قلب الأم ينفطر بإستشهاد ولديها عدي ودانيا
تاريخ النشر: 11/12/15 | 22:09لا تجبروها أن تجهر بزغرودتها وتترك أساً غائراً في قلبها، إياكم أن تطالبوها بالحديث أمام الكاميرات للعالم، المحتل هو الذي تحدث اليوم بما يكفي، فأن تفقد الأم اثنين من فلذة أكبادها في غضون شهر ليس مستحيل، ولكنه صعب التحمل، والدة الشهيدة دانيا إرشيد تفقد اليوم ابنها عديّ إرشيد شهيداً، مَن سيقوى على تحمل جرحكِ أيا أمهم؟، مَن سيبصر لكِ بسمة بعد اليوم؟، ومَن له أن ينصفكِ؟.
أستحضر في مخيلتي ذلك المخاض العنيف الذي عقبه ميلاد عدي ودانيا على الحياة، أقول علّه كان مستطاباً لأمهم، كونه يحمل ميلاد طفلين، ذلك المخاض تحياه اليوم والدة الشهيدين، ولكنه مخاض القلب الذي انفطر بفراق الأحبة، ليس بعيداً عن أمهات كل شهداء فلسطين، ولكن وقفة أمام عيون أمكِ يا دانيا التي قالت بالأمس القريب أنها تفتقدكِ وتفتقد همساتكِ وصوتكِ الحاني، وضمتكِ لها عند كل صباح ومساء، اليوم تفتقد أمكِ ثنائي الضحك “أنتِ وأخيكِ”، ثنائي البسمة “أنتِ وأخيكِ”، ثنائي الشهادة” أنتِ وأخيكِ”.
أجزم أنه الشوق لكِ هو الذي قاد أخيكِ لساحة المواجهات مع الاحتلال، وأجزم أن الثأر الذي حواه أخيكِ في قلبه هو الدافع الأول لتواجده في الميدان، ولكني لا أستيطع أن أجزم هل أمكِ بفراقكم ما زالت حقاً على الحياة، أشاهدها وهي تحتضن أخيكِ، وسط صراخ الناس، ما أجزمه لكِ يا دانيا أنها دخلت مع أخيكِ في خلوة قلبية، ربما أوصته بالسلام لكِ، أو أن ينقل لكِ اشتياقها، أو ربما صرخت في أذنه ما لم يسمعه الناس أجمع، وقالت لمَ تركتني بفاجعة أخرى؟، لمَ لم ترحم قلبي الذي أفطره رحيل أختكَ؟ وشاطرتها الرحيل ولم تشاطرني الصبر؟!.
25 تشرين أول/أكتوبر كان يوم الفقد الأول، يوم أن رحلتِ يا دانيا دون وداع أمكِ التي كانت أقرب إليكِ من نفسك، رحلتِ وأنتِ تُعدين نفسكِ لأن تكوني تلك الابنة البارة بأهلكِ بدينكِ بوطنكِ بكل مَن حولكِ، وكنتِ حقاً الابنة البارة بهم جميعاً، تاريخ سُجل بالدم وما سجلته الدماء يا دانيا لا يُمحى.
11 كانون أول/ديسمبر يوم الفقد الثاني، يوم أن شاطركِ أخيكِ منزلة الشهادة، ولم يشاطر أحداً أمكِ منزلة الحزن المميت، منزلة الفاجعة الكبرى وهي تتحسس ملامح وجه أخيكِ الممدد وعليه لاصق اسمه يتبعه لقب “الشهيد”، أجزم هنا أن أمكِ لم تستحضر في ملامحه إلا أنتِ، أولستِ أخته في الدم والشهادة، أولستِ تشبهين الوطن ويشبهكِ أخيكِ، فكنتما شبيهين للوطن؟!.
ربما لو كان يحق لوالدتكِ يا دانيا أن تقف على شاطئ، لجعلت زبد البحر يبكي حزنها على فراقكم، يبكي قلبها المكلوم وما دفنته فيه من حزن وأساً على رحيلكم، دعكم أيها الناس من المغالاة في تمهيد الفاجعة على أم الشهداء، دعكم من ترهات مواساتكم التي تنتهي عند أول خطوة لكم خارج منزل الشهداء، دعكم من شعارات رنانة في عقولكم فلا وزن لها في عيون الناس، دعكم من الكلام واصمتوا خجلاً، فالصمت في قاموس أم الشهداء هو الحل الدائم.
أتراه والدكِ يا دانيا يوم أن اصطنع الصبر على فراقكِ، خبأ بضع صبر في قلبه ليستوعب فراق أخيكِ؟ أتراه سيبكي أخيكِ دمعة واحدة، ثم يشدّ وثاق قلبه كما فعل لحظة تعرفه عليكِ وأنتِ ممدة مضرجة بدمائكِ تنعين الشهداء وينعاكِ الوطن، الفرق في هذا الفراق يا دانيا أنكِ يوم رحلتِ، أخيكِ ودعكِ حيّاً وكنتِ الشهيدة، واليوم الشهيدة تستقبل أخاها الشهيد، فمصير الأموات مع الأموات التلاقي، ولكن مصير الأحياء مع الأموات اشتياق، وهذا ما ستحياه أمكما أيها الشهداء.
بقلم رولا حسنين – الوطن
لا حول ولا قوة الا بالله حسبي الله ونعم الوكيل الله