نجاح "مفاتيح" بمهرجان أيار في كفر قرع

تحت رعاية مجلس كفر قرع المحلي وإشراف وتنظيم قسم الثقافة والتربية اللامنهجية ومن خلال جولة شيقة بين سراديب الذاكرة للقرى الفلسطينية المهجرة في منطق الجليل والشمال، وقساوة استبدالها بمستعمرات أو مناطق سكنية عبرية يهودية تمحو بعصا القوة كل ذكر قديم له ذكر بالقرى الفلسطينية، ووسط مشاعر حنين للماضي، فقد شاهدت جماهير غفيرة مساء الخميس فيلم “مفاتيح” للفنان المخرج سليم ضو الذي يسرد حكاية البيت الفلسطيني الصامد بحجارته والمسلوب من بشره، ويتناول الفيلم في خمسة وسبعين دقيقة قضايا أساسية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والصراع العربي الإسرائيلي، مثل حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومعاناة أبناء الشعب الفلسطيني داخل أراضي عام 48 من حيث مصادرة منازلهم، وإجبارهم على استئجار الأراضي التي يملكونها من الحكومة.

إفتتحت الأمسية السيدة مها زحالقة مصالحة مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية في المجلس المحلي والتي حيت الحضور بإسم رئيس المجلس المحلي المحامي نزيه مصاروة الٍذي تعذر عليه المشاركة في افتتاحية الأمسية لأسباب اضطرارية مفاجئة، إلا انه انضم لمشاهدة الفيلم، كما وحيت السيد مسعود عسلي القائم بأعمال الرئيس والضيوف الكرام من كفر قرع وعارة وعرعرة وام الفحم وجت المثلث وأم الفحم وعين السهلة وبرطعة وزيمر وباقة الغربية والقرى المجاورة.. وحيت ضيف كفر قرع الفنان الممثل والمخرج سليم ضو، كما وأشادت عريفة الحفل بالحضور الوفي ليومين متتاليين، وان ذلك يعتبر مؤشرا ووفاء وإيمانا بالرسالة التي تحملها الأفلام.

وجاء في كلمة عريفة الحفل: “نحتفي وإياكم باليوم الثاني لمهرجان أيار الثقافي للسينما الوطنية على ارض الحوارنة، قُربانا آخراً لأيار التذكار… نشاهد هذا المساء فيلم مفاتيح للمخرج سليم ضو الذي يحضر معنا هذا المساء، ليضيء من خلال فيلم مفاتيحه زاوية مظلمة أخرى من تاريخنا وروايتنا الفلسطينية، تلك البيوت… وهذه البيوت، تلك القرى… وهذه القرى، روايتهم وروايتنا في معركة اللقاء وساحة البقاء، ذاكرتهم الجماعية وذاكرتنا الجماعية في منازلة حرة مجها لوجه، الامبريالية الثقافية ومحو التاريخ، القصة في عنق القصة…وعبرنة أسماء القرى على طريق النسيان”.

واستطردت زحالقة مصالحة في حديثها قائلة:”الفيلم هو رمز والمفتاح رمز لب القضية وهو أيضا البطل اللا يعرف الموت ولا القهر. كل الأشياء تموت وتُكفن، إلا الذاكرة. لكل فلسطيني منا مفتاح لصندوق ذاكرته وبيت أجداده المستباح والمُهجر منه، وان كنت من كفر قرع ولم تنزح منها، إلا انك أيضا تحمل في عنقك مفتاح الذاكرة والأجداد، مفتاح وجدان الوجود بعزة وكرامة. مفتاح الغربة على ارض الوطن”.

وإختتمت حديثها واعدةً الجمهور بأنهم سوف يخرجون كبيري القلب بعد سبر أغوار مفاتيح الذاكرة الجماعية.

