في ذكرى الأربعين لظريف حيفا جميل شومر: شغلي هو ألحكي!!
تاريخ النشر: 11/07/13 | 5:30ولد في عكا، وترعرع في حيفا وهو باقياً فيها كان دائما الابن المدلل! بابا الفاتيكان قلده وسام شرف على خدماته الجليلة في الكنيسة رقم واحد في ستوديو رقم واحد!! عمره (78) عاما ولم يتزوج ويصرخ: يا ليت الشباب يعود يوماً!!
قابلته: ميسون أسدي
في ذكرى الأربعين لوفاة الراحل جميل شومر الملقب بـ "ظريف حيفا" نعيد نشر هذا اللقاء الذي أجريناه معه في شهر تشرين أول عام 2006.
لقائي الأول معه، كان قبل أربعة عشر عاما، عندما كتبت رسالة قصيرة إلى جاري الذي يسكن فوقي، لأنبهه أن المياه من مطبخه تتسرب إلى سقف بيتي.. وما كان من هذا الجار إلا أن هب مسرعا لتصليح العطل في مطبخه.. ومنذ ذلك الحين، تعرفت على جميل شومر، الشخصية المعروفة جداً، وجها لوجه، والذي يسكن فوق سقف بيتي مباشرة.. وما زال يسكن في نفس المكان، أترقب وقع خطواته في الصباح والمساء وعند الظهر، وانتبه لكل حركة يقوم بها الساكن فوقنا من دون قصدا واستمع إلى جلسات الطرب التي يحييها مع أصدقائه الكثيرون في مناسبات عديدة.. طيلة هذه السنين الـ (14).. ومنذ أن عدت لإجراء اللقاءات الصحفية، وأنا أفكر في مقابلته، وإخراج مكنوناته التي لا يعرفها عنه الجمهور.. وكان لي معه هذا اللقاء..
سجل أنا عربي وباق في حيفا!
يحدثنا جميل.. وهو بالفعل جميل الروح والمعشر.. يحدثنا عن نشأته فيقول: ولدت في مدينة عكا في تاريخ 18/10/1928، وبعد ولادتي بسنة، انتقلت عائلتنا إلى حيفا.. سكنت عائلتي في مدينة حيفا في شارع "المخلص"، نسبة لكنيسة "المخلص" التي كانت في هذا الشارع والذي تحول أسمه اليوم إلى " يود- لامد- بيرتس"، ثم انتقلت العائلة بعدها إلى شارع "ليوفنتين" وفي عام 1948 لجئنا إلى مدينة الناصرة، وبعدها بمدة، عادت العائلة إلى حيفا لتسكن في مدرسة الكاثوليك في شارع "مار يوحنا"، سكنّا في نفس الغرفة التي تعلمت فيها، وبعدها بسنوات، انتقلنا للإقامة في بناية "الخياط" في شارع "ماير" مع أهلي وما زلت اسكن في نفس البيت حتى يومنا هذا.
دراستي الثانوية كانت في مدرسة "الكاثوليك" في حيفا- (بيت النعمة- اليوم) وفي مدرسة "الفرير" (مكان بنك لئومي- اليوم)،وكنت دائما من الأوائل في الصف.
أبي هو داود إسكندر شومر وأمي منيرة شومر، من عائلة "زهر" في الناصرة ولي (4) أخوة وأخت واحدة، أخي الكبير إسكندر ولقبه "اليكس" يقيم حالياً، في سيراكيوز في أمريكا وله أبناء وأحفاد مع جنسية أمريكية وأخي الصغير سهيل، يسكن في باريس وله أولاد وأحفاد مع جنسية فرنسية وأختي ناديا، تقيم في قبرص ولها أولاد وأحفاد مع جنسية قبرصية وأخي جابي- رحمه الله- سكن معي ومع والدي وتوفى قبل أعوام، لم يتزوج وتوفي نتيجة مرض.
الأخوة تزوجوا وتبعثروا وانأ بقيت مع والدي لأرعاهم ونسيت نفسي وهرب مني العمر ولم انجح بإقامة أسرة. وكنت المدلل عند أمي: جميل الفتح والمدلل وصاحب الصوت الحلو.. وكانت تنظر إليّ بعين أخرى دون إخوتي..
منذ صغري ظهرت كصاحب ابتسامة وأحب الضحك والغناء، فبدأت بالترتيل في الكنيسة منذ جيل (14) وكان أبي "يزعل" أذا لم أقم بواجبي وأرتل في الكنيسة!
