الانتهاكات الحقوقية في حظر الحركة الاسلامية
تاريخ النشر: 24/11/15 | 11:53جريمة هي حظر الحركة الاسلامية، جريمة نفذتها المؤسسة الرسمية الاسرائيلية ضد جسم سياسي في مجتمعنا الفلسطيني يمثل مئات الآلاف من هذا المجتمع والملايين في الحاضر العربي والإسلامي الكبير. وتأثير الحركة الاسلامية لا يقتصر على اولئك المنتمين لها، بشكل فعلي فحسب، إنما يتعدى هذا التأثير إلى كل الذين يرون في الحركة الاسلامية من يمثل وجدانهم وتطلعاتهم وهمومهم، ويتكلم باسمهم ويعبر عما يجول في خاطرهم، ويدافع عن حقوقهم ويقف عند ثوابتهم.
جريمة هي حظر الحركة الاسلامية، وتتعاظم هذه الجريمة عندما تقوم المؤسسة الرسمية الاسرائيلية، والتي يقف على رأسها نتنياهو، باستعمال الكذب، والتضليل، والتزييف، والديماغوجيا الرخيصة، وتنشر الاشاعات الكاذبة حول الحركة الاسلامية وبشكل مكشوف ومعلن “وعلى عينك يا تاجر”. فكيف نفسر، إذاً، الربط بين الحركة الاسلامية وداعش – على سبيل المثال – والكل يعلم موقف الحركة الاسلامية الواضح والصريح منها (بالمناسبة الحركة الاسلامية اول من حدد موقفه من داعش وصدر في ذلك بيان رسمي). وكيف نفسر نشر اشاعات من طرف الاجهزة الامنية الرسمية حول ضبط مبالغ مالية كبيره جداً، تصل الى عشرات ملايين الدولارات، في مكاتب الحركة الاسلامية أو في المؤسسات التي حظرت، والحقيقة المعروفة لهذه الاجهزة هي أن مجموع المبالغ التي تم حجزها والتي تواجدت في مكاتب الحركة الاسلامية لا تتعدى عشرات الآلاف من الشواقل لا غير. وهنا يحق لنا ان نسأل ، هل نشر هذه الاشاعات هي جزء من القانون والنظام الذي يريدون ان يفرضوه علينا ؟!! وهل الكذب المفضوح والتضليل هو القانون الجديد الذي يريدون ان يفرضوه علينا ؟!!.
جريمة هي حظر الحركة الاسلامية، وتصبح هذه الجريمة أعظم، عندما يتم استغلال ألآم وضحايا ودماء الفرنسيين وتوظيفها في منظومة الكذب والتضليل في حربه ضد الحركة الاسلامية. لم يشهد العالم اقبح من الذين يستغلون دماء الابرياء الآخرين، ويرقصون فرحاً على اشلاء الضحايا الآخرين ، في حربهم ضد خصومهم السياسيين. ان الرقص على ألآم الاوروبيين في هذه المرحلة لهو الاستغلال في اسوء وجوهه.
نعم، جريمة هي حظر سبع عشرة مؤسسه خدماتيه تخدم المجتمع الفلسطيني في الداخل وفي القدس المحتلة، هذه المؤسسات نجحت نجاحاً كبيراً في خدمة المجتمع، كل المجتمع، لم تميز بين فئة وأخرى، لم تميز بين طائفة وأخرى وكان شعارها اذا كنت محتاجاً فأنت المستحق. تفانت هذه المؤسسات في خدمه الإنسان، وتفانت في بناءه بناءاً سوياً. قدمت خدمات على اعلى مستوى من المهنية، وكان جل همها أن تنجح في بناء الانسان بناءً سليماً بعيداً عن مشاريع التدجين، بعيداً عن سياسات التجهيل التي تمارسها نفس السلطة الرسمية ضد الانسان العربي، بعيداً عن خطط فرض التبعية المطلقة، بعيداً عن برامج تشويه الهوية، بعيداً عن سياسات الخنق والملاحقة. نجحت هذه المؤسسات بالضبط في نفس الموقع الذي فشلت فيه المؤسسات الرسمية، نجحت هذه المؤسسات لأنها تنشر الخير وتحارب الشر، وتسير في ركب الحق ضد الباطل، وسارت مع الفطرة الانسانية التي فطر الله عليها العباد.
