استعراض ديوان “حبات عرق” للشاعر عبد الرحيم يوسف
تاريخ النشر: 18/12/15 | 9:02مقدِّمة ٌ :- الشَّاعرُ الأستاذ ” عبد الرَّحيم الشيخ بوسف ” من سكان مدينة ” الطيبة ” – المثلت – ،يكتب الشِّعرَ منذ اكثر من 25 عاما ، نشرَ بعضا ً من كتاباتهِ في الصُّحف ِ والمجلاتِ المحليَّةِ ، عملَ في مجالِ التدريس ِ فترة ً طويلة ً وخرجَ قبلَ سنوات ٍ للتقاعدِ . ولهُ ابحاثٌ أدبيَّة ٌ وتاريخيَّة منها ما نشرَ في الصحف والكثير لم ُينشرْ حتى الآن … وديوانه الذي بين أيدينا ” حبَّات عرق ” هو المجموعة ُ الشِّعريَّة ُ الأولى التي يُصدِرُهَا الشَّاعرُ ، ولديه كمٌّ كبيرٌ من القصائد لم يرَ النورَ بعد .
مدخل :- ديوان ” حبَّات عرق ” صدرَ للشاعر ِ عن دار الهدى ” – كفر قرع -يقعُ في (312 ) صفحة من الحجم ِ الكبير ويضمُّ عددا ً كبيرًا من القصائد الشِّعريَّة ، قسم ٌ منها كلاسيكي ( تقليدي ) والقسم الآخر على نمط شعر التفعيلة .
من ناحية ٍ موضوعيَّة ٍ تعالجُ هذه القصائدُ جميعَ المواضيع ِ والقضايا :السِّياسيَّة ، الوطنية والقوميَّة ، الغزليَّة والوجدانيَّة ، الإجتماعيّة والإنسانيَّة والوصفيَّة… وغيرها. الخ .
وبشكل ٍعام هذا الديوان مستواهُ عال ٍ وراق وجديرٌ وأهلٌ أن يُوضَعُ في كلِّ مكتبة وأن يطلعَ عليهِ ويقرأهُ كلُّ شخص ٍ، نظرًا لقيمتهِ التثقيفيَّة ِ أوَّلا ً ثمَّ اللغويَّة والفنيَّة والجماليَّة .
سألقي ، بدوري ، نظرة سريعة ً على بعض قصائد الديوان مع التحليل والتعليق . وقبل كلِّ شيىءٍ أوَدُّ الإشارة أنَّ شاعرنا متمكنٌ وضليعٌ جدًّا في اللغةِ العربيَّةِ وأستاذ ٌ متمرِّسٌ بها يشهدُ لهُ الجميعُ ولهُ معرفة ٌ واسعة ٌ في علم العروض ِ ( الأوزان ) وقواعد اللغة وشواردها ، ولهُ ثقافة ٌ واسعة ٌ وعامَّة ٌ أيضًا في شتى المواضيع ِ الأخرى . وهو إنسانٌ موهوبٌ وفنانٌ بالكلمات يمتلكُ الموهبة ُ الفطريَّة َ الرَّبانيَّة َ . وأمَّا ثقافتهُ الواسعة ُ وتبحُّرُهُ قي اللغةِ العربيَّة وروائعها وغريبها فقد عملَ هذا بشكل ٍ مباشر ٍ على صقل ِ وتطوير ِ موهبته الشعريَّة وأدواته الكتابيَّة . ومن خلال ِ قصائد هذا الديوان نحسُّ ونشعرُ أنَّ شاعرنا مُتاثِّرٌ جدًّا بالشِّعر ِ القديم ِ الكلالسيكي ( الموزون ) .. وحتى في شعر ِ التفعيلة فأحيانا لا يستطيعُ الخروجَ عن رتابةِ الطابع ِ الكلاسيكي القديم … وقد يكونُ للنقادِ ، لكلٍّ منهم ، رأيٌ في شعره ِ يختلفُ عن الآخر ، وربما بعضهُم يعتبرُهُ مُقلدًا أو ناظمًا للشعر ِ فقط ( مُوديلا ً قديمًا ) وأنا بدوري ولا أنصِّبُ نفسي قاضيًا أو نافدًا كبيرًا ولكن وبرأيي المُتواضع والصَّادق .. – من دون أنحياز -فما أحسُّهُ وأستشِفهُ من كتاباته وأظنُّ أنَّ الكثيرين من القرَّاءِ والمُثقفين يشاركونني في هذا : إنَّ شاعرنا “عبد الرحيم الشيخ يوسف ” هو شاعرٌ مجيدٌ ومبدعٌ بكلِّ معنى الكلمة ِ ، وشعرهُ جميعُهُ يَترَاوَحُ ما بين التجديدِ والحداثةِ وما بين التقليد أحيانا.. ما بين الإبداع ِ وما بين الأستهلاك والتقوقع . وفي نفس ِ القصيدة ِ قد نجدُ معاني واستعارات وصورا ً شعريَّة ً جديدة ً ومبتكرة ً ونجدُ أيضًا بعضَ العبارات والجمل الشعريَّة التقليديَّة المستهلكة والصور والتَّعابير المستعملة كثيرًا من قبل الشعراء الآخربن وخاصَّة ً القدامى .
