الألوان السبعة حصاد تجربة
تاريخ النشر: 28/12/15 | 11:31خمس سنوات كاملة انقضت علي في برنامج الألوان السبعة، أكثر من ألف ومائتي حلقة، وأكثر من 7500 تقرير، وأكثر من 2500 ضيف وقضية، ومشاعر وقضايا وآمال وآلام عشتها مع الجمهور العزيز على قلبي محاولاً أن أبرز لهم في كل لقاء مشروعاً جديداً أو قضية معرفية نافعة.
حديثي هنا عما هو أبعد من البرنامج، وأبعد من موضوعاته، فهذه التجربة الثرية التي عشتها واستفدت منها، فتحت عيوني على أمور جديدة، بعضها يتصل بفلسفة الإعلام، وأخرى تتصل بالبعد الوجداني والنفسي، وأخرى في جانب العلاقة مع الجمهور.
ففي مجال فلسفة الإعلام، شعرت بحق بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي في قول الكلمة، وصناعة الجملة، لا سيما ونحن نتحدث عن برنامج يومي مباشر أتحدث فيه من غير شاشة ” برونتر” وبشكل ارتجالي، وهذا ما عنى لي الكثير في مجال خطاب الجمهور الغالي بما أريد أن أخاطبهم به حقاً دون تصنّع أو افتعال.
والأمر المتعلق بفلسفة الإعلام يتعدى الحضور أمام الجمهور للحضور المعنوي، فالإعلام يكسبك مكانة اجتماعية معينة، هذه المكانة هي مكانة تأثيرية مباشرة، حيثما سرت في الشارع، أو شاركت في ندوة ومؤتمر، وجدت من يحبني ومن يبغضني وقد تناول بعيونه جزءاً من هذه المكانة ليوظفها حيث يريد، وهنا تدرك فعلاً حجم ما تتركه من أثر في نفوس الجمهور على اختلاف مستوياته المعرفية والاجتماعية.
أما فيما يتصل بالبعد النفسي والوجداني،فقد ارتبطت فعلياً مع الجمهور الذي كنت أتشوق للقائه يومياً، وهذه المودة اعتبرها شرفاً وعزة، لا سيما مع جمهور واعٍ ومتفاعل كنت أتفاجأ دوماً بتعليقاته ومداخلاته ونصحه وتوجيهه لي في كثير من الأمور التي تمت في أيام البرنامج.
الأمر الآخر الذي أود التعريج عليه هو التعبير الذي بدأ على بعض الناس أثناء هذه الرحلة الإعلامية، فكثير من الناس تعلمت منهم مواقف لا تنسى للحياة، وقد تعلمت ممن هاجمني، وافترى على، وروج عني الإشاعات، وتحدث عني بدافع الغيرة أو الحقد أو الحسد، وهي أمور كلما حصلت كلما ازددت يقينا بأهمية أن التزم منهجية الصدق الإعلامي أكثر، وأن التزم جانب الحق والحقيقة بعيداً عن أصحاب الهوى، ولذلك يسعدني أن أقف اليوم بعد انتهاء البرنامج لأعلن أني كنت أنا، وأني لم أكن غير الإنسان الذي أريد أن أكونه في كل حلقات ودقائق البرنامج، حتى ولو أزعج ذلك بعض الناس، فكما تعلمون فإن رضى الناس غاية لا تدرك.
واليوم، وبعد انتهاء سنوات البرنامج الخمس، وبعد أن صحبتكم لأكثر من 1200 ساعة من حياتي في هذا البرنامج، فإني أتوجه بجزيل الشكر والتقدير لكم جميعاً، لمن أحبني ولمن أبغضني، راجياً اعتبار ذلك اعتذاراً لكل من أسأت له بغير قصد في أي قول أو تصرف، ومطالباً إياكم بالدعاء لي والاستمرار في توجيه النصح والإرشاد الذي عهدته منكم بكل المحبة، ولكم وافر محبتي واحترامي.
المستشار د. نزار الحرباوي