الحب والانتفاضة…!!
تاريخ النشر: 24/07/13 | 2:40تسللت امس الى درج ذكرياتي .. الدرج الذي احتفظ به بكل شظايا حياتي..واخرجت قصيدتك اليتيمه التي ارسلتها مرة : الي في بداية تعارفنا ..ذهبت اليها لعل نورها يسعفني, في ازاحة حزم الظلام المتشابكة, بين عيني وبين متاهات مشاعرك نحوي.
عينيك بحر حيفا…
يرنو الى كرملها…
وعبيرك اريج برتقا ل يافا …
يراقس امواج بحرها …
و….
وقلبتها بين يدي -..وقرأ تها عشرات المرات … ,من الاسفل الى الاعلى,ومن الشمال الى اليمين,بللتها بد موع عيني ,لعلها تلين وتضئ العتمة التي تحجب عمق مشاعرك نحوي…فبقيت جامدة متحجرة كصخور الكرمل ..!!
عجزت عن تفكيك الخيوط السوداء العنكبوتية التي تقيد حبنا..!!
سالتك ..
الوطن ..وانا..!!! الب
فاجبت دون ترددوكان الجواب مجبوتا ومصبوبا في قا لبه وينتظر تسليمه الى طالبيه :
انت الوطن ..والوطن انت…!!!
ولكنك تعطي الوطن اكثر مني..!!
قلت محاو لة ان ازيد من ,تعنتك تقول شيئا يجعلني اتحسس خطوة اخرى ,في طريقي اليك..!!
يا غبية ..!!لقد قلت لك انك والوطن,كيان واحد ..!!
منذ البداية حملتني ثقل الوطن ..جباله وسهوله ,بره وبحره..همومه واماله..!!
كتفاي صغيرتان ضعيفتان لا تستطيعان حمل الوطن ..!!
قلت تك مرة رادة على احدى محاولاتك الدائمة في تذكيري بهمومه ..فقلت لي مازحا :
وطنناصغير..صغير جدا يا ناديا…!!
وبدايتنا كانت…
عندما خرجت من القاعة التي عقد فيها الاجثماع التاسيسي لحركتنا الجديدةوالغضب بعصف بك..لحقت بك ..وكانت هذه المرة الاولى التي انفرد بك.. امحاولة مني لانقاذ مشروع وليد ,بدا يمشي ويتعثر ..!؟ .. ام لأبدأ " مشروعا" بدأت أحاسيسه تسري في كياني..خوفا من ان يضيع قبل ان يولد..!!؟ ..ام خليطا من الاثنين ..!!؟
فناديتك بأعلى صوتي بعد ان تأكدت من عدم قدرتي على اللحاق بك..فتوقفت متمسمرا كأن سهما من الجليد اصابك..فتجمدت في مكانك ..والتصقت عيناك بأرضية الساحة وانتظرتني حتى وصلت :
الى أين ..!!؟..صرخت بك عندما وصلت ..صرخت بك كأني عشت معك العمر كله..!! ..كانك جزءا من حياتي وعشت معك كل أيامي..!!
كنت ما زلت تحت تأثير انفعالاتك ..بحيث لم تستوعب صدمة هجومي المفاجئ . فصرخت وكأنك تصرخ في وجه من يقاسمك حياتك :
ألى.. متى…. !!!
أردت ان تقول كلمة قاسية ,فوقعت عيناي في عينيك فجمدت على لسانك …!!
نبيل ..!! أن الوضع لا يحتمل الانسحاب..!! انت تعلم ذلك ..!!
لا أدري ما الذي أعطاني هذه القوة كي ارميك بهذه العبارات ..اذ رميت نفسي في دائرتك..دون ان أخذ بالحسبان ان ترميني خارجها ..لقد اخترقت محيطها دون استئذان , ودون ان أتأكد من أن علاقتنا تعطيني الحق في الدخول الى داختها..!! ولكنك أجبت بنبرات تحمل كل معاني الاحتجاج والشكوى :
أنهم يحولون القضية الى خطابات وشعارات ..!!
فأجبتك بنغمة فيها اللوم والامر وشيئا من عاطفة بدأت تولد في داخلي :
ان الوصول الى شحن الجماهير بالافكار التي تؤمن بها لا يأتي عن طريق الأنسحاب من المعركة ..بل بالتحدي والصبر والاقناع ..!!