وهنالك عناصر جماليَّة ٌ وفنيَّة ٌعديدة ٌ لا يستطيعُ أحدٌ إنكارَهَا …حتى الذين يدَّعُون النقدَ من دُعاة التجديدِ والحَدَاثة ولا يعرفونَ ما هو التجديد ويهاجمونَ الشِّعرَ العمودي ( التقليدي ) – الموزون والمُقفَّى – وهُم أمِّيُّون في معرفةِ اللغة العربيَّةِ ( صرفها ونحوها ) وفي الأوزان الشِّعريَّةِ أيضًا . وأمِّيُّون ثقافيًّا ولا يوجدُ لديهم أيُّ اطلاع ٍعلى المدارس والأساليب النقديَّة وعلى المدارس الشعريَّة وَمُمَيِّزاتِها… إلخ ..
ومن عناصر الجمال الإبداعي الذي يتميَّزُ وينفردُ بهِ الشَّاعرُ عن الكثيرين من الشُّعراءِ المحليِّين :1 ) لغتهُ قويَّة ٌ جدًّا وجزلة ٌ ومتينة ٌ ويستعمل ُ الغريبَ في شعرهِ والكلمات الصَّعبة . 2) الموسيقى الشِّعريَّة لديهِ جميلة ٌ ومؤثرة وساحرة ٌ وأقصدُ بهذا :الوزن الخارجي ( الخليلي ) مع الأيقاع والموسيقى الداخليَّة ، لأنَّ هنالكَ شعراء قد يكتبون شعرًا موزونا ً شكليًّا ،ولكن لا نحسُّ ونشعرُ إطلاقا بالموسيقى الشِّعريَّة عندهم – في أشعارهِم – فهذا هو النظمُ بعينهِ لأنَّ شعرَهم مستهلكٌ وُمسْتكتبٌ ولا يخرجُ من تلقاءِ نفسهِ وبعفويَّة … أي هم ليسوا شعراء ً لأنهم يفتقرون للموهية ِ الشِّعريَّةِ ، ولكن شاعرنا ” عبد الرَّحيم ” فيطربنا ويسكرنا ويسحرنا بموسيقى شعره الأخاذة .
3 ) الأفكار والمعاني العميقة والسَّامية . 4) الرُّؤيا الإنسانيَّة والطابع الإنساني والوجداني في شعره . 5) الحِسُّ الوطني والقومي .
6 ) الرُّؤيا الفلسفيَّة الشَّاملة للحياةِ والوجود .
7 ) الواقعيَّة ُ في شعرهِ والتصويرُ المُباشر والمُجَرَّد والتعبير الحِسِّي .
8 ) عُنصُرُ الأيمان .
9 ) الجانب التثقيفي والتعليمي الموجَّه في شعره من جميع النواحي : الأخلاقيَّة والسُّلوكيَّة والفكريَّة والثقافيَّة والإنسانيَّة والرّوحيَّة والعقائديَّة .
10 ) الصُّورُ الشِّعريَّة الجديدة والإيحاءات والتعابير البلاغية المُبتكرة ، والقيمة اللغويَّة والمفردات اللغويَّة القيمة .
ويكفي شاعرنا فخرًا وسُمُوًّا واكتمالا ً لعمله ِ الفني الشِّعري الرَّاقي انَّ شعرَهُ إيجابيٌّ بَنَّاءٌ يحدُو بالقارىءِ والإنسان ِ إلى الإنضباط ِ الخُلقي والسُّلوكي والمبدئي ويقودُهُ إلى الحقيقة ِ والواقع الإيجابي في مَفاهيم ِ الحياةِ وإلى المُثل ِ والأخلاق ِ الكريمة ِ ويُذكي فيهِ أيضًا الشُّعورَ والحِسَّ القومي والوطني والإنساني قبلَ كلِّ شيىءٍ ،ويُعلمهُ كيفَ يكونُ عُنصُرًا إيجابيًّا فعَّالا ً في المجتمع … وأقولُ إنَّ هذا هو الشِّعر التقدُّمي الرَّاقي والناجح . وامَّا غيره من الشِّعر ِ المُبهم ِ والغامض جدًّا ومُجرَّد كلمات فارغة بلا وزن ولا قافية ولا عذوبة ولا جمال وذوق فهذا تخبيصٌ وهراءٌ -حسب رأيي الشَّخصي .
