"أدب الخصومة في الإسلام" في خطبة الجمعة في كفرقرع
تاريخ النشر: 25/05/11 | 4:24بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة، من مسجد عُمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 17 من جمادى الآخرة ١٤٣٢ﻫـ؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري “أبو أحمد”، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘أدب الخصومة في الإسلام‘‘، هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة الشيخ صابر زرعيني “أبو الحسن”، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبي اجتباه، وهدىً ورحمةً للعالمين أرسله، أرسله ربنا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، ولو كره المشركون، ولو كره من كره، اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وأحثكم وإياي على طاعته.
وأردف الشيخ قائلاً:” نحن اليوم في فسحةٍ من آجالنا وإنما تَفيدُ من طولِ عُمركَ الأعمال الصالحات، وما أنت بعد الموت إلا حسناتٌ وسيئات، من كثرت حسناته نجا ومن زادت سيئاته فحالهُ في الآخرة عسير. يا عباد الله قدموا لأنفسكم؛ ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ))؛ ثم أستفتح بالذي هو خير: قال تعالى: ((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ وهِي الْحَالِقَةُ أما إني لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ)؛ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ، قَالُوا بَلَى.قَالَ صَلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِي الْحَالِقَةُ، لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ).
من هجرة أخاه سنه فهو كسفك دمه؛ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا).
من حقق النظر تبين أن أهم الأسباب لإضطراب الأمن وكثرة الجرائم اَللَددُ (الشدة) والعنف في الخصومات وإندفاع المتخاصمين في التنازع والشقاق.
وتابع الشيخ قائلاً:” عنوان الخطبة ((أدب الخصومة في الإسلام)) أيها الإخوة: المشاكل تحدث بين الزوج والزوجة وبين الجار وجاره، بين الأب والأبناء، بين الأخ وأخيه، وبين أفراد العائلة الواحدة، وبين أفراد المجتمع بشتى مواقع عملهم الخدمي والإنتاجي والسياسي والإقتصادي وتفاعلهم الإجتماعي; ولأسباب ودوافع عديدة .
أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس بالسماحة في المعاملة وفي قضاء الحقوق وأمر بالإصلاح بين الناس والتوفيق بين المتخاصمين، ونهى عن الظلم والعدوان وآكل مال الفقير أو جحود حقه.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم:” رحم الله رجلاً سمحاً إذا باح اشترى وإذا اقتضى وإذا قضى”. وقال صلى الله عليه وسلم:” خياركم من إذا كان عليه الدينُ أحسن القضاء وإذا كان له أجمل الطلب: وشرارُكُم من إذا كان عليه الدين أساء القضاء وان كان له أفحشت الطلب”.
وأضاف الشيخ قائلاً:” يُحب الإسلام لأتباعه الجماعة والوئام ويكره لهم التباغض والخصام، وأنت لو قرأت نصوص القرآن كلَّها لوجدتها تدعوك إلى الجماعة والأُلفة وتنهى عن البغضاء والفرقة وحسبك بسورة الفاتحة التي تقرؤها كلَّ يوم سبع عشرة مرة على أقل تقدير.
((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ*إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين))، فلو أن امرءاً كان يصلي في الليل وحده، في غرفته الخاصة ولا يعلم به إلا ربه، وأراد أن يقرأ سورة الفاتحة لقال فيها: إياك نعبد وإياك نستعين، مع أنه يصلي وحده، والمتبادر للذهن أن يقول: إياك أعبد وإياك أستعين، ولكنه يقول: إياك نعبد وإياك نستعين، ولو قال إياك أعبد وإياك أستعين لبطلت صلاته ولردها الله تعالى في وجهه ولم يقبلها منه.
كأن الله تعالى يريد منا أن نأتي إليه جماعةً متآلفين ولا يريد منا أن نأتي إليه أفراداً متخاصمين، ثم تقول: إهدنا الصراط المستقيم، ولا تقول إهدني ولو قلتها لبطلت صلاتك.
الجامع إسم من أسماء الله تعالى، والمسجد الذي نقيم فيه صلاة الجمعة إسمه جامع، وصلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ، وصوم رمضان دعوة إلى الجماعة فمليار مسلم ونصف المليار يبدؤون توقفهم عن الطعام مجتمعين عند أذان الفجر ويبدؤون طعامهم مجتمعيين عند أذان المغرب، والحج دعوة إلى الجماعة، فثلاثة ملايين حاج وربما أربعة يجتمعون في ساعة واحدة على صعيد واحد يوم عرفة وفي لباس واحد، في توجه واحد إلى الله.
وشدد الشيخ حديثه بالقول:” وهكذا أيها الإخوة الإسلام كله دعوة للجماعة ونفرة من الفرقة.