وجهت وجهك الى السماء للحظة..ثم اخذت نفسا عميقا ..وتوجهت باتجاه باب القاعة ..وبأت تخطو ببطئ ولكن بثبات..فلحقت بك ومشيت الى جانبك دون أن ننتفوه ولو بكلمة واحدة..
وبقيت اتقلب في خليط مشاعري نحوك ومشاعرك نحوي ..شعرت اني دخلت في حوام لا ادري الى اين ستأخذني ثوراته المتلاطمه ..!!
وجاء يوم …
ونحن في طريقنا الى البيت بعد خروجنا من اجتماع حركي وقبل ان تتفرق طريقانا ..سألتك …
:هل يوجد حديث يختلف عن هذا الحديث الذي كنا فيه ..!!؟
هذاالسؤال تقلب في داخل رأسي أيام وليالي ..كان يثور قي كياني محاولا الخروج وأنا بعيدة عنك,ولكنه عندما نلتقي في الاجتماعات الحركية كان يهرب وينزوي ويتجمد في زاوية من تفكيري رافضا الخروج ..!!
ولكن هذه المرة أندفع الى الهواء مستغلا لحظة ضعف صنعتها لحظات الفراق في مشاعري..!!
وقفت مشدوها متجمدا .. أصبت مرة أخرى بهذا السهم الذي يشلك ويجمدك ويحولك الى كتلة هامدة ..!!
كانت المفاجأة هذه المرة أقوى من قدرتك على التجمد ..انك كنت ضعيفا الى درجة لا تستطيع فيها ان تقاوم الحياة بالموت البارد .. !!
لاتستطيع ان تقاوم نسمة وليدةغضة ,بالتيبس والتحجر ..!!
فقلت بعد ان صعدت فوق الماءالذي غرقت تحته ,واصبحت في وضع تقدر فيه ان تلتقط شيئا من الهواء ,يعيد لك الحياة :
كلام كثير..!!
وما الذي يمنعنا ..!!؟ سألتك متشبثة بالخشبة التي رميتها لي ..
رافقيني الى المنتزه وهناك "سنحكي " ..!!
كانت هذه الكلمة اول كلمة لا تندرج تحت قائمة قاموس الكلمات التي لاتستعملها في اجتماعاتنا الحركية ..!!
وجلسنا هناك على مقعد تحت شجرة فقد ت معظم أوراقها,لتسمح لأشعة الشمس الخجلة من التسلل من بين عروقها , وترسم اشكالا من قتافيت الضوء المتحركة على اجسمنا .. وسكتنا تاركين لعيوننا حريةالتسلل ,من بين تشابك احساساتنا الخجلة ,لتقول شيئا يكسر هذا الصمت ,الذي يسبق ثدفق ماء نهرها المحبوس خلف سد يوشك ان يتصدع وينهار..
قولي شيئا …!! أستغثت من قاع البئر الذي تقبع في قاعه ..
…. !! تركت لعيناي ان ترد عليك,ولكن في نفس الوقت تحميني من "كويات" وجوب الرد عليك ..
ماذا تنتظرين مني…!!؟ سألت محاولا ان تلملم انفاسك, كي تستعد للأ ستمرار في "المعركة" ..
أتظن أن الذي بيننا مازال في درجة الانتظار … !!؟ قلت متهاوية غلى احاسيسك فلاحت في عينيك دمعة اسقطتك في تيار من المشاعر بدأ يقلب كيانك مهددا أياه بالغرق ,دمعتك هذه كانت أجمل وأحلى وأعمق موقف خضته في حياتي ..!!
تيارات دمعتك هذه عصفت بي ,وحولتني الى كتلة من المشاعر ,جعلتها تتشابك وتتعالى وتتعالى الى قمم روحي ..الى منطقة الروح السابعة..!!
أردتك أن لا تمد يدك لتمسح هذه الدمعة .. فهي كل ما لدينا من تسامي مشاعرنا ..هي تختصر المسافات بيننا وتكثفها قي نقطة واحدة ..وأشفقت علي وعلى نفسك ,وتركتها تنساب على وجنتيك ..
سامر..أتدري أنني بدأت أعيش من أجلك..!!؟ قلت مختصرة كل المسافات ,التي تقصلني عنك … وتفصلك عني , ..بعد ان انهارت كل السدود التي تحجز عني تيار أحاسيسك..
أعرف ..!! همست..تاركا لعينيك ان يكملا كل الجمل التي أردت أن تقولها..
