يومك يومك
تاريخ النشر: 04/01/16 | 0:34الله – جل جلاله – حين خلق العبد ما خلقه الا ليعبده قال – تعالى – ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ” ( الذاريات : 56 ) ثم أجرى الله اللطيف الرحيم تكاليفه على العبد فكلفه ما يطيق .
قال الملك : ” ولو شاء الله لأعنتكم ” ( البقرة : 220 ) يعنى : ولو شاء الله لأوقعكم فى العنت والمشقة والتعب ولكن الله يقول : “ يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ” ( البقرة : 185 ) ويقول – سبحانه وتعالى – : ” يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا ” ( النساء : 28 ) .
فمن رحمة الله ولطفه بالعبد فى التكاليف أنه كلفك كل يوم على قدر يومك لكي لا يعنتك، ولذا فإن من ظلم العبد لنفسه أن يحمل هم غد .. من رحمته – سبحانه – أن جعل التكاليف يوما بيوم .. فلو صليت العشاء لا يطالبك الله بشىء أو فرض حتى أذان الفجر , فكل وقت له واجب , والله لا يطالبك الا بواجب الوقت .. لا يطالبك – سبحانه – بواجب الغد .. أما اليوم فنعم .
إنك لو مت الآن قبل صلاة العشاء لن يسألك الله عن العشاء .. لو مت قبل أن يمر العام ويحول الحول , لن تسأل عن زكاة هذه السنة .. لو عشت عمرك ولم يبلغ مالك النصاب لا يسألك الله عن الزكاة .. وهذا كله من رحمة الله .. فمن ظلم العبد لنفسه حمل هم غد .
تجد الرجل اليوم جالسا يفكر : آخر الشهر من أين سنأتى بالنقود .. يا أخى أين أنت وأين آخر الشهر ؟! .. تجده يتكلم ويقول : الأولاد عندما يكبرون أين سيعيشون ؟ .. يا أخى عندما يكبرون فلهم رب يتكفل بهم أحن عليهم منك .. وهكذا يحمل الهمّ فينشغل به .
تجد الأب فى زماننا – للاسف الشديد – مشغولا بشراء قطعة أرض ليبنى بيتا للاولاد .. مشغولا بسعادتهم الدنيوية وراحتهم البدنية , فينسى فى خضم المشاكل والظروف أن يعرفهم طريق الله .
سبحان الله العظيم !! .. عمر بن عبد العزيز كان له أحد عشر ولدا ذكرا غير الاناث , فلما جاءه الموت قال له كاتبه رجاء بن حيوة : لو أوصيت بهم أحدا .. أوص عليهم أحدا ينفق عليهم .. قال له ذلك , لأن عمر بن عبد العزيز لم يترك وهو يموت الا عشرة دراهم .. أحد عشر ولدا ورثهم أحد عشر درهما . قال له عمر بن عبد العزيز : والله لست أوصى بهم أحدا الا الله، ان يكونوا صالحين فالله يتولى الصالحين، ثم جمعهم فقال : إنى أموت ولم أترك لكم شيئا , غير أنكم ما مررتم بأحد من المسلمين إلا وهو يعلم أن لكم عليه حقا .
وهذه الكلمة الاخيرة كلمة جميلة .. أنك حين تترك أولادك ويكون لك ذكرى طيبة عند الناس , تجدهم كلما مر عليهم الأولاد يقولون : اللهم ارحم أباكم لقد كان رجلا صالحا .. وهذه تكفي .
نعم هذا هو الوالد الحقيقى الذى عرف الطريق الى الله فعرفه لأبنائه , لا ذالكم الأب الذى ضيع أيامه وانشغل بالدنيا .. وتعجب حين تعلم أن هذا الأب كلما انشغل بالأولاد ليرضيهم لا يرضون فتزداد المشاكل والهموم , ولو أنه شغل نفسه وعياله بالله لحلت المشاكل.