لقاء بين جيلين متباعدين
تاريخ النشر: 28/01/16 | 0:05مئات السنين مرت عليك وأنت في قبرك بعد أن أنشب
الموت رمحه في قلبك …
تعاقبت الأجيال ، وتلاحقت القرون ، وكر الليل بعد أن فر النهار
لسنين عديدة وأنت مسجى في قبرك ، لوحدك في لحدك …
تخيـل أنك عشت بعد موتك ، وخرجت من قبرك ، وأمهلت للبقاء
في الدنيا للحظات قصيرة تلتقي فيها بأحد أحفاد أحفادك
الذين جاؤوا من بعدك بأجيال …
تصور هذا … هاهو بين يديك … فماذا ستقول له ؟ وبماذا توصيه ؟
لاشك أنك ستوصيه بأغلى ما لديك ، وستحدثه بأهم ما عندك
وسترغبه فيما حُرمت أنت منه ، وستلفت انتباهه لأعظم
ما ينبغي له أن يشتغل به ..
الحقيقة أن هذا لم يحصل لك ، لكنه حصل لغيرك ، ووقع لسواك
على وجه الحقيقة التي لا شك فيها …
ستبهت حتما ، وتقول : ما هذا الكلام ؟ وأين حصل ؟ ومتى وقع ؟
أقول : لقد حصل هذا لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم
عندما التقى بأبينا ورسولنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الجنة
فيا ترى : بماذا أوصاه ؟ وفيم رغبه ؟ وعن أي شيء حدثه ؟
عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال : يا محمد !
أقرئ أمتك مني السلام ، و أخبرهم أن الجنة طيبة التربة
عذبة الماء ، و أنها قيعان ، و أن غراسها :
سبحان الله ، و الحمد لله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر ”
( أخرجه الترمذي بسند حسن ، صحيح الجامع )
فيا لها من وصية قوية !
ولذلك عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم على أبي هريرة
رضي الله عنه وهو يغرس غرسا له ، قال له :
” ألا أدلك على غراس هو خير من هذا ؟ تقول :
سبحان الله ، و الحمد لله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر
يغرس لك بكل كلمة منها شجرة في الجنة ”
( رواه البيهقي والحاكم ، بسند صحيح ، صحيح الجامع )
وعندما علم سامع الوصية بقيمة تلك الهدية ، وعرف قدرها
أخذ يوصي بها أتباعه وأحبابه وطلابه ، فكان صلى الله عليه وسلم يقول :
” أكثروا من غرس الجنة ، فإنه عذب ماؤها ، طيب ترابها
فأكثروا من غراسها ”
( رواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عمر بسند حسن
صحيح الجامع )
فلا تبخل على نفسك بها ، فإنها من أعظم ما ينبغي الحرص
والمداومة عليه ، فهي وصية الأجداد للأحفاد ، والآباء للأبناء !