ولكن لمذا سكت كل هذه المدة..!!؟ همست من اعماقي ,جارفة كل اطنان القهرالتي اعتمرت في قلبي ,لارميك بها غير مشفقة عليك..!!
وتكلمنا.. وتكلمنا بكل اللغات التي نعرفها ..وباللغات التي و لدت معنا مع ميلاد حبنا الغض ..وسطرنا كلماتها ,وحروفها,وحركاتها على شاشة وردبة..صنعناها من مشاعرنا المسحورة..في تلك اللحظة المسرقة ,تعانق الماضي بالحاضروالمستقتل..وذابت نشيدا رقصت عليه كل خلية من كياننا ..حتى قلت :
أتدرين أنني اليوم أحتفل..!!؟
تحتفل بماذا..!!؟ سسألتك في دلال..ظانةأنك تريد أن تقول ,أنك تحتفل بلقائنا
اليم ذكرى انطلاقة الانتفاضة الاولى..!! قلتها ,كأنك استطعت أن تفاجئني ..!!
كنت أعرف انه في هذا اليوم تصادف ذكرى انطلاق الانتفاضة الاولى ..وانني سأشترك في احتفال حركي ,سيقام في قاعة الاحتفالات الرسمية..ولكنك بهذه الكلمات ,شعرت شعرن انك ادخلت طرفا أخر ,ليشاركني فيك ..!!
هذه اللجظات المسروقة اردتك فيها ان تكون.. لي .. وحدي لا يشركني فيك احد ..حتى ولو كان الوطن..!!
هذا الوطن الجريح ,الذي نتنفس هواءه في النهار,ونبيت على احللامه في الليل ..أردت منك ان لا تسمح له بالدخول الى" فراش" حبنا ..ان يتركنا للحظات نسبح خارج منطقة جاذبيته ..أن نعيش هذه اللحظات بعيدا…بعيدا على كوكب أخر ..على مجرة بعيدة عن مجرتنا..!!
ولما قرأت تغير لون حروف مشاعري ,قلت بشيئ من العبثية :
وكأنك تغارين من الوطن ..!!
اني أغار منكل ما يشاركني فيك ..!!
حتى ولو كان الوطن..!!؟
ان الوطن يأخذ حياتي وكياني وفرحي وبكائي ..ولكن لاأريد أن يأخذك مني ..أن يشاركني فيك ..!! قلتها وسنامي من البكاء تنفجر من داخلي ..
فتجمدت مبهوتا ,لا تعرف ماذا تفعل او تقول ,وأصبحت كالسفينة التي علقت بصخرة في تيار جارق ..تيار النهر يضربها بشدة والصخرة تمنعها من الحركة..ولكن يدك استطاعت ان تتسلل وتضع نفسها على يدي ,التي تشارك جسمي ارتجافه ,وتنقل ألي كل ما يعتمر في قلبك وروحك من أحاسيس ..!!
كل هذا ..!!:؟ نطقت بعد أن خمد تهيب النيران التي اطلقتها اندفاعات هيجاني
…..!! لم يبق لدي شيئا يستطيع ان ينطق…
وتعانقت عيوننا ,باثة أحاسيسنا لتتناغم في سمفونيةساكنة ,عازفة الحانها بكل الوان الحنين والمناجاة ..
وافترقنا دون ان نحدد موعد لقاء..وغبت عني أيام طوال ,دون أن ترسل اشارة حياة منك ..وأنا التي قدت مظاهرات ومواجهات مع جنود الاحتلال ,لم أقو على ارسال اية رسالة اليك ..كل ما لم تستطع قوات الاحتلال ان تفعله ,صنعته عواصف حبك بي ..كانت تأخذني الى فضاءات مسحورة ..الى مناطق بلا نهايات ..لعبت مع النجوم ,لعبة الفرح المسحور..وركبت على مراجيح حبالها معلقة بقوس قزح ..!!
وأنت كنت على الجبال ,بعيدا عني ,تحتضن الوطن في الليل ,وتدافع عنه في النهار..!!
لم أكن في البيت يوم حاصروكم..كنت " في مخيم الدهيشه لأقدم العون الشهري لعئلات الشهداء والاسرى ..رحلة شهرية نقضيها أنا وزميلاتي بين معذبي الارض والوطن..نشرب فيهادموع الثكالى واليتامى,والعائلات التي تعيش في أسر معيلها وسندها..