وتابع الشيخ حديثه بالقول:” الإسلام دين مثالي واقعي، فهو يدعوا إلى ترك الخصومات وعدم إحداثها أصلاً،وهذه مثالية،لكنه يؤدب أتباعه بأدب الخصومة فيما لو وقع بين أفرادهم صدام أو خصام، وهذه واقعية فما هي آداب الخصومة في الإسلام؟
آداب الخصومة في الإسلام خمسة: الأدب الأول: مراقبة الله تعالى في الخصومة:
لأن الله تعالى مطلع الآن، وستعاد الخصومة أمامه يوم القيامة، روى الترمذي عن الزبير قال:” لما نزلت: ((ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ))، قال الزبير: يا رسول الله أتكرر علينا الخصومة يوم القيامة، بعد الذي كان بيننا في الدنيا؟ قال: نعم، قال إن الأمر إذاً لشديد؛ أن نقول يوم القيامة الشيطان وسس لي يا أخي هذا لا ينفعك لا يغني عنك الشيطان من الله شيئاً.
قال تعالى: ((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ))، قال تعالى: ((يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ))؛ فمهما أردت أن تقول في الخصومة فقل، لكن اعلم أن الله يراقبك ، وستُعرض عليه الخصومة يوم القيامة وسيطلب منك أن تعيد الكلام نفسه الذي قلته في الدنيا، فإن كان حقاً نجوت وإن كان باطلاً خُصِمت.
مهما أردت أن تكتب في مذكرة الادعاء أو في مذكرة الدفاع في المحكمة اكتب، لكن إعلم أن الأوراق نَفسها ستُعرض يوم القيامة على محكمة قاضيها رب العالمين، فإن كان ما كتبت حقاً نجوت وإن كان باطلاً خُصِمت.
مهما أردت أن تزور توقيعاً أو أن تغيّر تاريخ عقدٍ أو أن تبدل إسماً مكان إسم افعل، لكن إعلم أن الخصومة ستعاد يوم القيامة أمام الله أورد السيوطي في تفسيرها ((ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ))؛ (يؤخذ للمظلوم من الظالم، وللمملوك من المالك، وللضعيف من الشديد، وللجلحاء من القرناء حتى يؤدى إلى كل ذي حقٍ حقه).”.
وأردف الشيخ قائلاً:” أول أدب من آداب الخصومة: (مراقبة الله تعالى في الخصومة).
الأدب الثاني: الإحتكام في الخصومة للشرع: والنزول على قوله، قال تعالى: ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)).
تشارك شابان في تجارة أجهزةٍ تستخدم في طب الأسنان، وقع بينهما خصومة أودت بهما إلى حل الشركة، تقاسما المال وما بقي من البضاعة، وبقيت بقيةٌ من مالٍ وأجهزة وإختلفا لمن الحق فيها، فأرادا الإحتكام للشرع.
ذهبا إلى واحدٍ من الشيوخ يثقان به، وطلب الشيخ أن يكون معه تاجراً محكِّماً آخر مختص بهذا النوع من التجارات. يقول الشيخ:أنه مما أثلج صدري أن كلَّ واحدٍ قال له على إنفراد: نريد حكم الشرع في المسألة ومهما حكم الشرع لي أو علي فأنا نازلٌ على حكمه.
لو أيقن الناس ما أعد الله للطائعين لا قيل الناس جميعاً على طاعة الله، لو أيقن الناس أن كل كلمة سوف يحاسبون عليها لإنضبطوا ولإستقاموا ولم يعصوا الله.
هذا تفسير عملي لقوله تعالى:((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمً))، ظنَّ الشيخ أن كلا مهما مجاملةٌ،لكن لما بيّن لهما مع المُحَكَّم الآخر حكمهما في المسألة: يأخذ أحدهما الأجهزة ويترتب عليه دفع مبلغٍ مالي،فوجئ بسرعة إمتثالهما للحكم، قام الشاب إلى غرفةٍ مجاورة في بيته ليعود ومعه المال ليؤديها لشريكه القديم.
دعا الشيخ والحكم للطرفين وأثنى عليهما وشكر لهما إمتثالهما للحكم وإنتهت الخصومة لكنك مهما إمتثلت أمر الله فإن الله سيكافؤك ومهما أطعته سيثيبك.
قال الله جل وعلا: ((لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ))؛ بعد شهرٍ يتصل هذا الشاب الذي دفع المبلغ، ليقول للشيخ إن الله تعالى عوضني عن ذلك المبلغ أضعافه مرات ومرات، فقد كان عندي عقار معروضٌ للبيع في حيٍ راقٍ في المدينة، لكنه كان جامداً لا يتحرك، جاءني زبون ودفع لي فوق ما كنت اطلبه وبعت له العقار.
