الواقع المُر: قناة "الميادين" تتأرجح بين البديل والتضليل؟!
تاريخ النشر: 24/07/13 | 3:52*من اللافت للنظر ان غسان بن جدو صار يلقي خطابات حماسيه تعبويه عبر شاشة الميادين لصالح هذا النظام او ذاك الحزب وهذه الخطابات والحلقات التموزيه في فحواها واهدافها تقترب من فحوى خطابات التضليل اللتي مارستها الانظمه العربيه الدكتاتوريه منذ عقود من الزمن…هل كان شعار انطلاقة فضائية الميادين " الواقع كما هو" بمثابة طرح البديل الاعلامي ام تمويه على التضليل؟..اما بعد..
بداية لا بد لنا من القول ان عمر قناة الميادين الاعلامي قد تجاوز للتو العام الواحد ونفترض جازمين ان عام واحد لايكفي للحكم المطلق على عمل هذه القناه واتجاهها ومصداقيتها الاعلاميه لكن من ناحية اخرى نفترض ان تراكم الخبره وممارسة النقد الذاتي والاعلامي تحفز الكثير من وسائل الاعلام على تجاوز اخطاءها الاعلاميه والمهنيه وتصحح مسارها نحو ما رسمته لها من مبادئ واسس اعلاميه ونحن هنا عندما نتناول اداء قناة الميادين لانريد الحكم عليها بالمطلق ولا نسعى لردحها ولا مدحها, حيث ان القناه في جزء منها ومن برامجها موضوعيه ومناصره ومنحازه الى حد بعيد للقضيه الفلسطينيه الا انها للأسف تبدو غير هذا بعلاقتها بالانظمه العربيه لابل انها تبدو فضائية نظام بإمتياز في اداءها الاعلامي المزركش بشعارات وكلمات تبدو للوهله الاولى بانها حياديه وموضوعيه لكنها في الحقيقه تؤيد وتدعم انظمه عربيه بعينها في حروبها ضد المعارضه والشعوب وما يلفت الانتباه في اداء قناة الميادين هو الربط بين سوريا والعراق وتقديم نشره اخبار خاصه تحت هذا المسمى الذي يخفي ذيل قناة الميادين ولا يخفي باي حال وجهها ووجهتها الحقيقيه الهادفه الى تشويه صورة المعارضه في سوريا والعراق وايا كان موقفنا من النزاع المسلح في سوريا والعراق الا اننا نميل للموضوعيه في حكمنا على مجرى الامور والاحداث وهذه الموضوعيه غائبه عن اداء قناة الميادين بما يتعلق بانظمة الحكم الحاكمه في دمشق وبغداد وبالتالي تبدو الميادين في كثير من الاحيان وكانها الناطقه الرسميه باسم نظامي دمشق وبغداد لابل ان اللغه الاعلاميه اللتي تخاطب بها الميادين المشاهدين هي لغة القنوات الرسميه وتوصيفها للجماعات المعارضه يكاد يكون نسخة طبق الاصل من القنوات العربيه الرسميه….."الواقع كماهو" هو الشعار اللذي طرحته قناة الميادين لنفسها بينما استمدت القناه اسمها "تيمنا" من ميدان التحرير والميادين العربيه اللتي احتضنت انطلاق الثورات العربيه والحراك الشعبي العربي بشكل عام والسؤال المطروح : هل تطرح قناة الميادين الواقع العربي "كما هو" و هل تحترم حق الشعوب في التعبير الحر وتحديد خياراتها الوطنية الداخلية؟؟
السؤال المطروح اعلاه مستقى من ما طرحته القناه وما طرحه على الهواء مباشره غسان بن جدو من اسس لنهج الميادين الاعلامي يوم انطلاقتها في 11.6.012 , لكن الواضح ان هذه الاسس والمعايير لم تعد ولم تكن بالاصل في حيثيات وادبيات الاداء الاعلامي لهذه القناه التي تبدو اليوم في جزء من اداءها موضوعيه في الطرح والتحليل وخاصة ما يتعلق بالقضيه الفلسطينيه والقضايا الاجتماعيه والثقافيه العامه بينما في الجزء الاخر تبدو منحازه بالكامل لمعسكر انظمه عربيه معينه ومعاديه ضمنيا لانظمه اخرى بما فيها حالة اللمز والهمز اللتي تتعرض لها حركة حماس التي تعتبر عقائديا حليفة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي..