عرب النقب في مرمى مخطط "برافر" التهجيري!!

تاريخ النشر: 18/07/13 | 6:00

*عرب النقب : هُم سكان جنوب فلسطين وتحديدا شبه صحراء النقب وقضاء بئر السبع وهم جزء لا يتجزأ من الشعب والتاريخ الفلسطيني وقد تعرضوا وما زالوا يتعرضوا الى ابشع اشكال الاضطهاد والتشريد والتوطين القسري من قبل الحكومات الاسرائيليه المتعاقبه منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا..قصة وطن…اما بعد..

يخطأ من يظن ان ما يجري في القدس والضفه الفلسطينيه من استيطان وإحلال هو غير ذلك الذي يحدث في النقب والجليل وفي مناطق فلسطين الداخل والحقيقه هي ان الصهيونيه الاستيطانيه استهدفت وتستهدف كامل فلسطين التاريخيه منذ قرن من الزمن وحتى يومنا هذا وما جرى وماهو جاري ان الدوله الاسرائيليه اللتي اقيمت على التراب الوطني الفلسطيني, اقيمت على اساس إقصاء الشعب الفلسطيني وتشريده من ارضه ووطنه من جهه وإحلال المستوطنات والمستوطنين بدلا من القرى والمدن الفلسطينيه وسكانها الفلسطينيون من جهه ثانيه وبالتالي حافظت الاستراتيجيه الصهيونيه الاحتلاليه والاحلاليه على فحواها وزخمها واهدافها حتى يومنا هذا من خلال استمرارية استهداف الوجود الفلسطيني ومخطط " برافر" الذي يهدف الى القضاء على الوجود العربي التاريخي في النقب ماهو الا حلقه من حلقات تسلسل المخططات الصهيونيه الهادفه الى تهويد كل ماهو فلسطيني على طول وعرض فلسطين التاريخيه الى حد ان نشاهد اليوم ان لافتات المرور المؤديه الى مدينة بئر السبع وقد كُتب عليها بالعربيه " بير شيبع" بدلا من بئر السبع…عبرنة اسماء المناطق والاماكن والمدن والقرى الفلسطينيه في فلسطين..

من هنا لا بُد لنا من الاعتراف بأنه وبعد اكثر من نصف قرن ونيف من الاحتلال والاحلال الاسرائيلي بوجود ازمه وطنيه سياسيه فلسطينيه عامه عصفت وتعصف بجميع قطاعات الشعب الفلسطيني بمافيهم فلسطينيوا الداخل ومن بينهم عرب النقب[بدو جنوب فلسطين],وبالتالي وبالرغم من مُحاولة عزل كثير من قطاعات الشعب الفلسطيني عن جوهر القضيه الفلسطينيه وإدخالها في اطر وتعريفات جغرافيه وسياسيه تخدم بالمحصله المشروع الصهيوني , إلا ان هنالك حقيقه تاريخيه لا يمكن القفز عنها وهي أثر سياسة الاحتلال والاحلال الاسرائيليه على جميع قطاعات الشعب الفلسطيني أينما تواجد جغرافيا وديموغرافيا على امتداد فلسطين التاريخيه وعلى إمتداد المهجر والشتات الفلسطيني…الجاري حاليا في فلسطين مرتبط الى حد بعيد بواقع سلطه فلسطينيه بائسه وعاجزه وبواقع عدم وجود قياده فلسطينيه تقود النضال الفلسطيني ضد الاحتلال ومخططات الاستيطان الاسرائيليه التي لا تفرق بين مناطق التواجد الفلسطيني سواء في الضفه او غزه او الجليل او النقب..ماهو جاري منذ العام 48 مستمر حتى يومنا هذا وهو استهداف الوجود الفلسطيني جغرافيا وديموغرافيا بهدف تهويد كل شبر من فلسطين..هم يريدون فلسطيني بلا ارض ولا هويه ولا تاريخ..فل تكون معه جنسيه او وثيقة سفر ومرور اسرائيليه او فلسطينيه او غيرها, لكن المهم ان لايكون له كيان ولا ارض ولا ملك في فلسطين..وضعية لاجئ يحمل وثيقة سفر او هوية تعريف تمكنه من العيش والتنقل فقط…!!

