تأجيل محاكمة المقدسية شروق دويات
تاريخ النشر: 29/12/15 | 8:33بخطى مثقلة تجر أقدامها المكبلة، إلى يمينها حارس بلباس عسكري، وإلى يسارها شبيه له يحمل تعابير القبح في تجهمه، ممر طويل ساروا به، وكلما دنوا خطوة ضج الهدوء بصوت السلاسل في أقدامها، وانتفض القلب على وقعها، وارتسمت ابتسامة باهتة تخفي حزنًا دفينا في أرواح أقربائها.
وكمن يسرق شيئًا يملكه، التقطوا صورا لها تذكرهم بابتسامتها حتى في قاعة المحكمة؛ شروق دويات صاحبة الوجه الطفولي الذي غيب الاحتلال جسدها خلف قضبانه، وبقيت روحها تشرق كل يوم على كل من عرفها.
يوم الأربعاء 7 تشرين أول الماضي، أصيبت شروق بأربع رصاصات أطلقها مستوطن في البلدة القديمة بالقدس، لتكون أول فتاة تتعرض لمحاولة إعدام ميداني قرب أبواب المسجد الأقصى، بزعم محاولتها طعن مستوطن.
آنذاك تحدثت شاهدة عيان تملك محلا تجاريا قرب موقع محاولة القتل عن ما حدث، مبينة، أنها شاهدت شروق مطروحة أرضا وإلى جانبها يجلس مستوطن موجها سلاحه عليها، قبل أن يتقدم جندي ومجندة نحوها ويحاولان رفعها، لكنها كانت تنزف دما ولم تستطع الوقوف، بينما تعالت صرخاتها، “والله ما عملت اشي هم الي اعتدوا علي”.
ويقول المحامي الموكل بالقضية رائد العبرة، إنه ينتظر الحصول على تسجيل يعتبر من أهم محتوى ملف القضية، وهو هام للإجابة على لائحة الاتهام، معربا عن أمله بأن تسير الأمور بشكل جيد بعد مشاهدة التسجيل.
ويضيف العبرة، بأن جلسة أخرى ستعقد يوم الأربعاء بتاريخ 6 كانون ثاني المقبل، وسيبدأ خلالها الإجابة على لائحة الاتهام، ثم تقديم الإثباتات على أن شروق تعرضت لمحاولة قتل متعمد ودون أي مبرر، والتقدم بطلب لكشف جميع التحقيقات، موضحا، أن التسجيل يؤكد أن شروق تعرضت لعنف جسدي ولفظي وتهديدات خلال التحقيق معها.
ويشير العبرة إلى تناقض في روايات شرطة الاحتلال والمستوطنين، وأن بعض الإفادات التي قدمتها الشرطة تبين لاحقا أنها غير صحيحة، فيما يبدو التباين واضحا في روايات وشهادات المستوطنين الذين تحدثوا للشرطة.
غياب شروق أحدث فراغا محسوسا في منزلها وجامعتها بسبب شخصيتها القوية التي تجعلها حاضرة بقوة في كل حدث ومكان، وتقول والدتها، إن شروق كانت تحب التعليم كثيرا، وأنها في حال الحكم على ابنتها بالسجن فستقدم أوراقها لإتمام دراستها الجامعية، مضيفة، “حتى لو انحبست شهر مش رح يمر بدون دراسة”.
ورغم “التلفيق” الذي تحدث عنه المحامي في ملف القضية، ومع أن شرطة الاحتلال تبنت مزاعم المستوطن الذي حاول قتلها بدم بارد، إلا أن أم شروق تؤكد أنها مازالت متمسكة بانتزاع حكم بالإفراج عن ابنتها وإثبات أنها تعرضت لجريمة قتل متعمدة، وتضيف، “اذا كانوا بسلطة وقوة فإحنا إرادتنا قوية”.
وحضرت والدة شروق ووالدها وخالتها ختام جاد الله جلسة المحاكمة اليوم، ولم تستطع العائلة إخفاء حزنها الشديد على ابنتها التي مر على انتزاعها منهم أكثر من 80 يوما، إلا أن خالتها تؤكد أنه وبرغم عدم معرفة العائلة بظروف اعتقال شروق، إلا أنها تثق بقدرتها على تحدي كل الظروف معتمدة على قوة شخصيتها وشجاعتها، والتي جعلتها دائما تحلم بدراسة الحقوق والعمل كمحامية.
ورغم طول الفترة التي مرت منذ الحادثة، إلا أن شروق لم تغب يوما عن أحاديث العائلة ودعواتها وذاكرتها، وتقول حنين الشقيقة الكبرى لشروق، “ما في يوم بيجي الا نتذكر شروق ونحكي في تفاصيل الحادث ونتابع الفيديوهات، نفسيتنا تدمرت بس حاليا الحمد لله أفضل من قبل”.
وتستذكر حنين مشاركتها مع شروق في إعداد الأبحاث الجامعية ومساعدتها في التحضير للامتحانات، بل ومشاركتها أيضا في أوقات التسجيل للفصول الدراسية بالجامعة، وتستذكر أيضا كيف كانت أختها توقظ العائلة بأكملها في صباح كل جمعة “لأنه لا يحق لهم أن يناموا وتذهب هي لدوامها في جامعة بيت لحم”.
وتشير حنين إلى الأثر الكبير الذي تركه غياب شروق عن صديقاتها اللواتي رافقنها من المدرسة، واللواتي يتواصلن مع العائلة بشكل مستمر للاطمئنان عن شروق ومعرفة آخر أخبارها، مضيفة، أن أختها فاطمة (16 عاما) كانت مقربة كثيرا من شروق وقد تأثرت بشدة بعد الحادثة وتغيبت لـ 10 أيام عن مدرستها، كما أن حالتها سيئة حتى الآن فلا تتوقف عن التفكير بشروق والكتابة عنها على حسابها الشخصي عبر فيسبوك.