نلحظ وكأن الميادين تصفي حسابات باسم النظام السوري مع حركة حماس ونلحظ ان الميادين بعيده كل البعد عن نقل الواقع الحاصل في سوريا لانها منحازه للنظام السوري وحزب الله في حربهما ضد المعارضه السوريه والحقيقه المره ان فضائية الميادين تتغاظى عن عذابات الشعب السوري والدمار الهائل الذي لحق بهذا البلد العربي والامَّر من المُر ان "الميادين" تميل ضمنيا الى تحميل المعارضه السوريه مسؤولية ما الت اليه الامور في سوريا من خراب ودمار وقتل وتشريد…الميادين تلعب لعبة " الغوغائيه والديموغاجيه" الاعلاميه بما يتعلق بالحاله السوريه وتلفلف الامور او تغلفها بمصطلحات تظن الميادين خاطئه انها تخفي من خلالها انحيازها للنظام السوري وحزب الله..اللافت للنظر ان غسان بن جدو صار يلقي خطابات تعبويه عبر شاشة الميادين لصالح هذا النظام او ذاك الحزب وهذه الخطابات والحلقات التموزيه في فحواها واهدافها تقترب من فحوى خطابات التضليل الذي مارستها الانظمه العربيه الدكتاتوريه منذ عقود من الزمن..اكثرية الشعوب العربيه وقفت لجانب حزب الله في تموز 2006 في صده وتصديه للعدوان الاسرائيلي والشعوب تعرف عداء امريكا للقضايا العربيه وهذه الشعوب كانت مع حزب الله قلبا وقالب , لكنها عارضت تدخل هذا الحزب في سوريا2013 ووقوفه لجانب النظام السوري في عملية ذبح وسلخ الشعب السوري, فحبذا لو تحدث بن جدو لهذه الشعوب بإحترام عقولها وليس الاستخفاف بها بخطابات اعلاميه تضليليه…سرد الاحداث والبطولات امر جيد, لكن توظيفها في غير زمانها وغير مكانها امر سئ… الجميع مع سوريا العربيه ومع حرية الشعب السوري ووحدة الامه العربيه,,لكن ليس بهذا الشكل والنمط الاعلامي الانتقائي اللذي يمارسه بن جدو وتمارسه قناة الميادين عبر غوغائيه قومجيه مدبلجه ومبرمجه هدفها دعم نظام ونهج حزب ولا صله لها لا من بعيد ولا قريب بخيارات الشعوب العربيه.. الان صارت الشعوب تقول من نار فضائية الجزيره الى رمضاء ميادين بن جدو..بالمناسبه: الجزيره في معسكر والميادين في معسكر اخر…الموضوعيه الاعلاميه غائبه عن وجدان الفضائيتَّين والحاضر هو نهج خطابي تعبوي لصالح هذا النظام او تلك المعارضه…اجزم بان المشاهدين العرب اذكى بكثير مما يظن بن جدو او المفكر المفبرك في قناة الجزيره…الاستخفاف بعقول الشعوب العربيه امر سئ ومخزي وخاصة ان هذا الاستخفاف تقوم به ابواق تدعي الفكر والحياديه والموضوعيه والسؤال المطروح : هل يكفي كونك عملت مذيعا او مفكرا مفبركا في يوم من الايام في فضائية الجزيره ان تصبح زعيما وبطلا "اعلاميا" تلقي خطابات وتو زع الوعظ للشعوب دون اي ذرة من الخجل؟..هذه الشعوب العربيه تضم في صفوفها مفكرين وكُتاب وعلماء وبشر كثر يفرقون بين الصالح والطالح والصدق والكذب والبديل والتضليل..طغاة قصور وطغاة محطات فضائيه..؟
ليس هذا فقط ونحن هنا نقتبس احد الاسس الاعلاميه التي روجت لها قناة الميادين لذاتها بالقول :"تنحاز "الميادين" لثقافة التسامح ورفض التطرف والإرهاب, وتنطلق من ثابتة التنوع في النسيج العربي، بمسيحييه ومسلميه ومكوناته القومية المتعددة…. لا تسمح القناة بأن تكون إطاراً لأي تمييز عنصري وتفرقة عرقية وتقسيم ديني وتحريض طائفي ومذهبي "…كلام سليم وممتاز وكلنا مع هذا القول,لكن هل التزَّمت الميادين نفسها بهذا القول وهي التي تنحاز بكل وضوح للنظام الطائفي الحاكم في العراق وتروج اعلاميا لشرعية هذا النظام الذي جاء على ظهر الدبابات الامريكيه وهو النظام الذي اذاق ويذيق الشعب العراقي الامَّرين من جهه وهو النظام الطائفي بإمتياز من جهه ثانيه وبالتالي على من تضحك فضائية الميادين ؟.على ذاتها ام على الشعوب ؟وهل تظن ان بثها لمقاطع من خطابات الزعيم الراحل عبد الناصر سيواسي ويوازي الامور ويلملمها ويجعل المشاهد يصدق ما تبثه هذه القناه… هل هذه ثقافة " بخشيش" اعلامي ام ماذا؟.. ماهذا الربط المباشر وغير المباشر بين حالتين منتاقضتين تماما؟…