من المهم جدا في سياق الحديث الجاري عن مأساة عرب النقب ومخطط برافر الذي يستهدف هذا القطاع من الشعب الفلسطيني التطرق الى نقطه مركزيه ومهمه في استراتيجية السيطره الاسرائيليه على الشعب الفلسطيني ككل وهي محاولة الصهيونيه تقسيم هذا الشعب الى حالات ومُسميات تتلائم مع الاستراتيجيه الصهيونيه المبنيه على " فرق تسد" وعلى اساس الانفراد بقطاعات الشعب الفلسطيني تحت مسميات مختلفه : عرب اسرائيل, بدو اسرائيل, وعرب الضفه والقطاع, واللاجئين في المهجر من جهه والتعامل مع كل هذه القطاعات وتواجدها الجغرافي وحالتها السياسيه من منطلق تطبيق المشروع الصهيوني المبني على الاحلال والاحتلال وتهويد مناطق التواجد الفلسطيني من جهه ثانيه وبالتالي ماجرى ويجري أن اسرائيل لم تعترف يوما من الايام بفلسطينيي الداخل كّمواطنين" لهم حقوقهم المدنيه والقانونيه والانسانيه لابل ان اسرائيل مارست استراتيجية السيطره والاستيطان على مناطق التواجد الفلسطيني داخل كيان الدوله الاسرائيليه بنفس الاسلوب اللتي تُمارسه في الضفه والقطاع والقدس وإن إختلف ألأمر نوعا ما في شكل المُصادره والاحلال والتهويد, ولكن ليس في فحوى الاهداف الاسرائيليه الساعيه الى فرض التهويد والوجود الصهيوني على طول وعرض فلسطين التاريخيه!!

الاستراتيجيه نفسها تطبق على عرب النقب- بدو جنوب فلسطين- اللذين مازالوا يُعانون من استمرارية النكبة منذعام 1948 حتى يومنا هذا, حيث كان عدد وتعداد بدو جنوب فلسطين قبل عام 1948 يتجاوز ال 000 66 نسمه ولم يبقى منهم في النقب بعد موجات الطرد والتهجير اللتي مارستها العصابات الصهيونيه عام 48 سوى 11000 نسمه قامت اسرائيل ابان الحكم العسكري -…1948 حتى 1966 – بحصرهم -ال 11000 الباقون- في منطقه جغرافيه محدده في النقب اطلقت عليها اسرائيل تسمية منطقة "السياغ", وهي المنطقه اللتي قامت اسرائيل بتجميع ماتبقى من بدو بداخلها وحالت دون عودتهم الى ارضهم وديارهم الاصليه حتى يومنا هذا ..كثير من بدو النقب الذي يبلغ عددهم اليوم في النقب- دون عدد البدو الذين شردوا عام النكبه- ما يقارب ال200000 نسمه يعيشون وضعية اللاجئ داخل وطنهم في النقب وذلك بسبب ان اسرائيل إما انها لم تسمح لهم بالعوده الى ديارهم الاصليه بعد عام 1948 او انها قامت بتوطينهم قسريا في نقاط توطين قسريه منذ بداية سبعينات القرن الماضي وهذه النقاط السبعه الذي يعيش فيها اليوم نصف عدد عرب النقب تشبه الى حد بعيد وضعيه مخيمات اللجوء الفلسطيني وذلك بالرغم من محاولة اسرائيل زركشة الامور والزعم ب" تطوير وتحضير" حياة البدو بينما الهدف هو تجميع البدو على اصغر رقعه جغرافيه ممكنه في النقب بهدف الاستيلاء على اراضيهم وتهويد النقب جغرافيا وديموغرافيا…اسرائيل قامت بتعليب البدو في نقاط توطين ضيقه..علب سردين مكتظه سكانيا بالرغم من المساحه الشاسعه والارض الذي يمتلكها هؤلاء " المعلبون" في النقب..!!

للتذكير..*لطالما إدعت السلطات الاسرائيليه ان بدو النقب كانوا بأكثريتهم دوما بدو رُحَل ولا يملكون الارض بشكل دائم, ولكن التعريف العلمي والتاريخي يُثبت ان درجة الترحال في بادية النقب وما حولها لم تكن بمعنى الترحال الكامل والبداوه الكامله- هنالك تعريف لانواع االبداوه والترحال في العالم: بدو رُحل بشكل كامل ولا يملكون ارضا مُعينه. وبدو نصف رُحل, وربع رُحل الخ وقد يطول الحديث حول هذه التعاريف-, بمعنى ان ن الميزه اللتي تُميز بدو النقب عن باقي اشكال البداوه في العالم هي الميزه التاريخيه والعلميه اللتي تندرج تحت تسمية "سِيمي بداوه" وهم الرُبع رُحل من البدو اللذين يملكون الارض واماكن سكن ثابته ولا يتركون ديارهم إلآ لمده قصيره بهدف الرعي والمراعي ثُم يعودون الى ديارهم الاصليه ويزرعون ارضهم ويحصدوها في موسم الحصاد وبالتالي ظل عرب النقب على مدى قرون ملاكي ارض في النقب واصحاب مساكن وديار ثابته يعيشون على تربية المواشي وزراعة الارض في حين كانت من بينهم اقليه تعمل في المدن المجاوره كايدي عامله وتشير إحصائيات الانتداب البريطاني أنهُ في عام 1931 كان " 82% من بدو النقب يعيشون على الزراعه وتربية المواشي والنسبه المتبقيه عملت كايادي عامله وفي مهن اخرى" !!!