وهنالك بعضُ عناصر الضعف في شعر ِ شاعرنا ، مثلا ً :
في قصائده التفعيلية نجدُ بعضَ الجمل ِ قريبة ً إلى التقارير الصَّحفيِّة ِ والكلام العادي والسَّرد القصصي ، وبالرُّغم ِ من كونها موزونة ً فلا نحسُّ بالجوِّ والنفس ِ الشِّعري والشَّعريَّة ِ السِّامية والعالم ِ السَّاحر ِ الرُّومانسي الذي تمتازُ بهِ لغة ُ الشِّعر ِ … هنالك بعضُ الجمل ،ولكن ليس كل قصائده .
وفي شعرهِ العَمُودي نجدُ أيضًا بعضَ الأبيات الشِّعريَّة التي هي مُجَرَّدُ نظم ٍ فلا توجدُ فيها حياة ٌ ودفءٌ وصورٌ شعريَّة جديدة وخياليَّة ورومانسيَّة وجمال … والمعاني تكونُ عاديَّة ً وبسيطة ً وُمْستهلكة . ولكن وبالمقابل نجدُ عندهُ الكثيرَ من الأبيات الشِّعريَّة الرَّائعة في العديد ِ من قصائدهِ والجمل الشِّعريَّة الرائعة والمُترعة بالحِسِّ الإنساني الجيَّاش والفني والجمال السَّحر والعذوبة وبالصُّور والتعابير والتشبيهات التي تهزُّ القارىءَ وتسلبُ لبَّهُ وعقلهُ وَتحرِّكُ لواعِجَهُ ووجدانهُ، إضافة إلى قوَّة ِ اللغةِ وجزالتها وجمالها وسلاستهَا وعذوبتها – وسأختار نماذجَ من شعرهِ ، يقولُ مثلا ً في قصيدةٍ بعنوان : “خيمة المَخسُوم ” – صفحة ( 159 ) ،والقصيدة إنسانيَّة وطنيَّة كتبَها الشَّاعرُ بعد أن رأى رجلا ً قد حُجِزَ في خيمة عند حاجز أمنيٍّ ومُنعَ من العمل – فكانت هذه القصيدة ُ . والمَحسُوم باللغة ِ العبريَّة ِ : الحاجز الأمني . – يقول : ( ” لن تكونَ خيممة ُ القهر ِ كطمَّاح ِ الذ ُّؤابهْ
تحتكَ الرَّابضُ ليثٌ لا يفلُّ الفقرُ نابَهْ
شقَّ جَنحَ الليل ِ يسعَى مثلما ساحَتْ سَحابهْ
والأماني ماثلاتٌ ربَّما تشفي عذابَهْ
وَأذانُ الفجر ِ يعلوُ دائمًا اللهُ أكبَرْ …
ويقولُ : ( ” خيمة ُ القهر ِ ستهوي رُغمَ أنف ِ الظالمينْ
لن يعيشَ الأمنُ طرًّا في جيوبِ الغاشمينْ
سَوفَ نحيَا … سوفَ نغدُو في عُرَى شعبٍ مكينْ
والدُّنا في أرضنا في صبرنا عهدٌ ودينْ …
راية ُ الحُبِّ ستبقى في الرَّوابي الخضر ِ ُتنشَرْ
ويقولُ :” أيُّهَا الصَّارخُ مَهلا ً أنتَ صوتُ العُنصُريَّهْ
فأنا أحملُ في صدري جمالَ العبقريَّهْ
وبدَمِّي في عُرُوقي يرسُمُ المجدَ هَويَّهْ
وأنا قلبُ النشامى وأنا عمرُ البريَّهْ
وأنا الهاتِفُ دومًا : كلُّ ظلم ٍ سوفَ يُقهَرْ ويقولُ فيها :” إنَّ خُبزًا يُحرَمُ الجائعُ والمُحتاجُ أكلهْ
سَوفَ يشبُو مثلَ نار ٍ تحرقُ الجاني وفعلهْ
لن يجُوعُ المرؤُ قطعًا طالما الصَّبرُ تعلَّهْ
وبطعم ِ الصًّبر ِ يحيَا مَاحِيًا بالصَّبر ِ ذلَّهْ
وَيعيشُ الشَّعبُ بالحَقِّ وَبالعَدل ِ المُظفرْ ” ) .
