التاريخ يكرر نفسه ….
تاريخ النشر: 08/07/13 | 23:18"فليحذر الشعب المصري من كارثة تحل به بعد عامين علي الأكثر… إن لم يأخذوا علي يد الخارجين عن الشرعية".
إن قراءة التاريخ وتدبره أمر هام للغاية حتى نأخذ العبرة من عواقب الأحداث السابقة ونحول دون تكرارها مرة أخري، ومع ذلك فإن أغلب الناس لا تقرأ التاريخ ، وما درسوه في المراحل التعليمية يذهب إلي عالم النسيان ولا يبقي منه أثر، ويقع في هذا الخطأ الحكام والمحكومين علي حد سواء ونذكر حدثين هامين من التاريخ القريب له علاقة وثيقة بموضوعنا هذا :
أولا – نجحت حركة ضباط الجيش عام 1952 في الإطاحة بملك مصر والقضاء تماما علي رموز ما سموه العهد البائد وقد قوبل هذا الانقلاب بترحيب يفوق الوصف من الشعب المصري ، وكان اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية ولكن بعد عامين انفرد جمال عبد الناصر بالسلطة بعد إطاحته بمحمد نجيب عام 1954 ، وأول ما فعله التخلص من خصومه من الإخوان المسلمين الذين كانوا حلفاء الأمس فتم تلفيق تهمة قلب نظام الحكم إليهم فيما يسمي بحادثة المنصة بالإسكندرية ، التي ثبت بعدها بالوثائق أنها تمثيلية مفبركة أخرجتها أمريكا بغرض تلميع عبد الناصر ورفع شعبيته بين الجماهير المصرية ظنا منها أنه رجل أمريكا المرتقب ، فتم محاكمة قاداتهم ورموزهم في محاكم عسكرية غير عادلة ، وأمر بالتنكيل بهم أشد تنكيل وكانت النتيجة إصدار أحكام الإعدام والسجن لرموز الأخوان المسلمين ، فأكثروا الدعاء علي الظالمين فأصاب دعاؤهم ليس من ظلموهم فقط من الحكام بل أصابت المصريين جميعا ، فبعد عامين فقط عام 1956 كان العدوان الثلاثي علي مصر ومن، وكان من نتائجه استيلاء إسرائيل علي قرية أبو رشراش المصرية علي البحر الأحمر ، التي تحولت فيما بعد إلي ميناء إيلات المنفذ الوحيد لإسرائيل علي البحر الأحمر ، وكانت هذه الخسارة أفدح بكثير من مكاسب تأميم القناة التي كانت ستعود لمصر حتما عام 1968 بعد انتهاء فترة الامتياز 99 سنة , رغم أن مصر حققت انتصارا سياسيا رائعا.
ثانيا – في عام 1965 عاود جمال عبد الناصر التنكيل بالإخوان المسلمين وتلفيق التهم إليهم وأعلن في احدي خطاباته أنه اعتقل أربعين ألف منهم في أربع ساعات فقط وكانت الشرطة العسكرية هي التي تتولي التحقيقات مع المتهمين وتؤدي واجبها بكفاءة تامة في تعذيبهم بأبشع أساليب التعذيب ، وقد صدر العديد من المؤلفات عن هذه الحقبة المظلمة أشهرها كتب البوابة السوداء لأحمد رائف , وللمرة الثانية أكثروا الدعاء علي الظالمين فأصاب دعاؤهم ليس من ظلموهم فقط بل أصابت المصريين جميعا ، فبعد عامين فقط عام 1967 كانت الحرب الثالثة مع إسرائيل انتهت بالنكسة العسكرية التي مازلنا نعاني من آثارها حتى اليوم .. وكانت نتائج الحرب هذه المرة أشد سوءا من سابقتها عام 1956 .
هذان الحدثان كانا من عهود طويلة ولم يعاصرها الأغلبية العظمي من المصريين ولهما علاقة وثيقة جدا بموضوعنا بل يعتبر امتدادا للحدثين السابقين مع الاختلاف .