لم تدخر اسرائيل جهدا وتترك اسلوبا- بعدعام 1948 وحتى يومنا هذا-إلا ومارسته ضد عرب النقب شانهم شأن باقي قطاعات الشعب الفلسطيني- الجليل و المثلث, المدن الفلسطينيه, الضفه والقطاع-, وقد تميزت حُقبة الحكم العسكري1948 ..1966 اللتي خضع لها عرب النقب باستيلاء اسرائيل على مُعظم اراضي وديار عرب النقب من جهه وبتكثيف الاستيطان اليهودي الصهيوني في النقب من جهه ثانيه وبالتالي وبالرغم ان الاستيطان الصهيوني في النقب قبل عام 1948 لم يكن ذو اهميه جغرافيه وديموغرافيه, إلا ان هذا الاستيطان والسيطره الاسرائيليه قد تكثف من خلال اعلان مناطق شاسعه في النقب كمناطق عسكريه يُحذر على العرب من الدخول اليها, وهذه المناطق كانت وما زالت تُوظف للاستيطان اليهودي وفرض الواقع الاستيطاني والديموغرافي الجديد في النقب- كان العرب حتى عام 1948يُشكلون الاكثريه الساحقه من سكان النقب وخاصة منطقة النقب الشمالي اللتي كانت تضم مدينة بئر السبع والمضارب البدويه المجاوره…عام 1948 إحتلت العصابات الصهيونيه مدينة بئر السبع وطردت جميع مواطنيها من العرب,,, تحولت مدينة بئر السبع العربيه اليوم بسبب الاهمال الاسرائيلي ومحو الاثار والمعالم العربيه القديمه الى اطلال وخراب, وملاهي ليليه ومتاحف طالت حتى مسجد المدينه الذي مازال قائما ومُغلقا امام العرب المسلمين منذ عام 1948!!

هنا لا بد من االتدكير ايضا بحدث ومعلومه تاريخيه وهي :* إنعقاد مؤتمر بلدة الشريعه لعام 1932 في النقب بحضور الحاج امين الحسيني وجمع من مشايخ بدو النقب, وكانت اهم قرارات هذا المؤتمر " الدفاع عن ارض النقب, وإعتبار كل من يتعامل اويبيع ارض للإنتداب والحركه الصهيونيه, إعتباره خائن ومهدُور الدم", والنتيجه المباشره لمؤتمر الشريعه هي أن اقل نسبة اراضي بِيعَ- خدعه او قصد- في فلسطين للحركه الصهيونيه قبل عام 1948 كانت في النقب!! – جميع املاك اليهود من الارض في فلسطين لم تتعدى حتى عام 1948 نسبة ال5% من كامل الارض الفلسطينيه التابعه باكثريتها الساحقه لمُلكية العرب الفلسطينيين وبعض العرب من الجوارالفلسطيني-!!

تُعتبر فترة الحكم العسكري بمثابة المرحله الاولى في عملية استيلاء اسرائيل على اكثرية اراضي عرب النقب وتشريد الاكثريه الساحقه من عرب النقب الى دول الجوار وخاصة الاردن, إلا ان اسرائيل لم تكتفي بترحيل بدو الجنوب والاستيلاء على اراضيهم لابل بدأت منذ نهايه الستينات وبداية السبعينات مايمكن تسميته بالمرحله الثانيه من مخطط شامل كامل يهدف الى حصرأكبر عدد من بدو النقب على اقل مساحه جغرافيه ممكنه في النقب من جهه والعمل على تشويه الهويه الحضاريه والوطنيه لعرب النقب من خلال التغريب المُبرمج ومُحاولة خلق هويه مُزيفه للبدو تعتمد التحييد السياسي والاستقطاب ضمن كون" بدو النقب ليس تابعين للشعب الفلسطيني ومواليين للدوله الاسرائيليه" من جهه ثانيه ..