إنَّ القصيدة َ إنسانيَّة ووطنيَّة من الدَّرجة ِ الأولى ويتحدَّثُ فيها الشَّاعرُ عن مُعاناة ِ الأهل ِ في الضفَّة ِ والقطاع ِ وكيفَ أن الحواجزَ الأمنيَّة التي فرضَها جيشُ الإحتلال تقفُ حاجزًا أمامَ الذهابِ إلى العمل ِ لأجل ِ لثمة ِ العيش ِ … وهذا دائمًا ويوميًّا يتكرَّرُ معهم ،عدا الإضطهاد والتنكيل الجسدي والمعنوي وفرض الطوق الأمني عليهم . وفي القصيدة نجدُ نبرة َ التفاؤل والأمل وأن الحقَّ في النهاية لا بدَّ سينتصرُ وأن الظلامَ سيزولُ . ففي هذه القصيدة يجسَّدُ الشَّاعرُ بالضبط الحالة َ الصَّعبة والوضعَ المأساوي الذي يُعاني منهُ سكان الضفة والقطاع .
ويقصدُ الشاعرُ ” بطمَّاح ِ الذؤابة ” الجبل الذي ذكرهُ الشَّاعرُ الأندلسي ” ابن خفاجه ” ،حيث قال : ” وأرعنَ طمَّاح الذؤابة ِ شامخ ٍ يُطاولُ أعنان السَّماء بغاربِ ”
… فهذه الخيمة التي حجزوا ذلك الإنسانَ الفلسطيني تحتها ومنعُهُ من الذهابِ إلى العمل ليستلَّ لقمةَ عيشه وقوت أولادهِ لن تكونَ كظمَّاح ِ الذؤابة ِ … ذلك الجبل العظيم الشَّاهق … بل ستزول ويزولُ الإحتلال ويتنفس ُ الشَّعبُ المُحتلُّ الصّعداء وينعم بالحريَّة ِ ويعيشُ ويحيا مثل باقي البشر بأمن ٍ وسلام وزينال حقوفه المدنيَّةَ والإنسانيَّةَ الكاملة أسوة ً بجميع ِ الشُّعوبِ والأمم ِ على هذه الأرض ِ … والقصيدةُ بشكل ٍ عام مُستواها عال ٍ ورائعة ومعانيها حلوة ومُؤثرة ومترعة بالطابع الإنساني وبالشفافيَّة والبراءة ومعانيها واضحة ويفهمُها حتى الإنسان البسيط . ولننتقل إلى قصيدة ٍ اخرى من الديوان ، وهي رثائيَّة نظمهَا في تأبين الشَّاعر ِ الرَّاحل ِ ” محمد نجم ناشف ”
من سكان مدينة الطيبه بلد الشَّاعر – ( صفحة 235 ) . فيقولُ فيها :
رثاؤُكَ فخرٌ وامتداحُكَ جوهَرُ
وذكرُكَ يسمُو للخُلودِ ويُبْهرُ
وشعرُكَ فيضٌ قد طمَ فوقَ شطه
وفكرُكَ بحرٌ يَسْتجيشُ ويزخَرُ
إلى أن يقول : ” نردِّدُ ما غنى الأوائلُ قبلنا
عُهُودًا من الإصرار ِ كالسَّهم ِ تعبرُ
والقصيدة ُ تقليديَّة فيها الكثير من المعاني والأفكار العاديَّة والمستهلكة نوعا ما … ولكنها جميلة وقويَّة ُ النبرة ِ وصادقة يُعطي فيها لإنسان ٍ وشاعر ٍ مُبدع ٍ حقه … شاعر ٍ قدَّمَ الكثيرَ لشعبهِ . والجدير ُ بالذكر ِ أنَّ الشَّاعرَ المرحومَ ” محمد نجم ناشف ” كانَ من أكثر ِ الشُّعراءِ كتابة ً وانتاجًا .. . لدرجة ٍ انهُ كانِ يكتبُ قي اليوم ِ الواحد عدَّة َ قصائد -وقد صدقَ ” عبد الكريم الشيخ يوسف ” عندما قالَ فيهِ :
( “وَشِعرُكَ فيضٌ قد طمَا فوقَ شَطهِ “) ، ولدرجة ٍ أنَّ هنالكَ صحيفة يوميَّة كانَ لها ملفٌّ واحدٌ للزاوية ِ الأدبيَّة لجميع ِ شعراء وأدباء البلاد الذين يرسلون بانتاجهم وابداعاتهم إليها، وملفٌّ آخر للشَّاعر ” محمد نجم ناشف ” لوحدهِ وخاص به ، وذلك لغزارةِ إنتاجهِ ، ففي الأسبوع ِ الواحد كانَ يرسلُ أكثر من عشر ِ قصائد لنلك الصَّحيفة وكلّها جديدة .
