تفاصيل معركة الطيبي في لجنة المالية
تاريخ النشر: 25/12/15 | 18:00ستاف شافير (حزب العمل – المعسكر الصهيوني) هي عضو كنيست فعالة وبارزة. لا شك أنكم رأيتموها أكثر من مرة أو مرتين أو حتى عشر مرات، تتشاجر مع رئيس لجنة المالية السابق، نيسان سلوميانسكي من حزب البيت اليهودي، أمام الكاميرات. إنها تعنى بثلاثة مواضيع أساسية: الشفافية، الشفافية والشفافية. عيّنت نفسها مراقبة ” الحلال ” لتحويل الأموال، تلك الاجراءات السرية المنفلتة التي تُمكّن أعضاء اللجنة من تحويل مبالغ طائلة من محطة ” أ ” إلى محطة ” ب ” بدون مراقبة ورقابة فعلية. هذا لا يعني أنه قبل وجود شافير كان تسيّب كامل في اللجنة. وهذا لا يعني أنه قبل وجود شافير كانت الكنيست تفتقر إلى أعضاء عادلين ومستقيمين راقبوا الخزينة العامة وحافظوا بتقوى على مصلحة الجمهور. وإنما فعلوا ذلك بطريقة أقل ضجة وبهرجة.
كما يحدث للكثيرين والجيّدين، وأيضاً الأقل جودة، أغرمت شافير بشخصية جان دارك التي تقمصتها، وبنتها بجهد كبير في دورة الكنيست السابقة، وهي الأولى التي شغلتها في الكنيست. الدقة والإخلاص للهدف المستحق بحد ذاته جعلها مبالغة في السعي للنقاء كما تشهد القصة التالية.
يوم الأربعاء، اليوم الأخير في الاسبوع البرلماني، وضع رئيس اللجنة موشيه غفني (من حزب يهدوت هتورا) اقتراحاً عاجلاً للمصادقة على تحويل تسعة ملايين شيكل للمجتمع العربي: خمسة ملايين لوزارة الثقافة والرياضة، من أجل ما يندرج تحت عنوان ” الثقافة العربية “، وأربعة ملايين لوزارة العلوم، البحث والتطوير في المجتمع العربي. بمثابة مساهمة للجمهور الذي يعاني والمميز ضده. حصّل هذه الأموال عضو الكنيست أحمد الطيبي، من القائمة المشتركة، بعد جهد كبير، بعرقه ودمه ودموعه، في السنة الماضية، غير أن قيوداً تقنية أخّرت إغلاق الاتفاق النهائي. هذا الأسبوع تم التوصل الى اتفاق.
بما أن السنة الميلادية على وشك الانتهاء، طلب غفني من أعضاء اللجنة المصادقة بشكل استثنائي على الطلب. قال غفني ” الطيبي حقق إنجازاً كبيراً لجمهوره “. وحذّر من أنه في حال عدم استكمال الإجراءات بأسرع ما يمكن، فإن الأموال الموعود بها ستذهب سدى. بناء على أنظمة اللجنة، فإن طلباً استثنائياً يُلزم موافقة المعارضة. أرفقت المالية بهذه الملايين التسعة طلباً للموافقة على تحويل نحو 70 مليون شيكل إضافي (110 ملايين حسب ادعاء شافير) إلى وزارة الثقافة.
ممثلو المعارضة ومن ضمنهم زهافا غلئون (من حزب ميرتس)، أرئيل مرغليت ومانو تراختنبرغ (المعسكر الصهيوني) وميكي ليفي (يش عتيد –هناك مستقبل)، وافقواً فوراً. شافير عارضت. طلبت أن تعرف لماذا لم يتم تحويل المبلغ في العام الماضي. الطيبي شرح لها بأن التفاهمات الأساسية قُدمت في السنة الماضية ولكن الاتفاق الفعلي، النهائي، تم الآن. شافير عنّدت. أرادت المزيد من التفاصيل والمعلومات.
مرغليت وتراختنبرغ طلبا استراحة اثناء الجلسة للتشاور مع كتل المعارضة. اجتمع ممثلو المعارضة في غرفة جانبية. شافير تحصّنت. طلبت تفاصيل.