كما ذُكر اعلاه بدأت اسرائيل في بداية السبعينات من القرن الماضي بالتخطيط لتوطين البدو قسريا وحددت لهذا الغرض سبع نقاط ومدن في النقب وقد قامت اسرائيل وعملاءها المحليين بحملة دعايه وتسويق سياسي بكون التوطين القسري عمل " تطويري" وتحضير لحياة البدو,بينما الحقيقه هي ان اسرائيل ارادت الاستيلاء على ارض كل من دخل الى مشاريع التوطين وهذا ماحدث في حقبة السبعينات والثمانينات اللتي إستغلت فيها اسرائيل الجهل العام والتواطؤ المحلي وعدم معرفة الناس بخفايا النوايات الاسرائيليه,وبدات بمشاريع التوطين بعدد من المخدوعين والساذجين من البدو الى داخل نقاط التركيز والتوطين وجعلت منهم عَيِنَه اولى اللتوطين و"التحضير" الاسرائيلي وقد إعتمدت اسرائيل اسلوب الترهيب والترغيب والخداع في عملية التوطين والتهجير والسؤال المطروح: ماهي الاساليب اللتي إستعملتها اسرائيل في عملية توطين بدو النقب؟ وهذا ما سنُجيب عليه في النقاط التاليه:

*اولا : كان ومازال الاسلوب المركزي لاسرائيل في عملية تهجير وتوطين البدو هو الاستيلاء على الارض وطرد البدو من ديارهم من خلال القوه ومن خلال مصادرة الارض تحت بنود وقوانين اسرائيليه اوجدتها اسرائيل خصيصا لهذا الغرض, وعندما لم تُفلح إسرائيل في تحقيق نجاح في بداية التوطين لعدم إقبال عرب النقب على التوطين ورفضهم للمشاريع الاسرائيليه,,قام ارييل شارون-انذاك وزير الزراعه-في عام 1976 بتأسيس ما يُسمى ب"الدوريات الخضراء" الشبه عسكريه وقد أُسندت لهذه الدوريات مُهمة مُلاحقة البدو وإرهابهم وطردهم من اراضيهم من جهه والاستيلاء على مواشي البدو ومصادرتها بحجة الرعايه "في اراضي الدوله" او دخولها " المحميات الطبيعيه"- المحميات: اراضي تابعه لبدو النقب تُعلنها اسرائيل بعد مصادرتها كمحميات طبيعيه- من جهه ثانيه وبالتالي كان الهدف الاسرائيلي من مصادرة الارض والمواشي يهدف الى ضرب وتدمير مقومات الاقتصاد البدوي التقليدي, وتضييق الخناق على البدو حتى يرحَلوأ الى مشاريع التوطين الاسرائيليه, وبهذا الاسلوب فرضت اسرائيل قسريا النواه البشريه لمشروع توطين بدو النقب!

.. هنا للمثال فقط لا للحصر قامت اسرائيل باستغلال ما يسمى معاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل-نقل المعسكرات والمستوطنات الاسرائيليه من سيناء الى النقب- وسنت قوانين جائره لمصادرة اراضي عرب النقب وبالتالي أطلقت اسرائيل العنان لم يُسمى بالدوريات" الخضراء" لملاحقة وإرهاب بدو النقب وطردهم من الارض حيث اعلنت الدوريات الخضراء مناطق شاسعه من اراضي النقب كمناطق عسكريه مُغلقه والنتيجه ان عدد الماعز اللذي كان يقتنيها البدو ويعتاشون منها قد انخفض من 100000 راس ماعز الى 40000 راس بين عام 1978 وعام 1979- اسرائيل كانت تُصادر مواشي البدو وتبيعها لتجار اللحوم باسعار زهيده-, وفي نفس هذه الحقبه[197- ..1980- قامت اسرائيل بطرد عشرة الاف نسمه من بدو النقب من اراضيهم وديارهم الى داخل نُقاط التوطين القسري اللذي حددتها اسرائيل لتوطين البدو, وقامت اسرائيل في هذه الحقبه فقط بمصادرة 800000 دونم من اراضي البدو ومنعتهم من الدخول اليها او زراعتها!!