..الربط يتجلى في نهج الميادين الاعلامي الذي يخلط الحابل بالنابل الى حد الدمج الاعلامي الديماغوجي اللذي يتستر على المأساه الكارثيه الحاصله في سوريا والعراق ويظهر الجاري في مصر على اساس واضح وهو دعم الميادين للنظام الجديد في مصر.. الامور جميعها متشابهه ومتشابكه: الاخوان المسلمين والمعارضات العربيه كلها تابعه للشعوب العربيه وهذه الشعوب من حقها ان تعارض وتثور وتغيير النظام او بالاحرى الاطاحه بانظمة الطغاه بما فيها النظامين الحاكمين في دمشق وبغداد!… العجيب ان قناة الميادين تعمل المستحيل لتجميل الوجه الدموي البشع لهاذَّين النظامَّين…. لاحظوا معنا : مفارقات الميادين.."معاهم معاهُم وعليهُم عليهم"..إنتقائيه وديماغوجيه مبرمجه..مع الشعب المصري ضد " الاخوان"..ومع النظامين السوري والعراقي ضد الشعوب وضد الانظمه العربيه الخليجيه؟!..طبعا بن جدو يظن ان الشعوب "ساذجه" ولا تفهم لعبة الميادين على وزن " لعبة الامم"!…نخشى ما نخشاه من افول النجوم الاعلاميه لتحاكي في النهايه اعلاميا مقولة الرئيس التونسي المخلوع "فهمتكم"..لكن بعد فوات الاوان..بعد ان تهجر الشعوب العربيه فضائيات الكذب والتضليل: الساده المشاهدين…ساده ام مستعبدين؟.. ابقوا معنا..الحقيقه ان الذين يُذبَّحون في سوريا والعراق وكامل الوطن العربي عرب تابعين للشعوب العربيه و عملية تسويق النظامين العراقي والسوري بهذه الطريقه التي تتبعها قناة الميادين ليست سوى فضيحه اعلاميه ولا علاقه لها بشعار " الواقع كماهو" لان الواقع امر من المُر والناس تُذبح وتُسلخ كالخراف والمشردين من اللاجئين السوريين والعراقيين بالملايين وعن عدد القتلى والضحايا حدث بلا حرج…اسمع كلامك يعجبني.. اشوف افعالك اتعجب..اين نحن من شعار" الواقع كماهو"…في وادي التيه والتضليل الاعلامي.. حكايه محبوكه ومشبوهه!!
الكثير من العرب تمنى ان تكون انطلاقة "الميادين" بدايه لبديل اعلامي منحاز للشعوب قلبا وقالبا, لكن سرعان ما ذهبت الاماني والتمنيات ادراج الرياح وسرعان ما اكتشفنا ان " الواقع" العربي حمل ثقيل لا يقدر على حمله الا من كان جاهزا لهذا الحمل وتحمل اعباء ومشقات الطريق الى ومن هذا الواقع ..الى الواقع وانطلاقا من هذا الواقع ينطلق التغيير وليست من ترسيخ هذا الواقع.. هنالك فرق كبير بين الاعتراف بالواقع من اجل تغييره او الاعتراف به من اجل ترسيخه وتجذيره وهذه الاجتهادات والاسئله مطروحه على ادارة فضائية الميادين اللتي يبدو تلاعبها في الواقع العربي تلاعبا واضحا وفاضحا لا بل صادما عندما نلاحظ ديموغاجيه هذه الفضائيه اللتي تمارس " الفوضى الاعلاميه الخلاقه" بإمتياز وتقفز من شاطئ الى اخر ومن طرف الى اخر..نرجو ان ترسي الميادين على شاطئ بغض النظر عن اتجاه بوصلتها..شاطئ ترسي عليه ومندمجه مع ذاتها.. القفز بين اكثر من شاطئ لا يخفي الاتجاه والهدف وقد يرمي بالمركب بين مخالب الرياح العاتيه والامواج العاليه التي ستطيح بالمركب وتغرقه قبل ان يصل شاطئ الامان وقبل ان يحط رحاله على وفي ارض الواقع وحقا نقول عن اي "واقع" وعن اي "كماهو" نتحدث اذا تعلق الامر بخطاب الميادين الاعلامي..؟!
لايوجد شئ بالمطلق ولا يوجد كامل بالمطلق و الطريق الوعره قد تطل في النهايه على المرج الواسع والافق المفتوح ووصف الواقع كما هو يحتاج الى جهد واجتهاد خاص واظن ان الطريق ما زالت طويله امام الميادين حتى تتمكن من نقل الواقع العربي كما هو.. تصحيح المسار ما زال ممكنا, لكن الاستمرار في الديماغوجيه الاعلاميه سينقل العالم العربي الى واقع امَّر من المُر…. وحياكم الله اينما كُنتم وتواجدتُم في العالم العربي والعالم ككل… الواقع المُر: قناة "الميادين" تتأرجح بين البديل والتضليل؟!