وتابع الشيخ قائلاً:” وعكس هذه الصورة أيها الإخوة، كان يوجد شاب حدث له ولأبيه خصومة في السوق التجاري مع جيرانهم التجار، استطاع الأب بحيلة أن ينال حقاً يظهر أنه ليس له، فراجع الإبن عالماً من العلماء يثق بدينه وعلمه وعاد لأبيه ليقول له: أخبرني الشيخ يا أبي أن هذا لا يحل لنا في الشرع.
فقال له الأب: وما علاقة الشرع بالسوق التجارية، وما الذي حملك على أن تسأل شيخاً عن قضية تجارية، كان عليك أن تسأل التجار لا الشيوخ.((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)).
الأدب الثاني: الإحتكام في الخصومة للشرع والنزول على حكمه.
الأدب الثالث: الإعتدال في الخصومة وعدم الإغراق بها، واتركْ للصلح موضعاً.
عن علي رضي الله عنه قال: أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما قال رسول الله:” كفى بك إثماً ألا تزال مخاصماً”، قال رسول الله:(أبغض الرجال إلى الله الأَلَدُّ الخَصِم)، أي شديد الخصومة وقديماً قالوا صلح خاسر خير من قضية رابحة. قيل لأبي سفيان رضي الله عنه: ما بلغ بك من الشرف؟ قال: ما خاصمتُ رجلاً إلا جعلتُ للصلح موضعاً.
وقال ابن شُبرمة (القاضي الفقيه):” من بالغ في الخصومة أَثِم”؛ وقال سيدنا أبو الدرداء:” من كثرت خصومته لم يسلم دينه” وقالوا في صفات الأحمق أنه كثير الخصومة، وقال الله تعالى في وصف المنافقين ((بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)).
الأدب الثالث الاعتدال في الخصومة وعدم الإغراق بها، واترك للصلح موضعاً.
الأدب الرابع: لا تأخذ في الخصومة غير حقك، ولو حَكمَ به مَنْ حكم. فلعلك تقع على محامٍ يجلب لك من خصمك حقك وزيادة، فخذ حقك ورُدَّ الزيادة، ولعل خصومتك تصل إلى قاضٍ يحكمُ لك بحقكَ ويزيدك، فخذ حقك ودع الزيادة .
ولعلك ترفع ظُلامتك لشيخ الشيوخ وأتقى الأتقياء فيحكمُ لك، وأنت تعلم علم اليقين أن الأمر عليك لا لك، فلا تأخذ إلا حقك ولا تتوانى أن تؤدي لخصمك حقه ولا تقل هكذا حكم لي القاضي أو الشيخ الفلاني فإن ذلك لا يعذرك أمام الله تعالى: ((وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ))، دلت هذه الآية وهذا الحديث على أنَّ حكم الحاكم لا يغير الشيء في نفس الأمر، فلا يُحلُّ في نفس الأمر حراماً هو حرام، ولا يحرم حلالاً وهو حلال وإن للحاكم أجره وعلى المحتال وزرُه.
قال قتادة: إعلم يا ابن آدم أن قضاء القاضي لا يُحلُّ لك حراماً، ولا يُحقُّ لك باطلاً. قال رسول الله:” إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون أَلْحًنَ بحجته من بعض فأقضي نحو ما أسمع، فَمَنْ قضيتُ له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعةً من النار”.
قال ابن كثير في تفسيره: واعلموا أن من قُضيَ له بباطلٍ في خصومته لم تنقضي حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة ، فيقضي على المبطل للمحق بأجودَ مما قُضيَ به للمبطل على المحق في الدنيا .
وأضاف الشيخ:” وللحديث السابق عند الإمام أحمد سبب ففيه: أن رجلين جاءا يختصمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد دَرَسَت ، ليس عندهما بينة ، فقال صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون أَلْحًنَ بحجته من بعض فأقضي نحو ما أسمع، فَمَنْ قضيتُ له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعةً من النار» فبكى الرجلان وقال كل منهما: حقي لأخي؛ فقال صلى الله عليه وسلم: أما إذا قلتما، فاذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم إستهما ثم ليُحَلِّل كلُّ واحدٍ منكما صاحبه.
الأدب الرابع: لا تأخذ في الخصومة غير حقك ولو حكم لك به من حكم.