هنا لابد من التذكير* ان مساحة النقب تبلغ 13 مليون دونم وقد حاول البدو في النقب تثبيت ملكيتهم بالحد الادنى على 2 مليون دونم, ولكن اسرائيل استمرت بالمصادره والتوطين ولم يتبقى تحت ملكية بدو النقب في الوقت الراهن سوى ما يقارب 180000 دونم تعتبرها اسرائيل اراضي دوله ومُتنازع عليها وتحاول مصادرتها وإقتلاع 45 قريه بدويه لا تعترف بوجودها اسرائيل وذلك بالرغم من ان هذه القرى والمضارب البدويه قائمه مئات السنين قبل نَشاة ووجود اسرائيل ويعيش بداخلها ما يُقارب نصف عدد عرب النقب الذي يبلغ اليوم عددهم الاجمالي ما يُقارب ال 200000 نسمه!!- سناتي للقرى الغير المعترف بها فيما بعد-!!

*ثانيا: إعتمدت اسرائيل على اسلوب اخر من اساليبها وهو الخديعه والاغراء: كان البدو انذاك -اواخر الستينات- لا يملكون اي مقومات بنيه تحتيه او وسا ئل إتصالات او مراكز شراء, لايوجد كهرباء ولا هواتف ويضطر البدوي انذاك بالذهاب الى المستوطنات اليهوديه المجاوره اومدينة بئر السبع حتى يُجري مكالمه هاتفيه ضروريه اوشراء بعض الحاجيات وبالتالي ماجرى ان اسرائيل قامت ببناء بدايات مدن ونقاط التوطين القسري مُعتمده على بناء بيوت وحارات لعائلات صغيره لا تملك بالاصل ارضا- ليست لها ارض ملك-, وقامت بتزويد وزركشة هذه الحارات بالكهرباء والهواتف العامه وبعض مراكز الشراء لتكون نقطة إجتذاب وإغراء للبدو المحرومين اصلا من اي مقومات البنيه التحتيه!! وفي المقابل أطلقت إسرائيل عُملاءها المحليين وسماسرة الارض من بين البدو انفسهم,,اطلقتهم لبث الرعب والترغيب وإقناع الناس اصحاب الاراضي" بضرورة إقتناءهم وشراءهم قطعة ارض للسكن في مدن التوطين, وإلا سيخسرون الارض والسكن في النقب" ناهيك عن ان اسرائيل حاولت الوصول من خلال السماسره -وأقرباء بعض العائلات العربيه في النقب- الى بعض اصحاب الارض المُهجرون في الاردن ومحاولة خداعهم ببيع ارضهم والتنازل عنها لصالح الدوله ومشاريع التوطين!!- لم تنجح اسرائيل في مسعاها هذا بسبب رفض اصحاب الارض المُهجرون ووعيهم للمخططات الاسرائيليه-.

في هذا السياق عمدت اسرائيل الى ترويج الدعايه نحو الداخل والخارج بكون" التوطين والاستيلاء على اراضي عرب النقب" يهدف الى "تطوير حياة بدو النقب", وقد جندت لهذا الغرض وُجوه محليه وبعض من المتعلمين من بين عرب النقب انفسهم حيث كان دورهم العمل على إقناع الناس وبث الدعايه في الاعلام نحو الخارج والداخل بأن ما تقوم به إسرائيل عمل "تطويري" وليست توطين قسري ومُصادرة اراضي وحقوق!!

نجحت إسرائيل منذ عام 1970 وحتى يومنا هذا بتوطين أكثر من 90000 بدوي من النقب داخل سبع نقاط توطين قسريه اكبرها مدينة رهط اللتي يفوق عدد سكانها اليوم ال50000 نسمه وتُعتَبر المشروع الاكبر للتوطين في النقب, ويكتظ فيها الناس في اكثر الاحيان كالسردين, وهذا ما يندرج في مُخطط وإستراتيجية اسرائيل بحصر عرب النقب على اقل مساحه جغرافيه ممكنه والاستيلاء على اراضي العرب وزرعها بالمستوطنات اليهوديه بهدف التهويد المكثف للنقب, وفي هذا الاطار وفي الوقت اللتي يُحرم فيه البدو من اراضيهم , تقوم اسرائيل بمنح اراضي البدو المُصادره لما يُسمى بالمزارع والمستوطنات الفرديه اللتي تمنح من خلالها اسرائيل افراد من اليهود مساحه شاسعه من الارض في النقب وتقدم العون لهؤلاء المستوطنين حتى يبسطوا سيطرتهم على اراضي عرب النقب, وفي المقابل وكما ذكرت اعلاه قامت اسرائيل بتدمير الاقتصاد البدوي التقليدي المرتكز على زراعة الارض وتربية المواشي, وزجت باكثر من نصف عدد عرب النقب الى مدن توطين تنقصها كل المقومات الاقتصاديه والبنيه التحتيه سواء الصناعيه او اماكن العمل او غيرها,.. والنتيجه الحاصله اليوم ان سكان مدن التوطين القسري من البدو يُعانون من الفقر والبطاله بنسبه عاليه إذ تبلغ نسبة البطاله في هذه المدن نحو 40% في المئه او اكثر, وتبلغ نسبة من يعيشون تحت خط الفقر ال50% وتبلغ نسبة اطفال عرب النقب اللذين يعيشون تحت خط الفقر 56% ناهيك عن المشاكل الاجتماعيه والمأسي الانسانيه الحاصله في مدن التوطين القسري وفي مايُسمى بالقرى الغير مُعترف بها!!