ثالثا: وموضوعنا الآن هو الحدث الثالث الذي بدأت معالمه منذ عام ونصف تقريبا بتحقق وعد الله سبحانه وتعالي في قوله { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً … }(النور55) فتقلد الأخوان المسلمين السلطة بالأغلبية الساحقة لدرجة أنهم يمثلون مع أنصارهم من التيار الإسلامي أكثر من 80 % من مقاعد مجلس الشعب ، مما أزعج التيارات العلمانية والليبرالية ومن علي شاكلتهم ، فتحركوا بسرعة وحاكوا مؤامراتهم يساندهم قضاء مبارك إلي أن تمكنوا من حل مجلس الشعب المنتخب قبل المرحلة النهائية للانتخابات الرئاسية ، وعندما تقلد الدكتور محمد مرسي الرئاسة وجد نفسه بدون مجلس شعب يتمتع بأغلبية كاسحة من حزبه ، ومع ذلك تآمروا أيضا لإصدار حكم قضائي بحل مجلس الشورى أيضا ، ولكن السيد رئيس الجمهورية أحبط محاولاتهم ، ولم تكتف الفئة الباغية من العلمانيين والليبراليين ممن يسمون أنفسهم جبهة الإنقاذ بذلك بل عملوا بإصرار وعناد علي إعاقة رئيس الجمهورية بشتى الوسائل بما يشبه العصيان الماضي ، فتعاونوا مع الفلول ورموز النظام السابق الذين يسيطرون علي مفاصل الدولة لإضعاف أداء العاملين بالدولة ممن يسمون الدولة العميقة ، والطامة الكبرى أنهم تمكنوا بنفوذهم السيطرة علي مؤسسات الدولة ومفاصلها ، حتى تتعاون معهم لإفشال السيد الرئيس , فقامت جميع مؤسسات الدولة بمحاربته حربا خفية عدا المؤسسة العسكرية فقط ، ونذكر بعض الأمثلة علي هذه الحرب :
1 – رغم أن وزير الداخلية ملتزم بأداء واجبه علي الوجه الأمثل إلا أن عقيدة جهاز الشرطة التي نشأت وترعرعت علي الغطرسة والتعالي وسوء معاملة كل من ينتمي إلي تيار إسلامي ، جعلتهم لا يهتمون بالبلاغات التي ترد من الإخوان المسلمين ولا ننسي تقاعس الأمن أكثر من مرة عن القبض علي البلطجية الذين هاجموا مقر المرشد في المقطم ، ومقرات الإخوان في كل مكان واستمر هجومهم ساعات طويلة ، ولا أنسي أبدا قول ضابط شرطة في احدي القنوات الفضائية التابعة للإعلام الفاسد بأنه ليس مهمته الدفاع عن الإخوان … أليس الإخوان مواطنين مصريين من واجبه حمايتهم ومنع الاعتداء عليهم …؟ أليس هذا اعترافا من هذا الضابط بالخيانة والتخاذل عن أداء واجبه ..!، والأعجب من ذلك تخاذل الداخلية في الدفاع عن مقرات الإخوان بل وصل الأمر إلي تسهيل مهمة البلطجية المأجورين في تخريب هذه المقرات ، وعندما يزداد الضغط الشعبي علي الشرطة للقبض عليهم تقوم النيابة علي الفور بإخلاء سبيلهم وهم متلبسين بالجريمة وحمل السلاح والشماريخ النارية , ولم يصدر حتي الآن حكم قضائي واحد بإدانة هؤلاء البلطجية المأجورين .
2 – الأعلام الفاسد المضلل عن طريق القنوات الفضائية المملوكة لموز النظام السابق ورجال الأعمال ، الذين ينشرون الأكاذيب ليلا ونهارا بلا حياء والذين خصصوا في برامجهم مجالس للغيبة والنميمة والاستهزاء بعباد الله الصالحين ، بل أن بعضهم حرض علي قتل رئيس الجمهورية علنا في برامجه ، والبعض الآخر حرض الجيش للانقلاب عليه ، وعنما يقدم هؤلاء للقضاء يحكم بإخلاء سبيلهم . 3 3 – الصحافة الفاسدة التي لوثت صفحاتها بالبذاءات وسوء الأدب والفحش من القول وبلغ بها الانحطاط إلي سب السيد رئيس الجمهورية .
4 – منظومة القضاء الفاسد والنائب العام عبد المجيد من رجال مبارك وهذه بعض إنجازاتهم
(ا) تبرئة جميع المتهمين في قضية قتل 1500 متظاهر.
(ب) تبرئة جميع المتهمين من رموز النظام السابق في قضايا نهب ثروات البلاد والاستيلاء علي أراضي الدولة .