الأدب الخامس: ضبط اللسان في الخصومة وفق الشرع: فأكثر ما يقع الخصوم في أعراض بعضهم وفي تنقيص بعضهم وفي سبٍ وفُحشٍ وبذاء وفجور قال رسول الله: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فَجَر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يَدَعَها)، ومعنى فَجَر أي انبعث في المعاصي والمحارم، ومال عن الحق إلى الكذب. المسبات، والتشهير، وفضح الأسرار، والإساءة بسمعة الطرف الآخر .
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم.”.
ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” الحمد لله وحدَه، والصلاةُ والسلام على من لا نبيَّ بعده؛
وبعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنّ أبغضَ الرجال إلى الله الألدُّ الخصِم كما صحَّ بذلكم الخبر عن النبيّ في الصحيحين وغيرهما. والألدّ هو: الأعوجُ في الخصومة بكذِبه وزوره وميله عن الحق. ومَن هذه حاله فقد شابهَ مَن أرادَهم الله بقوله:((فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا))؛ أي:” مجادلون بالباطل ومائلون عن الحقّ في الجدال والخصومة”، وقد ذكر بعضُ السلف أنَّ مَن أكثر في المخاصمةَ وقع في الكذِب كثيرًا؛ ولأجل هذا قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: “مَنْ جعلَ دينَهُ عُرضةً للخُصومات أسْرعَ التَّنقُّل”، أي: لم يستقرَّ على منهَج معين ولا مبدأ واضح. وفي سنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي قال: (مَنْ خَاصَمَ في باطِلٍ وهو يعلمُه لم يزلْ في سخَطِ اللهِ حتَّى ينْزِع). ولذا فإنَّ اللبيبَ العاقلَ هو الذي يميّز بين الخير والشر في الخصومةِ فحسب:
إن الكـريم إذا تمكن من أذى * * جاءته أخلاق الكـرام فأقلــعا
وترى اللئيم إذا تمكن من أذى * * يطغى فلا يبقي لصلح موضعا
ولأن بعض الناس قد يزهد في العفو لظنه أنه يورثه الذلة والمهانة فقد أتى النص القاطع يبين أن العفو يرفع صاحبه ويكون سبب عزته. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله).
طلب أحد الصالحين من خادم له أن يحضر له الماء ليتوضأ، فجاء الخادم بماء، وكان الماء ساخنًا جدًّا، فوقع من يد الخادم على الرجل، فقال له الرجل وهو غاضب: أحرقْتَني، وأراد أن يعاقبه، فقال الخادم: يا مُعَلِّم الخير ومؤدب الناس، ارجع إلى ما قال الله -تعالى-. قال الرجل الصالح: وماذا قال تعالى؟!قال الخادم: لقد قال تعالى: ((والكاظمين الغيظ)).قال الرجل: كظمتُ غيظي.قال الخادم: (والعافين عن الناس)).قال الرجل: عفوتُ عنك.قال الخادم: ((والله يحب المحسنين)). قال الرجل: أنت حُرٌّ لوجه الله
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظًا وهو قادر على أن يُنْفِذَهُ دعاه الله عز وجل على رُءُوس الخلائق حتى يخيِّره الله من الحور ما شاء). فإياك والفجر في الخصومة فإن الدنيا زائلة وعند الله يجتمع الخصوم .
وأردف الشيخ قائلاً:” نأخذ لذلك مثلاً خطاب الله سبحانه لنبيّه الكريم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم؛ عندما توعّد المجرمين من قتلة عمّه حمزة (رضي الله عنه) في معركة اُحد ، وقرّر أن يعاقبهم ويمثِّل بهم كما قتلوا حمزة ومثّلوا به خاطبه سبحانه بقوله: ((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِين * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَـيْق مِمّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ)).
فحين نزلت هذه الآيات؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أصبرُ أصبرُ، ثمّ عفا عنهم إنّه موقف عملي نادر،وخلق سام وفريد في سلوكية الإنسان. أن يعفو المقتدر عن مجرمين قتلة، قتلوا أعزّ الناس عليه ومن أكثرهم أهمّية في مسيرة دعوته. في هذا الموقف تجلّت عظمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.”.
هذا وإختتم الشيخ خطبته بحديثه حول بعض المواضيع الهامة منها: الشباب وإحضار البنات الأجنبيات إلى أطراف القرية..؛ موضوع الأخوات اللواتي يمارسن الرياضة المشي واللباس المحتشم..؛ دار القرآن الكريم “مؤسسة الفرقان لتحفيظ القرآن” وتخرج الحفظة والإستمرار في هذا المشروع تجارة مع الله في زمن الغربة والتي يجب أن نحرص على تربية صالحة..”.
وين اصور .موضوع الخطبة كان حلو ومهم الله ايبارك بيكم
رؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤعة
الله يحفظكم و يستركم