أكلة النعومة والقطايف والتمرية
ما اذكره من طفولتي هو اللعب مع أولاد الجيران لعبة "الغميضة" ولعبة كرة القدم وأكلتنا المشهورة جدا وهي "النعومة" وهي عبارة عن "قضامة- حمص محمص" مطحونة مع السكر وكنا نشتريها على شكل أصابع كأصابع العنبر، كنا نلعب في شارع المخلص مع أولاد عرب وأولاد يونانيون. العيد الكبير عندنا عيد الفصح، والذي تميّز بأكلة القطايف والتمرية وهي عبارة عن جبنة وقطر..
يا ويلي إذا رفضت الغناء!!
كنت طالب مجتهد ومتفوق في دراستي ومدلل في العائلة- كما ذكرت- وكان أبي يحب التفاخر بي أمام أصدقائه، فما أن "يطبّ" علينا زائر وإلا بأبي يأمرني بالغناء وإذا رفضت، أنال نصيبي من الضرب ولكن رغم الضرب بقيت أحب الغناء والنشيد والترتيل.
كنت لعائلتي الصغيرة بمثابة الولد الجميل النغش المدلل والدلوع وصاحب الصوت الحلو وكانت أمي- رحمها الله- تحب جميع أبناءها لكنني المفضل عندها. أتكلم أربع لغات: العربية العبرية، الإنجليزية والفرنسية وعندي مفردات من عشرات اللغات الأخرى.. رافقت الكثير من الفنانين الكبار في شبابي وكنت أتولى عرافة الحفلات ومن هؤلاء الفنانون: موشي إلياهو، دفورا سيتيوان، وفرقة صدقي شكري وغيرهم الكثير..
راتبي كان (6) ليرات فلسطينية
عملت في مكتب ضريبة الدخل في حيفا منذ أن كنت في سن السادسة عشر تقريباً، عام 1944 وحتى عام 1965، وكان مكتب الضريبة حينها في بناية "ستي سنتر" اليوم.. بدأت العمل في ضريبة الدخل منذ أيام فلسطين وكان راتبي الأول (6) ليرات فلسطينية، وهو راتب محترم لشاب في بداية طريقه.. وبعد استقالتي افتتحت مكتبا مستقلا وعملت مستشارا لضريبة الدخل.
كنت التقي مع مجموعة شباب أصدقاء لي في تلك الفترة من عائلات: بقعوني، نحاس، نخول، نعمة، جدع، جدعون، طبراني، عبود، شاهين وقرمان.. وبعض الأصدقاء اليونانيين.. قسم كبير منهم لم يبقى على قيد الحياة وقسم هاجر والقليل منهم بقي في حيفا، وهؤلاء الأصدقاء كلهم ينتمون إلى عائلات حيفاوية الأصل.
ملتقى الشباب كان في بستان البلدية وبستان "الأم" في جبل الكرمل، وكان هناك مقهى "بروس" في شارع "بن غوريون"- اليوم، ومكانه محل "كهرباء الداموني" وأصحاب المقهى يهود من بولونيا، وكنّا نجتمع كل يوم، في هذا المقهى لشرب القهوة والبيرة.. كان بمثابة نادي نلتقي فيه يوميا، والنادل الذي عمل فيه عربي يدعى جول دانيال، فكنا مجموعة كبيرة من الموظفين في شركات حكومية نلتقي يوميا للترفيه عن حالنا. كنا نذهب لمشاهدة أفلام السينما مرة كل أسبوعين أو ثلاثة وهذا يتعلق بشعبية الفيلم.. هناك أفلام كانت تبقى معروضة لمدة شهر، أفلام أكشن ورومانسية وكان ثمن التذكرة قرشين..
البابا كرمه على نشاطه في الكنيسة
من نشاطاتنا في حيفا وحتى قبل قيام الدولة كان إقامة نادي الكاثوليك في شارع "يافا" وكان النادي مركز لنشاطات اجتماعية غنية جدا: سهرات فنية، برامج ترفيهية، العاب كرة قدم، فقرات تمثيلية وغيرها.. وفي بداية الخمسينات، أقمنا نادي "الإخاء" الذي هدف إلى جمع النشاطات الاجتماعية لكل الطوائف المسيحية في حيفا.. وكان للنادي فريق كرة قدم مشهور في حينه وعندما كنّا نفوز في اللعب، كان "وادي النسناس" يجلجل بغناء ونشيد المشجعين: "جيناها وجينا يا خليلي" وعندما نخسر نعود منكسي الرؤوس.
فأنا سكرتير الجمعية الخيرية لطائفة الروم الكاثوليك وعضو في هيئة الإدارة وعضو هيئة إدارة في مؤسسة "البيت المسيحي" ولنا نشاطات عديدة ومتنوعة، منها: الحفلات والمحاضرات واستضافة الشخصيات، واعتبر من كبار المرتلين في الكنيسة.
باختصار، ان جميل شومر، قضى حتى الآن، (50) عاما من النشاط الكنسي لخدمة الكنيسة وقد منحه بابا الفاتيكان وسام تكريم، تقديرا لخدمة الحبر والكنيسة ومساعدة الكهنة في اجتماعاتهم وصلواتهم في الكنيسة.
