صرخة الم

في الامس البعيد نادى المنادي :
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي”.
صدق الله العظيم

انا لله وانا اليه راجعون
هذا الصباح مُرّ، تتدحرج الذكرى بين زوايا العتمة، وخواطر البوح، وتباريح السفر… لا الدمع يكفكف الآم الرحيل، ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفف لوعة الفقد، ولا التوقف عند محطات الرفاق يجلب شيئا من السلوى
بقلوب مطمئنه ومؤمنه نتلقى ذالك الخبر الصعب والمر فقدانك يا ابا فادي دون انذار او تحذير مسبق، نعم سرعان ما تناقل الخبر واذ بالمنادي يقول انتقل الى رحمته تعالى الدكتور عبد اللطيف ابو عوده مصاروه انا لله وانا اليه راجعون
وسرعان ما ان تناقل الخبر واذ بالمعزيين يأتون من كل “فج ” ومن اقطار وبقاع الارض بين مصدق الخبر وبين سائل ماذا حدث ولكن لا ننسى رحمة الله عز وجل بأنه من علينا كثير من النعم ومنها الصبر، فسأل السائل ماذا حدث مع الدكتور وهذا من باب الاستفهام وفي أن واحد من شدة صاعقة الخبر ورهبة الموت والكل جلس وهو يقول انا لله وانا اليه راجعون رحمة الله عليك يا ابا فادي فكنت نعم الاخ والصديق والحكيم الذي لم تغب عن عينيه الابتسامه والبشاشه
نعم !! تثاقلت الايدي وارتجفت الانامل وحزن القلم عن الكتابه والتعبير – فبدأ الحديث واذ بالزمن يقف لحظه حتي يلقي نظرة الوداع على ابا فادي ببكاء مرير وحزين ويقول اليوم يفرقنا الحبيب والصديق والاب والحكيم ” الدكتور عبد اللطيف ” ومن اراد القاء الاخير والوداع فهو اليوم في ساعات متأخرة من الليل اذ بالاقدام تدب نحوه مقبرة القريه والكل يقول لا اله الا الله محمد رسول الله وسرعان ما نواري جسدك الطاهر طيب الله ثراك ” ياقبر أعز أنسان غالي رقد فيك ” وننتقل الى بيت العزاء
للموت جلال أيها الراحلون، ولنا من بعدكم انتظار في محطات قد تطول وقد تقصر، وقد ترهق وقد تصفو، وقد تُضحك وقد تبكي… حتى يقدم بلا هيبة أو تردد، يختارنا واحدا اثر آخر… “لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون”.
ابا فادي –
طيب الله ثراك واسكنك فسيح جنانه، اصبحت المسافه بعيدة بييننا ولكن انت في قلوب الناس وليس فقط في قلوب واحشاء بني عودة بل في كل من عرفك وجلس معك
انت تعيش في كل بيت وكل طفل لمسته ايديك وتبسمت بوجهه واخذ منك ” الطبع “، نعم الاطفال يعرفون جيدا ماذا حدث واين انت الان فعندما عرف اطفالي ماذا حدث طلبوا مني رؤية الدكتور عبد اللطيف وشرحت لهم بأن الطلب غالي ولكن صعب جدا وبلغه الاطفال حاولت قدر المستطاع تبسيط الامور والتهدئه من روعهم وبذالك فكرت بأن الامر انتهى ولكن سرعان ما اكتشف بأنني اقف بعد ايام بجانب غرفة (عيادة) ابا فادي وهي مغلقة واذ بعزيزتي رؤيا تطلب ان ندخل الغرفة حتى تتأكد اين الدكتور عبد اللطيف
لا اله الا الله محمد رسول الله
واذ بعيني ترجف وتبكي دون اذن مني وقلت لنفسي ماذا جرى لي، بالامس فقدت الابن والصديق والام فجسمي وكياني لهم تجربة سابقه ماذا حصل اليوم والجواب فراقك صعب ومر، صحيح لم تكن بيننا صلة الرحم ولكن اناملك وبشاشتك جعلت كل من عرفك يرتجف ويبكى الما وحزنا
ابا فادي يا طيب الذكر طيب الله ثراك واسكنك فسيح جنانه
نودعك بحرقه والم شديد ونقول الفراق صعب كثير ومر والامر من ذالك كيف نشرح ونهدأ من روعة الاطفال الذين يسألون عنك ويبحثون بين الغرف اين الدكتور عبداللطيف لماذا الغرفه مغلقة ؟؟ والامر من ذالك احيانا يريدون رؤيتك، فاءنني اعزي جميع اطفالك الحلوين الذي لا تغيب سيرتك على لسانهم ويريدون ” الطبع على اشكالها من يديك ”
يا طيب الذكر

تبكي عيون الأنام قرتها ونورها بينهم وبهجتها
أحقا إن ابا فادي غادرنا لبقعة أسكنتْه تربتها
ابا فادي
تشيعك القلـوبُ وأنـت فيـــــها حبـيباً طاهراً عفــاً نقــــيا
رحلت وفى الحشى مـــليون جرح على فــــرقاك تدمى جانـبيا
لك الدعــوات منا كل يومـــاً وما لاحت على الدنــيا ثــريا

واخر دعوانا وعزائنا للجميع والاطفال الاحبه وخاصه ابنائي ومن بعدهم جميع الخلان وذوي المرحوم نقول
فراقك الم الجميع من قريب ومن بعيد من كفرقرع وغيرها، ونقول انا لله وانا اليه راجعون ” اللهم اغفر له و ارحمه، و عافه و اعف عنه، و أكرم نزله، و وسع مدخله، و اغسله بالماء و الثلج و البرد، و نقِّه من الذنوب و الخطايا كما ينقَّى الثوب الأبيض من الدنس ”
انا لله وانا اليه راجعون

من الاخ المحام رياض مصاروه