الأسر السورية تشكو إفتقارها إلى أبسط حقوقها
تاريخ النشر: 10/12/15 | 20:30على كرسيها المتحرك أمام غرفتها في مخيم الوليد للأرامل على الحدود مع تركيا, تجلس فداء كل صباح, في صمتها هذا ثمة آلام كثيرة تعتصرها، وتجتاحها كلما رأت أطفالاً يلعبون.. وجود فداء في هذا المخيم سيقودك حالاً لتعرف أنها أرملة، وما وراء تلك الدموع يتطلب السؤال.
تقول فداء وهي أرملة سورية: “أنا أعيش هذه الحالة يومياً, عندما أستيقظ باكراً, أتذكر أطفالي, لا يغادرون خاطري أبداً, أشتاق لهم, و أحن إليهم، أتمنى لو يلعبون بجنبي, وهم حقي بالشرع و غيره”.
لم بإمكان فداء رؤية أطفالها, الذين أبعدتهم عنها الحرب و المسافات, ليرعاهم أهل زوجها, بعدما أضحت عاجزةً عن ذلك, إثر غارة جوية على منزلها بريف إدلب, تسببت ببتر ساقها, لتصبح مقعدة لا حول لها و لا قوة, فالتفكير في حالتها, كاد أن يسبب لها عقدةً نفسية.. نأخذ بطرح الأسئلة عليها, و دائماً ما تكون الأجوبة, أقسى من ما نتوقع.
وتضيف فداء: “إن أول حق سُلِبَ مني, أنني حرمت من متابعة دراستي و تزوجت باكراً, عمري عشرين سنة ولدي ثلاثة أطفال, الكبير أربع سنوات ونصف و الأصغر سنتين ونصف و الصغير سنة ونصف, إني أشتاق إليهم بشدَّة, حتى لو إبعتدت عنهم سأبقى أحبهم, و أنا أطالب بحقي حتى لو لم يكن بإمكاني القيام بهم, لكنه حقي”.
هو حال ينطبق على الكثير من السوريين, و خاصة أولئك الذي يقبعون في المخيمات, لا يتمتعون بحقوقهم, و ما من مكترث لذلك, فأبسط الحقوق كالرعاية الصحية أو التعليم, أو حتى تأمين سبل الحياة من مطعم ومشرب, بالكاد يحصلون عليها, نلتقي بأم أحمد, لتشرح لنا عن إفتقادها للكثير من الحقوق على مستوى عائلتها فقط.
من جانبها تقول أم أحمد وهي نازحة: “منذ أيام مَرِضَ طفلي, و ذهبت للحرس في منتصف الليل لنسعفه إلى نقطة طبية و كان ذلك لكننا لا نملك نقوداً ثمناً للدواء, أو حتى أي شيء, نحن تنكسر أنفسنا هنا و لم نعتد على هذا سايقاً, نفتقد للرعاية و التعليم و نحن معذبة هنا”.
وربما تعطيك حالة فداء أو أم أحمد, مثالاً عن الحقوق المنتهكة عند السوريين, بيد أنها لن تكون أقساها, فهنا تقبع أكثر من عشرين ألف عائلة في خيام لا تدفع عنهم برداً و لا حرا, فما أدراك بما يخفى.
في خضم ما تشهده الساحة السورية من تغيرات بين الفينة و الأخرى, تنال الحرب من هؤلاء, وتسلبهم أبسط حقوقهم, وتجعل منهم كرةً, تتقاذفها القرارات السياسية تارةً, و المعطيات العسكرية على الأرض تارةً أخرى, فلسان حالهم يقول: لم يبقى لنا من حقوق الإنسان إلّا الاسم فقط, و لا شيء غيره.