واذا بالخبر يطير ليصطدم بمسامعنا ..الشباب محاصرون..!!..الشباب محاصرون..!!..محاصرون على الجبل ..!! وأسرعنا أنا وزميلاتي وانضمت الينا كل فرق الشابات من المخيم ,واتجهنا الى الجبل,كي نشغل جنود الاحتلال ,لعلنا نستطيع ان نصنع لكم منفذا في طوقهم تنفذون منه ,واشتبكنا مع الجيش..نحن نقاتله بالهتافات,وهويرد علينا بقنابل الغاز والرصاصات المطاطية والعصي..
كنا نسير بلا توقف ..خطوة..خطوة..وسط الدخان والصراخ ..وهم يتراجعون..كنت اشعرأنني كلما تقدمت خطوة الى الامام ,تقربني ألأيك اكثر..الى "جحيم"حنان حضنك..شعرت
بيسيل على خدي,فلم أمد يدي كي أتبين كنهه,واقنعت نفسي ,انه سيل من العرق ..ولم أعرف انه دمي ,الا بعد انتهاء المعركة..!!
وكان هناك جريحات نقلن الى الاسعاف ..وأخريات استمررن يقاتلن بجراحهن..!!
ونجحنا في مهمتنا..واستطعنا اجبار الجيش على التراجع الى الوراء ,مما الى تكون منفذا ,استطعتم انت ورفاقك النفاذ منه ,وتحولتم الى مطاردين تتخذون من الجبال مسكنا ,تهاجمون العدو وتعودون اليه..
ولقاءاتنا أصبحت مستحيلة ..وان حدثت تكون خاطفة ومسروقة تحت جنح الظلام والخوف ..وفي كل اقاءاتنا القليلة حاولت وحاولنا ان نهرب من الوطن ..نبعده عنا ولو للحظة ,فلم ننعم ألا بفتافيت ,ولكنه يعود ويتسلل الى عش تناغمنا ..ويعود ويغتال لحظة توحدنا..
احبك ..!! قلت مرة وأنت تغرف من ماء عيني رشفة..
لا..لا .. تقل هذه الكلمة..صرخت بك هامسة
لماذا .!!؟ قلت بعذاب مجروح..
ان ما بيننا ليس حبا ..!!
….!! سكت مشدوها على شفا الضياع ..
ان ما بيننا هو شيئ خاص لم يرد اسمه في قواميس الزمان..!!
أنني أشعر اني أمى في قراءة أبجدية حبك..!!
هكذا تلاقينا في لحظات مسروقةمن الزمان لغتها بلا أبجدية..فسكتنا وتركنا لعيوننا حرية التناجي والتناغم..فهي الوحيدة القادرة على الكلام بلغة حبنا..!!
وافترقنا ..وصعدت الى الجبل ..وغبت عني في غياهب المقاومة ..وأصبحت في قائمة المطرودين والملاحقين, تأتيني أخبارك واخبار رفاقك نتفا, تحكي ملاحم بطولاتكم في المقاومة ,وأنتم تسيرون في الطريق ..طريق الوطن وألامه ..ولكن هذه الأخبار رغم عظمتها لم ترويني..!!شعرت أنها لا تعطيني نصيبي فيك ومنك.. أن عادل البطل هو لكل الناس..أما عادلي فهو لي لوحدي ..أريد منك حنان يديك
..لمسةعينيك..حرارة دمعتك..سحر بسمتك….لحظات خجلك..عندما تلامس بخجل مسروق صفحات خدي ..اناملك عندما تعبث بخصلات شعري …
قلت لي مرة وأنت تودعني بعد لقاء لم يكن فيه الا لحظات وداع :عديني أننا سنلتقي ثانية..!!
فأجبتك دون تفكير:وهل نحن التقينا أصلا..!!
ولولا شفاعة دمعتي التي سالت على خدي,لقتلتك صدمة كلماتي..!!
هل سيبقى الحلم زاد حبنا يا حبيبي ..!؟
هل ستبقى شعاب الوطن والامه متاهة لتلا قينا..!!؟
هل سنظل نعزف الحان حبنا على هديرامواج بحرعكا ..!!؟
هل …..!!!؟
يك دمعة,
في اسقطتك في تيار من المشاعر بدأ يقلب كيانك ,مهددا أياه بالغرق ,دمعتك هذه كانت أجمل وأحلى وأعمق شعور خضته معك ..
يرنو الى كرملها…