل معه بمظلة على الأرض ومن الأرض لتأمين الجنود والعتاد لحمايتهم من بطش الطيران فى مثل هذه الحالات النادرة وبدون إنسحاب.. لأن القائد الذى سيكرر مثل ذلك (الإنسحاب) الإنتحارى بقرار عفوى غير مدروس حسابياً أو إستراتيجياً.. لن يتقبل شعب مصر الواعى الآن تنحيه عن الحكم فقط.. بل سيطلب رأسه فى التحرير..
قرار خاطئ أضاع سيناء بالكامل وغزة معها.. لم يكن فى إستطاعة أو فى حلم أسرائيل أن تدخل سيناء إلا فى غياب القوات المصرية.. وهذا عاقبة قرار الإنسحاب الخاطئ الذى جلب على مصر المآسى وأضاع سيناء فى ركبه.. وليس من المبالغة أن نقر ونعترف بكل فخر.. بأن (لا) قوة على الأرض تقدر على دخول أى مدينة فى مصر.. (إلا) إذا كانت خالية وخاوية تماماً من الجنود والمدنيين مهما بلغت عظمة وشأن هذه القوة.. والتاريخ لا يكذب.. وأبطال المقاومة الشعبية الشجعان وقائدهم الشيخ (الحقيقى) الجليل.. الذى رفض أن ينطاع لأوامر القائد الأعلى بإخلاء المدينة وتسليمها سليمة لعدوهم.. قد لقنوا إسرائيل والعالم كله درس لن ينسوه من ذاكرتهم وإستحقوا به تلقيب الصحافة العالمية وإسرائيل بالتبعية بإقرارها.. أنها عجزت أن تحقق ما هدفت الثغرة لتحقيقه.. كمحاولة يائسة فاشلة لتهدئة رهب وروعة “زلزال يوم الغفران” المروع.. لبسالة وصمود (“ديناصورات السويس”) وقسوتهم عليها وعلى جنودها.. الذين علا صراخهم وملأ بكاؤهم أصداء المدينة ينادون ويبحثون عن (“مضمد”) لجراحهم لوقف نزيف دمائهم.. ألا هم (“ديناصورات السويس”).. الذين دمروا كل دبابة فكرت أو حاولت تجاوز حدود مدينتهم الحرة.. وسيظل لهم الفضل فى تنجية مصر وتجنب جيشها وشعبها من مساوئ مصيبة تكرار مرارة الإنسحاب الذى أشار بها رئيس الأركان الفاشل.. الذى مرد على الإنسحاب من سيناء بدون (أدنى) “أذى” له أو كتيبته فى الحرب التى عمرها ما أخذت مكان وإنحسبت على مصر “نكسة ٦٧”.. ولم يخطر فى ذهنه حينذاك أن يتخذ موقف الرجال والقواد.. والذى ما فعل ولقنه له ولغيره (شيخ) المقاومة الشعبية لتصحيح خطأ حربى فاضح من صنع سوء إدارته للمعارك.. حين ترك فجوة بمساحة تزيد عن كيلو متر تقريباً بين الجيش الثانى والثالث وترك إسرائيل تتسلل ليلاً من خلالها لتسد له الفراغ الذى غفل عنه وأهمله.. نتيجة سوء إدارته المتواضعة للمعارك الذى دارها من غرفة العمليات فى (القاهرة) وليس أرض الواقع (سيناء).. وإهماله بحجب نفسه وقيادته بالإطلاع على الصحف والأنباء العالمية التى أوضحت وأبرزت بالصوت والصورة “هزيمة” (إسرائيل) وتحطيم دباباتها على (أبواب) السويس وتحويلها إلى (لعب) يتسلقها أطفال السويس ببجامات النوم حفاة (الأقدام).. كما نشرت صورهم فى كل الصحافة والإعلام الغربى.. وفرغ نفسه ورأسه لوهم ماكينة الدعاية الصهيونية الكاذبة بتطويق وحصار الجيش الثالث.. والحقيقة كانت العكس تماماً.. حيث إنحصرت قوات العدو بين أسنان كماشة مغلقة من كل الجهات من السويس إلى الدفرسوار.. وكوبرى “النجاة” الذى بنوه تقليداً على طريقة ودرب (الفراعنة) للمرور إلى الضفة الغربية من القناة.. قد دمرته وإلتهمته نيران قنابل أبطال (الصاعقة) بأمر من القائد الأعلى.. وإستشهد قائدهم البطل على أثرها بشظية طائشة بعد أن إطمئن قلبه ورأى بعينه أن المهمة البطولية التى كلف بها وأتى لها برفقة أبطاله قد تمت وأنجزت على أكمل وأتم وجه..
وخلاف ذلك.. ما كان لإسرائيل البكاء والإلحاح فى طلب وقف إطلاق النار.. لأن “(الدفرسوار) أصبحت كابوس (المقبرة) المشؤمة” –– التى كان دوماً يسأل (نفسه) “ليلاً ونهاراً” عن حفرتها التى (حفرها) بنفسه –– “كيف سنخرح (منها) ومن (جحيم) النيران التى تلاحقنا فى كل مكان.. ونحن (غير) قادرون على وقفهم” –– حسب ما صرح به (عقل) “الثغرة”.. الذى رحل متأثراً بكابوس غيبوبتها الأبدى الذى غشى بالرعب والخوف على مفاصل مخه وطارده بلعنته ليأتى بأجله فى عقر داره (“إسرائيل”) –– ولم يفطن أو يدرك فى ذهنه أو يخطر فى خاطره.. ولم تشفع أو تنفع له أيضاً عجرفته الوقحة.. بأن “غيبوبة” (كابوس) “الثغرة” الذى أرهق وأرق سكونه وأزعج عقله وأهلك منامه وسباته.. والذى حدث العالم عنه بعجرفته المعهودة.. سوف يطارده فى حياته وينتهى المطاف به إلى باب قبره ليصاحبه ويحاصره فيه حتى تقوم الساعة –– ويجعل منه عبرة وعظة لكل معتبر بصير ––
عاصم أبو الخير