**ثالثا: القرى" الغيرالمعترف بها" في النقب: لا يُعبر مصطلح" الغير معترف بها" عن وجهة نظر كاتب هذه المقاله الذي يؤكد على رأيه في تسمية القرى العربيه في النقب كقرى عربيه , ولكن المقصود هنا إدراج احد اساليب اسرائيل في مصادرة اراضي عرب النقب وذلك عبر عدم إعتراف اسرائيل بالقرى العربيه وبما هو قائم في هذه القرى من اراضي وبيوت وبشر , ولذلك اخذت هذه القرى تسميه " القرى الغير معترف بها" من عدم اعتراف إسرائيل بهذه القرى لاسباب سياسيه وإحلاليه, وذلك بالرغم من ان هذه القرى شرعيه من الناحيه التاريخيه وقائمه قبل نشاة اسرائيل بمئات السنين!!

يبلغ عدد القرى "الغير معترف بها" في النقب ال45 قريه ويقطنها ما يقارب ال100000 نسمه وحسب الاحصائيات تبلغ مساحة الارض التي هي بحوزة سكان هذه القرى اقل من 180000 دونم, وتفتقرهذه القرى الى الحد الادنى من البنيه التحتيه, الكهرباء , الهواتف, المجاري , الشوارع,العيادات الصحيه والنقص الكبير في المدارس ومياه الشرب, وتعيش اكثرها في حالة القرون الوسطى "داخل دولة اسرائيل "الديموقراطيه", وتُعاني من البطاله والفقر بشكل مأساوي وبالرغم من هذا يصمد سكانها ويتمسكون بالارض ويرفضون الاغراءات الاسرائيليه والاساليب الاسرائيليه اللتي تُحاصر هذه القرى إقتصاديا وإنسانيا حتى تُجبر سكانها على الرحيل الى مشاريع التوطين.. وحتى لا تفوتكم وتفوتنا هذه الملاحظه حول اساليب الارهاب الاسرائيلي لابد لنا من ذكر ان احد هذه الاساليب وهو انشاء مصانع كيماويه بجانب القرى البدويه كقرية وادي النعم الذي يعاني سكانها الويلات والامراض جراء تسرب المواد السامه والاشعاعيه المنبعثه من المصانع المجاوره…ليست مجاوره فقط لابل تقع ايضا وسط بيوت وادي النعم!!

لم تدخر اسرائيل من اساليب وصغوطات على سكان " القرى الغير معترف بها", حيث تختبئ سلطات الخراب والدمار وراء قوانين البناء والترخيص" في عملية هدم بيوت عرب "القرى الغير المعترف بها " تحت حجة انها غير مُرخصه والحديث يدورهنا عن *عشرات الالاف من بيوت عرب النقب اللتي اصدرت الحكومه الاسرائيليه اوامر هدم بحقها وهدمت بالفعل المئات من هذه البيوت,, ومن المفارقات التاريخيه ان الحكومه الاسرائيليه اصدرت في عام 2004 ما يُسمى بقانون" طرد غُزاة الارض في النقب", والمقصود هنا طردعرب النقب اصحاب الارض الاصليين من خلال هدم البيوت وحرث الزرع وترحيلهُم الى نقاط التوطين القسري…قانون " برافر" اليوم هو امتدادا لقانون " طرد الغزاه"!!

هنا بالاضافه الى هدم البيوت تقوم اسرائيل سنويا بحرث وتخريب مزارع البدو في النقب وتُرش المحصول والاراضي المزروعه بالمواد الكيماويه بهدف ابادة الزرع, وتقوم اسرائيل في كل عام برش الاف الدونمات من ارض عرب النقب المزروعه وابادة الزرع ناهيك عن ان البشر اللذين يقطنون في هذه الاراضي ويسسنشقون المواد السامه!! المفارقه هنا هو ان المسؤول عن رش المبيدات وإبادة زرع بدو النقب هو وزارة الزراعه والبيئه الاسرائيليه!!