والجديرُ بالذكر أن شاعرَنا “عبد الرَّحيم الشيخ يوسف ” من دُعاة ِ السَّلام ولهُ قصيدة ٌ مهداة ٌ إلى صديقٍ له يهودي اسمه ” دافيد بيغور ” مفتش للغةِ العربيَّة في المدارس العربيَّة في لواء تل أبيب . والقصيدة بعنوان: ” صداقة وسلام “- صفحة ( 221 ) ، حيث يدعو فيها الشَّاعرُ للسَّلام ِ والصَّداقةِ والتعايش ِ المشترك ِ والمحبَّة ِ ، فيقولُ فيها :
وَخيرُ الصَّحبِ بالإخلاص ِ يحيَا كريح ِالمسكِ أو عبق ِ الورودِ
وفي دنيا السَّلام ِ نسيرُ جنبًا ونرعى الودَّ عُربًا مع يهودِ
بلادُ الخير ِ موطننا جميعًا نقولُ أيا ليالي السَّعدِ عُودِي
وإنهُ لشعورٌ إنسانيٌّ نبيلٌ ورائع وشهمٌ ومقدس أن يدعو الإنسانُ ،وخاصَّة ً الشَّاعرُ والفنان الذي بإمكانه ِ التأثير في الناس ، للصَّداقة والمحبَّة ويعملُ لأجل ِ السَّلام ِ والتعايش المشترك بين الشَّعبين ولنبذ ِ الضغينة والكراهية والخلاف . ومن هذا المنطلق نستنتجُ أن شاعرنا هو إنسانٌ قبل كلِّ شيىءٍ مُترَعٌ بالقيم السَّامية والمُثل وبالحِسِّ الإنساني الرَّفيع والفكر التقدُّمي النيِّر والروح الشَّفافة المُحِبَّة التي تدعُو للسَّلام ِ وتمقتُ الخِلافَ والشّقاق َ والكراهيةَ والحرب .
ولشاعرنا – كما ذكرتُ سابقا ً -لهُ في هذا الديوان قصائد عديدة ٌ في جميع ِ المواضيع ، منها الوصفيَّة والرثائيَّة والتكريميَّة والإنسانيَّة والإجتماعيَّة وغيرها ،ولهُ مثلا ً قصيدة ٌ نظمها وألقاها في حفل ٍ تكريميٍّ لصديقه الشَّاعر ِ ” محمود الدسوقي ” فيقولُ فيها :
” هَزارُ الشِّعر ِ صَدَّاحُ الأغاني مَسَارُ الفكر ِ وَضَّاحُ الأماني
وَشاعرُ قومهِ صِدْق ٌ مُعَنَّى شغافَ القلبِ يغمرُ بالحَنان ِ ”
ومن الماضيع ِ التي عالجَهَا شاعرُنا وكتبَ عنها موضوع الشَّهادة والشُّهداء فلهُ قصيدةٌ في هذا الديوان بعنوان : ” الشَّهيد – 1996 ” صفحة( 173 ) يقولُ فيها :
” جهادُكَ دربٌ للعلاءِ وسُلَّمُ وفي َصفحاتِ الخُلدِ رَسمُكَ مَعْلمُ
وَمجدُك بحرٌ قد طمَا فوقَ شطهِ يُعانقُ بحرًا للتراثِ وَيَلثمُ ”
وفي شعره الوطني لا نجدُ تطرُّفا ، بل نجدهُ مُترَعًا ومليئا ً بالقيم ِ الإنسانيَّة وكاشفا ً وفاضحا للظلم ِ، وفيه ِ دفاعٌ منطقيٌّ مُقنعٌ عن موقفِ شعبهِ الفلسطيني وأنهُ شعبٌ مظلوم يسعى لأجلِ نيل ِ حقوقه ِ .
– وأخيرًا : نكتفي بهذا القدرِ من استعراض القصائد ، ونتمنى للشَّاعرِ المبدع ِ ” عبد الرَّحيم الشِّيخ يوسف ” عمرًا مديدًا ومزيدًا من العطاءِ والإبداع .
بقلم: حاتم جوعية/ المغار