حاول زملاؤها في الكتلة استمالت قلبها. ” سيبدو الأمر سيئاً بأن نمنع تحويل هذه الملايين التسعة بالذات للعرب “، حثّ تراختنبرغ. شافير لم ترغب في أن تسمع. مرغليت ذكّرها بأنه في اليوم السابق صوّتت اللجنة وبدعم منها إلى جانب انتهاج استثناء شبيه ووافقت على تحويل مبلغ لرفاه الناجين من النازية. ” ما دمنا وافقنا على الاستثناء أمس، فلا سبب بألا نوافق اليوم أيضاً”. شافير بقيت متعنتة. انها كاثوليكية أكثر من البابا كما هو معروف. قدمت لهم محاضرة عن أهمية الشفافية، الشفافية. ميكي ليفي غضب بعصبية:” ستاف، ليس عادلاً بأن نُعيق هذه الملايين التسعة إلى الأبد، بعد أن حوّلنا أمس في إجراء شبيه عشرات الملايين للرفاه.
في هذه الأثناء، رأى ممثل حزب ” إسرائيل بيتنا “، عودد فورر، بأن شافير تضع صعوبات. أعلن بأن لديه هو أيضاً تحفظات، وانه طالما لم يسمع موقف أفيغدور ليبرمان – فإنه يعارض. الطيبي جنّ جنونه. تهجم على شافير بصراخ جلجل عبر الأبواب المغلقة، وهكذا سُمع (باختصارات لازمة): ” ستاف، هل ترين ماذا فعلت ؟ بسببك حزب ” إسرائيل بيتنا ” استفاق. انا اشتغل بلا كلل لتصحيح الغُبن التاريخي الذي سببه لنا حزبك، وظلمنا عشرات السنين. فقط أمس وافقت على استثناء فلماذا تتعنتين ؟
” يجب أن أفحص كل أغورة “، ردت شافير. الطيبي انفجر:” انت استعلائية ! انت تتعالين! انت تتعالين على العرب، على الشرقيين. أنت منافقة ! ملكة النفاق في لجنة المالية والكنيست ! أنت تأتين إلى هنا فقط عند التداول بتحويل أموال مع مساعدك الذي يصورك تصرخين على الجميع، وهذه المرة تفعلين ذلك على حساب الجمهور العربي. عندي طلب: أطلب منك ألا تقولي لي مرحبا عندما ترينني في الكنيست. (في إشارة لخطاب زميله جمال زحالقة الذي وجهه لشافير وقال فيه انها تتجاهله عن قصد لأنه عربي ولم تبادله التحية ابداً)
انفجرت الجلسة. نجح غفني في الحصول على تأجيل إضافي. جمع اللجنة بعد الظهر، وتم الاتفاق بأن تتم المصادقة على تحويل المبلغ يوم الاثنين القادم، لحظة قبل ان يتبخر المبلغ. الطيبي تنفس الصعداء. رئيس حزب العمل، يتسحاق هرتسوغ، توجه إليه في جلسة هيئة الكنيست واعتذر له عن الإساءة التي سببتها له ستاف شافير.
سألت شافير ما هو رأيها بهذا الاعتذار. سكتت عن الكلام. ” هل أنت متأكد من ذلك ؟” سألت. اجبت بالإيجاب. تنفست عميقاً. هي طبعاً لا ترى أي شيء مرفوض في تصرفها. حسب رأيها، مثل هذه الصفقات بين الائتلاف والمعارضة هي أمر مرفوض. العرب يريدون المال الذي يستحقونه قانونياً ؟ فلتدخله الدولة إلى أساس الميزانية. طيب، هذه ” أوتوبيا ” الحالة الفاضلة. حتى شافير لن تنجح في قلب السياسة الاسرائيلية رأساً على عقب. سألتها هل تعتبر نفسها اكثر استقامة من غالئون، تراختنبرغ، مرغليت وميكي ليفي. ” لا أريد أن أقول لأي شخص كيف يجب ان يعمل “، ردت، ” أنا أؤدي وظيفتي ”
مقال بقلم: يوسي فرتر – صحيفة وموقع هآرتس