الكل يعلم أن الحركة الاسلامية تمارس برنامجها الخدماتي والسياسي بشكل مكشوف للجميع. والكل يعلم أن كل نشاطات الحركة الاسلامية سواءً المحلية أو الدولية أو علاقاتها أن نسجتها في خارج البلاد مع شخصيات أو مؤسسات، تخضع لمراقبة قانونية صارمة من طرف محامين مختصين. والكل يعلم أن تمويل الحركة الاسلامية، وعملية تنفيذ المشاريع، وعمليات الصرف والإنفاق، تتم تحت مراقبه صارمة شرعية، وقانونية، ومحاسبتيه. لضمان اولاً، شرعية العمل، وقانونيته من جميع جوانبه.
نعم، جريمة هي حظر المؤسسات التعليمية، لأن هذه المؤسسات تحارب الجهل والتجهيل الذي تمارسه الدولة الرسمية. ولذا فإن معنى حظر هذه المؤسسات هو عودة إلى أيام الحكم ألعسكري وإلى سياسات التجهيل، وإلى سياسات الوصاية والحجر على الفكر وعلى العمل وعلى التعليم وعلى التحرك. ان الوصاية والحجر على فكر الانسان يصنف المؤسسة الرسمية الاسرائيلية في مصاف الأنظمة الشمولية، التي لا تفرق بين الخير والشر ولا بين الحق والباطل ولا بين القانون والفوضى، إنما كل همها هو أن تفرض سياستها وبرنامجها بغض النظر إن كان صحيحاً أو خطأ، إن كان قانونياً أم غير قانوني. إن هذه الجريمة تعيد المؤسسة الرسمية الاسرائيلية إلى الفترات المظلمة في تاريخ الانسان، تاريخ انتهاك الحريات العامة والحريات الشخصية، حرية الفرد، وحرية التعبير عن الرأي، وحرية العبادة، وحرية التنظيم، وحرية العمل السياسي، وحرية العمل المؤسساتي وحرية الحركة والتنقل. كل هذه الانتهاكات هي جرائم، ليس بحق الحركة الاسلامية فحسب، إنما بحق كل المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني.
جريمة هي حظر الحركة الاسلامية لأنها تمهد لجريمة أخرى كبرى لإستهداف المسجد الأقصى المبارك، إستهداف هوية المسجد، تثبيت الاقتحامات اليومية لليهود، تفريغ المسجد الأقصى المبارك من المسلمين، الإستفراد بالمسجد الأقصى المبارك والاستفراد بالمقدسيين. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن مدينة القدس والمسجد الأقصى مقبلان على خطر شديد جداً يتهددهما بشكل مباشر ويتهدد الوجود الفلسطيني في داخل المدينة المباركة ويتهدد الهوية الاسلامية للمسجد الاقصى المبارك. لا ننسى أن المؤسسات اليهودية المتطرفة أعلنت ان هذه السنة هي سنة بناء “الهيكل” حسب زعم نبوءاتهم التوراتية، ولا شك أن هذه التصريحات و”تفاهمات ” كيري الأخيرة وحظر الحركة الاسلامية تعد مؤشرات لهذه المخاطر التي تنتظر القدس والأقصى في الفترة المقبلة علينا.
نعم، جريمة هي حظر الحركة الاسلامية، والجريمة تصبح أكبر وأعظم عندما تحظر مؤسسات إعلاميه مهنية، عندها يصبح الهدف من حظر هذه المؤسسات هو حجب الحقيقة عن الشارع وعن الرأي العام، بالضبط كما فعل السيسي عندما انقلب على شرعية مصر، فإنه أول ما قام به هو إغلاق المنابر الاعلامية وقطع البث عن الفضائيات المناهضة للانقلاب. لكن لا أحد يملك القدرة على تغييب الحقيقة، الحقيقة ستظهر، طال الزمان أو قصر.
لن ينتصر الهدم على البناء، ولا الكذب على الصدق، ولا الإفساد على الطهر، ولا التضليل على الحقيقة، هذه نواميس كونية. الخاسر هو الذي يناطح بيده الضعيفة مخرز هذه النواميس.
المحامي خالد زبارقه – متخصص في شؤون القدس