من الجدير بالذكر *ان احد اساليب الضغط والهمجيه اللتي تُمارسها اسرائيل على سكان القرى الغير مُعترف بهافي النقب هو ترك مياه المجاري العادمه القادمه من المستوطنات اليهوديه المجاوره تَسيل وَتمُر عبر ووسط القرى العربيه, ألأمر اللذي يؤدي الى حالات مرض كثيره بين اطفال هذه القرى العربيه ونقل الحشرات للأمراض المُعديه؟.. لاننسى ان نذكر ان سكان القرى ال45 محرومون حتى من مياه الشرب ويعانون الكثير في سبيل الحصول على الماء..سكان عطشى في دوله تزعم انها "ّديموقراطيه" !!

هنا لا بد من التذكير ان الوعي الجماهيري العام في النقب قد بدأ يتطور منذ بداية التسعينات من القرن العشرين إدراكا لمخاطر التوطين القسري وتهجير البدو من قُراهم وارضهُم , وهذا ماجعل مهمة اسرائيل وعُملاءها المحليين اكثر صعوبه, ولكن التَحَول الكبير بدأ مع تأسيس المجلس الاقليمي"للقرى الغير المعترف بها" في عام 1997, وهو المجلس اللذي تأسس كقياده سياسيه شعبيه شابه وميدانيه للدفاع عن "القرى الغير معترف بها" في النقب وكان برنامجه الاساسي يتلخص هدف رئيسي وهو" الدفاع عن القرى وإنتزاع الاعتراف بال 45 قريه بدويه في النقب لا تعترف بها اسرائيل وضمان الخدمات الاساسيه لهذه القرى على موقعها وارضها التاريخيه", وقد واصل المجلس الاقليمي عمله بشكل جيد الى عدة سنوات الى ان دبت الخلافات الداخليه في هذا المجلس الذي صار اليوم 2013 منقسما الى مجلسين وغير فَّعال بالشكل الصحيح منذ مده ليست بقصيره…لا نريد الخوض في اسباب انقسام المجلس الاقليمي لانها متشعبه ومعقده ولربما نتطرق للموضوع في كتابات قادمه, لكن الواقع الحاصل بشكل عام هو ان هذا المجلس شبه مُعطَّل!!

في هذا السياق لم تتوقف اسرائيل عن الاساليب الصهيونيه والاساليب الالتفافيه والخداع في محاولة الاستيلاء على ارض عرب النقب, وبجانب " وساطة" الامريكي سيسكند بين الدوله وعرب النقب , قام مكتب ارييل شارون في نهاية عام 2004 بتجنيد بعض المحاميين العرب واليهود وبُمساندة وتورط بعض القيادات التقليديه في النقب في اطر أنشاء شركات سمسره مُهمتها شراء ماتبقى من اراضي عرب النقب من خلال خداع وإغراء اصحاب الاراضي ببيع ارضهم والانتقال للعيش في مدن التوطين القسري المذكوره اعلاه والمُخصصه لتجميع عرب النقب,….تماما كما سعت الصهيونيه في بداية القرن العشرين لشراء اراضي بعض العرب في فلسطين , وتماما كما حدث ايضا في القدس"باب الخليل" م قبل عدة اعوام وذلك المطران-الروم الارثذوكس- اللتي باع املاك الكنيسه للإسرائيليين وشركات السمسره الصهيونيه!!

هنا لابد من الاشاره الى مايسمى"خطة تطوير النقب والجليل" -طُرحت عام2005 كخطه احلاليه استراتيحيه لتهويد النقب والجليل-الذي تبنتها حكومات اسرائيل المتعاقبه وتدعمها الاداره الامريكيه وتهدف بالاساس الى سلب مات بقى من ارض عربيه في النقب والجليل ناهيك عن مخطط جلب مليون مستوطن يهودي الى النقب مما يعني التهويد الكامل للنقب!!