رقم واحد في ستوديو رقم واحد!!
في برنامج "ستوديو رقم واحد" لزكي المختار- واسمه الحقيقي إسحاق بن عوفاديا- كانت هناك فقرة بعنوان "اضحك مع جميل شومر" وكانت هذه الفقرة مميزة جداً في البرنامج، إذ لا يذكر أحد البرنامج إلا ويذكر طرف ونكات جميل شومر، واسم شومر بقي عالقا في أذهان الكثير في تلك الفترة.. "فالإذاعة كان لها دورا هاما في تلك الفترة.. عندها لم تكن محطات تلفزيونية كما اليوم، ولم تكن حتى أجهزة تلفزيون عند المعظم.. كانت الشعبية الكبرى للراديو.. قدمت بعدها في التلفزيون برنامج "سهرة الشهر" والذي شمل استضافة الفنانون مع جمهور، وتضمن البرنامج: "طرائف شومرية"، غناء وزجل وضحك.. وما زلت على نفس المنوال.. ففي حفلات عيد الميلاد أقدم الطرائف والفنانون واليانصيب وغيرها..
صدر لي كتاب طرائف بعنوان "الشومريات" بتمويل من وزارة الثقافة وضم بداخله العديد من طرائفي الخاصة.. ولي ما يقارب إلـ (100) قصيدة زجلية قلتها في مناسبات عديدة وأستطيع أن أحكي أكثر من (25) نكتة بشكل متتالي، وبدون توقف!!
ما زلت أعتبر بين أصدقائي: ظريف حيفا، جميل شومر الحبوب "الإيدمي"، أبو الهمايم وصاحب النخوة.. لساني دافئ ولا أزعل احد!!
برنامجي اليومي هرم جدا!
اليوم، وأنا أبن إلـ (78) عاما، برنامجي ليس حافل كأيام الشباب، اخرج يوميا في الصباح، أمر عند سوبر ماركت "مسعود أبو خضرة" وبعدها اشرب القهوة في مطعم "أللنبي"، ثم ازور صديقي أسامة عبود واحتسي معه القهوة وازور أصدقائي إذا توفرت سيارة لنقلي. أحب الضحك والفرح واحتسي كل يوم كأس من الويسكي وأحب الناس كثيرا وأطالع الجرائد العربية والعبرية بشكل مستمر..
أتناول غذائي وحدي في البيت وهناك سيدة تشرف على تحضير غذائي (3) مرات في الأسبوع وأشغل نفسي بمشاهدة كرة القدم. أعيش حياة عزلة نوعا ما وهناك مساعدات مادية ومعنوية تصلني من إخوتي في الخارج..
أمنيتي: أن أبقى بصحة جيدة جدا وان لا أتعذب في آخرتي وان يعيش العالم بسلام بدون كذب ورياء وأتمنى الخير لكل إنسان كما أتمناه لنفسي..
**يا ليت الشباب يعود يوما!
أتأسف على أنني لم أؤسس أسرة، فعندما استعيد أيام الشباب واذكر شهرتي بين الصبايا والشباب ومواعيد الغرام التي غامرناها، أقول بنفسي: يا ليت الشباب يعود يوما.. انغماسي بشؤون العائلة أشغلني عن الزواج.. ذهبت العائلة وبقيت وحيدا بين أربعة حيطان.. إذا قلت "أخ" لا يوجد من يسمعني، إذا طلبت كاس ماء لا يوجد من يناولني إياه.. وأقول لكل شخص أعزب: لا تفوت فرصة الزواج عليك..
أمشي الحيطة، الحيطة وأقول يا رب السترة- (20) عاما أسكن في دار الخياط فقد كنت ناجحا اجتماعيا لكن ينقصني الطرف الحلو!! أقوم بواجب أصدقائي، ابكي أمام الأمور العاطفية، أصلي في الصباح والمساء وأواظب كل احد على الذهاب للكنيسة، اعرّف نفسي بأنني: جميل شومر، مواطن عربي إسرائيلي، ينتمي إلى الطائفة المسيحية الكاثوليكية، لا أحب السياسة وابعد عنها بعد السماء عن الأرض، وشغلي هو ألحكي مع البسمة الدائمة!!!
قابلته : ميسون اسدي
الله يرحمه ….قبل سنه يمكن اوسنتين عملوا معه مقابله ببيت العجزه . بالتلفزيون الاسراءيلي ..مسكين …وساك الله على هذيك الايام وايام ستوديو رقم واحد وعلى فكره هو وقع بالبيت وما عرف يقوم..اخ على ايام زمان وبرامج زمان ..مش زي هالايام كلها هبل بهبل