ثم دعت السيد مسعود عسلي، القائم بأعمال رئيس المجلس المحلي ومسئول ملف المعارف المنهجية واللا منهجية ليتطرق إلى فيلم مفاتيح ويبارك الفعالية، بدوره حيى السيد مسعود عسلي الفنان المخرج سليم ضو والجمهور الحضور على التزامهم باليوم الثاني للمهرجان، كما وأشاد بالجهود الكبيرة والجبارة التي يقوم بها قسم الثقافة لتمرير المشاريع الثقافية الناقدة، وفي تطرق له حول مضمون الفيلم فقد أكد السيد عسلي أن كل إنسان منا بداخله هوية فلسطينية ثائرة تحرك وجوده وعاطفته تجاه وطنه، وأكد عزمه على إشراك أولاد المدارس بمشاهدة مثل هذه الأفلام الناقدة والتي تعتبر كتاب تاريخ مفتوح لأولادنا، كي لا ينسوا التهجير وأسماء البلدان، مؤكدا أن أصعب الحالات التي وصلنا إليها هي ألا يدرك الأولاد والنشأ الصغير أسماء القرى المهجرة التي باتت تسمى اليوم تل أبيب ونتانيا وزخرون يعقوب وغيرها مؤكدا أن القائمة طويلة على طريق التهويد ومحو الذاكرة الفلسطينية، مؤكدا ان كفر قرع تفخر باستضافة فيلم مفاتيح لما يحمله هذا الفيلم منة مضامين ورموز وطنية تثقيفية لجيل الشباب، الجيل الثالث على هذه الأرض كي لا ينسى”.

وبعد ذلك ومن خلال فكرة المنبر الحر التي تنور أمسيات قسم الثقافة، دعت عريفة الحفل الطالبة ريما عبد الإله غاوي من مدرسة المستقبل، لتعزف للجمهور “فطم فطم فطومة” لتأخذ الحضور إلى أجواء سعادة وبساطة السبعينات وغوار الطوشة في سوريا وحقبة السعادة المسرحية التي خلقها دريد لحام، “صح النوم” يا سوريا، وبهذه المناسبة قدمت عريفة الحفل تحية للثوار السوريين.. ومباركة لهم بالصحوة… وإرادة التحرر.

شارك الجمهور الكبير من كل الفئات العمرية بمشاهدة الفيلم الذي برز فيه الجيل الكبير الذي عاصر التهجير والاحتلال وسمع الجمهور منهم قصص التهجير وإحتلال البيوت والاحتفاظ بالمفاتيح تحت الوسادة وبين ثنايا القلب، من خلال جولات قاموا بها على انقاد البيوت المستباحة.

كما وشارك رئيس المجلس المحلي المحامي نزيه مصاروة الجمهور مشاهدة الفيلم وعبر عن سعادته الكبيرة لنجاح اليوم الثاني للمهرجان وحب الناس لمثل هذه الفعاليات مشيرا إلى أن الأفلام الوثائقية والمسرحيات الوطنية الهادفة والندوات والنقاشات الفكرية الناقدة وتعطش الناس الصادق لها يُعزز رؤيانا ونيتنا كمجلس محلي بالمزيد من العطاء في هذا المضمار. وأكد مصاروة بأن أشجار الزيتون والصبار والتين والرمان تشهد بأحقية الإنسان الفلسطيني على هذه الأرض، وما من حقيقة أو مزايدة تغطي هذا الواقع. وأشار رئيس المجلس المحلي في حديثه لمراسلنا بأن محاولات التهويد لن تجد طريق بين أهالينا لأنهم مدركون لتاريخهم حق إدراك.

وبعد مشاهدة وإصغاء متلهف لحيثيات الفيلم فقد بقي قسم من الجمهور برفقة مخرج الفيلم الفنان سليم ضو لمناقشة بعض الجوانب في هذا العمل، والنقاش يدل على علم ومعرفة وإدراك ناقد لواقعنا، كما وطالبت احد المشاركات قسم الثقافة والمجلس المحلي الشروع بتنظيم زيارات للقرى المهجرة خصيصا لجمهور الثانويات والاعداديات لما يحمله الموضوع من أهمية، بالإضافة إلى ملاحظات ونقد بناء ومدروس من قبل المشاهدين نذكر منه أن الفيلم يتحيز للجليل ويترك الطنطورة والمثلث دون أي ذكر وغيرها من النقاط الجدلية الهامة، بالإضافة إلى إطراءات ومديح كبير من الجمهور لما يحمله الفيلم من مضامين تاريخية.