ومن اللافت للنظر هو تشكيل اسرائيل في عام 2008 لما يسمى ب" لجنة "غولدبرغ" التي ضمت في عضويتها صهاينه وبعض البدو المحسوبين على الدوله الاسرائيليه الاحلاليه, وكان هدف لجنة "غولدبرغ" التي عينتها اسرائيل من جانب واحد دون استشارة عرب النقب او اصحاب الاراضي العرب او حتى دون التشاور مع المجلس الاقليمي للقرى الغير معترف بها في النقب, الاستيلاء قسرا على ما تبقى من اراضي لعرب النقب بزعم التوصل معهُم الى تسويه بالرغم من ان عرب النقب رفضوا مسبقا قرارات هذه اللجنه اللصوصيه جملة وتفصيلا وفي العام 2011 أقَّر الكنيست الاسرائيلي ما يسمى بخطة برافر التي تقضي بمصادرة ما تبقى من اراضي عربيه في النقب وتشريد وترحيل اكثر من 30000 مواطن من سكان القرى العربيه الغير معترف بها وقد تظاهر البدو لاول مره ضد خطة برافر في مظاهره شهيره هي مظاهرة 6 اكتوبر 2011 وتوالت بعدها المظاهرات عام 2012 حتى اخر مظاهره في 15 تموز 2013 والسؤال المطروح:ماهي فحوى واهداف مخطط " قانون " برافر؟.. الاجابه على هذا السؤال تبدا بالقول ان برافر هو استمراريه وخلاصه صهيونيه لمشاريع اقتلاع الوجود العربي في النقب التي ذكرت اعلاه وقد دار الحديث عن برافر بكثافه في الاعوام الماضيه بسبب تكثيف المحاولات الصهيونيه لتطبيق هذا المخطط الاجرامي, حيث سبق اقرار هذا المخط كقانون, احداث واخطاء كثيره وعلى راسها وجود "قيادات" عربيه نقباويه غير كفوه بدور الدفاع عن الوجود العربي في النقب او تمثيل عرب النقب ونشير في هذا الصدد لما يسمى ب "لجنة التوجيه العليا لعرب النقب" التي تزعم بتمثيلها لعرب النقب في حين ان تركيبتها قاصره سياسيا وهي خليط من اشخاص لم ينتخبهم احد من جهه ولا هم مهيأين لقيادة نضال يواجه مخطط بحجم برافر من جهه ثانيه وبالتالي المطلوب اليوم بالحاح اقالة اعضاء هذه اللجنه واستبدالها بإطار منتخب جماهيريا وقادرا على قيادة المرحله النضاليه القادمه بهدف اسقاط برافر!!

في تاريخ 24 حزيران 2013 صادق الكنيست الاسرائيلي بالقراءة الاولى على قانون برافر-بيغين الذي يهدد وجود عشرات القرى غير المعترف بها في النقب و يسعى لتهجير عشرات آلالاف من المواطنين العرب البدو، ومصادرة ما تبقى لهم من أراضي… بداية " برافر" كانت عام 2011 حين نشرت لجنة برافر، لجنة حكومية برئاسة نائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق ايوهد برافر، مخططًا بخصوص "تنظيم إسكان البدو في النقب", واللافت للنظر في هذا المسلسل هو ان أن لجنة "برافر" أنشات أصلاً بهدف تطبيق توصيات لجنة غولدبرغ لعام 2008، ولجنة غولدبرغ هذه لم تعترف بالملكية التاريخية للمواطنين العرب البدو على أراضيهم، لكنها أوصت بالاعتراف ببعض القرى غير المعترف بها مع عدم تعريف وتحديد هذا العدد من ضمن ال45 قريه التي لا تعترف بوجودها اسرائيل,,وماجرى هو ان لجنة برافر وقانون برافر لم يقبل الاعتراف بأي قرية غير معترف بها مما يعني هدم عشرات القرى البدويه ومحوها من الوجود واقتلاع 80 ألف مواطن بدوي من قراهم واراضيهم..تواصل النكبه!!

واخيرا وليس اخرا هنالك اصرار عربي نقباوي كبير بالتصدي لمخطط برافر التهجيري لابل ان هنالك اصرار فلسطيني شامل للتصدي لهذا المخطط الاجرامي وقد جاءت هبة 15 تموز2013 كرد اولي على برافر وهي الهبه الذي شاركت فيها كل قطاعات الشعب الفلسطيني.. صحيح ان عرب النقب في مرمى مخطط " برافر" التهجيري ,لكنهم باصرارههم وهمة شعبهم الفلسطيني سيفشلون هذا المخطط ومخططات تهويد النقب..باقون..ثابتون.. ومتشبثون بالدار والديار والوطن جيل بعد جيل …تحيه لهذا القطاع الفلسطيني الصامد وتحية لكامل الشعب الفلسطيني المناضل اينما كان وتواجد..برافر لن يمر!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة