روائع من التاريخ “6”
تاريخ النشر: 11/12/15 | 12:04خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ. [ الأعراف : 199 ] .
في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب ، وقالوا : يا أمير المؤمنين نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل فقد قتل والدنا . قال عمر بن الخطاب : لماذا قتلته ؟ قال الرجل إني راعي إبل وماعز .. واحد من جمالي أكل شجرة من أرض أبوهم فضربه أبوهم بحجر فمات فأمسكت نفس الحجر وضربت ابوهم فمات .. قال عمر بن الخطاب : إذاً سأقيم عليك الحد . فقال الرجل : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي وترك لي كنزاً أنا وأخي صغير .. فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي .. فقال عمر بن الخطاب : ومن يضمنك ؟ فنظر الرجل في وجوه الناس وقال : هذا الرجل . فقال عمر بن الخطاب : يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل ؟ فقال أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين . فقال عمر بن الخطاب : ‘إنك لا تعرفه وإن هرب أقمت عليك الحد . فقال أبو ذر : أنا أضمنه يا أمير المؤمنين . ورحل الرجل ومر اليوم الأول .. والثاني .. والثالث .. وكل الناس كانت قلقة على أبو ذر حتى لا يقام عليه الحد ، وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجل وهو يلهث وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. وقال الرجل : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد … فاستغرب عمر بن الخطاب وقال للرجل : ما الذي أرجعك ؟ كان من الممكن أن تهرب . فقال الرجل : خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس .. فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر : لماذا ضمنته ؟ فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس . فتأثر أولاد القتيل وقالوا : لقد عفونا عنه . فقال عمر بن الخطاب لماذا ؟ فقالوا : نخشى أن يقال ذهب العفو من الناس …
نعم أخي الحبيب لا بد للضمير الحي والقلب الرحيم أن يرحم ويعفو عن الزلات وعن أخطاء الاخرين مهما كانت . فالله سبحانه وتعالى غفور رحيم يحب العفو ، وتذكر أخي الحبيب قول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) ..
بقلم محمود عبد السلام ياسين