روائع من التاريخ (04)
تاريخ النشر: 28/11/15 | 14:13فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.. [الأعراف:176]
إن التاريخ ليس مجرد أقاصيص تحكى ، ولا هو مجرد تسجيل للوقائع والأحداث.. إنما يدرس للعبرة وللتربية.. تربية الأجيال.. (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وكل أمة من الامم تعتبر درس التاريخ من دروس التربية للأمة ، فتصوغة بحيث يؤدي مهمة التربية في حياتنا..
اقرأ.. وتفكر..
قصة سعيد بن جبير والحجاج..
جاء ” سعيد بن جبير ” للحجاج.. قال له الحجاج: أنت شقي بن كسير ؟ (يعكس اسمه) فرد سعيد: أمي أعلم بإسمي حين أسمتني. فقال الحجاج غاضباً: شقيت وشقيَت أمك فقال سعيد: ” إنما يشقى من كان من أهل النار ” فهل أطلعت على الغيب ؟ فرد الحجاج: لأُبَدِلَنَّك بِدُنياك ناراً تلَظّى. فقال سعيد: ” والله لو أعلم أن هذا بيدك لاتخذتك إلهاً يعبد من دون الله “. قال الحجاج: ما رأيك في ؟ قال سعيد: ظالم تلقى الله بدماء المسلمين. فقال الحجاج: أختر لنفسك قتلة يا سعيد فقال سعيد: بل أختر لنفسك أنت ، فما قتلتني بقتلة إلا قتلك الله بها فرد الحجاج: لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحداً قبلك ، ولن أقتلها لأحد بعدك فقال سعيد: إذاً تُفسد علي دنياي ، وأُفسد عليك آخرتك. ولم يعد يحتمل الحجاج ثباته فنادى بالحرس: جروه واقتلوه فضحك سعيد ومضى مع قاتله فناداه الحجاج مغتاظاً: ما الذي يضحكك ؟ يقول سعيد: أضحك من جرأتك على الله ، وحلم الله عليك فاشتد غيظ الحجاج وغضبه كثيراً ونادى بالحراس: اذبحوه فقال سعيد: وجِّهوني إلى القبلة ، ثم وضعوا السيف على رقبته ، فقال: ” وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين. فقال الحجاج: غيروا وجهه عن القبلة فقال سعيد: ” ولله المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه الله “. فقال الحجاج: كبوه على وجهه فقال سعيد: ” منها خلقناكم وفــيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى “. فنادى الحجاج: أذبحوه ما أسرع لسانك بالقرآن يا سعيد بن جبير فقال سعيد: ” أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله “. خذها مني يا حجاج حتى ألقاك بها يوم القيامة ثم دعا قائلاً: ” اللهم لا تسلطه على أحد بعدي “. وقتل سعيد والعجيب أنه بعد موته صار الحجاج يصرخ كل ليله: مالي ولسعيد بن جبير، كلما أردت النوم أخذ برجلي وبعد 15 يوماً فقط مات الحجاج ولم يسلط على أحد من بعد سعيد… رحم الله سعيد بن الجبير فقد أخذ غيره بالرخصة وآثر هو الأخذ بالعزيمة..
فاعلم ايها الظالم: ” أن لا ظلم يدوم ، ولا قوة ولا عز ، وأن لكل ظالم نهاية بشعه أن بقي على ظلمه ” وعلم ايها المظلوم: ” أن الله سبحانه وتعالى لا ينسى أحد ، فكن مع الله ولا تبالي “.
محمود عبد السلام ياسين