(ج) غض البصر عن جرائم الخيانة العظمي لمبارك وأهمها قضية الخصخصة التي تم فيها مهرجان بيع أصول الدولة بأبخس الأسعار، وقضية تصدير الغاز إلي إسرائيل بسعر متدني للغاية لا يتجاوز 20% من الأسعار العالمية ، وقضية مهرجان بيع أراضي الدولة برخص التراب ، وعلي سبيل المثال بيع 100 ألف فدان بتوشكي للأمير طلال بسعر 50 جنيه للفدان الواحد ، وقضية بيع المسطحات المائية للمستثمرين العرب لنهب ثروتها السمكية ومن بينها مسطح بحيرة السد العالي الذي يبلغ 5000 كيلومتر مربع ، وبلغت خسائر مصر من هذه الجرائم تريليون (مليون مليون) دولار علي أقل تقدير ، والعجيب أن النائب العام عبد المجيد اكتفي فقط بتوجيه تهمة الكسب الغير مشروع لمبارك في شرائه فيلا بأرخص من سعر السوق وقبوله هدايا من مؤسسة الأهرام وهي قضايا تافهة سيخرج منها بالمصالحة ودفع عدة ملايين جنيه فقط .
يالها من منظومة فاسدة من الثالوث البغيض الصحافة والأعلام والقضاء أبطال الثورة المضادة تحالفت تحالفا غير مقدس للقضاء علي الثورة ، وتم لها ما أريد عندما ورطت الجيش مؤخرا وأقنعته بالتدخل لصالحها ، فقام الجيش بقيادة وزير الدفاع بالإطاحة بالسيد رئيس الجمهورية بعد أن وجه إليه إنذارا ومهلة 48 ساعة فقط ، ألقي بعدها بيانا مخزي زعم فيه أن قادة جبهة الإنقاذ وفصائل المعارضة طلبوا الحوار مع السيد رئيس الجمهورية ولكنه رفض الحوار معهم وهذا كذب محض وافتراء وسقطة بشعة لن يغفرها له التاريخ وحسابه عند الله عسير خصوصا أنه أطلق هذه الفرية تحيزا لفصيل من المواطنين دون الفصيل الآخر.
والآن يكرر التاريخ نفسه فيتعقب الطغاة الذين أطاحوا بالشرعية ليس الأخوان المسلمين وحدهم كما حدث في المرتين السابقتين بل أنصارهم أيضا من ذوي الضمائر الحية ، وقياسا علي النتائج التي ترتبت بعد الحدث الأول والثاني فإنه من المتوقع أن يحل بشعب مصر كارثة كونية هذه المرة إن لم يرجع المبطلون عن غيهم واستبدادهم ، فرئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي لم يغلق قناة فضائية ولم يصادر صحيفة رغم بشاعة ما فعلوه ، بينما السيسي قام بإغلاق القنوات الإسلامية وحجب الصحف الإسلامية ومن بينها جريدة الحرية والعدالة ، بعد ساعات من الانقلاب الغادر، وترك الصحف البذيئة ورضي أن يكون في مزبلة التاريخ بعد أن سمح لإحدى الصحف بإطلاق هذا الوصف علي السيد رئيس الجمهورية المحترم .
وخوفا منا علي الشعب المصري فإننا نعتذر إلي الله سبحانه وتعالي بأنهم قوم لا يعلمون وتم التغرير بهم في وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، لذا فإني أدعو الله سبحانه وتعالي ليلا ونهارا وأنا موقن بالإجابة بالدعاء الآتي وأرجو من يقرأ مقالتي أن يدعو به أيضا
اللهم إن الفئة الباغية من رموز النظام السابق والعلمانيين والليبراليين ، مما يسمون أنفسهم جبهة الإنقاذ وأعوانهم من القضاء الفاسد الذي تحدي الحق وأنت الحق والأعلام المضلل الكاذب والصحافة البذيئة المتفحشة ، وبعض الرموز الدينية التي أعطت غطاءا شرعيا للمفسدين فأفتي كبيرهم بجواز الخروج علي الحاكم .
اللهم إن هؤلاء جميعا طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد ، اللهم إني اعجز عن حصر أسماء هؤلاء جميعا وأنت المحصي ، اللهم فاحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا حتى تشفي صدورنا وتذهب غيظ قلوبنا فأنت مولانا نعم المولي ونعم النصير ، وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .
بقلم الفقير إلى الله نصر رمضان
جزاك الله خيرا وبارك لك