الغيرة تفسد شخصية الطفل وانسجامه مع العائلة!
تاريخ النشر: 15/07/13 | 0:08يعرف الأخصائيون النفسيون الغيرة بأنها “انفعال مركب ينشأ من تفاعل شعوري الإحباط والقلق”، والشعور بالغيرة إذا دخل الأسرة قد يهدد استقرارها والانسجام بين أفرادها، فالغيرة بين الأشقاء مثلا لها تأثير عميق في تكوين شخصية الطفل وفي علاقته بمحيطه.
وتتجلى مظاهر الغيرة عند الطفل في تعبيراته وسلوكه اللذين يمكن وصفهما بعدم الاتزان، ولاحظ الأخصائيون أن كثيرا من الحالات تظهر عندما يتجاوز الطفل السنة ونصف السنة من العمر حيث يكتسب بعض المهارات التعبيرية، فيصدر عنه سلوك يدل على شعوره بالغيرة.
ويشار إلى أن الأسر يجب أن تتقبل هذا الشعور بشكل واقعي وتحسن التعامل معه كما يجب أن تحيط الطفل برعاية نفسية تمكنه من تجاوز هذا الشعور وتمنع نموه لديه، ومن منظور علم النفس الغيرة ليست إلا أحد المشاعر الطبيعية عند الإنسان، كالحب والألم …، شريطة أن تبقى في مستواها العادي، فهي ضرورية لتكوين الشخصية، لأنها مصدر يحفز الطفل على التفوق والنجاح وإثبات الذات.
أما في حال زادت الغيرة عن مجرد شعور عادي ينتاب الطفل أثناء مقارنته لنفسه بالآخر، فإنها قد تتحول إلى شعور سيء وقوي يسيطر عليه، وبالتالي يدفعه إلى اتباع سلوك غير طبيعي خاصة عندما لا يمتلك القدرة على تحليل وفهم ما ينتابه، وبالتالي يتغلب عليه هذا الشعور ويصاحبه إلى درجة تفقده سعادته وتشعره بالمعاناة.
يمكن أن يغار الطفل من أقرب الناس إليه وأن ينتابه هذا الشعور لسبب تافه أو لتصرف عفوي، ولعل أكثر حالات الغيرة شيوعا هي تلك التي تنتاب الطفل تجاه شقيقه لأنه يعتقد أن الوالدين يحبانه أكثر منه، أو لأنه يلاحظ عنايتهما به أو لأنه يفوقه حسنا أو يتفوق عليه في الدراسة ….
ويرى الأخصائيون أنه من أهم أسباب الغيرة، الشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس اللذين يعودان إلى إحساس بالضعف مقارنة بمن يحيطون به أو لقصور جسماني أو لاختلاف في اللون أو الحجم أو لوجود عيوب في بدنه مقارنة بإخوته وأترابه، أيضا قسوة الوالدين التي تقوم على التحقير والإهانة.
إلى جانب ولادة طفل جديد للعائلة مما يشعره بفقدان قيمته عند والديه لوجود من يشاركه مشاعرهما وعنايتهما، كذلك اختلاف تعامل الوالدين مع الأبناء والتمييز بينهم لأي سبب من الأسباب (الجنس، العمر، الجمال، الطباع..)
هناك عدة تصرفات تفضح الغيرة، فالأطفال في عامهم الثاني تكون مظاهر الغيرة عندهم الجلبة والضوضاء بغية جلب الأنظار، ثم ينصرفون إلى الهجوم والاعتداء عند تقدمهم في العمر، وحينما يصبح هؤلاء أكثر نضجاً ودراية يتوجهون إلى مضايقة من انصرف عنهم ويعملون على إغاظته كنوع من الدفاع عن النفس، ويمكن أن تأخذ الغيرة لديهم أشكالاً أخرى أقرب إلى الدهاء بإخفاء الوقائع والمشاعر وإتيان أشياء تمثل تحديا للعائلة، وقد يلجؤون إلى الشتم والعنف بكل أشكاله.
أما عن طرق علاج الغيرة لدى الأبناء فيرى الخبراء أنه على العائلة التخفيف من حدة الغيرة بين الأخوة بممارسة العدالة في الحب والمعاملة فلا تظهر رعاية لأحد الأبناء على حساب آخر، وإشعار الطفل بقيمته ومكانته في الأسرة والمدرسة وبين الزملاء، وتعويد الطفل على أن يشاركه غيره في حب الآخرين، وتعليمه منذ الصغر أن الحياة أخذ وعطاء وأنه يجب على الإنسان أن يحترم حقوق الآخرين.
أما الطفل الأناني فيمكن تعويده على احترام وتقدير المجموعة وتعليمه سبل المشاركة في اللعب وغيره، كما ينصح المختصون الآباء بعدم إظهار القلق والاهتمام الزائد بتلك المشاعر والحزم في التعامل معها.
الغيرة مجال بحث نفسي واجتماعي واسع ومعقد ويصعب الإلمام بكل جوانبه وأسبابه ومظاهره وآثاره، لذلك فإنه يتوجب على العائلة توخي أسلوب الحوار ، وإن ثبت وجود شعور الغيرة المرضية عند الطفل فلابد من الاستعانة بالمختصين لتجنب آثارها السلبية على شخصيته ومستقبله